التعبئة والتعبئة المضادة.. أو من المستفيد من الانزلاق العرقي!

محمد بدوي

المراقب لحالة الحرب التي اندلعت في السودان منذ 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة “الجيش” وقوات الدعم السريع، بالضرورة يمكنه الوقوف حالة الفرز التي احدثتها ثورة ديسمبر 2018 بتبني شعارات على نسق “العسكر للثكنات الجنجويد ينحل” وهو ما تمت مواجهته بشراسة بانقلاب 25 اكتوبر 2021، لكن صمود الشارع شكل ترسا دلل على عزم الشارع تحقيق التغيير، فجاء حرب 15 ابريل 2023 تكشف عن استمرار مناهضة حركة الشارع وتم التمهيد لذلك بالتعبئة التي انتظمت افطارات شهر رمضان 2023 من قبل الاسلاميين، وهو ما يكشف خروج قادة الحركة الإسلامية السودانية عقب اندلاع القتال بين الطرفين في مطلع مايو 2023 والدعوة لتعبئة الإسلاميين للقتال إلى جانب الجيش ثم أعقبتها دعوة أخرى من قيادة الجيش للمدنيين القادرين على حمل السلاح للانخراط والتي أطلق عليها “الاستنفار” بناء على ذلك سارعت مجموعات من فئة الشباب للانخراط في التدريب ثم المعارك إلى جانب الجيش، رغم ذلك فإن السجل يشير إلى مغادرة قادة الجيش للقيادة العامة ثم ولاية الخرطوم إلى مدينة بورتسودان بالبحر الأحمر، ذات السجل كشف عن سيطرة للدعم السريع على حقول بترولية، وعدد من الحاميات العسكرية التي كشفت وسائل الاعلام عن السيطرة عليها عقب انسحاب للجيش منها، اذن بالنظر إلى معادلة القتال وتقديرات الانسحاب يطل السؤال حول جدوى دور الاستنفار للمدنيين للانخراط في القتال!

الاجابة على السؤال ترتبط بتوظيف الجهود بين وقف الحرب والاستمرار في القتال وايهما أجدى؟ بالرغم من عدم اعلان الدعم السريع اعلاميا حملة للاستنفار إلى صفوفه إلا أنه عمليا ينفذ ذلك بطرق مختلفة ويعمل على تدريب المنضمين كما هو الحال في ولاية جنوب دارفور لترزح الحالة في سياق التعبئة والتعبئة المضادة، وهذا يجعل من المدنيين الذين يجدر حمايتهم من طرفي الحرف واحترام كرامتهم والحفاظ على حقوقهم ينزلقون كوقود في سياق الحرب بما ينعكس سلبا على جهود وقف الحرب لان تلك الحالة تطيل من أمد القتال الذي يستهدف المدنيين سواء في ارواحهم او تقليص المساحات الامنة، اذا نظرنا بشكل عكسي للجهود التي تبذل للتعبئة من كل النواحي سواء عسكرية كالتسليح أو اعلامية في الترويج نجد أنها إذا وجهت لوقف الحرب فقد تجدي نفعا لان طبيعة الحرب هي في الاساس هدفها نسف التغيير السياسي وفقا للنسخة التي ظل الشارع من اجلها خلال حقبة حكم الاسلاميين وتتويجا بثورة ديسمبر 2018 وهو ما يفضحه منهج الاستنفار المرتبط بالتوازي بين طرفي الحرب فلماذا لم يستنفر الجيش قبل او بعد سقوط حامية زالنجي ولماذا يركز الدعم السريع على استنفار عبر بعض الادارات الاهلية في مناطق دارفور، قراءة هذا المشهد مع الخطاب المبذول للتعبئة يدفع نحو الانزلاق العرقي الذي يباعد بين الشعب ونضاله نحو التغيير، ويفتح المجال لنهب للثروات لتحقق الفوضى كما في يحدث في بعض الدول كالكنغو على سبيل المثال لا الحصر.

تجدد دعوات الانخراط في القتال عقب سيطرة الدعم السريع على الفرقة الاولى بود مدني بولاية الجزيرة سببها انتقال الحرب إلى مناطق امنة تشكل مراكز لحماية النازحين الفارين من الحرب ومركز للمساعدات الانسانية، وهو ما يسقط تبرير الدعم السريع بأن دوافع الهجوم مرتبطة بحشد الجيش لقوات لمهاجمتهم في الخرطوم، بافتراض صحة ذلك فهو ليس بالمبرر على الاطلاق، بالمقابل ايضا ليس بمبرر للعودة إلى التعبئة الشعبية، لأن مبررات انسحاب الجيش التي اطلقها قائد الفرقة الأولى وفقا للوسائط تطرح سؤال دور الجيش في حماية صفوفه من انضمام مقاتلين من خارجه سواء من الاسلاميين أو غيرهم؟

فإذا لم يكن ذلك بالإمكان فإن انخراط المدنيين يجعلهم عرضة لذات السيناريو الذي برر به الانسحاب لأن النتيجة قد لا تخرج من انسحاب الجيش مرة أخرى بذات الدواعي وترك المستنفرين عرضة للمواجهة العسكرية منفردين، وتعريض المدنيين للقتل والانتهاكات في ظل عدم سيطرة للدعم السريع على مقاتليه كما يبصم سجل الاحداث المرتبطة بالانتهاكات في المناطق الحضرية التي يستهدفها ثم يسيطر عليها.

من ناحية ثانية تصاعد دعوات التسليح عبر القيادات المجتمعية او السياسية يطرح سؤال مصدر التسليح كجزء من سلسلة علاقة الحرب الدائرة بالحلفاء الاقليميين والدوليين واسواق السلاح المختلفة، بهذا فان الامر يشير إلى تعدد اطراف الحرب بما يشكل مجموعات من تجار السلاح والذهب والممتلكات المسروقة ليتسع مسرح وفاعلي تجار الحرب، لتصب دعوات التسليح والخطاب السالب وقودا جديدا في ظل حرب واسعة وعنيفة في محيط متعدد الحدود المفتوحة.

أخيراً: التعبئة والتخوين المستندة على منصة الوطنية تعطي طرفي الحرب المزيد من المساحات للاستمرار والذي يقابله خصما على حياة المدنيين وممتلكاتهم وكذلك بالجانب الاخر مسرحا لتجار الحروب سواء داخليا او خارجيا، لن يوقف الحرب طرف ثالث غير المدنيين لان ليست له ذات الغبينة تجاه السلم والوطن فطرفي الحرب ليسوا سوى ورثة لنظام الاسلاميين، فكيف لمن ورث البلاد الهلاك أن يلطف بها ورثة بذات جينات المطامح والعنف.

badawi0050@gmail.com

الوسومالجزيرة الجيش الدعم السريع الفرقة الأولى حرب 15 ابريل دارفور زالنجي زعماء القبائل محمد بدوي ود مدني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزيرة الجيش الدعم السريع الفرقة الأولى حرب 15 ابريل دارفور زالنجي محمد بدوي ود مدني الدعم السریع السریع على وهو ما

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تطلق سراح معتقلين بشروط .. بالأسماء

تاق برس -أطلقت شرطة محلية تلس بولاية جنوب دارفور غربي السودان، سراح أربعة ناشطين سياسيين، بعد خمسة أيام من اعتقالهم على خلفية تنظيم ندوة سياسية في المدينة الأسبوع الماضي.

المعتقلون هم مصعب إبراهيم، محمد الحسن، إسماعيل تجاني، وعبد الله يونس.

وحسب ”دارفور24″ أن إطلاق سراحهم تم بعد توقيعهم على إقرار وضمانات من أسرهم بعدم ممارسة أي نشاط سياسي داخل المحلية.

 

الواقعة تأتي في سياق توتر سياسي تشهده المنطقة، حيث اعتقلت استخبارات الدعم السريع في تلس الشهر الماضي 14 مدنياً على خلفية أعمال عنف اندلعت بين مناصرين لقوات الدعم السريع وآخرين يدعمون الجيش.

 

ووفقا لدارفور 24 فان التوترات تفاقمت بسبب استنفار قادة أهليين لصالح الدعم السريع، ما قوبل برفض شبابي واسع، مما أدى إلى انقسامات داخل المجتمع المحلي وأثار مخاوف من تحول الخلافات إلى مواجهات مسلحة.

السلطات المحلية تواجه تحديًا في احتواء الانقسامات وحماية الاستقرار، وسط تصاعد النزاع بين الأطراف المختلفة في المنطقة.

اطلاق سراح معتقلين سياسيينالدعم السريعتلس جنوب دارفور

مقالات مشابهة

  • مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان
  • الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريو توسيع القتال في غزة
  • «الصحة السودانية» تتهم الدعم السريع بالتسبب في سوء التغذية بين الأطفال
  • الجيش السوداني يدمر مركبات لميليشيا الدعم السريع
  • الدعم السريع قصف مركزا لإيواء النازحين بمنطقة شالا بالمحيط الغربي لمدينة الفاشر
  • بالفيديو .. الجيش السوداني ينفذ عملية عسكرية لـ”إنقاذ” 15 أسرة أستخدمتها الدعم السريع دروع بشرية ويقتل قائد كبير
  • الدعم السريع تطلق سراح معتقلين بشروط .. بالأسماء
  • منسقية النازحين واللاجئين: ما يحدث من أطراف الحرب السودانية جرائم متواصلة لا تفرق بين المدنيين و العسكريين
  • سقوط أول أسير كوري شمالي في الحرب الأوكرانية
  • تقرير أمريكي يفضح استهتار الجيش الإسرائيلي بأرواح المدنيين في غزة