برقية صغيرة أرسلها أحد مراسلي وكالات الأنباء في مصر، يقول فيها: "إن ناريمان تنتظر الطلاق من فاروق بفارغ الصبر لكي تتزوج من المطرب فريد الأطرش الذي يذهب كثير لزيارتها في بيتها بمصر الجديدة".

وبعد ساعات من التكذيب الرسمي الذي أذاعته ناريمان على جميع الصحف، كان فريد الأطرش يجلس في شقته بالزمالك شبه مذهول من هول المفاجأة التي سببها له هذا التكذيب وأخذ يقول لآخر ساعة: “إنني لا أتصور أبدا أن تقول ناريمان هذا الكلام، الذي نشرته الصحف، لأني أعرف تماما رقة إحساسها وأخلاقها، لذلك كدت أصعق حينما عرفت أنها قالت ”إن هذه الإشاعة أحقر من أن تستحق الرد"، ولكن الظاهر أن التوفيق والصواب قد خاناها في هذه اللحظة".

محاولة للتفاهم
ويستطرد فريد الأطرش قائلا: وكان يجب أن تفهم ناريمان أن مثل هذه الكلمات تسيء إلى كرامتي قبل أي شيء آخر، ولذلك حينما أتصل بي مراسل وكالة "روتر" لكي يأخذ رأيي في هذه الشائعة قلت له إننا لا أستطيع أن أقول كلمة واحدة قبل أن أتصل بعائلة ناريمان وأخذ رأيها في المسألة.

سوف تندم ناريمان بعد أن أغلقت الباب
ومضى فريد الأطرش يقول إنني أقولها بصراحة تامة إن ناريمان سوف تندم في يوم ما على هذه الكلمات التي قالتها، وأنها هي التي كانت ستكسب من وراء زواجي بها قبل أن أكون أنا الرابح، ولكنها بهذا التصريح أغلقت الباب نهائيا في مجرد تفكيري في هذا الزواج.

وكانت ناريمان تستطيع أن تقول مثلا إن هذا الكلام سابق لأوانه، أو أن فريد الأطرش لم يتقدم بمثل هذا العرض، كانت تستطيع أن تقول هذا حتى لتحرجني وتضعني أمام كلماتها التي قالتها بلا وعي ولا تفكير.

ابن أصل وعصامي
وأنا لا أقول هذا الكلام لمجرد التفاخر أو الغرور، ولكنني متأكد من أنني ابن أصل ومن عائلة كريمة، وفوق هذا فأنا "عصامي" بنيت حياتي من عرقي وكفاحي، ولم أعتمد على صلة القرابة أو المصاهرة لكي أمتص الأموال أو أكسب بطرق غير مشروعة، أنني نظيف وكثير من العائلات الكبيرة تتمنى أن أتزوج بناتهن ولكنني لم أفكر في الزواج أبدا، ولا حتى من السيدة ناريمان الملكة السابقة.

وأعود وأقول إنها فتاة تعيسة لم تعرف معنى الزواج السعيد، فعاشت معذبة وكان هذا هو السبب الوحيد لعطفي عليها.

قصتي مع ناريمان:
ولكي تعرفوا حقيقة قصتي معها أحب أقول إنني لم أذهب لزيارتهم أبدا دون تحديد موقع سابق بالتليفون، وذلك على الرغم من الترحيب الشديد الذي كنت ألقاه من والدة ناريمان وجدتها، وأذكر أن آخر مرة رأيت فيها ناريمان كانت في حفل عيد ميلادها، وقد اتصلت السيدة أصيلة بي قبلها بالتليفون وقالت لي: إن ناريمان تريد أن تسمعني في عيد ميلادها.

وذهبت إلى بيتها فورا وأخذت العود فقط، حتى لأكلفهم أجر الموسيقيين، وظللت أغني حتى الفجر، وكانت ناريمان تستمع لي وهي صامتة تماما، وكان هناك كثير في الحفلة من أصدقائها، وأفراد عائلتها، ولذلك لم أستطع أن أتحدث إليها كثيرا، وكل الذي دار بيننا ليلتها كان يتلخص في هذا العرض السينمائي الذي قدمه لها أورسون ويلز لبطولة أحد أفلامه العالمية، وقالي لي ناريمان: إنها لم تفكر أبدا في هذه الناحية بالذات وأنها ترفض القيام بهذه الأعمال التجارية، وسكت بعد ذلك ولم أفاتحها في مسألة اشتغالها بالتمثيل في أفلامي بعد أن رفضت عرض أورسون ويلز.

جازفت بدعوتهم:
ومرة أخرى، حين طلبت السيدة أصيلة أن تشاهد فيلم لحن حبي في عرض خاص، بعد عودة ناريمان من أوربا بشهرين، لم أتردد في تحقيق رغبتها، وأخذتهم في سيارتي إلى أستوديو مصر بالرغم من أن بعض أصدقائي قالوا لي وقتها: هل أنت مجنون حتى تجازف بالظهور مع ناريمان في مثل هذه الظروف الحاضرة وفي مكان عام.

ليس أكثر من ذلك:
ومضى فريد الأطرش يقول: هذا هو ما حدث وليس هناك أكثر منه، ولكنني واثق أن المساءلة مبالغ فيها إلى حد كبير، وأنها كان يمكن أن تنتهي إلى نهاية أخرى، لولا ما قالته ناريمان للصحف ولولا أنها تردد ما يقال لها وتسير في الطريق الذي يرسم لخطواتها... إن ناريمان معذورة ولكنني معذور أيضًا.

 

المصدر:
من أرشيف الصحافة- أخر ساعة- 1954

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فريد الأطرش ناريمان فرید الأطرش

إقرأ أيضاً:

غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم

 

 

د. سالم بن عبدالله العامري

 

لم تنتظر غزة إعلان انتصارها على العدو الصهيوني، فقد نقشته على صفحات المجد منذ اللحظة الأولى لمعركة طوفان الأقصى، يومها اجتاز أبطال المقاومة أسوار المحتل وحدوده، وكسروا هيبته الزائفة بشجاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.

هناك، سقط جنوده وضباطه صرعى، وأُسر مئات منهم، بينما غنمت المقاومة سلاحه وعتاده، ليُصبح شاهدًا صامتًا على انهيار أسطورته التي لطالما تباهى بها، وجاء اتفاق وقف إطلاق النار اليوم ليُكمل صورة هذا الانتصار، إذ أُجبر العدو، رغم كبريائه الجريح، على الجلوس مذعنًا على طاولة المفاوضات، كاشفًا عن هزيمته أمام صمود غزة، التي أثبتت أن الإرادة أقوى من أي قوة، وأن الحق لا يُقهر مهما بلغ الظلم ذروته.

عندما يُذكر في كل مرة اسم غزة، تتجلى أمامنا صورة مدينة صغيرة بحجمها، لكنها عظيمة بأهلها. فقطاع غزة، ليس مجرد رقعة جغرافية على الخريطة؛ بل هو رمزٌ للصمود والإرادة التي لا تُقهر، وعنوانٌ للبطولة والمقاومة التي لا تلين. في كل زاوية من زواياها، يُكتب تاريخ جديد لشعب لا ينكسر. هناك يُولد الأمل من قلب المآسي، وتنبعث الحياة كطائر الفينيق تُعيد تشكيل ذاتها من رماد الدمار، متوشحةٌ بروح التحدي والإصرار، كأنها تقول للعالم إن كل انكسار يحمل في طياته شرارة نهوض، وإن تحت كل ركام قصة ميلاد جديد.

في غزة، الألم ليس نهاية؛ بل بداية، والدموع ليست انكسارًا؛ بل قوة تُعزز الإرادة، تحكي قصة الإصرار الذي يُعيد بناء المجد على أنقاض المحن، ويُعلن ألا موت يستطيع أن يقهر روحًا مؤمنة بالنهوض، بل أصبح الحلم حلمًا بوطن حر، وأرضاً تنبض بالسلام، يزرعون الزهور على شرفات بيوتهم التي دمرتها الحروب، ويرسمون لوحات الأمل على جدرانها المهدمة، ويتحدون القصف بابتساماتهم البريئة، يشع نور الأمل وسط ظلام الصبر، كالشعاع الذي يخترق عتمة الليل ليبشر بقدوم فجر جديد. هي الأرض التي تعلَم العالم أن النصر الحقيقي هو الإصرار على الحياة، الإصرار على البقاء، رغم كل ما يُثقل الروح، ويدمر الجسد.

يُعلّمنا التاريخ أن طريق التحرر ليس معبّدًا بالسهولة ولا مُختصرًا بالسرعة، بل هو مسار طويل وشاق، مليء بالتضحيات والمعاناة، إنه الطريق الذي تتشابك فيه الآلام مع الآمال. لكنه، رغم قسوته، يظل السبيل الوحيد نحو المستقبل والأمل، تُنتزع فيه الحرية وتُبنى فيه الكرامة، ليكون النصر في النهاية تتويجًا لكل جهدٍ صادق وإيمانٍ لا يتزعزع بحتمية الخلاص، فالنصر الحقيقي ليس في كثرة القتل والتدمير، وليس فقط في كسب المعارك الميدانية، بل في كسب القلوب والعقول، وفي تعزيز التلاحم، والوحدة، والروح الوطنية، وفي تحويل كل خسارة ومآسي آنية إلى استثمار استراتيجي على المدى البعيد. غزة اليوم تجسد هذه الفلسفة، وتُعيد تعريف النصر بأنه الإصرار على الحياة، وتحويل الألم والمعاناة إلى طاقة للمقاومة والبقاء.

انتصرت غزة في صمود أهلها وثباتهم على أرضهم وبقدرتها على إبقاء القضية الفلسطينية حية في ضمير الأمة والعالم، فأرغمت الكيان المحتل على الجلوس على طاولة المفاوضات، انتصرت في صمودٍ أسطوري لشعب ظل صابرًا في المعاناة والآلام، من حصار مستمر طيلة عقود من الزمن، وعدوان عسكري إسرائيلي همجي متكرر، وخذلانٍ عربي، وتواطؤ غربي غير مسبوق، فأظهرت لنا أن أعظم الانتصارات هي تلك التي تتحقق بالصمود أمام رياح اليأس، وبالتمسك بالحلم حتى في أحلك الظروف.

في النهاية.. أثبتت غزة أنها ليست مجرد مدينة على خريطة الأرض؛ بل هي فكرة خالدة، ونبض حياة، وروح صمود، تذكرنا جميعًا أن الشعوب التي تؤمن بحقها في الحياة لا يمكن أن تُهزم. تُعلمنا أن النصر ليس في قوة السلاح وحده؛ بل في قوة الحق والإيمان، وأن الأمل مهما بدا بعيد المنال، قادر على الانتصار في نهاية المطاف على كل مظاهر القهر والطغيان. ﴿كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز﴾ [المجادلة: 21].

مقالات مشابهة

  • هند عصام تكتب: الملكة نيت حتب
  • تصميم فريد ومبهر لمنزل رونالدو في حي حطين بالرياض .. فيديو
  • رانيا فريد شوقي تتألق بفستانأوف شولدرفي المملكة العربية السعودية توجه رسالة
  • مصانع تدوير ومدافن صحية.. كيف تنهي التنمية المحلية أزمة المخلفات بالمحافظات؟
  • ترامب يلغي منح الجنسية الأمريكية للمواليد: تسببت في أزمة ودعوى قضائية
  • رانيا فريد شوقي تكشف كواليس نجاح مسرحية مش روميو وجوليت
  • الأمم المتحدة: حرب غزة تسببت في نزوح 90% من الفلسطينيين عن منازلهم
  • جيل زد يعاني من مشاكل صحية وعقلية
  • رانيا فريد شوقي : غنائي مع علي الحجار في "مش روميو وجوليت" "ليفل الوحش
  • غزة تنتصر.. حكاية صمود لا يُهزم