من المسرحيات الهزلية الشهيرة التي ظهرت في منتصف القرن العشرين ، تلك التي تناول فيها الكاتب الإيرلندي صموئيل بيكيت ، الإنسان في حالة انتظار دائم لشخص لا يجيء أبداً.
الشخصيات الأربعة في المسرحية (فلاديمير واستراجون ولاكي وبوزو) ، تبقى طوال الوقت على خشبة المسرح تحت شجرة في انتظار شخص اسمه “غودو”.
يخلط بيكيت في مسرحية “في انتظار غودو” بين الكوميديا والتراجيديا في الوقت نفسه ، ويصدم القارئ في مواجهة السؤال الصعب طوال المسرحية التي تنتهي دون أن يصل البطل الرئيس وهو غودو.
في الواقع، الجمهور هو الذي ينتظر غودو بالفعل أن يظهر على خشبة المسرح وليست الشخصيات التي عاشت هذا الانتظار المرّ وهي تتبادل الأحاديث الفلسفية حول الزمن والخلود ومعنى الحياة.
نحن هنا أمام مستوييْن مركّبيْن حيث الأول يهتم بمحاولة هذه الشخصيات مناقشة المعنى ومحاولة الحصول عليه ، في الوقت الذي يتكشّف فيه للجمهور الذي يشاهد المسرحية المستوى الثاني المركّب أيضاً وهو أنه، أي الجمهور، أمام معضلة أخرى تتعلّق بالمعنى الذي لا يبدو أنه متاح لهذه الشخصيات البوهيمية التي تنتظر شخصاً لا يجيء أبداً.
الخواء في المعنى الذي يعيشه الإنسان الغربي، وهو الموضوع الرئيس في أدب القرن العشرين الحداثي، يتضح جليّاً في هذه المسرحية التي لم تخضع للأساليب التقليدية المعروفة في الحِبكة والانسجام السردي. تضاعف هذا الخواء وازداد في القرن الحادي والعشرين الذي نعيشه اليوم ، في الوقت الذي كان الإنسان ينتظر فيه التقدّم أن يجيب على كل الأسئلة الوجودية التي تضفي المعنى على حياته.
غياب المعنى أو محاولة الحصول عليه، كما في هذه المسرحية الحداثية، أو تعدّده كما في فلسفة ما بعد الحداثة، قد يعني إلغاءه أو تشظّيه أو اغتياله مجازياً، وبالتالي الوصول إلى نفس الموقف الذي عاشه أبطال هذه المسرحية الهزلية،الذين لا نعرف سماتهم وسبب انتظارهم وحواراتهم غير المكتملة والمكررة، أي الخواء الحرفي والمجازي.
أتاحت التقنية بأعراضها الجانبية السلبية هذا التعدّد في المعنى الذي ينتشر عبر شبكات العزل الاجتماعي المتعددة مثل سناب شات وتويتر وتيك توك والقائمة تطول، فأصبح الإنسان يرى الجيد والرديء والغثّ والسمين وما بينهما ، دون أن يكون لديه الوقاية الأخلاقية التي تساعده على الحكم والتقويم الجيّد للرؤى المطروحة أمامه.
لا شك أن هذا التعدّد سمة واضحة لعصر ما بعد الحداثة الذي رأينا فيه كيف تحوّل الإنسان في العالم الغربي ، والذي يفترض أن يكون مخلوقاً من ذكر وأنثى، إلى مسخ بظهور أجناس متفرقة بينهما.
لم يقف الأمر عند هذا ، بل ومن نكد الدنيا على الإنسان السوي ، أن يرى الغرب وهو يحاول ترّويج هذا الخواء في المعنى وفرضه والدفاع عنه ووصف من يقف ضدّه بالتطرف والعنصرية.
الحياة كما يراها الإنسان الغربي، كما هي في المسرحية أعلاه، بلا معنى ولا أمل في انتظار ما لا يجيء.
khaledalawadh @
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی المعنى
إقرأ أيضاً:
%53 انخفاضًا في قوائم انتظار العمليات الجراحية بمستشفيات الأحساء
حقق تجمع الأحساء الصحي قفزة نوعية في تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، مسجلًا انخفاضًا ملحوظًا في قوائم انتظار العمليات الجراحية بنسبة 53% مع نهاية عام 2024م مقارنة بعام 2023م.
وذكرت إدارة التجمع أن هذا الإنجاز يأتي ثمرةً لجهود التجمع في إطلاق مبادرات ومشاريع تحسينية وعلاجية شاملة خلال العام الماضي، هدفت إلى الارتقاء بمستوى الخدمات وتسهيل الوصول إليها، وتحسين مؤشرات الأداء، وتعزيز التواصل والتعاون بين كافة المنشآت الصحية.
أخبار متعلقة الإسفلت والحواجز وفواصل التمدد.. إنجاز أعمال تأهيل طرق وجسور الشرقية33 مليون مسافر.. أمير الشرقية يثمن جهود جسر الملك فهد بعد تحقيق رقم قياسيوركزت الخطط التحسينية على تحسين مسارات وسياسات الخدمات الجراحية من خلال التوسع في غرف العمليات وإعادة توزيع الخدمة، الأمر الذي ساهم في زيادة فعاليتها وتقليل فترات انتظار العمليات.تجمع الأحساء الصحيوأشارت الإدارة إلى أنه بفضل هذه الجهود، انخفضت مدة انتظار المريض للعملية إلى 13 يومًا مقابل 17 يومًا في السابق، وانخفض معدل إلغاء العمليات إلى 1,5% مقابل 5% في العام السابق، مما يعكس الاستعداد الأمثل والكفاءة العالية في تقديم الخدمات الجراحية.
وأكد تجمع الأحساء الصحي التزامه بمواصلة جهوده لتحسين جودة الخدمات الصحية وتقديم الرعاية الطبية بأعلى معايير الجودة والكفاءة، سعياً لتحقيق رضا المرضى وتلبية احتياجاتهم الصحية.