ما حكم قضاء الصلوات المتروكة عمدًا أو نسيانًا؟.. "الإفتاء" تجيب
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية عن ساؤل قد ورد إليها حول ما حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدًا أو نسيانًا؟ في فتوى تحمل رقم “8167”
قائلة:- قضاء الصلاة الفروضة التي فاتت واجبٌ، سواء فاتت بعذرٍ غير مسقطٍ لها، أو فاتت بغير عذر، ولا يرتفع الإثم بمجرد القضاء، بل يجب معه التوبة، كما لا ترتفع الصلاة بمجرد التوبة، فإن القضاء واجب؛ لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، والتائب دون قضاء غير مقلع عن ذنبه.
وتابعت:- لقد فرض الله علينا الصلاة وجعل لها أوقاتًا تؤدى فيها؛ فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣]، وامتدح المحافظين عليها في أوقاتها فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ١٩-٢٣]، وحذر من التهاون بها؛ فقال سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59]، وقال جل شأنه: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: ٤-٥].
حكم قضاء الصلوات الفائتة نسيانًا أو لعذرمن المقرر أن الفرائض الخمس قد أوجبها الله سبحانه وتعالى على كل مسلمٍ مكلَّفٍ في أوقاتٍ محددة، ويأثم المسلم بتأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر، وقد أخرج الشيخان بسنديهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ».
والعبد إذا ابتلي ب التقصير في الصلاة عمدًا أو بعذر، لنوم أو نسيانًا وجب أن يقضي ما عليه من فوائت بقدر طاقته، وقد أجمع الفقهاء على وجوب قضاء الصلاة الفائتة نسيانًا أو لعذر؛ قال العلامة ابن بزيزة المالكي في "روضة المستبين في شرح كتاب التلقين" (1/ 374، ط. دار ابن حزم): [وقد انعقد الإجماع على وجوب قضاء الصلوات الفوائت بنسيان أو نوم] اهـ.
ولا يجوز تأخير القضاء إلا لعذرٍ، كالسعي لتحصيل الرزق وتحصيل العلم الواجب عليه وجوبًا عينيًّا، وكالأكل والنوم.
حكم قضاء الصلوات المتروكة عمدًاقد اختلف الفقهاء في الصلاة المتروكة عمدًا؛ قال العلامة ابن بزيزة المالكي في "روضة المستبين" (1/ 374): [واختُلف في المتروك عمدًا، والجمهور على وجوب قضائها بعد التوبة والاستغفار] اهـ.
وقال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (2/ 582، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن فاتته صلاة قضاها إذا ذكرها) سواء كان فوتها ناسيًا، أو بغير عذر النسيان أو عامدًا، وبه قال مالك والشافعي، وقال أحمد وابن حبيب: لا يقضي المتعمد في الترك] اهـ.
وإنما قال الجمهور ب قضاء الصلاة المتروكة عمدًا؛ قياسًا على التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ فقد نبَّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الصلاة المنسية فيما رواه الإمام البخاري عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ»، وهي أدنى من المتعمد تركها، فالأعلى تدخل في التنبيه من باب أولى.
الخلاصةعلى هذا: ف قضاء الصلاة المفروضة التي فاتت واجبٌ، سواء فاتت بعذرٍ غير مسقطٍ لها، أو فاتت بغير عذر، ولا يرتفع الإثم بمجرد القضاء، بل يجب معه التوبة، كما لا ترتفع الصلاة بمجرد التوبة، فإن القضاء واجب؛ لأن من شروط التوبة الإقلاع عن الذنب، والتائب دون قضاء غير مقلع عن ذنبه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ما حكم قضاء الصلوات المتروكة عمد ا أو نسيان ا الإفتاء تجيب قضاء الصلوات قضاء الصلاة حکم قضاء نسیان ا
إقرأ أيضاً:
حكم قول بلى بعد قراءة أليس الله بأحكم الحاكمين.. الإفتاء ترد
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم قول (بلى) بعد قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾؟حيث إنَّ هناك بعض الناس بعد الانتهاء من قراءة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] أو سماعه يقولون: (بلى)، سواء ذلك في الصلاة أو خارجها، فما حكم هذا القول؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه يستحب أن يقول الإنسان: (بلى) عند قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8]، سواء كان خارج الصلاة أم داخلها، إمامًا كان المصلي أو مأمومًا، والمعنى حينئذٍ أن هذا النفي باطل، وأن الله تعالى هو أحكم الحاكمين.
ما يفعل القارئ إذا مر بآية فيها عذاب أو رحمة أو تنزيه
التدبر والخشوع عند تلاوة القرآن الكريم من الأمور المستحبة شرعًا، ومن دلائل هذا التدبر أن القارئ إذا مرَّ بآيةٍ فيها عذاب استعاذ بالله وسأل العافية، وإذا مر بآية رحمة سأل الله من فضله، وإذا مر بآية تنزيه نزه، قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ [محمد: 24]، وقال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: 29]، وهذا ما فهمه العلماء من دلالة هاتين الآيتين.
قال الإمام القرطبي في " تفسيره" (15/ 192، ط. دار الكتب المصرية): [وفي هذا دليلٌ على وجوبِ معرفةِ معاني القرآن... ومن دلائل التدبر في الآيات أنه إذا مر بآية فيها عذاب استعاذ بالله وسأل العافية، وإذا مر بآية رحمة سأل الله من فضله، وإذا مر بآية تنزيه نزه] اهـ.
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ.." أخرجه الإمام مسلم.
قال الإمام النووي في" التبيان في آداب حملة القرآن" (ص: 91، ط. ابن حزم): [ويستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب أو يقول: اللهم إني أسألك العافية أو أسألك المعافاة من كل مكروه، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلت عظمة ربنا] اهـ.
بيان حكم قول القاريء أو المستمع "بلى" عند تلاوة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾
ما جاء في السؤال من حكم قول: (بلى) عند قراءة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] أو سماعه، فإن (بلَى) حرفُ جوابٍ يختصُّ بالنَّفْي لإِفادة إِبْطَالِه، ففيه ردٌّ للنفي، أو جواب لاستفهام مقترن بنفي، بخلاف (نعم) فتقال في الاستفهام المجرّد.
قال الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن" (ص: 146، ط. دار القلم): [بَلَى: ردٌّ للنفي؛ نحو قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً﴾ [البقرة: 80-81] ، أو جواب لاستفهام مقترن بنفي نحو: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ [الأعراف: 172]. و(نعم) يقال في الاستفهام المجرّد نحو: ﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾ [الأعراف: 44] ، ولا يقال هاهنا: بلى، فإذا قيل: ما عندي شيء، فقلت: بلى، فهو ردّ لكلامه، وإذا قلت: نعم، فإقرار منك] اهـ.
وعلى ذلك، فقول (بلى) بعد قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ يُفيد إبطال النفي فيه وإثبات أنه تعالى هو أحكم الحاكمين جلَّ جلاله.
أما حكم قول: (بلى) عند قراءة قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] أو سماعه، فيختلف باختلاف حال القائل؛ وذلك أنه إما أن يكون خارج الصلاة أو داخلها، ومن هو في الصلاة إما أن يكون إمامًا أو مُقتديًا أو منفردًا.
فإذا كان خارج الصلاة فمن السُّنَّة أن يقول ذلك؛ فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ مِنْكُمْ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، فَانْتَهَى إِلَى آخِرِهَا: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8]، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَأَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، وَمَنْ قَرَأَ: لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَانْتَهَى إِلَى ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: 40]، فَلْيَقُلْ: بَلَى، وَمَنْ قَرَأَ: وَالْمُرْسَلَاتِ، فَبَلَغَ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات: 50]، فَلْيَقُلْ: آمَنَّا بِاللَّهِ" رواه أبو داود في "سننه".
فأفاد هذا الحديث أن قول (بلى) عند المرور بهذه الآية من المندوبات.
قال الإمام ابن رسلان الرملي في "شرح سنن أبي داود" (5/ 23، ط. دار الفلاح): [فيه أنه يستحب لكل من قرأ في الصلاة أو في غيرها أن يقول ذلك] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (5/ 156، ط. المكتبة التجارية): [(وإذا قرأ: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ قال: بلى)؛ لأنه قول بمنزلة السؤال فيحتاج إلى الجواب، ومن حق الخطاب أن لا يترك المخاطب جوابه، فيكون السامع كهيئة الغافل أو كمن لا يسمع إلا دعاء ونداء من الناعق به... فهذه هبة سنية، ومن ثم ندبوا لمن مر بآية رحمة أن يسأل الله الرحمة، أو عذاب أن يتعوذ من النار أو بذكر الجنة بأن يرغب إلى الله فيها، أو النار أن يستعيذ به منها] اهـ.
وأمَّا إذا كان في الصلاة، فقد اختلف الفقهاء في حكم ذلك، فقد ذهب الحنفية إلى أنه إذا كانت الصلاة جماعة فالإمام لا يقول شيئًا من ذلك سواء كانت صلاته فرضًا أم نفلًا، وكذا المقتدي فإنه يستمع وينصت ولا ينشغل بالدعاء، وإذا كان المصلي منفردًا فيباح له ذلك إذا كانت صلاته تطوعًا، وتكره في الفرض.
قال الإمام بدر الدين العيني في "البناية شرح الهداية" (2/ 321، ط. دار الكتب العلمية): وهو يتكلم عن حكم قول (بلى) بعد قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ وأمثالها: [أما حكم المقتدي فهو الذي ذكره، وهو أنه يستمع وينصت ولا ينشغل بالدعاء. م: (لأن الإنصات والاستماع فرض بالنص).. وأما حكم الإمام فإنه لا يفعل ذلك في التطوع ولا في الفرض؛ لأنه يؤدي إلى تطويل الصلاة على القوم وإنه مكروه] اهـ.
وقال العلامة ابن مازه في "المحيط البرهاني في الفقه النعماني" (1/ 378، ط. دار الكتب العلمية): [مسألة في المتفرد، والجواب فيها أنه إن كان في التطوع فهو حسن؛ لحديث حذيفة قال: «صليت مع رسول الله عليه السلام صلاة الليل فما مر بآية فيها ذكر الجنة إلا وقف وسأل الله تعالى الجنة، وما مرّ بآية فيها ذكر النار إلا وقف وتعوّذ بالله من النار، وما مر بآية فيها مَثَل إلا وقف عليها وتأمل وتفكر»، فإن كان في الفرض يكره؛ وذلك لأنه لم ينقل عن رسول الله عليه السلام أنه فعل ذلك، ولا عن الأئمة بعده، فكان محدثًا، وشر الأمور محدثاتها] اهـ.
وأما المالكية فنصوا على أنَّ قول: بلى عند سماع قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] وما أشبه ذلك مما لا حرج فيه، ولا يؤثر على صحة الصلاة، إمامًا كان أو مأمومًا.
قال الإمام الحطَّاب في "مواهب الجليل" (1/ 544، ط. دار الفكر) [قال في المسائل الملقوطة: إذا مر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة الإمام فلا بأس للمأموم أن يصلي عليه، وكذلك إذا مر ذكر الجنة والنار فلا بأس أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار، ويكون ذلك المرة بعد المرة، وكذلك قول المأموم عند قول الإمام: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: 40] بلى إنه على كل شيء قدير وما أشبه ذلك، وسئل مالك فيمن سمع الإمام يقرأ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] إلى آخرها فقال المأموم: كذلك الله، هل هذا كلام ينافي الصلاة؟ فقال: هذا ليس كلاما ينافي الصلاة أو ما هذا معناه من "مختصر الواضحة". انتهى] اﻫـ.
وقال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (1/ 267، ط.دار الفكر): [لا يكره قول الإمام عند قراءته ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: 40]: بلى إنه على كل شيء قدير، وما أشبه ذلك. وقول المأموم عند قراءة الإمام ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾: الله كذلك، انتهى عبق. هذا يفيد أنه يستثنى من قوله وأثناء سورة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، وسؤال الجنة والاستعاذة من النار عند ذكرهما، ونحو ذلك، وأن قول المأموم: بلى إنه أحكم أو قادر عند قراءة الإمام: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8]، أو الآية المتقدمة لا يبطل، انتهى] اهـ.
وأما الشافعية فقالوا: يستحب لكل من الإمام والمأموم قول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين عند سماع قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] وما أشبه ذلك.
قال الإمام الرملي في" نهاية المحتاج" (1/ 547-548، ط. دار الفكر): [ويسن للقارئ مصليا أم غيره أن يسأل الله الرحمة إذا مر بآية رحمة، ويستعيذ من العذاب إذا مر بآية عذاب، فإن مر بآية تسبيح سبح، أو بآية مثل تفكر، وإذا قرأ: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] سن له أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ [المرسلات: 50] يقول: آمنت بالله، وإذا قرأ: ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: 30] يقول: الله رب العالمين] اهـ.
وأما الحنابلة فإنهم يرون أنَّ المصلي لا يقول: بلى عند سماع هذه الآية بخصوصها؛ لأنَّ الخبر الوارد فيها عندهم فيه نظر.
قال العلامة المرداوي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (2/ 110، ط. دار إحياء التراث): [وقال أحمد: إذا قرأ ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: 40] في صلاة وغيرها قال: "سبحانك فبلى" في فرض ونفل، وقال ابن عقيل: لا يقوله فيها، وقال أيضا: لا يجيب المؤذن في نفل قال: وكذا إن قرأ في نفل ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] فقال: (بلى) لا يفعل] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 211، ط. عالم الكتب): [(و) لمصل (قول: سبحانك، فبلى إذا قرأ ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى﴾ [القيامة: 40] نصا، فرضا كانت أو نفلا؛ للخبر. وأما ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] ففي الخبر فيها نظر، ذكره في "الفروع"] اهـ.
فالحاصل أن قول: بلى عند قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8] خارج الصلاة سنة، والمختار للفتوى استحبابه داخل الصلاة أيضًا؛ لما فيه من دلائل التدبر والخشوع عند تلاوة القرآن الكريم، ولأنه من جملة الثناء على الله تعالى، وهو مشروع داخل الصلاة وخارجها.
الخلاصة
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ (بلَى) حرفُ جوابٍ يختصُّ بالنَّفْي لإِفادة إِبْطَالِه، ففيه ردٌّ للنفي، أو جواب لاستفهام مقترن بنفي، بخلاف (نعم) فتقال في الاستفهام المجرّد، ويستحب أن يقول الإنسان: (بلى) عند قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ [التين: 8]، سواء كان خارج الصلاة أم داخلها، إمامًا كان المصلي أو مأمومًا، والمعنى حينئذٍ أن هذا النفي باطل، وأن الله تعالى هو أحكم الحاكمين.