تمدد الدعم السريع في الجزيرة يلقي بظلاله على المناقل وأريافها
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
ألقى تمدد قوات الدعم السريع في مناطق ولاية الجزيرة- وسط السودان، بظلال سالبة على العديد من المناطق وأثر على حركة الأسواق والسلع والأدوية، فضلاً عن حالة الترقب والخوف.
المناقل: التغيير
يعيش مواطنو مدينة المناقل وأريافها بولاية الجزيرة- وسط السودان، حالة من الهدوء الحذر خوفاً من توغل قوات مليشيا الدعم السريع إلى مناطقهم.
وبعد سيطرة القوات على معظم أنحاء الولاية بدءاً بحاضرتها ود مدني تضاءلت الخدمات في المناقل وضواحيها إثر إغلاق سوق المدينة الكبير.
شح الأدوية والسلعونقل التجار بضائعهم إلى المنازل والقرى المجاورة، في وقت تعمل فيه الأسواق الفرعية الصغيرة في الأرياف على استحياء.
وعلى الرغم من عدم إغلاق المشافي إلا أن بعضها فقد كادره الطبي والصحي وانعدمت بعض الأدوية.
وأغلقت صيدليات سوق المناقل وشارع الدكاترة خوفاً من عمليات نهب وتخريب محتملة للأدوية، ويعاني أصحاب الأمراض المزمنة من شح الأدوية والمستلزمات الطبية حتى قبل دخول قوات الدعم السريع للجزيرة.
وبعد سيطرة الدعم السريع على الولاية أصبح الحصول على الأدوية صعباً للغاية بعد أن كانت تجلب من مدينة ود مدني.
كذلك، انعدمت بعض السلع الاستراتيجية وقل وجود البعض الآخر وارتفعت الأسعار مع إغلاق الأسواق وتوقف الإنتاج.
بعض محطات الوقود ما زالت تعمل في مدينة المناقل مع توفر الجازولين والبنزين في المدينة فقط، أما الارياف فقد انعدم فيها الوقود وبلغ سعر جالون البنزين في السوق السوداء 100.000 جنيه سوداني (حوالي 100 دولار امريكي).
وعلى امتداد مدينة المناقل وضواحيها أصبح سوق منطقة القرشي هو السوق الوحيد الكبير الذي يعمل أما سوق العزازي فخلا من الحركة والمواطنين بعد أن قام التجار بترحيل بضائعهم، وأصبحت بيوت بعض التجار في القرى اسواقاً صغيرة للبيع للمواطنين داخل القرية.
مستشفى المناقل ارتفاع الأسعاروشهدت الأسعار زيادات هائلة حيث وصل سعر جوال الذرهة إلى 70.000 جنيه سوداني (حوالي 70 دولاراً).
وزاد ارتفاع أسعار الذرة معاناة المواطنين الذين يعتمدون عليه بصورة مباشرة، وفاقمت الزيادة من الأوضاع الاقتصادية الحرجة مع التضاعف السعر.
وبلغ سعر جوال القمح 65.000 جنيه، في وقت شح فيه البصل الذي يباع بما يعادل دولاراً واحداً كأقل قيمة للشراء مقابل ثلاث حبات فقط من البصل.
وقفز سعر السكر إلى 120.000 جنيه للجوال زنة 50 كيلو جرام ليصل إلى الضف بعد أن كان يباع بستين ألفاً أو يزيد بقليل.
وما زالت قطوعات الكهرباء تؤرق مضاجع المواطنين مع معاناة من ضعف شديد في شبكات الاتصال والانترنت.
جنون التجار
وفي حديثه لـ(التغيير)، وصف المواطن (م. ع) ما حدث من غلاء في الأسعار بأنه غير مبرر. وقال: بعد ما حدث في مدني اعتقدنا أن التجار سيتعظون لكنهم زادوا (جنوناً).
واضاف: سيطرة الدعم السريع ألقت بظلالها على المناقل ونعيش في حالة خوف.
وزاد بالقول: حالياً الوضع لا بأس به والأمور جيدة ما عدا ما حدث من تجار الأزمات في المنطقة.
الوسومالأدوية الأسواق السودان المناقل قوات الدعم السريع ود مدني ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأدوية الأسواق السودان المناقل قوات الدعم السريع ود مدني ولاية الجزيرة الدعم السریع 000 جنیه
إقرأ أيضاً:
خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
مدخل:
خرج علينا السياسي خالد عمر يوسف “خالد سلك” بتصريح أدان فيه مجزرة صالحة، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين العزل، محمّلًا المسئولية لما أسماه “عناصر” من قوات الدعم السريع.
ورغم أن الإدانة في ظاهرها تبدو موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا، إلا أن التدقيق في مضمونها وتوقيتها يكشف عن محاولة مقصودة لابعاد المسئولية، وفصل الجريمة عن المؤسسة الرسمية للدعم السريع.
متن:
أولًا: التفريق بين “العناصر” والمؤسسة
باستخدامه لمصطلح “عناصر”، يحاول خالد سلك إحداث فصل ذهني بين قوات الدعم السريع كمؤسسة، وبين بعض أفراده الذين ارتكبوا المجزرة. هذه الصياغة تسعى لتمرير فكرة أن الجريمة ليست سياسة معتمدة أو ممارسة ممنهجة، بل هي “تصرفات فردية” خرجت عن السيطرة.
وهذا بالضبط ما تحتاجه أي مؤسسة عسكرية تواجه تهم ارتكاب جرائم حرب: أن يتم تقديم جرائمها على أنها تصرفات معزولة لأفراد، لا قرارات صادرة عن قيادة وأوامر منظمة.
ثانيًا: تبييض الدعم السريع دوليًا ومحليًا
في ظل الاتهامات الدولية المتزايدة ضد قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، فإن تبرئة الكيان الرسمي، وحصر المسئولية في بعض “العناصر”، يمثل طوق نجاة سياسي تحتاجه قيادات الدعم السريع بشدة.
خالد سلك، عبر هذا الخطاب، يقدم دعمًا موضوعيًا لهذه المحاولة، سواء عن قصد أو عن جهل بتبعات تصريحه.
ثالثًا: السياق السياسي وراء التصريح
لا يمكن قراءة موقف خالد سلك بمعزل عن التوجهات الأخيرة لبعض التيارات السياسية المرتبطة بالحرية والتغيير (قحت)، والتي تبحث عن “تسوية جديدة” في السودان.
ضمن هذه التسوية، يصبح من الضروري تهيئة الأرضية لعفو مشروط عن قوات الدعم السريع أو إدماجها مستقبلاً في المشهد السياسي والعسكري، مقابل ضمانات معينة.
وبالتالي، فإن تصريح سلك قد يكون جزءًا من محاولات إعادة تأهيل الدعم السريع وإزالة صفة “المليشيا المجرمة” عنه، تمهيدًا لاستيعابه في ترتيبات ما بعد الحرب.
رابعًا: خطورة هذا الطرح
محاولة خالد سلك لفصل الدعم السريع عن جرائمه ليست مجرد سقطة لفظية، بل تحمل خطورة سياسية وأخلاقية بالغة:
فهي تضعف جهود توثيق الجرائم،
وتمهد للإفلات من العقاب،
وتبعث برسائل خاطئة للضحايا بأن العدالة ستُضَحى بها لصالح تسويات سياسية رخيصة.
كما أنها تعيد إنتاج منطق “الجرائم الفردية” الذي طالما استخدمته أنظمة القمع لتبرئة نفسها عبر التاريخ.
خامسًا: لماذا يجب تحميل الدعم السريع كمؤسسة المسئولية؟
قوات الدعم السريع ليست تجمعًا عشوائيًا من الأفراد، بل هي قوة شبه نظامية تتبع تسلسلًا قياديًا واضحًا، وتخضع لأوامر مركزية من قادتها.
ما حدث في صالحة – كما في غيرها من الجرائم – ليس سلوكًا فرديًا شاذًا، بل جزء من نمط ممنهج من الانتهاكات، ينفذه أفراد بتوجيهات واضحة، أو في مناخ يسمح ويشجع على ارتكاب مثل هذه الفظائع.
مخرج:
تصريحات خالد سلك بشأن مجزرة صالحة تمثل انزلاقًا خطيرًا نحو تبييض صفحة واحدة من أبشع المليشيات التي عرفها السودان.
تاريخ الشعوب التي خرجت من الحروب الأهلية يعلمنا أن العدالة الحقيقية لا تتحقق عبر مساومات سياسية رخيصة، بل عبر محاسبة المجرمين كمؤسسات، لا كأفراد تائهين.
إن محاولة تبرئة ساحة الدعم السريع من مسئوليته الجماعية عن المجازر، لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج المأساة بأشكال أخرى، وستكون خيانة لدماء الضحايا، ولحلم السودانيين بدولة القانون والعدالة.
خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
وليد محمدالمبارك احمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب