الهزيمة السياسية!!
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
أطياف
صباح محمد الحسن
الهزيمة السياسية!!
لم يكن الطموح في حكم البلاد رغبة جديدة وليدة راودت قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو حتى يكبر الخوف منها بعد حرب 15 أبريل، فالطموح راوده منذ أن وطأت قدماه القصر الجمهوري عندما قدمه الرئيس المخلوع كمنقذ له، (حميدتي لحمايتي) بعد أن شعر بمؤامرات الإسلاميين ضده من خارج المؤسسة العسكرية ومن داخلها، هذا الإحساس بالضعف لرئيس دولة بجيش عمره مئة عام وجهاز أمن بكل إمكانياته وجبروته وحاضنة سياسية لها تاريخها الطويل في الحكم وتنظيم يسبقه صيته داخليا وخارجيا تدريبا وتنظيما ودهاء
ولكن رغم ذلك شعر البشير وسط كل هذه القوات بعدم الأمان ومن خوفه إستمد محمد حمدان دقلو قوته، وكلمته نفسه وولد بداخله رئيس صار يكبر يوما بعد يوم لطالما أن قائد هذه الامبراطورية العظمى تحت حمايته
ومن هنا بدأ مشوار الطموح الفوضوي الطائش من الحصول على رتبة فريق وحتى الصعود على حلبة الصراع
ومابعد الصراع بدأ التخوف من الدعم السريع وتمدد الأطماع في حكم البلاد مع تمدد سيطرته على كبرى المدن والعواصم وأن يتخلى الرجل عن المطالبة بالديمقراطية لأن البنادق هي سلم الدكتاتورية الذي يصعد به الطغاة وبدلا من أن تكون قواته حارسة للديمقراطية كما يعتقد تكون اللص ذلك الذي جاء ليسرق شيئاً بعينه ولكن طمعه بعد ما رأته عينه دفعه لسرقة كل شئ
لكن لن يحدث ذلك، فمحمد حمدان دقلو خذلته قواته التي بالرغم من أنها اهدته النصر في كثير من المعارك ولكنها سلبته شخصيته السياسية وهزمته هزيمة نكراء في معركة السياسة فالرجل أصبح لا يصلح إلا قائدا لقواته فقط
هذه الحقيقة التي أدركها دقلو، لذلك ظل في كل خطاباته وبياناته يؤكد أنه لا يخوض حربه ليحكم السودان وأنه لن يريد أن تأتي قواته بديلة للقوات المسلحة فالرجل يعلم أن الشعب الذي يمكن أن يحكمه فقده للأبد وأن قواته غير النظامية لن تكون بديلا للمؤسسة العسكرية
وفشل حميدتي سياسيا أمر كان يجب أن يكون سببا لأن يقدم مستشاره السياسي يوسف عزت استقالته، لأنه فشل في مهمته وعجز عن تسويق فكرة ومشروع حميدتي السياسي خارجياً وداخلياً بعدما تعارضت أفعال قواتهم اجتماعياً وهزمت طرحهم السياسي
والناس تسأل لماذا قدم فارس نور استقالته ففارس أدرك أن لا مستقبل سياسي لدقلو، أليس هو المُطلّع على اتفاق جده الذي ينتظر التوقيع حالياً
الاتفاق الذي تنص بنوده على إبعاد الدعم السريع عن المشهد السياسي نهائيًا ودمج قواته في الجيش، إذن ماذا ستكون مهمة فارس نور ووظيفته بعد الاتفاق!!
ونور الذي يقول إن استقالته جاءت بسبب انسحاب وفد الجيش بعد قرب التوقيع هو حديث ضعيف وغير صحيح لأنه الأدرى من غيره أن الجيش سيعود إلى التوقيع وأن الذي سيتم التوقيع عليه أمر محسوم وأن وفد الجيش إن خرج مغاضباً يجب أن لا يستدعي ذلك التصرف عدم الرضا عند نور ويدفعه للتقدم باستقالته
فالتزام وفد الجيش بالبقاء على مقعد التفاوض أمر لا يعنيه
فإن جهِل فارس هذه الحقيقة فهذا يعني أنه لا يعلم المهمة التي تم اختياره لها، أو أنه يعلم وحاول قصداً تغبيشها حتى يصنع له موقفاً هلامياً يحفظ له ماء وجهه
وإبعاد دقلو ووأد هذا الطموح بداخله، فعل قام به المجتمع الدولي مسبقاً الذي أخبره أنه لن يضع يده على يد قوات غير نظامية وأنه لن يمد يده لطرف على آخر فإن كان يريد مناصرة حكم عسكري لنصر القوات المسلحة عليه بلا تردد.
#لا_للحرب
شعب يترقب ولقاء مرتقب وسلام أقرب
الجريدة
الوسوماتفاق جدة البشير السودان المجتمع الدولي جهاز الأمن صباح محمد الحسن فارس النور محمد حمدان دقلو (حميدتي)المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: اتفاق جدة البشير السودان المجتمع الدولي جهاز الأمن فارس النور محمد حمدان دقلو حميدتي محمد حمدان دقلو
إقرأ أيضاً:
“الانتقام لأمريكا وإسرائيل” عنوانًا للتحشيد الإقليمي ضد اليمن: مرارة الهزيمة تفضحُ أهدافَ واشنطن
يمانيون ـ تقرير
مع ثبوتِ هزيمتِها التأريخية في مواجهة اليمن وفشلها الفاضح في ردع جبهة الإسناد اليمنية لغزة، تتخبط الولايات المتحدة الأمريكية بين رغبتها الشديدة بالانتقام من الشعب اليمني للتغطية على تلك الهزيمة وذلك الفشل، بين انعدام الخيارات الفاعلة لتنفيذ هذه الرغبة، فبعد أن أثبتت القوات المسلحة مصداقيتها أمام قطاع الشحن، من خلال وقف العمليات البحرية على السفن غير المملوكة للعدو الصهيوني، وتجاوب العديد من مشغلي السفن مع ذلك، أبدت واشنطن اندفاعًا نحو محاولة تدويل مأزقها من خلال إظهار البحر الأحمر كمنطقة خطر مُستمرّ على الجميع، والدعوة إلى تشكيل تحالفات جديدة تتضمن دولًا إقليمية، في مسعى جديد للتحشيد ضد اليمن خلف قرار التصنيف الجديد، وهذه المرة لأغراضٍ انتقامية وسياسية معلَنة وواضحة لا تستطيع دعايات “حماية الملاحة” المزيفة إخفاءَها.
شركاتُ الشحن تثقُ بمصداقية صنعاء:
منذ أن كشفت وكالات الأنباء الدولية ومنصات الشحن البحري عن تلقي العديد من شركات الشحن رسائلَ من مركز تنسيق العمليات الإنسانية بصنعاء بشأن رفع العقوبات عن السفن غير المملوكة لكيان العدوّ (مع ربط رفع العقوبات عن سفن العدوّ باكتمال تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة) أبدى قطاع الشحن تجاوبًا مع تلك الرسائل ونقلت العديد من التقارير عن مسؤولين في الأمن البحري قولهم إن العديد من أصحاب السفن يعملون على ترتيب العودة إلى البحر الأحمر، وأن التباطؤ يعود إلى سببين: الأول هو الحرص على التأكّـد من صمود وقف إطلاق النار في غزة، والثاني هو الوقت اللازم للتخطيط للعودة لتجنب اضطراب سلاسل التوريد والازدحامات.
وقد أكّـدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية هذا الأسبوع أن العديد من مشغلي السفن [غير المملوكة للعدو بطبيعة الحال] يعتزمون العودةَ إلى البحر الأحمر بمُجَـرّد اكتمال المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي يفترَض أن تضمن انتهاءَ الحرب واكتمال تبادل الأسرى، وهو ما يعني إلى أن القسمَ الأول من مخاوف شركات الشحن يعودُ إلى عدم الثقة بالتزام العدوّ بالاتّفاق.
وأشَارَت الصحيفة إلى أن القسم الثاني من مخاوف مشغلي السفن يتعلق بتعقيد الترتيبات اللازمة لعودة الإبحار عبر البحر الأحمر من ناحية الازدحام والاضطراب المفاجئ لأسعار الشحن، وهو ما يعني أن المسألةَ مسألة وقت إذَا صمد اتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفقًا لمديرِينَ تنفيذيين نقلت عنهم الصحيفة الأمريكية.
أمريكا تسعى لتشكيل تحالف “انتقامي” جديد ضد اليمن:
لكن الولايات المتحدة تحاول رسمَ واقع مختلف من خلال مواصلة حملة التضليل التي فشلت على مدى عام كامل في إقناع العالم بأن البحر الأحمر أصبح منطقة خطرة على التجارة الدولية وأن جميع السفن مستهدفة بلا استثناء، في محاولة لضرب مصداقية صنعاء التي أكّـدت الوقائع من التقارير أن شركات الشحن تثق فيها بشكل رئيسي، وقد ذكرت العديد من التقارير الغربية والبريطانية مؤخّرًا أن أصحاب السفن لا يعولون على التحَرّكات الأمريكية بل “ينتظرون إشارة” من صنعاء؛ مِن أجلِ العودة إلى البحر الأحمر، وقد جاءت تلك الإشارة بوضوح.
هذه المساعي الأمريكية التضليلية تأتي في محاولة لإبقاء المجال مفتوحًا أمام التحشيد الإقليمي والدولي ضد صنعاء، خُصُوصًا بعد قرار التصنيف الأخير لحركة “أنصار الله” والذي تعول واشنطن على استخدامه كغطاء ووسيلة لترغيب أَو ترهيب بعضِ الأنظمة المعادية لليمن؛ مِن أجلِ التصعيد ضد الشعب اليمني.
لكن دعاية “حماية حرية الملاحة” التي فشلت الولايات المتحدة في ترويجها خلال أكثر من عام، أثناء الهجمات اليمنية، تبدو اليوم أقلَّ قابليةً للترويج مما كانت، بل تطغى عليها الرغبةُ الانتقامية المعلَنة بوضوح من جانب الولايات المتحدة، والتي عبَّر عنها نص قرار التصنيف الذي أشَارَت مبرّراته بشكل صريح إلى أنه يأتي كمحاولة للانتقام من هزيمة البحرية الأمريكية وتحييد التهديد الذي أصبح يشكِّلُه اليمنُ على كيان العدوّ ومصالح الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة، وهو ما برهن -من غير قصد- على مصداقية الموقف المعلن لصنعاء بشأن اقتصار تهديد عمليات الإسناد البحرية وغيرها على كيان العدوّ والأطراف المعتدية على اليمن.
هذا أَيْـضًا ما أكّـده “معهد واشنطن لسياسَة الشرق الأدنى” المرتبط بالاستخبارات الأمريكية في تقرير جديد زعم فيه أن البحر الأحمر لا يزال منطقة خطرة، ولكنه في محاولته لتفسير ذلك الخطر قال إنه “حتى لو أَدَّى وقف إطلاق النار في غزة إلى انخفاض ملحوظ في الهجمات في البحر الأحمر، فلن يغير ذلك من طبيعة الحوثيين أَو عدائهم تجاه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و”إسرائيل”، وعلى الرغم من الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية العديدة ضد اليمن، فَــإنَّهم لا يزالون يمتلكون ترسانة متطورة تشمل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار هجومية بعيدة المدى” وهو ما يعني أن الخطر الذي تحاول الولايات المتحدة الترويج لوجوده في البحر الأحمر مقتصر على الثلاثي الذي يمتلك توجّـهات عدائية أصلًا ضد اليمن، وليس خطرًا “دوليًّا”.
وفيما اقترح المعهد على الولايات المتحدة “وشركائها” تنسيقًا للحفاظ على وجود عسكري في البحر الأحمر وإنشاء “تحالفات جديدة تضم دول البحر الأحمر مثل مصر وإريتريا والمملكة العربية السعوديّة والسودان” فَــإنَّ عنوان “الحفاظ على أمن الممر البحري” الذي حاول وضعه لهذه الخطوات، لا يستقيم أبدًا مع المخاوف الخَاصَّة التي ذكرها؛ باعتبَارها “تهديدات” فمصر والسعوديّة والسودان وإرتيريا لا مصلحة لها في الانخراط ضمن تحالف هدفه الأَسَاسي -كما ذكر المعهد- هو تحييد التهديد الذي تشكله القوات المسلحة اليمنية على كيان العدوّ والهيمنة الأمريكية والبريطانية على البحر الأحمر وباب المندب، وليس من المنطقي أن تعتبر هذه الدول أن تصاعد القدرات العسكرية اليمنية وبقاءها تهديدٌ يقتضي أن تتحَرّك للتخلص منه.
ووفقًا لذلك، يتبين بشكل واضح أن محاولة التحشيد الإقليمي التي تمارسها الولايات المتحدة في المنطقة ضد صنعاء تأتي؛ بهَدفِ الانتقام من الهزيمة التأريخية التي منيت بها البحرية الأمريكية والبريطانية في تحييد الخطر اليمني الاستراتيجي على كيان العدوّ الصهيوني، وأن عناوين “حماية الملاحة” أَو “خطر اليمن على شركاء أمريكا” ليست سوى محاولات بائسة ومكشوفة لاستمالة بعض الأطراف التي تمتلك أصلًا توجّـها عدائيًّا مسبقًا ضد اليمن، أَو ابتزاز الأطراف الأُخرى التي لا تملك مثل هذا التوجّـه.
والحقيقة أن بروز التوجّـه الانتقامي والمخاوف الخَاصَّة لدى الولايات المتحدة بهذا الشكل، يمثل دليلًا مسبقًا على حتمية فشل مساعي التحشيد العدواني ضد اليمن، سواء على مستوى حجم التحشيد أَو على مستوى نتائجه، وهذا ما يؤكّـده أَيْـضًا واقعُ الفشل السابق والذريع لواشنطن في تحشيد حلفائها ضمن عملية ما سمى بـ “حارس الازدهار” قبل عام، حَيثُ انتهى الأمر بذلك التحالف مقتصرًا على الولايات المتحدة وبريطانيا، حتى إن الاتّحاد الأُورُوبي لجأ إلى تشكيل عملية مستقلة حرص على توصيفها بـ”الدفاعية” لتجنب التورط في المعركة الأمريكية والبريطانية العدوانية، ولن يكون الواقع مختلفًا اليوم مع حديث الولايات المتحدة بصراحة عن رغبتها في الانتقام لهزيمتها المخزية أمام اليمن، وهي رغبةٌ تُسقِطُ دعاية “حماية الملاحة” التي ثبت فشلها مسبقًا.
المصدر: المسيرة