فسرت دار الإفتاء المصرية، معنى الصعود لله في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾؟ وهل يفيد إثبات جهة معينة لله تعالى؟، موضحة: أن ما عليه جماهير علماء المسلمين المعتبرين عبر العصور: أنَّ الصعود إليه سبحانه وتعالى معناه ارتفاع الرتبة وعلو المكانة وشرف المنزلة وزيادة الفضل، وليس في ذلك صعودٌ حِسِّيٌّ ولا انتقالٌ أو قطعُ مسافة.

 

وصعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضي كونه سبحانه في جهة معينة؛ لأنَّه تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان جلَّ وعلا موجودًا قبل الجهة والمكان.

ذاكرتك هتبقي حديد.. هذه السورة هتخليك تفتكر كل حاجة بسرعة لو كنت قليل الحيلة ردد 6 كلمات ينصرك الله ويفتحها عليك فتحا عجيبا الإفتاء تحسم الجدل حول احتفال المسلمين بالكريسماس ورأس السنة الميلادية وتبادل التهنئة 7 كلمات هتخلي أولادك يواظبوا على الصلاة كل يوم

المراد بالصعود في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10] إما أن يكونَ الصعود إليه سبحانه؛ فيكون مجازًا عن علو المكانة ورُقيِّ المرتبة عنده؛ لاستحالة المكان في حقه سبحانه، وإما أن يكون لمواضع مخلوقاته المشرفة؛ فيصحّ فيه ارتفاع المكانة أو المكان؛ قال الإمام بدر الدين بن جماعة الشافعي في كتابه "إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل" (ص: 111-112، ط. دار السلام): [قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه﴾ [المعارج: 4]، ﴿وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: 55]: اعْلَم أَنه قد تقدَّم الكلامُ عليه في آيَة الاسْتوَاء، ونزيد هَهُنَا: أَنه إِذا ثَبت اسْتِحَالَةُ الْجِهَة فِي حَقه تَعَالَى وَجب تَأْوِيل هَذِه الْآيَات، وَأَن المُرَاد: يصعد ويعرج إِلَى مَحل أمره وإرادته، أَو أَنَّ المُرَاد بالمعارج: الرتب والدرجات؛ كَمَا ورد فِي دَرَجَات الْجنَّة، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ: الدَّرَجَات الَّتِي هِيَ مراقي من سفل إِلَى علو الرُّتْبَة والمنازل عِنْده تَعَالَى، وَفِي إفاضات النعم فِي الْجنَّة، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾، وقوله: ﴿بَل رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ﴾ إِلَى مَحل كرامته؛ كَمَا يُقَال: رفع السُّلْطَان فلَانا إِلَيْهِ؛ لَيْسَ المُرَاد مَكَانًا وَلَا جِهَة علو، بل قرب رُتْبَة ومنزلة] اهـ.

واتَّفق علماء المسلمين على أنَّ العروج إلى الله تعالى إنما هو بالرتبة والمنزلة والمكانة، لا بالمسافة والانتقال؛ لأنَّه تعالى مُنزَّهٌ عن المكان والجهة والنُقلة ودُنوِّ الْمسَافَة؛ قال الإمام الثعلبي في "الكشف والبيان" (25/ 86، ط. دار التفسير): [ودُنوّ الله من العبد ودنوّ العبد من الله تعالى بالرتبة، والمنزلة، والمكانة، وإجابة الدعوة، لا بالمسافة؛ لأن المسافة لمن يكون له المكان مشتغلًا به، فيكون بينه وبين المكان الآخر مسافة، وذلك كله من أمارات الأجسام وخواصها، والله عزَّ شأنه يتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا، وإنما هو كقوله تعالى: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ﴾ [البقرة: 186]، وقوله: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ﴾ [الواقعة: 85]؛ يعني: بالعلم والقدرة وإجابة الدعوة] اهـ.

3 كلمات من تعود عليها قبل نومه استيقظ نشيطا طوال اليوم لماذا حذر النبي من النوم بعد صلاة الفجر؟ لماذا لم يؤذن النبي طيلة حياته؟ .. اعرف السبب هل يعرف الأب والأم بعد وفاتهما ذنوب ومعاصي أبنائهما؟.. شاهد رد الإفتاء

وقال الإمام القرطبي المالكي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" (11/ 333، ط. دار الكتب المصرية-القاهرة): [وقال أبو المعالي: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى» المعنى: فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه وهو في قعر البحر في بطن الحوت. وهذا يدل على أن الباريَ سبحانه وتعالى ليس في جهة] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين بن جماعة الشافعي في كتابه "إيضاح الدليل" (ص: 144): [اعْلَم أَن دنو الْمسَافَة على الله تَعَالَى محَال] اهـ.
وقال العلَّامة القسطلاني الشافعي في "إرشاد الساري" (10/ 393، ط. الأميرية) عند شرحه لقول زينب بنت جحش رضي الله عنها: "إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ": [وذات الله تعالى منزّهة عن المكان والجهة، فالمراد بقولها: "فِي السَّمَاءِ": الإشارة إلى علوّ الذات والصفات، وليس ذلك باعتبار أنَّ محله تعالى في السماء، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا] اهـ.

وقد صنَّف العلماء قديمًا وحديثًا في نفي الجهة عن الله سبحانه تعالى، وخصصوا الأبواب والفصول في الرد على من يدَّعي ذلك من الجهمية المُجسمة والمشبهة، ومن على شاكلتهم ممن يتعلَّقون بالظواهر، التي دلت الأدلة القطعية على أنها غير مرادة على جهة الحقيقة؛ فخصص الإمام البخاري بابًا في "صحيحه" للرد على الجهمية المجسِّمة المتعلقين بظاهر الآيات والأحاديث، فقال: (باب قول الله تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه﴾ [المعارج: 4]، وقوله جل ذكره: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، وقال أبو جمرة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: بلغ أبا ذر رضي الله عنه مبعثُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لأخيه: "اعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء"، وقال مجاهد: "العمل الصالح يرفع الكلم الطيب" يقال: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ [المعارج: 3]: "الملائكة تعرج إلى الله").

قال العلّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (10 /453، ط. مكتبة الرشد): [غرضُه في هذا الباب: رد شبهة الجهمية المجسمة في تعلقها بظاهر قوله تعالى: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ ۞ تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: 3-4]، وقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، وما تضمنته أحاديث الباب من هذا المعنى، وقد تقدم الكلام في الرد عليهم؛ وهو: أنَّ الدلائل الواضحة قد قامت على أن الباري تعالى ليس بجسمٍ، ولا محتاجًا إلى مكان يحلُّه ويستقر فيه؛ لأنه تعالى قد كان ولا مكان، وهو على ما كان ثم خلق المكان، فمحال كونه غنيًّا عن المكان قبل خلقه إياه، ثم يحتاج إليه بعد خلقه له، هذا مستحيل، فلا حجة لهم في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾؛ لأنه إنما أضاف المعارج إليه إضافة فعل، وقد كان لا فعل له موجود، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ هو بمعنى: العلو والرفعة. وكذلك لا شبهة لهم في قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾؛ لأنَّ صعود الكلم إلى الله تعالى لا يقتضي كونه في جهة العلو؛ لأنَّ الباري تعالى لا تحويه جهة؛ إذ كان موجودًا ولا جهة، وإذا صح ذلك وجب صرفُ هذا عن ظاهره وإجراؤه على المجاز؛ لبطلان إجرائه على الحقيقة، فوجب أن يكون تأويل قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ رفعته واعتلاؤه على خليقته وتنزيهه عن الكون في جهة؛ لأنَّ في ذلك ما يوجب كونه جسمًا، تعالى الله عن ذلك. وأما وصف الكلام بالصعود إليه فمجاز أيضًا واتساع؛ لأن الكلم عَرَضٌ، والعرض لا يصح أن يَفْعَل؛ لأن من شرط الفاعل كونَه حيًّا قادرًا عالمًا مريدًا، فوجب صرفُ الصعود المضاف إلى الكلم إلى الملائكة الصاعدين به] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی قوله تعالى الله تعالى قال الإمام رضی الله إلى الله تعالى لا الم ر اد الله عن ه تعالى ال ک ل م فی جهة الله ت على أن

إقرأ أيضاً:

تأملات قرآنية

#تأملات_قرآنية د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 13 من سورة الممتحنة: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ”.
هذه السورة من السور المدنية، ونزلت بعد سورة الأحزاب، ومعروف أن سورة الأحزاب نزلت بعد معركة الخندق، التي كانت آخر معركة تهددت الدولة الإسلامية وجوديا، بعدها كانت كل المعارك فتوحات ونشر دعوة.
من هنا لا أتفق مع ما ذهب اليه المفسرون القدامى من السلف الصالح في تأويل سبب نزولها أنه متعلق بأحداث ذلك الزمان فقط، فمنهم من قال أنها نزلت في أسماء بنت أبي بكر حينما زارتها أمها المشركة في قوله تعالى في الآية الثامنة منها: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”، ومنهم من قال أنها نزلت في “حاطب بنت بلتعة” حينما راسل مشركي مكة يخبرهم أن المسلمين يعدون العدة لمهاجمة مكة.
لقد كان توجه أولئك المفسرين الى التأويل أكثر مما هو التفسير، إذ كان المسلمون آنذاك قريبي العهد من الفصاحة فلا يحتاجون لتفسير المفردات، وما احتاجوا لذلك إلا بعد أن انتشرت الدعوة ووصلت أقطارا حضرية ابتعدوا زمنا ومكانا عن موطن الفصاحة التي اختص بها أعراب الجزيرة.
كما أنهم اعتقادهم أن القرآن نزل لقريش ولزمن الدعوة، دفعهم لتأويل كل آياته بما يتوافق مع أحداث زمن الدعوة، لكن تبين لعلماء التفسير في الأزمان المتأخرة، أنه صحيح أن هنالك آيات عالجت حالة راهنة، لكنها جاءت بصيغة تبين إمكانية حدوثها فيما بعد، مثل الآية التي نزلت في المخلفين، والآيات التي نزلت في فرعون وقومه، هي حالة تاريخية انقضت، لكنها قد تتكرر مرات بصورة أو بأخرى، لذلك أغفل ذكر اسم الفرعون المعني ،لكي تنطبق على حالات قادمة، وحتى حادثة الإفك التي لن تتكرر مرة أخرى، فقد ضمنها تعالى في سورة النور التي فرضها لتعالج حالة الزنا ومتعلقاته ، ابتدأها بعقوبة الزنا ثم اتبعها بعقوبة الاتهام به زورا، وذلك ليبين أن ذلك عند الله عظيم، لأن أثر نشر إشاعة الفواحش في تدمير المجتمعات لا يقل خطرا عن الفواحش ذاتها، لذلك قدر تعالى حادثة الإفك أصلا، وابتلى بها أحب الناس إليه وأعظمهم قدرا بين الناس، للتنبيه لمدى خطورة هذه المسألة.
لقد ذهب اهل التأويل الى القول بأن القوم الذي غضب الله عليهم هم المشركون، رغم أنه تعالى لم يلحق هذه الصفة في كتابه العزيز الا باليهود وهم الطائفة الضالة من بني اسرائيل الذين عتوا عن أمر ربهم، فوصفهم في سورة الفاتحة بالمغضوب عليهم، وبنص صريح: “فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ” [البقرة:90].
أما اليهود في ذلك الزمان فكانوا مستضعفين منذ قرون، بعد أن حكم الله عليهم بالذلة والشتات في الأرض، فلم يكونوا يشكلون أية قوة، ولا مطمع في موالاتهم، بل كانت قريش صاحبة القوة والمنعة عسكريا، والازدهار اقتصاديا، فكانت موالاتها والتقرب منها مكسبا، لذلك اعتقدوا ان من حذر تعالى من موالاتهم ومحالفتهم هم المشركون.
لكن لا شك أن الله يعلم متقلب الأمور وما سيحدث مستقبلا، فهؤلاء الذين كانوا أذلة مستضعفين، تمكنوا بحبل من الناس (قوى الاستعمار الأوروبي) أن يعلوا في الأرض ثانية، فأصبحوا هم من يستضعفون المسلمين ويسومونهم العذاب، بل ويفرضون على قادتهم الاستسلام لأوامرهم والرضوخ لإملاءاتهم.
لذلك فتأويل هذه الآية موقوت بهذا الزمان، حينما يتسابق حكام المسلمين الى موالاة هؤلاء الملعونين والمغضوب عليهم، خشية أن تصيبهم دائرة من أولي القوة والبطش (أمريكا).
لذلك جاء أمر الله حازما واضحا باستخدام لا الناهية، فالمؤمن مطيع لله، ومن يخالف أمره سيحل عليه غضبه، وعليه فمن يوالي الكيان اللقيط بالتطبيع معه والتعاون في أي مجال فهو مخالف لأمر الله، والأشد منه عصيانا هو من يتحالف مع هذا الكيان عسكريا أو ينسق أمنيا بحجة مجابهة خطر الإسلام الجهادي (الذي يصمونه زورا بالإرهاب).
من يفعل ذلك سيلقى جزاءه من ربه في الدنيا والآخرة، لكن الأخسرين أعمالا هم عابدون طائعون لكنهم يؤيدون أعمال هؤلاء أويبررونها، فسوف يقدمون ربهم يوم القيامة ليجدوا ان كل عباداتهم وأعمالهم هباء منثورا.

مقالات مشابهة

  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • جلالة السلطان يعزِّي في وفاة والدة العاهل المغربي
  • لماذا تبدأ السنة الهجرية بشهر المحرم رغم هجرة الرسول في ربيع الأول؟
  • «الإفتاء» تكشف صحة حديث «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ»
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • الحث على طلب العلم وبيان أهميته ومكانته في الإسلام
  • دعاء صلاة التوبة كما ورد عن النبي.. احرص على ترديده (فيديو)
  • بيان المراد بالظن في قوله تعالى ﴿إِنّ بَعضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ ومعنى كونه إثما
  • الإفتاء توضح مفهوم الحسد وبيان خطورته
  • تأملات قرآنية