صحيفة البلاد:
2024-11-15@18:32:03 GMT

انتظار ما لا يجيء

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

انتظار ما لا يجيء

من المسرحيات الهزلية الشهيرة التي ظهرت في منتصف القرن العشرين ، تلك التي تناول فيها الكاتب الإيرلندي صموئيل بيكيت ، الإنسان في حالة انتظار دائم لشخص لا يجيء أبداً.

الشخصيات الأربعة في المسرحية (فلاديمير واستراجون ولاكي وبوزو) ، تبقى طوال الوقت على خشبة المسرح تحت شجرة في انتظار شخص اسمه “غودو”.

يخلط بيكيت في مسرحية “في انتظار غودو” بين الكوميديا والتراجيديا في الوقت نفسه ، ويصدم القارئ في مواجهة السؤال الصعب طوال المسرحية التي تنتهي دون أن يصل البطل الرئيس وهو غودو.

في الواقع، الجمهور هو الذي ينتظر غودو بالفعل أن يظهر على خشبة المسرح وليست الشخصيات التي عاشت هذا الانتظار المرّ وهي تتبادل الأحاديث الفلسفية حول الزمن والخلود ومعنى الحياة.

نحن هنا أمام مستوييْن مركّبيْن حيث الأول يهتم بمحاولة هذه الشخصيات مناقشة المعنى ومحاولة الحصول عليه ، في الوقت الذي يتكشّف فيه للجمهور الذي يشاهد المسرحية المستوى الثاني المركّب أيضاً وهو أنه، أي الجمهور، أمام معضلة أخرى تتعلّق بالمعنى الذي لا يبدو أنه متاح لهذه الشخصيات البوهيمية التي تنتظر شخصاً لا يجيء أبداً.

الخواء في المعنى الذي يعيشه الإنسان الغربي، وهو الموضوع الرئيس في أدب القرن العشرين الحداثي، يتضح جليّاً في هذه المسرحية التي لم تخضع للأساليب التقليدية المعروفة في الحِبكة والانسجام السردي. تضاعف هذا الخواء وازداد في القرن الحادي والعشرين الذي نعيشه اليوم ، في الوقت الذي كان الإنسان ينتظر فيه التقدّم أن يجيب على كل الأسئلة الوجودية التي تضفي المعنى على حياته.

غياب المعنى أو محاولة الحصول عليه، كما في هذه المسرحية الحداثية، أو تعدّده كما في فلسفة ما بعد الحداثة، قد يعني إلغاءه أو تشظّيه أو اغتياله مجازياً، وبالتالي الوصول إلى نفس الموقف الذي عاشه أبطال هذه المسرحية الهزلية،الذين لا نعرف سماتهم وسبب انتظارهم وحواراتهم غير المكتملة والمكررة، أي الخواء الحرفي والمجازي.

أتاحت التقنية بأعراضها الجانبية السلبية هذا التعدّد في المعنى الذي ينتشر عبر شبكات العزل الاجتماعي المتعددة مثل سناب شات وتويتر وتيك توك والقائمة تطول، فأصبح الإنسان يرى الجيد والرديء والغثّ والسمين وما بينهما ، دون أن يكون لديه الوقاية الأخلاقية التي تساعده على الحكم والتقويم الجيّد للرؤى المطروحة أمامه.

لا شك أن هذا التعدّد سمة واضحة لعصر ما بعد الحداثة الذي رأينا فيه كيف تحوّل الإنسان في العالم الغربي ، والذي يفترض أن يكون مخلوقاً من ذكر وأنثى، إلى مسخ بظهور أجناس متفرقة بينهما.

لم يقف الأمر عند هذا ، بل ومن نكد الدنيا على الإنسان السوي ، أن يرى الغرب وهو يحاول ترّويج هذا الخواء في المعنى وفرضه والدفاع عنه ووصف من يقف ضدّه بالتطرف والعنصرية.

الحياة كما يراها الإنسان الغربي، كما هي في المسرحية أعلاه، بلا معنى ولا أمل في انتظار ما لا يجيء.

khaledalawadh @

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: فی المعنى

إقرأ أيضاً:

بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير

المواطنون الكرام سيذيع عليكم الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادي بيانا هاماً فترقبوه.
بيان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان:
“إلى جماهير الشعب السوداني الصابر الصامد والواقف على ثغور البلاد بسواعده ودمه وابنائه تضحياته التي أذهلت العالم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته قال تعالى: هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين* ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” صدق الله العظيم.
إنها كلمات مختصرة ومفردات تعد على الأصابع الممسكة بالسلاح والقابضة على الزناد، كلمات في وجة العاصفة والكلام في وجة العواصف أصدق ما فيه ما قل ودل.
لقد ظلت قواتكم المسلحة وكل المنظومة العسكرية والأمنية تقدم الغالي والنفيس في معارك الشرف والعزة والبطولة والكرامة والتضحيات، ما لانت لهم يوماً قناة ولا توارت صدوهم العارية عن المواجهة، ومن على الميمنة والميسرة منهم وقفت قوات الإسناد والمستنفرين والمقاومة الشعبية رابضون كالليوث وصامدون كالجبال الراسيات، ولأن المرحلة القادمة هي مرحلة التحرير والتغيير والتعمير فهي بهذه الشعارات ستكون وتظل معركة الشعب كله بكل قبائله وفئاته وقواعده وقواه الحية من الجنينة غربا إلى طوكر شرقاً ومن حلفا شمالاً إلى الرنك جنوباً.
معركة لا تستثني أحداً ولم ولن يتخلف عنها أحد، إنها النفرة العظمى التي تنتظر الجميع البندقية على الأكتاف والأنفس على الأكف حتى نطهر أرضنا شبراً شبراً من عصابات المرتزقة والقتلة واللصوص. معركة ليس فيها هدنة ولا استراحة محارب حتى نعيد الأرض خالصة للنماء والأنهار صافية بالقراح والجماهير موشحة بالكفاح، ومنذ اليوم سيكون كلما نملك مشاعاً للمعركة، لا ثروة لأحد إلا بعد الانتصار ولا ابناء لأحد إلا بعد الجلاء، ولا وقت لأحد إلا بعد الاستقلال الذي عرفه رافع رايته الأولى “مثل صحن الصيني لا فيهو شق لا فيهو طق”.
موائدنا منذ اليوم هي موائد الأشعريين في باحات المساجد وقارعة الطريق، نتساوى في الفقر قبل أن نتساوى في الغنى، ونتساوي في الجراح قبل أن نتساوى في المجد. فانفروا خفافاً وثقالاً فإن كل شعوب العالم الحر وقوى الخير والسلام تنتظر بفارغ الصبر انتصاركم الباهر والمزلزل على قوى الظلام والارهاب والضلالة والردة.
وستبقي رايتنا القادمة في يد الشباب الناهض الذي سيبني سودان الكفاية والعدل والعلم والايمان، السودان الذي سيشرف الانسانية جمعاء باعلان الولايات المتحدة السودانية
شباب لم تحطمه الليالي
ولم يسلم إلى الخصم العرينا
ولم تشهدهم الساحات يوما
وقد ملؤوا نواديهم مجونا
فما عرفوا التهتك في بنات
ولا عرفوا التخنث في بنينا
الله اكبر والعزة للسودان
الجندي/ عبدالفتاح عبدالرحمن البرهان.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بشأن جورج عبدالله.. ما الذي قرّرته محكمة فرنسيّة؟
  • الأحد.. عودة الدراسة.. و4 إجازات في انتظار الطلاب
  • بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير
  • أحمد عز: فيلم "ولاد رزق" لم يكن لي.. وهذه الشخصيات التي أتمنى تقديمها
  • جرائم لا تنسى.. اغتيالات استهدفت الشخصيات العامة على يد الجماعة الإرهابية
  • جرائم لا تنسى.. اغتيالات استهدفت الشخصيات العامة على يد جماعة الإخوان الإرهابية
  • تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟
  • محافظة الجيزة: رفع 280 طن مخلفات من قطعة أرض وتحويلها لساحة انتظار سيارات
  • في يوم اللطف العالمي.. قائمة الشخصيات الملكية الأكثر لطافة في العالم
  • ما الذي نعرفه عن المقاتلات الأمريكية التي تقصف الحوثيين لأول مرة؟