كتب العميد المتقاعد انطوان مراد في"الاخبار": مع اقتراب الحرب من دخول شهرها الرابع، بدأت ترتسم بشكل واضح معالم الانتصار. وبعدما شهد مجلس الأمن، في السنتين الماضيتين، محاولات أميركية وإسرائيلية لتعديل القرار 1701، أصبح العدو الإسرائيلي متمسّكاً بحرفية هذا القرار كمخرج لحفظ ماء الوجه، وسارعت واشنطن إلى إرسال مبعوثها عاموس هوكشتين عارضاً معالجة موضوع مناطق التحفّظ اللبنانية.

فهل تطبيق القرار 1701 لمصلحة لبنان أم ضدّه؟
أعطت المقاومة قوة استثنائية للحكومة اللبنانية، وما على هذه الأخيرة إلا تجهيز نفسها لتحويل الانتصار العسكري إلى انتصار وطني تحرّر من خلاله الأراضي اللبنانية، وتجهيز فريق متخصّص وتحضير ملفها بشكل دقيق لاستثمار الانتصار على الشكل التالي:
أ - بالنسبة إلى مناطق التحفظ الثلاث عشرة: يجب التفاوض على أساس الحدود الدولية ورفض محاولات العدو للتفاوض على أساس الخط الأزرق الذي لا يعترف به إلا كما هو على الخريطة الورقية حيث تبلغ سماكته 50 متراً. وإضافة إلى هذه المناطق، يجب الانتباه إلى المراكز العدوّة التي تخرق الخط الأزرق ولو بمسافات بسيطة وعددها حوالي سبعة عشر، لذلك على الحكومة اللبنانية استخدامها في التفاوض للمحافظة على بساتين بليدا وبئر شعيب وبعض البساتين العائدة لأهالي عيترون.
ب - بالنسبة إلى الجزء اللبناني من بلدة الغجر: الخط الأزرق في هذه المنطقة مطابق لخط الحدود الدولية، والاحتلال الإسرائيلي لها هو خرق واضح للقرار 1701، لذا يجب المطالبة بالانسحاب الفوري من دون أي قيد أو شرط. وهنا يجب الانتباه هنا إلى وجود ثلاثة أنواع من الاحتلال:
الأول: هو احتلال لمنطقة غير مأهولة محاذية لبلدة الغجر تمتد من نهر الوزاني حتى بلدة العباسية، وهذه المنطقة خالية من أي وجود للعدو الإسرائيلي ولكنه يعلنها محتلة، علماً أنها حُررت عام 2000 وكانت دوريات الجيش اللبناني تدخلها بشكل دوري. لذا يجب التحرير الفوري لهذه المنطقة وانتشار الجيش اللبناني فيها.
الثاني: احتلال لمنطقة مأهولة بالسكان موجودين بحكم الأمر الواقع، وهم من التابعية السورية ويحملون الجنسية الإسرائيلية استغلوا فترة الاحتلال الإسرائيلي لمنطقة الشريط الحدودي وغياب الدولة اللبنانية لعشرات السنين فتمدّدوا داخل الأراضي اللبنانية في خراج بلدة الماري، وبنوا منازل وبنى تحتية بشكل غير شرعي. وهنا يعيق الوضع الإنساني الحل. ولكن لا بد من الانسحاب الإسرائيلي العسكري كما كان حاصلاً عام 2000، ثم تحميل الأمم المتحدة مسؤولية الحل. وقد سبق أن عرضت على الأهالي إخلاء منازلهم مقابل بدلات مادية لبناء منازل بديلة جنوب الحدود الدولية. بالتوازي، يحق للدولة اللبنانية مطالبة العدو الإسرائيلي بدفع تعويضات مادية عن استخدام الأراضي اللبنانية لعشرات السنين.
الثالث: يتمثل بضخ المياه من نبع الوزاني إلى بلدة الغجر رغم أن النبع هو في الأراضي اللبنانية والمضخّات الإسرائيلية هي في الجهة اللبنانية، ويطلب أهالي الغجر عبر اليونيفل الدخول إلى الأراضي اللبنانية لإصلاح هذه المحطة عند تعطّلها. فإذا كانت الموافقة اللبنانية هي لأسباب إنسانية، فلا بد من التأكد من كمية الضخ ووقف السرقة التي يقوم بها العدو تحت غطاء أهل الغجر. لذا لا بد من ضبط عملية الضخ بطريقة عادلة بحيث لا يجوز أن يكون معدّل الاستهلاك اليومي للفرد في الغجر 200 ليتر في حين أن المعدّل في بلدة عرب الوزاني اللبنانية لا يتجاوز 40 ليتراً. ج- بالنسبة إلى مزارع شبعا: هذه المزارع هي من دون أي شك لبنانية، ولكنّ هناك تقصيراً لبنانياً مزمناً تجاه هذه المنطقة، إذ لم تعالج الحكومات المتعاقبة هذه المسألة للتوصل إلى إصدار خرائط صحيحة بالتنسيق مع الشقيق السوري. لذا فإن الفرصة مؤاتية الآن لتحريرها ولو اضطر الأمر لمرحلة وسيطة يتم خلالها وضعها تحت إشراف الأمم المتحدة. ببسالة مجاهديها وحكمة قياداتها رسمت المقاومة معالم التحرير الرابع بعد أن حقّقت التحرير الأول في أيار 2000 بطرد العدو الإسرائيلي من الشريط الحدودي، والثاني في تموز 2006 بإلحاق الهزيمة المدوّية بجيشه وإخراجه من الأراضي اللبنانية التي احتلها، والثالث من خلال تحقيق الاتفاق البحري في تشرين الأول 2022 وإجبار العدو على الاعتراف بالخط 23 بعد أن كان يفاوض على الخط الرقم 1 وعلى خط هوف. وطبعاً كانت المقاومة حقّقت أكثر بكثير لولا الأخطاء المتراكمة التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة منذ خلق الإشكالية في عام 2006.
نعم حقّقت المقاومة انتصاراً جديداً يضاف إلى سجلّات انتصاراتها على العدو الإسرائيلي، ورسمت من خلاله معالم التحرير الرابع، فهل تعد اللبنانيين بالتحرير الخامس وهو تحرير الدولة من الفساد والفاسدين؟
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأراضی اللبنانیة العدو الإسرائیلی هذه المنطقة

إقرأ أيضاً:

تركيا أمام فرصة استراتيجية: كيف يمكن تحويل تعريفات ترامب الجمركية إلى مكسب اقتصادي؟

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارًا في 2 أبريل يفرض تعريفات جمركية متبادلة على 185 دولة، الأمر الذي قلب موازين التجارة العالمية، إلا أن تركيا استطاعت تحقيق أفضلية نسبية في هذه الحرب التجارية.
ففي حين فُرضت ضرائب جمركية تتراوح بين 25% و50% على الصين ودول الاتحاد الأوروبي، جاءت تركيا ضمن الشريحة الأدنى بنسبة 10%. ويرى رجال الأعمال الأتراك في هذا التطور نافذة استراتيجية للاستثمار والتصدير بدلًا من اعتباره تهديدًا.

تركيا ضمن شريحة الـ10% الجمركية
وقد أُعلن أن التعرفة الجمركية بنسبة 10% ستُطبق على بعض الدول، من بينها تركيا، والمملكة المتحدة، والبرازيل، وأستراليا، والإمارات العربية المتحدة، ونيوزيلندا، ومصر، والمملكة العربية السعودية.

ومن المتوقع أن تؤدي هذه التعريفات الجديدة إلى إضعاف القدرة التنافسية لعدد من الدول، وعلى رأسها الصين ودول الاتحاد الأوروبي، في السوق الأميركية، مما يُشكل فرصة مهمة لصالح تركيا.

قال رئيس غرفة تجارة إسطنبول (İTO)، شكيب أوداجيتش، في تقييمه للتطورات الأخيرة، إن النظام الاقتصادي العالمي عاد مجددًا إلى سياسات الحماية التجارية بعد فترة طويلة، مشيرًا إلى أن الجدران الجمركية بدأت بالارتفاع من جديد.

وأكد أوداجيتش أن الولايات المتحدة تعتبر الرسوم الجمركية المتبادلة “ورقة قوة” تستخدمها في المفاوضات، مضيفًا:
“تركيا لم تُدرج ضمن الضرائب الباهظة التي فرضها ترامب، بل خضعت للتعرفة الأساسية البالغة 10%، والتي طُبقت فقط على 11 دولة.
ولفهم التأثير الكامل لهذه التعريفات على 185 شريكًا تجاريًا للولايات المتحدة، ينبغي متابعة المفاوضات التي ستُجرى بين واشنطن والدول أو الكتل التجارية، بالإضافة إلى متابعة ردود الفعل الانتقامية المحتملة التي قد تبدأها الصين.”

أشار شكيب أوداجيتش إلى أن الولايات المتحدة كانت ثاني أكبر سوق تصدير لتركيا في عام 2024، قائلاً:
“قمنا ببيع سلع وخدمات إلى الولايات المتحدة بقيمة 16.4 مليار دولار. ومن الواضح أننا قادرون على بيع ما هو أكثر من ذلك بكثير لدولة يبلغ عدد سكانها 340 مليون نسمة”.

فرصة يجب استغلالها

وأكد أوداجيتش أن على قطاع الأعمال التركي الاستفادة من وجود تركيا ضمن فئة التعرفة الجمركية البالغة 10%، مضيفًا:
“لهذا، يجب على رجال أعمالنا تحليل تعريفات ترامب الجمركية دون تأخير، وتحديد استراتيجيات المنتجات والمنافسة وفقًا لذلك.
وباختصار، يجب على عالم الأعمال في تركيا تحويل هذا التمييز الإيجابي لصالح بلادنا إلى فرصة حقيقية.”

وأشار أوداجيتش إلى أن الشركات الأوروبية والآسيوية، التي تخضع لتعريفات جمركية أعلى من تركيا، قد تفكر في الاستثمار داخل تركيا.
كما أوضح أن الولايات المتحدة، نتيجة الرسوم الجمركية الإضافية، قد تفضل شراء البضائع من تركيا، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستثمارات المباشرة من العديد من الدول، وعلى رأسها أوروبا والصين، في قطاع الإنتاج التركي.

ولفت إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستخدم الرسوم الجمركية كأداة متغيرة حسب الموقف، مضيفًا:
“على سبيل المثال، ما زلنا نتذكر عندما ضاعف ترامب في عام 2018 الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من تركيا، ما يُذكرنا بضرورة الحفاظ على التفاؤل الحذر.”

وأضاف أوداجيتش أن ميزة الرسوم الجمركية المنخفضة بنسبة 10% التي منحتها الولايات المتحدة قد تعزز من مكانة تركيا كقوة إقليمية، لافتًا إلى أن استئناف “الحوار الاقتصادي رفيع المستوى” بين تركيا والاتحاد الأوروبي بعد انقطاع دام 6 سنوات، إلى جانب تعرفة ترامب التفضيلية، قد يضع تركيا في موقع جديد وأكثر فاعلية ضمن النظامين الاقتصادي والسياسي العالمي.

اقرأ أيضا

تخفيض كبير في أسعار الوقود بتركيا

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يعلن سقوط إحدى مسيراته داخل الأراضي اللبنانية
  • قبيسي: سنسعى جاهدين لاستكمال تطبيق القرار 1701
  • عون: الانتهاكات الصهيونية تُهدد الاستقرار في جنوب لبنان
  • الرئيس اللبناني: الانتهاكات الصهيونية تُهدد الاستقرار في جنوب لبنان
  • تحويل الضفة الغربية إلى غزة.. أزمة متفاقمة في الأراضي الفلسطينية
  • شهيد في مرجعيون اللبنانية إثر تواصل خروقات الاحتلال للهدنة
  • إضراب شامل في الأراضي الفلسطينية تنديدا بالعدوان الإسرائيلي
  • تركيا أمام فرصة استراتيجية: كيف يمكن تحويل تعريفات ترامب الجمركية إلى مكسب اقتصادي؟
  • الصحة اللبنانية: استشهاد مواطن إثر غارة إسرائيلية على بلدة الطيبة
  • السلطة اللبنانية تراهن على الوقت والتفاهمات الضمنية ربطا بوضع الجنوب