"ملاذ للتنوع البيولوجي".. تعرف على بحر سرقوسة الحبيس
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
تحدد جميع المحيطات والبحار حول العالم، جزئيا، بواسطة حدود برية واحدة على الأقل، لكن بحر سرقوسة، يكسر هذه القاعدة، كونه لا يلامس خطا ساحليا واحدا.
وهذا المسطح المائي الواقع في وسط شمال المحيط الأطلسي، المسمى أيضا بحر سارغاسو، يتميز بحدوده الفريدة. وبدلا من الأرض، يتم تحديده من خلال تيارات المحيط، لذلك لا يوجد شاطئ لسارقوسة للوصول إليه.
والبحر مغطى بأعشاب بحرية بنية ذات رائحة كريهة تسمى السرجس (Sargassum)، وأصبح موطنا للحطام البحري ولمخلفات البشر، ما دفع إلى إطلاق اسم "بقعة النفايات في شمال الأطلسي"، على المنطقة.
ومع ذلك، يظل بحر سرقوسة موقعا ذا أهمية بيئية وتاريخية وحتى ثقافية.
وتصف منظمة خاصة، أنشئت لحماية البحر الاستثنائي، بحر سرقوسة بأنه "ملاذ للتنوع البيولوجي" الذي يلعب دورا حاسما في النظام البيئي الأوسع لشمال المحيط الأطلسي.
وتشير منظمة Sargasso Sea Commission إلى أن الأنواع المهددة بالانقراض من ثعابين البحر تذهب إلى بحر سرقوسة للتكاثر، في حين تهاجر عبره الحيتان ــ وأبرزها حوت العنبر والحوت الأحدب ــ وكذلك سمك التونة وأنواع أخرى من الأسماك.
كما أنه أساسي لدعم دورة حياة عدد من الأنواع المهددة بالانقراض، بما في ذلك سمك القرش البربيجل وأنواع عديدة من السلاحف.
ووصفته عالمة الأحياء البحرية الشهيرة الدكتورة سيلفيا إيرل، بأنه "غابة مطيرة ذهبية عائمة".
والبحر ليس مجرد أسطوري في نظر علماء المحيطات، بل هو مادة من التراث الشعبي أيضا.
وقام كريستوفر كولومبوس بتوثيق أول لقاءاته مع نبات السرجس الغريب في مذكراته الاستكشافية في عام 1492.
إقرأ المزيد اكتشاف مستعمرة قديمة غارقة منذ آلاف السنين قبالة سواحل أسترالياوكتب عن مخاوف بحارته من أن الأعشاب البحرية قد تشابكهم وتسحبهم إلى قاع المحيط، أو أن الهدوء الساكن (حالة الركود) الذي واجهوه في بحر سرقوسة قد يمنعهم من العودة إلى إسبانيا.
وأصبحت مثل هذه المخاوف جزءا من تقاليد البحر لعدة قرون، وارتبطت سمعته السيئة بمثلث برمودا السيئ السمعة أيضا.
ويقع المثلث المعروف بأنه منطقة تختفي فيها الطائرات والسفن فجأة دون سبب، في المنطقة الجنوبية الغربية من بحر سرقوسة بين برمودا وفلوريدا وبورتوريكو.
ويتواجد البحر بفضل أربعة تيارات: تيار شمال الأطلسي في الشمال، وتيار الكناري إلى الشرق، والتيار الاستوائي الشمالي الأطلسي إلى الجنوب، وتيار جزر الأنتيل إلى الغرب.
وهذه التيارات الدائرية، التي تسمى دوامات المحيط، تحبس بشكل فعال الجسم المائي بداخلها، ما أدى إلى وصفه من قبل جول فيرن في كتابه "عشرون ألف فرسخ تحت البحر" بأنها "بحيرة مثالية في المحيط الأطلسي المفتوح". ومع ذلك، فإن هذه "البحيرة" في هذه الأيام بعيدة عن الكمال.
ويتعرض بحر سرقوسة الآن لتهديد حقيقي، بما في ذلك الضوضاء تحت الماء، والأضرار التي لحقت بطحالب السرجس، وإطلاق المواد الكيميائية، والصيد الجائر، والتلوث الناجم عن الحطام العائم، وبطبيعة الحال، تغير المناخ.
وبسبب حركات الدوامات المحيطية، تتدفق الدوامات البلاستيكية في البحر، لتنضم إلى بقعة النفايات التي تشكلت هناك.
ويقدر أن هذه البقعة الضخمة تمتد لمئات الكيلومترات وتبلغ كثافتها 200 ألف قطعة من القمامة لكل كيلومتر مربع.
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: بحار محيطات معلومات عامة معلومات علمية
إقرأ أيضاً:
عملية “كورال سي” جرس الإنذار يقرع في الجنوب
ولأهمية البحر الأحمر في استراتيجية التوسع الصهيوني، قامت “إسرائيل” بشن العدوان الثلاثي على مصر بمشاركة فرنسا وإنكلترا، رداً على إعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس 1956.
وبرغم انسحاب “إسرائيل” من سيناء إثر التدخل الأمريكي، وبرغم قبول مصر لقوات أممية فاصلة ، إلا أن الكيان الصهيوني فرض على مصر حرية حركة الملاحة في خليج العقبة ومضيق تيران، من منطلق حق المرور البريء الذي تسمح به القوانين الدولية، برغم أن مضيق تيران كان ولا يزال معبرا إقليميا وليس دوليا.
ولأن مصر كانت تدرك هذه الحقيقة، فإنها انتظرت الظروف المواتية لإغلاق مضيق تيران من جديد في وجه الملاحة الإسرائيلية، إلا أن العدو الصهيوني اعتبر الخطوة المصرية إعلان حرب، فشن عدوانا كبيرا على مصر وسوريا، وكانت النكسة العربية 5 يونيو 1967.
غير إن إعلان استقلال جنوب اليمن بعد أقل من شهر على النكسة العربية قد جدد الأمل لمصر وللعرب في إمكانية محاصرة الملاحة إلى “إسرائيل” عبر البحر الأحمر، لكن من الجنوب هذه المرة. ولم تمض أربع سنوات وتحديدا في 11-6-1971، حتى كانت منطقة باب المندب مسرحا لعملية جريئة نفذها الفدائيون الفلسطينيون، استهدفت ناقلة النفط ” كورال سي “، التي كانت تحمل آلاف الأطنان من البترول باتجاه ميناء “إيلات” / أم الرشراش.
اتضح لاحقا أن الفدائيين كانوا يتبعون الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد توجهوا إلى ميناء المخا بعيد إنجاز مهمتهم، وسلموا أنفسهم للسلطات اليمنية.
كان الحدث كبيراً ومفاجئاً بالنسبة للكيان، حتى أنه كان يستعد لعمل انتقامي ضد اليمن، واعتبر القادة العسكريون الصهاينة أن هذه العملية أخطر ضربة تعرضت لها الملاحة التجارية الإسرائيلية منذ حرب 1967، ما يعني أن جرس الإنذار يقرع هذه المرة من جنوب البحر الأحمر لا من شماله.
سارعت “إسرائيل” لتعزيز علاقاتها مع أثيوبيا، التي كانت تحتل ارتيريا وميناء عصب المقابل للسواحل اليمنية، فيما اتجهت مصر للبحث عن إمكانية الاستفادة من باب المندب وإحكام حصار بحري على الكيان بالتعاون مع اليمن، وهذا ما حدث بالفعل في حرب أكتوبر 1973.
وقد تضاربت المعلومات بشأن مصدر النفط الذي كانت تحمله ” كورال سي ” هل جاء من إيران أم من دولة عربية خليجية؟. وبالطبع فإن إيران في ظل نظام الشاه كانت على علاقة ممتازة بالكيان الصهيوني، وكانت معظم واردات “إسرائيل” النفطية تأتي من طهران.
المستغرب أن تقريرا للجبهة الشعبية عن عملية ” كورال سي” وأهدافها السياسية، قد جزم أن البترول الذي كانت تحمله ناقلة النفط جاء من إيران والسعودية معاً، في إطار تنسيق مشترك للدولتين مع “إسرائيل”، حيث نفذت الأخيرة خط أنابيب بين ميناء “إيلات” في البحر الأحمر وميناء عسقلان على سواحل البحر الأبيض المتوسط، بهدف التصدير إلى أوروبا الغربية.
ولأن الخيانة كانت تجري في عروق آل سعود مجرى الدم، فقد كشف التقرير أن النفط الخام الذي كان يتدفق عبر الخط الإسرائيلي قد وصل إلى مليون برميل يوميا في العام 1971، وأن نصف هذه الكمية كانت تأتي من إيران، والنصف الآخر من السعودية، لكن عبر شركة رومانية هي التي وقعت الاتفاق مع ” أرامكو” نيابة عن “إسرائيل”..!