علاج ضيق الصدر والرزق في هذه الآية.. أمر الله النبي بها
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
يمر علينا جميعا أوقات لا يتحمل فيها أحد أي شئ وتضيق عليه الأرض بما رحبت، إلا أن القرآن الكريم فيه شفاء لكل داء، ولم يترك القرآن أى داء ألا وأنزل الله فيه الدوا لكل أمر من امور حياتنا، فمن ضاقت عليه نفسه وصدره فعليه أن يلجأ لله تعالى يتوضأ ويصلي ركعتين ويذكر الله، ويستغفر ويصلى على النبي، فإذا داوم الإنسان على هذه الامور فإن جميع الأبواب المغلقة لا يمكنها أن تصمد أمامه.
أورد القرآن الكريم ثلاث آيات لتجاوز ضيق الصدر ، في قوله تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون) وكان الحل في هذه الثلاث آيات :
1- (فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ)
2- (سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ)
3- (وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ).
و قال تعالى: « وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » ، فبالتسبيح يطمئن قلبك، وتقر عينك، وينشرح صدرك، ويعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل حتى ترضى.
ونبينا – صلى الله عليه وسلم –، حياته كلها تسبيح، فإذا قرأ القرآن، ومر بآية فيها تنزيه للرحمن سبح، وإذا قام من الليل، أطال التسبيح في ركوعه وسجوده، وإذا ركب دابته قال « سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا »، وإذا نزل واديا سبح، وإذا رأى الأمر الذي يتعجب منه سبح، وإذا أوى إلى فراشه سبح ثلاثا وثلاثين، وحين اشتد أذى المشركين له، فأحاط به الهم، وضاق به الصدر، أمره ربه بكثرة التسبيح له، لينشرح صدره، ويذهب عنه همه وغمه.
إن العبد الذى يداوم على التسبيح يمنحه الله جبالًا من الحسنات ورفعة فى الدرجات ونعيما فى الجنات ولمَ لا وغِراس الجنة التسبيح فعن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- مر عليه وهو يغرس غرسًا فقال: "ألا أدلك على غراس خير من هذا؟ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يغرس لك بكل واحدة شجرة من الجنة".
فالتسبيح على يسره وسهولته يعدل أعمالًا عظيمة ربما تشق وتصعب على الكثيرين فلنتأمل هذه البشارة العظيمة من نبينا صلى الله عليه وسلم فعن أبى أمامة الباهلى رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن هاله الليل أن يُكابده، أو بخِل بالمال أن ينفقه، أو جبن عن العدو أن يُقاتِلَه، فليُكثر من (سبحان الله وبحمده)؛ فإنها أحبُّ إلى الله من جبل ذهب ينفقه فى سبيل الله عز وجل) وكذلك ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ : كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ ؟ قَالَ : يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ.
فن من أول هذه الآثار وأعظمها تفريج الكروب والهموم - فالله فى القرآن قرن تفريج الهموم والغموم بتسبيحه، إذ أمر فى القرآن الكريم نبيّه أن يتوجّه له بالتسبيح إذا شقّ وصعب عليه ما يُلاقى من كفّار قريش وتكذيبهم فقال تعالى ((وَلَقَدۡ نَعۡلَمُ أَنَّكَ یَضِیقُ صَدۡرُكَ بِمَا یَقُولُونَ . فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِینَ .ومن قبله صلى الله عليه وسلم فرج الله كرب يونس عليه السلام بالتسبيح حين أخرجه من ظلمات ثلاث فقال تعالى (وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبࣰا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَیۡهِ فَنَادَىٰ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّاۤ إِلَـٰهَ إِلَّاۤ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّی كُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمين. فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَنَجَّیۡنَـٰهُ مِنَ ٱلۡغَمِّۚ وَكَذَلِكَ نُـۨجِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ) كما أن من ثمار التسبيح حط الخطايا وإن كثرت.
الله سبحانه سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، يحب أن يسبحه عباده، فالملائكة مع ما وكل إليهم من الأعمال العظيمة الجليلة، مستشهدًا بما قال تعالى : « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ »، وهم بتسبيحهم لربهم، يشرفون ويفخرون « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ »، وفي صحيح مسلم: إذا قضى الله أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا »، أي: تنزيها له سبحانه، وتعظيما لأمره، وخضوعا وقبولا وطاعة له جل جلاله.
والتسبيح ذكر رسل الله تعالى وأنبيائه، وهو عند الشدائد مفزعهم، فنبي الله موسى عليه السلام، يدعو ربه بأن يجعل معه أخاه هارون وزيرًا؛ ليعينه على التسبيح كثيرًا، وقال الله تعالى: « وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا »، وأثبت الله تعالى لنفسه الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقرن ذلك بالتسبيح له، فقال تعالى: « هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » ، فالتسبيح متضمن لتنزيه الرب، عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه، متصف بالكمال في ذاته وأسمائه وصفاته، متنزه عن العيوب والنقائص، وما لا يليق بجلاله.
وكذلك وصية نوح عليه السلام لولده لما حضرته الوفاة هى التسبيح حيث قال له (إنى قاصٌّ عليك الوصية: آمرك باثنين، وأنهاك عن اثنين . آمرك بلا إله إلا الله، فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت فى كفة ووضعت لا إله إلا الله فى كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله وسبحان الله وبحمده، فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر )
وتسبيح الله تعالى تثقيل لميزان الحسنات يوم القيامة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) وعن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضى الله تعالى عنها: أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلَّى الصبح وهى فى مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة، فقال: (ما زلتِ على الحال التى فارقتُك عليها؟)، قالت: نعم، قال النبى صلى الله عليه وسلم: (لقد قلتُ بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فضل التسبيح أفضل التسبيح التسبيح صلى الله علیه وسلم سبحان الله وبحمده لا إله إلا الله الله تعالى قال تعالى رضى الله ق ول ون
إقرأ أيضاً:
يتأخر عن عمله نصف ساعة فهل لراتبه تأثير في الشرع الشريف
أحيانًا أحضر إلى العمل في الصباح متأخرًا نصف ساعة أو نحو ذلك ، فهل هذا يؤثر على مرتبي؟ وكيف يجعل الإنسان المرتب الذي يأخذه من عمله حلالًا مباركًا .. سؤال نشره الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية السابق عبر الفيسبوك.
قال مجدي عاشور إن الموظَّف في مختلف المؤسسات والمصالح عامة أو خاصَّة هو عَاملٌ بأجرة، ويجب عليه في مقابل ذلك الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف وسائر ضوابط ولوائح العمل، لعموم قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِ} [المائدة: 1].
وأضاف : هناك ثلاث صور لتأخير الموظف عن مواعيد حضوره للعمل الصورة الأولى : أن يكونَ هناك إذن من الجهة المسؤولة في العمل عن ذلك، فهذا لا بأس به.
والصورة الثانية : أن يكونَ التأخير مدة يسيرة يُتعارف عادة على التسامح فيها، فلا شيء فيه . وهذا يرجع إلى العُرف السائد .
والصورة الثالثة : أن يتأخر الموظف وقتًا لا يتعارف بالتسامح في مثله، فهنا يجب عليه إخبار الجهة المسؤولة بذلك، وإلا فلا يستحق الأجرة عن هذه المدة لعدم احتباسه فيها على العمل.
وأكد الدكتور مجدي عاشور أن الواجب على الموظف الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف وبحسب اللوائح والتعليمات، فإن تأخر عن موعد حضوره بإذن أو مُدَّةٍ يُتَعَارَفُ على المسامحة فيها فلا إثم عليه ، أما إذا كانت المدة غير مسموح بها ولم يأخذ في ذلك إذن الجهة المسؤولة، فإن أجره عن الزمن الذي غابه ولم يعمل فيه لا يكون حلالًا، وعليه أن يَرُدَّ إليهم مِن راتبه قَدْرَ ذلك الوقت، إلا إذا تعذر إيصاله إليهم بأية وسيلة فيجوز صرفه في المصالح العامة، وننصحه بأن لا يتعمد أو يعتاد فعل ذلك بصورة متكررة اعتمادًا على أنه سيخرج مقابل هذا التأخير صدقة لأنه في هذه الحالة يُعَدُّ آثمًا شرعًا لتعمده المعصية .
اكتسب زوجي أموالًا كثيرة بطرق غير مشروعة فماذا نفعل؟ سؤال تم توجيهه إلى دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك».
وأجاب الشيخ على فخر، أمين الفتوى بدار الافتاء المصرية، قائلاً: “ننصحه بأن لا يأتى بأموال بطرق غير مشروعة لأن هذه الأموال يحرم أخذها، وإذا ما أصر على هذا تصرين كذلك على أن لا تأخذى هذة الأموال ولا تشتري بها طعامًا ولا شرابًا ولا أى شيء حتى يمتنع عن هذا الأمر، راجين من الله له الهداية والرشاد فى أن يطعم نفسه وأولاده من الحلال”.
وأشار إلى أنه حتى يكون الإنسان مستجاب الدعوة عليه أن يكون ماله حلال ويأكل من حلال.
كيفية التخلص من المال الحرام المختلط بالحلالقالت دار الإفتاء المصرية إنه ينبغى على المسلم أن يحرص على التوبة دائمًا؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله -عز وجل- أن يتفضل عليه ويدخله الجنة، والتوبة النصوح هي: التي يتحقق فيها: الاستغفار باللسان، ومجانبة خلطاء السوء، والندم بالقلب مع إضمار التائب ألَّا يعود إلى المعصية أبدًا.
وأضافت «الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال يقول صاحبه: «ما حكم وكيفية التخلص من المال الحرام؛ حيث إنَّ شخصًا قد كسب مالًا كثيرًا من الحرام ويريد التوبة منه. فهل يجوز له أن يتصدق به، وهل إذا فعل ذلك يكون له أجر عليه؟»، أن التوبة من المعصية على الفور باتفاق الفقهاء من الأمور الواجبة والمأجور صاحبها –إن شاء الله تعالى-.
وذكرت ما قاله الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" عند تفسيره لقول الله تعالى: «وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، [النور: 31]، "بأن قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا﴾ أمر. ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين، والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال".
وتابعت أن الله – تعالى- تفضل على عباده ووعدهم بأنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قبل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: -«وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ»، [الشورى: 25]، وقال - عز وجل-: «وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا»، [النساء: 110]، كما روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنهما- أن رسول -صلى الله عليه وآله وسلَّم- قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ».
وأكدت أن التوبة إما أن تكون بين العبد وربه فحسب فلا يجب بها حقٌّ لأحد؛ كالكذب، أو شرب مسكر، فالتوبة من مثل هذه الذنوب تكون بالندم، والعزم على عدم العودة إليها، ويقال عنها: توبة باطنة أي غير ظاهرة، وإما أن تتوقف صحة التوبة وقبولها على رد الحقوق سواء أكانت هذه الحقوق لله- تعالى-؛ كمنع الزكاة، أو لآدمي؛ كالسرقة والغصب، فالتوبة من مثل هذه الأمور يُشترط فيها رفع المظلمة ورد الحقوق بحسب إمكانه؛ فيؤدي الزكاة ويرد المسروق أو المغصوب.
واختتمت بأن السبيل الوحيد إلى التخلص من المال الحرام المكتسب من طريق غير مشروع هو التوبة منه ورده إلى صاحبه أو إلى ورثته، أما إذا لم يعلم صاحب المال ولا ورثته أو عجز عن رده، فإنه يتصدق به ويصرفه في مصالح المسلمين العامة بقصد حصول الثواب لصاحبه وسقوط الإثم عنه، فإذا فعل ذلك لم يكن الأجر له، وإنما يكون لصاحب المال الأصلي.