أكدن أهمية تغريم ناشريه.. مختصات لـ(البلاد): «المحتوى المسيء».. سرطان في المجتمع
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
جدة – ياسر خليل
أكدت أخصائيات اجتماعيات لـ”البلاد”، أن المجتمع خط أحمر وأي تجاوز في بث محتوى مسيء، لابد أن ينال صاحبه أقصى العقوبات؛ حتى تكون رادعة لهم ولكل من يحاول الإساءة، وذلك تعقيباً على قيام الهيئة العامة لتنظيم الإعلام موخراً بتغريم أحد مشاهير التواصل الاجتماعي مبلغ 200 ألف ريال، بسبب مخالفته أنظمة ولوائح النشر، وقيامه بتكرار بث محتوى مسيء للمرأة وترابط الأسرة.
وتقول الأخصائية الاجتماعية يارا مختار: “العقوبات طبعاً لها تأثير فردي و اجتماعي، وتشكل من أسباب الردع والتخويف والتحذير والتأديب، كما تعتبر العقوبات والغرامات طريقة لتأديب الأفراد المخالفين والمسيئين الذين يتعدون حدودهم ومحتوياتهم اللااخلاقية وغير اللائقة سواء كان المحتوى غير لائق لفظياً أو قانونياً أو جنسياً أو تحيزًا لجنس بذاته أو عنصرية لبلد ما أو مذهب أو إعراق أو تطرف فكري أو ديني، فأي شيء يسيئ لجنس أو فكرة بذاتها؛ كحقوق المرأة أو قضيتها أو هويتها أو قوانينها أو شرفها وأخلاقها والقذف فيها ، فهنا يطبق على المسيئين المخالفة ويلزم بالعقوبة حتى لا تتكرر هذه الظاهرة”.
وشددت على أهمية الوعي المجتمعي، حيث يعزز الوعي القيم بمفاهيمها ومعاييرها الأخلاقية التي تساعد المجتمع على الإرتقاء والتطور والتحلي بالصفات الحميدة وتعزيز روح التعاون والإخاء والمشاركة والتجانس بروح واحدة دون تأثير سلبي على الأفراد والمجتمعات، التي تساهم في تعزيز أواصر الأسرة وترابطها وتعزيز قيمها ومفهوميتها وآثارها النفسية والعاطفية والتربوية والفكرية والمجتمعية؛ حيث تعد الأسرة النواة الأولى للمجتمع وهي قضيَّة الأسرة، فهي قضيّة تفاعل إنساني والأسرة هي الدائرة الأولى التي نتعلم فيها الحياة، ونتعلّم فيها بداياتها، ونحن نعيش في داخل وجودنا الطاقات التي تتهيّأ لتتحرك وتنظّم واقعها لدى موضوع الأسرة حساس وعميق على الأفراد ومجتمعاتنا وهي قطرة من بحر.
واختتمت يارا حديثها بالقول: “يستوجب الإدراك بمدى تأثير الكلمة والمحتوى والصوت والرسالة التي نرسلها للعالم الواقعي والافتراضي، ومدى تأثيرها على المجتمع الواحد سلبياً أو إيجابياً وأن من زرع حصد، فحصد آثار ثماره الناضجة أو الفاسدة، وأن كل ساق سيسقى بما سقى، فلابد أن يحسن مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي محتواهم الذي يبثونه، ويتركون صوتاً بصداه الإيجابي وبصمتهم أثرًا جميلاً”.
من جانبها، تقول الأخصائية الاجتماعية نوران خالد: “هناك إجراءات عدة تساعد في الحفاظ على نوعية المحتوى وكيفية تقديمه للمجتمع وأفراده بطريقه سليمة؛ تتصدرها تشديد الرقابة الإعلامية ووضع حدود لاصحاب المحتويات بعدم نشر محتوى لا يتناسب مع اختصاصهم ، ووضع غرامات لمن ينشر محتوى غير صحي وسليم للأسرة وأفرادها جميعًا، بجانب نشر التوعية والتثقيف للمجتمع في نوعية الأفكار والطرح، أيضًا دعم وسائل الإعلام التي تنشر محتوى هادفًا وملهمًا من خلال البرامج والأفلام والموسيقى، التي تعكس القيم والمبادئ الإيجابية الصحية لبناء مجتمع سليم”.
ودعت نوران إلى التركيز على النماذج الملهمة والإيجابية الناجحة في المجتمع وتشجيعها وتسليط الضوء عليها، بدلاً من تركيزنا على مثل النوعيات المسيئة، بالإضافة إلى ذلك لابد أن نركز على الشخصيات الشابة التي ظهرت على الساحة مؤخراً وندعمهم في النشر، والذين ساهموا بإضافة للمجتمع في مجالات عدة؛ كالصحة أو الفن أو التكنولوجيا والأدب ودعمه وتعزيزه في المجتمع.
من جانبها، تؤكد الأخصائية الاجتماعية غالية الزهراني، أن العقوبات المالية هي أحد الأدوات التي يمكن استخدامها للحد من مشكلة المحتويات المسيئة، ولكنها ليست الأداة الوحيدة أو الأكثر فعالية، فهناك عوامل أخرى يجب مراعاتها، مثل: وعي المستخدمين بمخاطر المحتويات المسيئة؛ إذ يجب توعية المستخدمين بمخاطر المحتويات المسيئة، وكيفية التعرف عليها، وكيفية التعامل معها، وأيضاً هناك دور حيوي ومهم للمنصات الرقمية، فيجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها في الحد من انتشار المحتويات المسيئة، من خلال تطوير سياسات وإجراءات صارمة لمكافحة هذه المحتويات، وبجانب ذلك هناك دور للمجتمع المدني؛ إذ يجب على المجتمع المدني أن يلعب دوره في التوعية بمخاطر المحتويات المسيئة، ودعم جهود الحد منها.
ولفتت غالية إلى أن العقوبة المالية وحدها لن تكون كافية للحد من المشكلة، حيث يجب أن ترافقها إجراءات أخرى، مثل: إغلاق الحساب الذي يبث المحتويات المسيئة، ونشر بيان إعلامي يوضح أسباب العقوبة، ومخاطبة المنصة الرقمية التي يبث عليها المحتويات المسيئة، لاتخاذ إجراءات مماثلة. وخلصت غالية إلى القول: “هناك العديد من الحلول الأخرى التي يمكن تطبيقها للحد من مشكلة المحتويات المسيئة، منها: تطوير أدوات تقنية لاكتشاف المحتويات المسيئة، وحظرها تلقائيًا، وتعزيز دور الرقابة البشرية على المحتويات المنشورة على المنصات الرقمية، وزيادة التوعية بمخاطر المحتويات المسيئة، من خلال حملات إعلامية هادفة، فجميع هذه الحلول يمكن أن تساهم في الحد من مشكلة المحتويات المسيئة، ولكن يجب أن يتم تطبيقها بشكل متكامل، وأن يتم التنسيق بين الجهات المعنية، مثل: الهيئة العامة لتنظيم الإعلام، ووزارة الإعلام، ووزارة الداخلية، والمؤسسات التعليمية، والمجتمع المدني”.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
دور الإعلام في حماية الأطفال من المحتوى الضار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في عصر التكنولوجيا المتسارعة، لم يعد الأطفال مجرد مستقبلين عابرين للمحتوى الإعلامي، بل أصبحوا مستخدمين دائمين للمنصات الرقمية ومستهلكين نشطين لمحتوى لا ينتهي من الفيديوهات، الصور، الأخبار، الألعاب، وغيرها. ومع هذا الانفتاح الكبير تزايدت المخاطر التي قد يتعرض لها الطفل من خلال المحتوى الضار، سواء كان مرئيًا أو مكتوبًا أو حتى ضمنيًّا. ومن هنا، يظهر بوضوح الدور المحوري الذي يجب أن يلعبه الإعلام في حماية الطفل وتحصينه معرفيًا ونفسيًا.
والمحتوى الضار لا يقتصر فقط على الصور العنيفة أو الألفاظ الخارجة أو المشاهد غير الأخلاقية، بل يمتد ليشمل أي مادة إعلامية تؤثر سلبًا على تطور الطفل، مثل الترويج للعنف أو التنمر، المعلومات المضللة أو المغلوطة، المحتوى الاستهلاكي الذي يغذي قيم الجشع والمظاهر، النماذج السلبية والقدوات الزائفة، الإعلانات غير المناسبة لأعمار الأطفال، والمحتوى الذي يثير القلق أو الخوف.
ومن هنا يمكن أن يتحول الإعلام من وسيلة ترفيه إلى أداة خطر حين ينفصل الإعلام عن المسؤولية الاجتماعية، ويتحوّل إلى مجرد وسيلة لتحقيق الأرباح وزيادة نسب المشاهدة على حساب المحتوى، فكثيرا من القنوات والصفحات الرقمية تعتمد على “التريند” و”المحتوى المثير” لجذب الانتباه، حتى وإن كان لا يناسب الأطفال. وفي ظل غياب رقابة فعلية من الأهل أو الجهات التنظيمية، يجد الطفل نفسه وسط كمٍّ هائل من المعلومات والصور دون أي فلترة أو توجيه، ومن هنا تجدر الاشارة لعدة نقاط تمثل دور الإعلام في الحماية الاطفال بداية من إنتاج محتوى إيجابي مخصص للأطفال يُراعي الخصائص النفسية والاجتماعية لعمرهم، ويُقدَّم بلغة مبسطة وأسلوب جذاب، مع تضمين رسائل تربوية وأخلاقية بصورة غير مباشرة، ايضا تعزيز مفهوم "التربية الإعلامية".
أي تعليم الطفل كيف يفرّق بين الخبر الحقيقي والمُلفق، وكيف يتعامل مع المحتوى بحذر، وهي مهارة لا تقل أهمية عن القراءة والكتابة في العصر الحديث، كذلك التعاون مع الجهات التربوية والأسرة، حيث أن الإعلام لا يعمل في فراغ، بل يجب أن يكون جزءًا من منظومة متكاملة تضم المدرسة، الأسرة، والخبراء النفسيين والاجتماعيين لضمان وصول الرسائل الصحيحة للطفل، بالإضافة إلى الابتعاد عن النماذج السلبية فيجب على الإعلام أن يقدّم قدوات حسنة للأطفال، بدلًا من الترويج لمشاهير لا يمتلكون أي قيمة حقيقية، ويتم تصديرهم كأبطال رغم كونهم نماذج سطحية أو مضللة، من جهة أخرى المساهمة في التوعية بالمخاطر الرقمية مثل الإدمان الرقمي، التنمر الإلكتروني، اختراق الخصوصية، وغيرها من الظواهر التي أصبحت تهدد المراهقين والأطفال على حد سواء.