فشل البلطجة الأمريكية في عسكرة البحر الأحمر
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
يمانيون – متابعات
ما تزال أمريكا تمارس دور البلطجة، في محاولة للسيطرة على الممر المائي باب المندب، الذي تُنعى بحمايته الدول المشاطئة على البحر الأحمر وفي المقدمة اليمن المخول له قانوناً بحماية أمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب.
تجلّى ذلك في الحملة المسعورة للولايات المتحدة التي دعت إلى تحالف دولي، ليس لحماية الملاحة في البحرين الأحمر والعربي كما تدّعي، وإنما لحماية السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئه لدعمه ومده بالسلاح والوقود والغذاء، في وقت يعاني الشعب الفلسطيني الأمرين جراء الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على غزة منذ أكثر من 15 عاماً وزاد ذلك منذ السابع من أكتوبر المنصرم.
وقوف الشعب اليمني إلى جانب الشعب الفلسطيني، أثار حفيظة قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا والدول الغربية، وأدواتها في المنطقة، ما جعلها في دوامة لحبك المؤامرات ضد اليمن وشعبه في محاولة لمنعه من أداء دوره المناصر لفلسطين وقضيته العادلة.
الموقف اليمني وعبر التاريخ داعم ومساند لفلسطين، وحقوقه المشروعة، لكنه تصدر هذه المرة المواقف العربية والإسلامية ليس بالقول وإنما بالقول والفعل سواء من خلال المسيرات المليونية بالعاصمة صنعاء والمحافظات وتنظيم وقفات احتجاجية يومية، أو المشاركة العسكرية المباشرة باستهداف القوات المسلحة اليمنية عمق العدو الصهيوني ومنع مرور السفن المتجهة إليه عبر البحرين الأحمر والعربي.
وليس من المبالغة، تصدر الموقف اليمني، شعوب الأمة العربية والإسلامية، وأحرار العالم في مناصرة الشعب الفلسطيني إزاء ما يتعرض له من حرب إبادة جماعية خاصة في غزة، وإنما واقع الأحداث يؤكد ذلك، نظراً لصمت حكام وأنظمة الدول الخاضعة لأمريكا والكيان الصهيوني، وصولاً إلى حد تواطؤ بعض الأنظمة وعدم تجرؤها على اتخاذ موقف تجاه القضية الفلسطينية والعدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والمذابح التي تُرتكب يومياً.
الشعب اليمني لم يكن بمنأى عن الشعوب الحرة المناصرة لقضية فلسطين وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، التي انخفض صوت حكامها تحرجاً من قوى الهيمنة والاستعمار العالمي، في حين تعالت أصوات الشعوب الحرة المناصرة للشعب الفلسطيني والمنسجمة إلى حد ما مع موقف اليمن، الداعم لفلسطين وقضيته.
وبالرغم من محاولة البعض التقليل من عمليات القوات المسلحة اليمنية في عمق الكيان الصهيوني، ومنع السفن المتجهة إلى موانئه، إلا أن شركات شحن عالمية غيرت مسار سفنها حتى إشعار آخر، تماشياً مع الواقع الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية في منع مرور السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، ما لم يتم السماح بدخول الغذاء والدواء للشعب الفلسطيني وتحديداً إلى قطاع غزة.
حديث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الأخير كان صريحاً وواضحاً، ليؤكد ما صرح به المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية في بيانات سابقة بأن الملاحة البحرية في البحر الأحمر وباب المندب آمنة، ولا توجد عليها أي مخاطر باستثناء السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئه، ما يعني فشل التحالف الدولي الذي دعت له أمريكا لعسكرة البحر الأحمر.
وخلاصة القول، لا يمكن فصل الموقف اليمني المناصر للشعب الفلسطيني عن القضايا الإنسانية التي ينادي بها أحرار العالم وشعوب الأمة، من خلال الأصوات المتعالية من هنا وهناك، في محاولة لفك الحصار وإيقاف العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة.
-وكالة سبأ
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی المسلحة الیمنیة البحر الأحمر المتجهة إلى
إقرأ أيضاً:
عاصفة واحدة أغرقت سفننا
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
قبل 100 عام، وعلى وجه التحديد في عام 1925 كان حوض الخليج العربي مسرحاً مأساوياً لفاجعة بحرية أغرقت السفن الخشبية التي كانت تعمل هناك، حيث بسطت العاصفة مخالبها على المسطحات المائية الممتدة من رأس البيشة في البصرة وحتى رأس مسندم في سلطنة عمان. .
لم تكن السفن الخليجية العاملة في عرض البحر مزودة في ذلك العام المشؤوم باجهزة التنبؤ بأحوال الطقس، وليست لديها وسيلة التواصل مع المحطات الساحلية، فعلى الرغم من أنشطة المحطات الساحلية في البصرة وفي مسقط وفي بندر عباس التي كانت تدعم السفن التجارية العابرة للمحيطات بتقارير يومية عن الطقس وتقلبات البحر، لكن سفننا الخشبية التقليدية لم تكن على تواصل مع تلك المحطات. كل ما كانوا يمتلكونه وقتذاك هو مخطوطاتهم الموروثة، وقواعدهم الملاحية المحفوظة في كتيبات صغيرة يطلق عليها (رحماني) أو (راهماني) والتي تعود في اصلها إلى المرشد البحري شهاب الدين أحمد بن ماجد، أو سليمان بن أحمد المهري، أو النوخذة جاسم القطامي، وغيرهم. واحيانا تأتي التعاليم على شكل أرجوزات يحفظها العاملون في البحر على ظهر القلب بلغة قريبة من العامية. مثال على ذلك قولهم:
وينبغي معرفة الأرياحي
ومدخل البحر والمفتاحي
فغلقه يمكث ربع عامي
مدة تسعين من الأيامي
فهذه التسعون فيها الغلقا
حقيق من جاز بها أن يشقى
وبالتالي فان العاصفة المشؤومة التي اكتسحت الخليج عام 1925 كانت خارج التوقعات، وكانوا يسمون تلك السنة: (سنة الطبعة)، ومفردة (طبعة) تعني الغرق، من قولهم: طبعت السفينة. أي غرقت. .
تذكر السجلات التاريخية ان العاصفة هبت في ليلة الثاني من أكتوبر في تلك السنة. .
لقد فجعت المدن الخليجية كلها في تلك الليلة بفقدان رجالها وبحارتها، جاءت في البداية على شكل رياح شديدة اجتاحت مناطق الغوص (مغاصات اللؤلؤ)، نذكر من تلك المغاصات: فشت الديبل وداس وحالول وأبو الحنين وجنة وحولي واشتيه وغيرهن. وكانت سفن الغوص حينها تستعد للمغادرة والعودة الى ديارها، فقد كانت السفن متقاربة ومتلاصقة للتعبير عن فرحتها وسعادتها بانتهاء موسم الغوص. كانت الرياح الشديدة مصحوبة بأمطار غزيرة، فقد تعالت الأمواج ثم تلاطمت، فتبعثرت السفن في كل الاتجاهات، وتصادمت مع بعضها البعض، فغرقت أكثرها في غضون ساعات معدودات. يقال إنها كانت مئات السفن، غرق منها ما يقارب 80%، وبعد انتهاء العاصفة وسكون البحر هرعت سفن الإنقاذ بعد أن وصلتها اخبار الكارثة، حاملة معها الطعام والشراب والإسعافات الأولية، وقد ذكر تلك الحادثة الدكتور بندركار الهندي الجنسية، وهو الشاهد على آثار تلك العاصفة، وذكر المؤرخون بأن الذين غرقوا كانوا قرابة 8000 بحارا، وجاء كذلك في مذكرات مستشار حكومة البحرين (تشارلز بلجريف) الذي تحدث عن الحادثة نقلا عن الأهالي في البحرين. وللباحثة الاماراتية (فاطمة حمد بوعيسى الشامسي) كتاب من تأليفها يحمل عنوان: (سنة الطبعة – ملحمة أبطالها الأجداد)، وهو من إصدارات عام 2022. .
ختاماً: يبدو ان النكبات لا تأتي فرادى ففي تلك الليلة بالتمام والكمال من ذلك العام انهار نفق القطار في مدينة تشيرش هيل التابعة لولاية فيرجينيا أسفر عن مقتل معظم العاملين في النفق. .
لا ريب أنها صدفة من العيار الثقيل. . .