من ملاحظة هيرودوت، يمكننا القول بأنه إذا أتيح لأي شخص فرصة الاختيار بين مجموعة المعتقدات التي يعتقد بأنها الأفضل، فإنه سيختار مجموعة المعتقدات التي يعتقد بأنها الأنسب له، فقد قطعت النسبية الأخلاقية شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين ،حيث شهد القرن العشرين والثورة الصناعية، جنباً إلى جنب مع العولمة المتنامية صعوداً ،فالفلاسفة الأخلاقيون كفرانز بواس وروث بنديكت، ألهموا واستلهموا أعمال علماء الأنثروبولوجيا الثقافية مثل مارغريت ميد، وساهموا بمجال النسبية الأخلاقية ووضعوا أعمال تشرح ضرورة السياق الثقافي والتاريخي والمجتمعي لتقييم ما إذا كانت المبادئ الأخلاقية والسلوكيات المعينة جيّدة للبشر أم سيئة.
هناك العدمية الأخلاقية ،وهي اعتقاد أن المبادئ الأخلاقية لا يمكن تصنيفها على أنها جيدة أو سيئة، لأن جميع مبادئ الجسم أو القرارات المتعلقة بالسلوك غامضة وبدون تعريف أو إحساس بالالتزام الأخلاقي، وهي ذات جذور من المتشكِّكين باليونان القديمة، من الذين أيد فلاسفتهم الأخلاقيون أن المعرفة الحقيقية من المستحيل معرفتها ،وهو ما يترتب عليه أنه لا يمكن تعريف السلوك الأخلاقي أو المعنوي الصحيح حقًا للبشر، وظلت العدمية الأخلاقية يدافع عنها بعض الفلاسفة كفريدريش نيتشه وألبرت كامو وكثيرون حيث زعموا أنه لا يوجد التزام أخلاقي تجاه الآخرين بمجتمعهم ،وإن فكرة البحث عن تعريف مبدأي صحيح، هو بالأساس أمر عقيم ، فالفكرة الشاملة القائلة بأنه لا يوجد شيء حقيقي أو منظَّم بشكل موضوعي في العالم تؤدي إلى استنتاج مفاده أن الأخلاق لا يمكن أن تكون صحيحة أو منظمة، قد يبدو ظاهر الأمر محبطًا، إلا أن كامو كتب عن نوع من الحرية التي تأتي مع قبولها في مقالته أسطورة سيزيف، حيث حيث قال أنه حتى الشخص الذي يعيش حياة خالية من التقدم أو المعنى الملحوظ ، يمكن أن يكون سعيدًا بالسعي لخلق معناه من خلال ذلك.
هناك الكثير من الأفكار المتنافسة والمتناقضة بين فلاسفة الأخلاق فيما يتعلق بالتعريف الصحيح للمبادئ الأخلاقية والخطأ والصواب ،ويجب على كل شخص أن يختار لنفسه تعريف المبادئ الذي سيلتزم بها بحسب مجتمعه ، لأن الإحساس الأخلاقي بالصواب والخطأ ،يجعل البشر يتماثلون مع مبدأ أخلاقي واحد واضح يرتكز عليه السلوك، فالشخص الذي يؤمن ويلتزم بما يعتبره معيارًا أخلاقيًا عالميًا ،قد لا يتقبَّل هذا التعريف للمبادئ الأخلاقية مع عائلته لأنه يدرك التزامه الأخلاقي سواء كان مطلقًا أو حتي غير موجود، فمن المستحيل تحديد تعريف واحد صحيح للمبدأ الأخلاقي، والمغزى من ذلك هو أن مبادئنا الأخلاقية تحدّد كيفية تصرفنا تجاه أنفسنا والآخرين، فمن المهم أن يعيش الإنسان مع نفسه ومع الآخرين في وئام فنحن بحاجة لاستكشاف مبادئ الأخلاق ،وهذه الطريقة ستجعلنا قادرين على تحديد وشرح كيف ولماذا نتصرف بهذه الطريقة ،وستؤدي إلى فهم مبادئ الأخلاق والتعبير، وفهم أفضل لأنفسنا وسلوكياتنا ، وفهم الآخرين وسلوكهم.
وبشكل عام سيسمح وجود أساس قوي في المبادئ الأخلاقية للبشر، بأن يعيشوا حياتهم كأشخاص صالحين.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
إياد نصار لـ«حبر سري»: تعرضت لمحاولة تجنيد بسبب التزامي الديني.. وسؤالي المستمر أنقذني
أكد الفنان إياد نصار، أنه تعرض لمحاولة تجنيده خلال فترة التزامه دينيا بشكل كبير، موضحا أن سؤاله المتكرر هو سبب خروجه من هذه الجماعة وهم لا يريدون ذلك، قائلًا: «أنا كنت بسأل وعندي أسئلة يبقى مش دي الشخصية اللي عايزنها في الجماعات دي».
الأفكار الغريبةونوه «نصار»، خلال حواره مع الإعلامية أسما إبراهيم، ببرنامج «حبر سري»، المُذاع عبر شاشة «القاهرة والناس»، بأن الأفكار كانت غريبة جدًا وبها الكثير من الأمور، مؤكدًا أن هذه الجماعة كانت تضيف جانب الشر في حياة الأطفال والحكم على الناس والمجتمع وتصنيف المجتمعات.
وتابع: «أحب أن يكون ولادي ملتزمين دينيًا ولا يبعدون عن الصلاة ويلتزمون بالصلاة بشكل كبير، الأديان موجودة من أجل الأخلاق»، موضحًا أنه ليس هناك دين دعا للقتل والتطرف والإرهاب، مشددًا على أن انعكاس التدين الحقيقي على الأخلاق وليس على تصنيف الأخر، واصفًا هذا الأمر بـ «منطق شيطاني»، منوهًا بأن التدين هو من يجعل الأخلاق طيبة وهو ما خلق الله من أجله البشر.
اقرأ أيضاًمسلسلات رمضان 2023.. روجينا تشيد بـ إياد نصار في «ستهم» (صورة)
إياد نصار مطلوب في جوجل بسبب «المطاريد».. ملامح غريبة تظهر على الفنان الأردني (صورة)