الدكتور بنطلحة يكتب: اللعب على الحبال
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
الخرجة الأخيرة لوزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، عبر موقع قناة الجزيرة القطرية، شكلت مفاجأة للملاحظين وللكثير من القنوات الإعلامية الوطنية والدولية، حيث تحدث بلغة رومانسية مؤثرة موغلة في الطوبى. إنه «حلم» بناء المغرب العربي وإن «هذا الحلم لا يمكن أن يقضى عليه»، وإنه ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يبنى فيه هذا الاتحاد! وزاد موضحا أنه في ما يخص العلاقة مع المغرب، فإن «الجزائر هي الأكثر ميولا إلى الإسراع في إيجاد حل».
كلام لا يشبه الكلام سمعناه من حضرة هذا الشيخ العارف حتى خلنا أنفسنا في خلوة تشع نقاء وصفاء وطهرانية… ولم نكن نحن الوحيدون الذين استلذوا بهذه الخمرة الروحية… حيث إن مجلة «أتالايار» الإسبانية وصفت هذا التصريح بـ«التغيير الذي يأمله الملايين من الجزائريين والمغاربة».
هذا الحلم/ البروباغندا سيتحول بعد أيام قليلة إلى كابوس، حيث عرى النظام العسكري الجزائري عن وجهه الحقيقي في الخطاب الذي كلف الرئيس تبون بتلاوته أمام غرفتي البرلمان والذي كان من المنتظر أن يبث مباشرة قبل أن يتقرر الاكتفاء ببث مقاطع منتقاة منه. لقد ردد على مسامع العالم أجمع أن بلاده تدافع عن انفصال الصحراء في إطار «دعمها للشرعية الدولية»، وربط الأمر أيضا بـ«مبادئ الثورة الجزائرية»، واصفا المغاربة بـ«الأشقاء»، وأن دفاعه عن مرتزقة البوليساريو «ليس كرها للمغاربة»!
ترى ماهو سياق هذا العشق الممنوع؟ وكيف انتقلتم من خطاب «مرحلة اللاعودة» إلى الرغبة في «الإسراع بإيجاد حل؟»!
لقد ذهب شهريار يبحث عن معنى هذا الكلام المباح حتى أدركه الصباح، فوجد أن الأشقاء يخوضون هذه الأيام حرب مواقع ضاربة في كل المنتديات والهيئات الإقليمية والدولية حتى لا يظفر المغرب بمقعد أو مسؤولية، وأنهم يمولون جماعة إرهابية لزعزعة استقرار المغرب، وأنهم يسابقون الزمن في شراء وتكديس أسلحة الخردة من أجل مواجهة عدو هلامي اسمه المغرب، وأن نظام العسكر قد هالته الانتصارات الدبلوماسية المغربية المتتالية، لذا نجده يرغد ويزبد محاولا جاهدا فرملة هذا التفوق المغربي عبر دبلوماسية الغاز، وسلك كل الطرق اللامشروعة من أجل معاكسة المملكة المغربية وعرقلة كل المساعي التي تروم إنهاء ملف الصحراء المغربية وذلك على حساب قوت وكرامة الشعب المغلوب على أمره، وأنهم يتخذون من عداوة المغرب عقيدة وإيديولوجية ثابتة تدرس في الحضانات والمدارس والجامعات، بل لقد أصبحوا يمزجونها حتى مع حليب الأمهات.
إن اللعب على الحبال أضحى مشهدا مقرفا في سينما الخيال. تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم تنتصر لرابطة الدم والتاريخ الحقيقي، العالم يسير نحو الاتحادات والتكتلات، تعالوا لنجعل من تحويل «المغاربية» (Maghrebinité) من مجرد شعار إلى ضرورة مجتمعية عبر ترسيخ أيديولوجية دولتية تتوفر على إجماع عاطفي ووجداني وفكري بين أبناء المغرب العربي.
إن تحقيق هذا الرهان يرتبط بالإرادة الصادقة وليس برغبات إنشائية يمحوها واقع النهار.
تعالوا نمد الأيادي بصدق لأن لنا موعدا مع الزمن، يجب أن لانخطئه، والتاريخ فرص تستغل أوتهدر وليس مجرد كلام منمق ووقت يمر…
المصدر: مراكش الان
إقرأ أيضاً:
اللعب على المكشوف في أديس أبابا
أن المؤتمر الذي عقدته الأمارات على هامش مؤتمر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بهدف تبيض وجهها تحت إدعاء أنها تقوم بمساعدة الشعب السوداني، و ليس دعم الميليشيا التي دمرت مؤسسات الدولة، هذا المؤتمر قد أزال القناع بشكل واضح أمام الدول التي تشارك الأمارات في مؤامرتها، إلي جانب فضح ما يسمى تحلف " صمود المتعدد الماركات" أن حضور الجانبين في تحالف " تقدم" و اللذان قالا أنهما أفترقا بسبب " تكوين حكومة موازية" يؤكد مؤتمر الأمارات في أديس أبابا أن الانقسام ما هو إلا محاولة لتوزيع الأعباء على جانبين، بهدف تنفيذ خطط الأمارات القادمة ضد الدولة السودانية..
أن المؤتمر يضم ذات الفاعلين الذين كانوا قد عقدوا مؤتمر الإيغاد في أديس أباب في يوليو 2023م، و كانوا طالبوا بغزو السودان بقوات من شرق أفريقيا، و جعل الخرطوم منطقة منزوعة السلاح، و حظر للمدفعية و الطيران، هم الآن الذين خططوا لقيام هذا المؤتمر في أديس أبابا، و يشارك معهم التشادي " موسي فكي" رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي المنتهية مدته.. أن التحالف الإقليمي ضد الدولة السودانية مايزال ينشط، و ينفذ كل ما تخططه الأمارات بهدف انقاذ الميليشيا، و محاولة إعادتها مرة أخرى لكي تلعب دورا عسكريا و سياسيا مع جناحها السياسي..
أن حضور حمدوك و مخاطبته لمؤتمر الأمارات تتبين العلاقة بين الأثنين تماما، و يكشف الأمارات هي التي تسيطر على جناح الميليشيا السياسي الذي بات أسمه " صمود" هذا التحالف ليس له رؤية و لا مشروع سياسي، أنما هي عبارة عن مجموعة توظفها الأمارات في مشروعها العدائي ضد السودان في أي مسرح تريده. و دون حياء اصطحب حمدوك كل جوقته لكي يؤكد أن العب أصبح عل المكشوف دون الأختباء وراء أصابعهم، و الأمارات لم توظف فقط المجموعة التي تظهر في بعض اللقاءات، أنما هي مجموعات متعددة و أطياف مختلف كل له دوره المرسوم له، كانوا من قبل يحلمون أن ترفعهم الدول الخارجية لمقاعد السلطة، و لكن خاب فألهم، و انفض الجمع من حولهم، بسبب الفشل المستمر للمخططات التي فشلوا في تنفيذها، و لم تبق إلا الأمارات و بريطانيا التي تظهر مرة مرة من وراء جدار.
أن أول عمل لتحالف " صمود" هو دعم مخطط الأمارات التي تريد من وراءه أن تقول للعالم هي تهدف إلي مساعدة السودانيين و ليس دعم الميليشيا، أي تبرئة الأمارات من الحرب في السودان.. و حتى لا يقاضيها السودان في المحكمة الدولية.. وجاءت جوقة حمدوك لكي تؤكد ذلك.. أن المؤامرة لن تنتهي إلا إذا فقدت الأمارات الأمل في إحياء دور للميليشيا، أن طابورها الخامس سوف يتلقى ضربات الهزيمة.. و أن تلاحم الشعب القوي مع الجيش هو وحده الذي يتصدى بقوة لهذه المخططات العدوانية، و هو الجدار الذي تتكسر عليه كل رماح و نصالالمؤامرة، على شرط أن تتقيد القيادة العسكرية بسلم الأولويات، و عدم تجاوزها.. أن هزيمة الميليشيا و تطهير البلاد من عناصرها و المرتزقة و العملاء و كل من يخدم مخططات التأمرهي الأولوية الأولى و الثانية و الثالثة.. ثم تأتي بعد ذلك البنود السياسية الأخرى.. و نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com