ما هي السرعة التي تؤثر على صحة الصلاة؟ دار الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما ضابط الإسراع الذي يؤثر على صحة الصلاة؟ حيث يقوم أحد المصلين بالإسراع في صلاته، وعندما قمت بالتنبيه عليه بأن هذا الإسراع يُخلّ بصحة الصلاة، قال بأن هذا من قبيل التخفيف ولا يُخلّ بصحة الصلاة؛ فنرجو منكم بيان ضابط الإسراع الذي يُؤثِّر على صحة الصلاة.
فضل الإمامة في الصلاة وخطورتها.. اعرف شروط التقدم لها لماذا لا يجوز الصلاة عند شروق الشمس؟.. بسبب قرني الشيطان و4 أخرى الإسراع في الصلاة
وقالت دار الإفتاء، إن الإسراعُ الذي يؤثِّر على صحة الصلاة هو أن يأتي المُصَلّي بالركن من غير أن يستقرّ فيه، وهذا الاستقرار يسميه الفقهاء بالطمأنينة، وهي: استقرار الأعضاء زَمَنًا قليلًا في أداء جميع أركان الصلاة، وذلك كأن يطمئن المصلي في ركوعه وسجوده زمنًا يتَّسِع لقوله: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، أو (سبحان ربي الأعلى) في السجود- مرة واحدة على الأقل
فإذا أتى بالركن واستقرّت أعضاؤه وسكنت بقدر الطمأنينة فإن ذلك يُجزئه، ولا يكون إسراعًا مخلًّا بصحة الصلاة أو مُبطلًا لها.
وذكرت دار الإفتاء، أن الله تعالى مَدَح مَنْ أَحْسَن أداء الصلاة بأن أتَمَّ أركانها وحافظ على سننها؛ فقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1-2].
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَحْسَنَ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قَالَتِ الصَّلَاةُ: حَفِظَكَ اللهُ كَمَا حَفِظْتَنِي فَتُرْفَعُ، وَإِذَا أَسَاءَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا قَالَتِ الصَّلَاةُ: ضَيَّعَكَ اللهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي فَتُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ الثَّوْبُ الْخَلَقُ فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُهُ» أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده".
السرعة التي تؤثر على صحة الصلاةوأوضحت دار الإفتاء، أن إسراع المُصَلّي في صلاته مع حفاظه على الطمأنينة في تأدية أركان الصلاة لا يخلّ بصحتها، ويؤيّد هذا أنّ صلاته صلى الله عليه وآله وسلم كانت تخفيفًا؛ فقد روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه قال: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً، وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم».
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (2/ 386، ط. دار الوفاء): [الحديث يدل أنَّ بعضَها أكملُ من بعض، وأنه لم يكن في بعض أركانها طُول عن غيره متباين جدًا، وهذا -والله أعلم- في آخر عمله في الصلاة، وعلى هذا يحمل حديث جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه: "ثم كانت صلاته بعد ذلك تخفيفًا"] اهـ.
وقد ذمَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ صَلَّى مُسْرِعًا دون الحفاظ على الخشوع والطمأنينة والأذكار فقال فيما رواه مسلم في "صحيحه": «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإسراع في الصلاة دار الإفتاء الصلاة صحة الصلاة السرعة صلى الله علیه وآله وسلم ر على صحة الصلاة دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
حكم استثمار أراضي الوقف ببناء وحدات سكنية عليها
قالت دار الإفتاء المصرية إن علماء المسلمين قرروا أنَّ هناك حقًّا في المال سوى الزكاة؛ مِنه الصدقة المُطْلَقَة، ومنه الصدقة الجارية؛ وهي: "كُلُّ صدقةٍ يَجري نفعُها وأجرُها ويدوم"؛ كما عرَّفها بذلك القاضي عياض المالكي في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/ 145، ط. المكتبة العتيقة ودار التراث)، وقد حَمَلَهَا جماعةٌ مِن العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما يتحقَّق فيها.
والوقف هو رأس مَالٍ اجتماعي يُحقِّقُ معنى التكافُل والتنمية المُسْتَدَامَةِ، وهو وسيلةٌ من وسائل الازدهار والرخاء بين أفراد المجتمع؛ لأنَّه عبارة عن "حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة"؛ كما قال الإمام الميرغيناني في "الهداية" (3/ 15، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ ولذلك يُعَدُّ الوقف من أبرز وجوه الإنفاق وأنفع أنواع الصدقات.
وقد حثَّت الشريعة على وقف الأموال التي يجري رِيْعُها وتُتَّخَذُ ثَمَرَتُها في أوجه الخير؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: "كان أبو طلحة رضي الله عنه أكثرَ الأنصار بالمدينة مالًا من نخلٍ، وكان أحب أمواله إليه بَيْرَحَاءَ، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب"، قال أنس رضي الله عنه: "فلما أنزلت هذه الآية: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: 92]، قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرَحَاءُ، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فقال أبو طلحة رضي الله عنه: أَفْعَل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه" متفق عليه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض خيبر التي سأله عنها: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، فتصدق بها عمر رضي الله عنه؛ أنَّه لا يُباع ولا يُوهب ولا يُورث، وتصدَّق بها في الفقراء، وفي القُربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على مَن وليها أنْ يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير مُتَمَوِّل. متفق عليه.
وفي رواية: قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «احْبِسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ» أخرجه الشافعي في "المسند"، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، والبيهقي في "السنن".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وقد وسَّع الفقهاءُ في صور استثمار أموال الوقف وتَنَوُّع جهات الخير فيه؛ لأنَّه منْ أعظم ما يعودُ بالنفع على الأفراد والمجتمعات، ومن ذلك تأجير الوقف؛ فقد جَوَّز الفقهاء إجارة الوقف بما يُدِرُّ على الوقف ثمرته، وتعود مصلحته على مستحقيه.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في حاشيته على "درر الحكام" (2/ 138، ط. دار إحياء الكتب العربية): [قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: إذا لم يَذْكُر الواقف في صك الوقف إجارة الوقف فرأى القَيِّمُ أنْ يؤجرها ويدفعها مُزَارعةً؛ فما كان أدرَّ على الوقف وأنفعَ للفقراء فَعَل] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (5/ 351، ط. المكتب الإسلامي): [للواقف، ولمَنْ ولَّاه الواقفُ إجارة الوقفِ] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين ابن قدامة الحنبلي [ت: 682هـ] في "الشرح الكبير" (6/ 43، ط. دار الكتاب العربي): [(وتجوز إجارة الوقف)؛ لأنَّ منافعه مملوكة للموقوف عليه، فجاز إجارتها كالمستأجر] اهـ.
وَلا بُدَّ أنْ يُتَّبع شَرط الْوَاقِف فِي إِجَارَة الْوَقْف؛ كما قال العلامة الموصلي الحنفي في "الاختيار لتعليل المختار" (3/ 47، ط. الحلبي)؛ وذلك لما تقرّر عند الفقهاء منْ أنَّ "شرطَ الواقفِ كنصِّ الشارع"، وأنَّ "شرط الواقف يجب اتباعه"، فيجب اعتباره وتنفيذه كوجوب العمل بنصّ الشارع:
قال العلَّامة ابن نُجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (1/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [شرط الواقف يجب اتباعه؛ لقولهم: شرط الواقف كنصّ الشارع؛ أي: في وجوب العمل به، وفي المفهوم والدلالة] اهـ.
وقال الإمام تقي الدين السبكي الشافعي في "الفتاوى" (2/ 13، ط. دار المعارف): [والفقهاء يقولون: شروط الواقف كنصوص الشارع، وأنا أقول منْ طريق الأدب: شروط الواقف منْ نصوص الشارع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وإذا كانت مخالفة النصّ تقتضي نقض الحكم؛ فمخالفة شرط الواقف تقتضي نقض الحكم] اهـ.