فلسطين: الاحتلال يستخدم المجاعة لاستكمال الإبادة الجماعية في غزة
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية أن المجاعة في قطاع غزة سياسة إسرائيلية لاستكمال الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني.
وقالت في بيان صدر اليوم، إن ما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة في هذا الإطار ليس جوعاً وتجويعاً فقط وإنما هو مجاعة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى تهدد حياة المواطنين بخطر الموت جوعاً، بل تموت أعداد يومية منهم بسببها، وتؤكد أيضاً أنه وفقاً للمعايير المعتمدة لدى الأمم المتحدة فإن المواطنين في قطاع غزة يتعرضون للمجاعة ومخاطرها وانتشار سوء التغذية.
فلسطينيون يتجمعون بأواني لتلقي الطعام في نقطة تبرع مقدمة من منظمة خيرية- د ب أ
قطاع غزةوطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الأممَ المتحدة بالإعلان رسمياً عن أن قطاع غزة يعاني مجاعة حقيقية تهدد حياة المواطنين بالموت بسبب حرب الإبادة الجماعية والحصار المفروض على شعبنا.
كما طالبت مجلس الأمن الدولي بتحميل إسرائيل المسؤولية عن الإبادة بالمجاعة وكسر الحصار عن قطاع غزة الذي تفرضه قوات الاحتلال، وتنفيذ القرار (2720) بأسرع مايمكن، لوضع حد للمجاعة التي تنتشر في قطاع غزة.
وحمّلت في بيانها، حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن انتشار المجاعة في قطاع غزة، مؤكدةً أن المحتل يمعن في إبادة شعبنا، ليس فقط بالقصف الوحشي والتدمير والقتل والإعدام المباشر، وإنما أيضاً بالإبادة بالمجاعة.
عشرات الشهداء في قصف إسرائيلي على #غزة.. واعتقال 55 فسلطسينيًا بالضفة#فلسطين#اليومhttps://t.co/AkTc8zXh63— صحيفة اليوم (@alyaum) December 26, 2023الجوع في غزة
وأشارت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إلى أن إسرائيل هي دولة احتلال وحصار وفصل عنصري (أبرتهايد)، وهي المسؤولة أولاً وأخيراً عن جميع أشكال الإبادة التي ترتكبها بحق شعبنا بما فيها المجاعة.
واستندت في بيانها إلى التقارير الصادرة عن الجهات الدولية والأممية المتخصصة بقضية الغذاء والتغذية، حول النقص العام والحاد في الغذاء بقطاع غزة، وأن أكثر من نصف مليون شخص يتضورون جوعاً.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: واس رام الله فلسطين وزارة الخارجية الفلسطينية قطاع غزة غزة فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
فلسطين بين الاحتلال والاستيطان والإبادة الجماعية
في مقال نشرته مؤخرا مجلة فورين أفيرز (Foreign Affairs) الأمريكية لمجموعة من الكتاب والباحثين الغربيين، تناولوا فيه تحليل أهداف بنيامين نتنياهو من الحرب على غزة. والمقال بعنوان "هل يمكن الفوز بالحرب في غزة؟"، وشارك في تحريره كل من نورا عريقات وجوش بول وتشارلز بلاها ولويجي دانييل وجون سبنسر، ضمن مجموعة مقالات نشرت عن الحرب على غزة. والعجيب أن عنوانا فرعيا للمقال كان أكثر وضوحا، "لا يوجد انتصار في غزة"، وربما فضلت إدارة المجلة تصدير العنوان الأول خشية ردة الفعل من العنوان الثاني.. في هذا المقال تحدث الكتّاب عن هدف آخر للحرب يسعى بنيامين نتنياهو ورفاقه في الحكومة إلى تحقيقه، وهو الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة.
استعرض الكتّاب الأهداف التي أعلنها نتنياهو مع بداية الحرب وكلها أهداف لم تتحقق، وعلى رأسها إطلاق سراح الأسرى وهزيمة حماس، وبيّنوا أن كل ما تحقق هو أهداف تكتيكية لن تحقق السلام أو الاستقرار لدولة الكيان، لكنهم وبخبرة الباحثين المهرة أدركوا أن ما يدور لا علاقة له بتلك الأهداف المعلنة، لأنه وببساطة لو ركزت دولة الكيان على أي من تلك الأهداف لقامت بتركيز الجهد العسكري من أجل ذلك، عوضا عن استهداف المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء، ناهيك عن التدمير الشامل للمنشآت المدنية والحيوية الضرورية لحياة المدنيين.
والحقيقة أن المقال كاشف لحقيقة ما يجري في غزة والضفة منذ الاجتياح البري لغزة في نهاية العام الماضي، فتصريحات وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتيريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير وتصرفاتهما تسير في اتجاه التخلص من كل فلسطيني في الضفة، فالأول على سبيل المثال طالب بتطهير الأرض الفلسطينية من الفلسطينيين وإعادة توطين اليهود في تلك الأماكن، كما قام بن غفير بتسليح قطاع المستوطنين من أجل إرهاب الفلسطينين وإخراجهم من الضفة، وطالب بإعادة استيطان غزة واحتلالها. في نفس الوقت فإن نتنياهو نفسه أعلن أنه لا مكان لدولة فلسطينية في الأراضي المحتلة، كما أقر الكنيست في عام 2018 تشريعا ينص على أن اليهود فقط هم من يحق لهم تقرير المصير وليس أي شعب آخر، وهو تشريع يناقض قرارات الأمم المتحدة التي تنص على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وقد أعادت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرارا التأكيد على ذلك في قرارها الصادر في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
في خطوة أخرى قام الكنيست في 28 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بحظر وإغلاق مكاتب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بمعنى أن نتنياهو وحكومته وبرلمانه قرروا نسف حق اللاجئين في الرعاية والتشغيل لحين عودتهم؛ لأن نتنياهو لم يعد يعتبرهم لاجئين، وهذا هو أخطر ما في الموضوع ويعيد إلينا ذكريات التفاوض حول حق اللاجئين في العودة وتعويضهم، وهو حق منصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة (القرار 194)، وينص القرار على أنه "يجب أن يسمح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم بأن يفعلوا ذلك في أقرب وقت ممكن عمليا، وأن يدفع تعويض عن ممتلكات من يختارون عدم العودة وعن الخسائر أو الأضرار التي تلحق بالممتكلات بموجب مبادئ القانون الدولي أو الإنصاف الدولي، ينبغي أن تنفذها الحكومات أو السلطات المسؤولة".
المسألة لم تتوقف عند القتل والدمار الشامل، بل رافقت هذه الحرب عدة خطوات تشريعية كما ذكرنا لتحويل الموضوع من حرب على شعب احتُلت أرضه إلى حرب على تنظيمات مقاومة يسمونها تخريبية، وبذلك ترغب دولة الاحتلال في تصفية نهائية للقضية، وإذا لم يكن بمقدورها تهجير جميع الفلسطينيين فإنها تسعى إلى قتل وإبادة أكبر عدد منهم بالآلة العسكرية الهمجية والتجويع والحصار، كما ذكرت اللجنة الخاصة للأمم المتحدة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية في تقرير نشر يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وجاء فيه أن "حرب إسرائيل في غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحة والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدا على الفلسطينيين هناك". وقال التقرير في فقرة أخرى: "منذ بداية الحرب دعم مسؤلون إسرائيليون علنا سياسات لسلب الفلسطينيين من الضرورات الأساسية لاستمرار الحياة من الغذاء والماء والوقود، هذه التصريحات مع التدخل المنهجي وغير القانوني في المساعدات الإنسانية تجعل نية إسرائيل واضحة في استغلال الإمدادات المنقذة للحياة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية".
لم تتغير سياسة الكيان الصهيوني منذ إنشائه وحتى اليوم رغم الحروب المتعددة التي شنها على الفلسطينين ورغم الدمار الشامل التي تحدثه تلك الحروب، فدولة الكيان لا تزال تسعى من أجل تحقيق هدف بعيد وهو إخضاع الإرادة الفلسطينية بكافة الطرق والسبل غير المشروعة، وهذا هدف مستحيل في ظل الصمود الفلسطيني التاريخي
ورغم إدانة الأمم المتحدة لسياسات التجويع والحصار ووصفها بأنها إبادة جماعية، فإن الولايات المتحدة وعبر وزير خارجيتها الصهيوني أنتوني بلينكن تزعم أنها لم تر ما يثبت أن هناك إبادة جماعية، إذ يبدو أنها تريد القول بأنه كيف تكون هناك إبادة جماعية ونحن نشاهد المئات من الفلسطينيين يوميا على الشاشات وهم أحياء، صحيح أنهم يعانون ولكنهم لا زالوا أحياء يمشون على الأرض! فالإبادة في عرف الصهاينة أمريكيين كانوا أو إسرائيليين أو حتى عربا؛ هي التخلص من آخر فلسطيني يعيش على أرض فلسطين.
لقد أسقط الاحتلال على غزة 25 ألف طن من المتفجرات بما يعادل قنبلتين نوويتين، فهل كانت هذه القنابل من أجل تدمير قوة المقاومة أم من أجل محو أحياء بكاملها من فوق الخريطة، وقتل عشرات الألوف من الأبرياء ودفعهم لترك بيوتهم وممتلكاتهم حتى يأتي صهيوني أو يهودي من أقصى بلاد أوروبا وأمريكا ليسكن فيها، بحجة أن هذا هو الحق الإلهي الذي جاء ذكره في التوراة وفي العهود القديمة؟
لقد تم تدمير المستشفيات والمدارس والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس وحتى الأثار التاريخية تم تدمير ما يقارب 206 مواقع أثرية وتراثية من بين 325 موقعا وأثرا تاريخيا في غزة، فهل هذه حرب احتلال أم إبادة جماعية وتهجير وإعادة رسم الخريطة البشرية في فلسطين من جديد؟
لم تتغير سياسة الكيان الصهيوني منذ إنشائه وحتى اليوم رغم الحروب المتعددة التي شنها على الفلسطينين ورغم الدمار الشامل التي تحدثه تلك الحروب، فدولة الكيان لا تزال تسعى من أجل تحقيق هدف بعيد وهو إخضاع الإرادة الفلسطينية بكافة الطرق والسبل غير المشروعة، وهذا هدف مستحيل في ظل الصمود الفلسطيني التاريخي وعبر العصور. وإذا كان زعماء هذه الدولة يؤمنون بأنه لا وجود لدولة فلسطينية بجوار دولة اليهود فإن الارادة الفلسطينية الصلبة تقف حجر عثرة في طريق تحقيق ذلك الأمر، لا بل إن الفلسطينيين يؤمنون بعكس ما يحلم به الصهاينة وهو أنه لا حق لدولة يهودية على أرض فلسطين.