"السودان على شفا كارثة جديدة"، تحت هذا العنوان كتب مارتن بلوت، الزميل الأول في معهد دراسات الكومنولث والمستشار السابق للحكومتين البريطانية والأمريكية، مقالا في موقع "أوراسيا ريفيو"، قائلا لإن ما يحدث في السودان لم يحصل إلا على القليل من العناوين الرئيسية في عالم مهووس بالقتال في غزة.

ورغم أن الصراع في السودان ليس مجرد قضية إقليمية على ما يبدو، إلا أنه يحمل القدرة على إعادة تشكيل سياسة المنطقة، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على الشرق الأوسط بأكمله، كما يقول الكاتب، الذي ينتقد قلة الاهتمام الأمريكي بما يحدث في السودان، مع انشغال بايدن الشديد بغزة، واقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لا سيما أن السودان بات بسبب تلك الحرب ملعبا لخصوم واشنطن، وأبرزهم روسيا.

ويضيف بلوت أن إعادة التشكيل تلك قد تأتي في وقت لاحق، لكن الآن يبدو أن الحرب الدائرة بين الجيش السوداني - الذي يقوده عبدالفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" التي يتزعمها محمد حمدان دقلو "حميدتي" – تسببت في أزمة إنسانية وخيمة، أجبرت ما يقدر بنحو 6.7 مليون شخص على الفرار من منازلهم.

اقرأ أيضاً

مع حرب إسرائيل على غزة.. كيف بات السودان مأساة منسية؟

ووفقاً لوكالات الإغاثة، فإن هذه "أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم".

وقد اقترب العديد من السودانيين من المجاعة بسبب تلك الحرب، بعد أن أجبروا على ترك أراضيهم، وبات أكثر من نصف السكان – 25 مليون شخص (بما في ذلك 13 مليون طفل) – بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، كما يقول الكاتب.

ود مدني

ويعتبر الكاتب أن سقوط مدينة ود مدني في يد قوات "الدعم السريع" تطور محوري للحرب، حيث منحت هذه المدينة لقوات "حميدتي" موارد ثمينة، وباتت تلك القوات تسيطر الآن على المنطقة الحضرية التي لجأت إليها معظم وكالات الإغاثة بعد اندلاع القتال في العاصمة السودانية الخرطوم.

والآن، تسيطر قوات "الدعم السريع" على معظم العاصمة الخرطوم وأجزاء كبيرة من إقليم دارفور، في حين اضطر الجيش السوداني إلى الانتقال إلى منطقة آمنة نسبياً في بورتسودان، شرقي البلاد.

وقد لخص محللو "تشاتام هاوس" الوضع بدقة عندما قالوا: "لقد ظهر تقسيم فعال في السودان، حيث يسيطر الجيش على الشرق والشمال الشرقي، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على جزء كبير من العاصمة وغرب البلاد".

اقرأ أيضاً

اتهام أمريكي جديد للإمارات بتسليح قوات الدعم السريع في السودان.. ماذا حدث؟

التفاعل الأمريكي

وينتقد الكاتب التفاعل الأمريكي الفاتر مع الحرب في السودان، رغم أن واشنطن يمكنها لعب دور مؤثر ومحوري لوقفها.

ويقول إن السبب وراء كون الدعم الأمريكي فاترًا بسيط، وهو أن الرئيس جو بايدن متورط في الصراع بين إسرائيل و"حماس" في غزة.

ويضيف: مع انطلاق حملة إعادة انتخابه، لم يعد لدى بايدن سوى القليل من الوقت للتركيز على السودان.

ويمضي الكاتب بالقول إن هذه اللامبالاة الظاهرة أمر خاطئ، ولا يخدم مصالح واشنطن.

اقرأ أيضاً

السودان: "الدعم السريع" تستغل الانشغال بغزة لتنفيذ جرائمها

"فاجنر" وروسيا

ويشير الكاتب إلى أن سيطرة "حميدتي" على مناجم الذهب وثرواته في السودان منحته قوة استثنائية وعلاقات مع روسيا وميليشيات "فاجنر" التابعة لها.

وقد حظيت "فاجنر" بحصص منتظمة من ذهب السودان مقابل إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح، كما أظهرت تقارير غربية.

وكان الذهب السوداني، الذي تم نقله جواً من ليبيا إلى القاعدة الروسية في اللاذقية، يدفع ثمن الأسلحة.

ويقول الكاتب: "لم يمول هذا الذهب شركة فاغنر فحسب، بل قام أيضًا بتمويل حرب الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا".

اقرأ أيضاً

بمبعوث خاص والضغط على الإمارات.. اتجاه أمريكي لتصحيح المسار بشأن الحرب في السودان

الإمارات

وبصرف النظر عن مجموعة "فاجنر" الروسية، فإن الإمارات العربية المتحدة هي الداعم الرئيسي الآخر لقوات "الدعم السريع"، يقول الكاتب.

ويقول الجيش السوداني إن لديه "معلومات من المخابرات والمخابرات العسكرية والدائرة الدبلوماسية تفيد بإرسال الإمارات طائرات لدعم الجنجويد".

وأنشأت الإمارات مستشفيات في تشاد لتقديم العلاج للاجئين الفارين من القتال.

وعلى الرغم من أن الإمارات تنفي ذلك، إلا أن هناك اعتقادًا واسع النطاق بأن المساعدات ليست أكثر من مجرد واجهة لإمدادات الأسلحة لقوات "الدعم السريع"، كما يقول بلوت.

ويُنظر إلى أوغندا على أنها طريق بديل لدعم الإمارات لعمليات "حميدتي".

وبحسب ما ورد، عندما هبطت طائرة في مطار عنتيبي الرئيسي في أوغندا في يونيو/حزيران من العام الجاري، ذكرت وثائق رحلتها أنها كانت تحمل مساعدات إنسانية أرسلتها الإمارات للاجئين السودانيين. وبدلاً من ذلك، "قال المسؤولون الأوغنديون إنهم عثروا على عشرات الصناديق البلاستيكية الخضراء في عنبر شحن الطائرة مليئة بالذخيرة والبنادق الهجومية وغيرها من الأسلحة الصغيرة".

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: لا تسمحوا بانهيار كارثي في السودان.. والحل في الإمارات والسعودية ومصر

توسيع نفوذ الإمارات وروسيا

ويحذر الكاتب من أنه إذا نجح "حميدتي" في حملته ضد الجيش السوداني فسيؤدي إلى توسيع نفوذ الإمارات في عمق أفريقيا وتعزيزا لقوة "فاجنر" في مساحة شاسعة من القارة السمراء ومنطقة الساحل، علاوة على تعزيز نفوذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتمويله، وهو ما سيكون بمثابة ضربة قوية للولايات المتحدة والغرب.

المصدر | مارتن بلوت / أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان حميدتي قوات الدعم السريع الجيش السوداني ود مدني الشرق الأوسط بايدن فاجنر روسيا الإمارات الجیش السودانی الدعم السریع فی السودان اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان: ندعو المجتمع الدولي للضغط على قوات الدعم السريع

قالت شبكة أطباء السودان إننا نتأسف لاستخدام الدعم السريع لعمليات القصف المدفعي كوسيلة للتهجير القسري للمدنيين نحو القرى والفرقان خارج مدينة الفاشر.– ندعو المجتمع الدولي للضغط على قوات الدعم السريع بفرض مزيد من العقوبات عليها وإلزامها بتنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي لوقف الهجوم على الفاشر وفك حصارها لعودة الحياة بالمدينة إلى طبيعتها.الجزيرة – السودان إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رويترز فضحت عدد رحلات نقل الأسلحة للدعم السريع: وول ستريت جورنال: الإمارات تنشر الخراب في السودان
  • خبير اقتصادي: الدعم النقدي يحدث طفرة كبيرة في كفاءة الوصول للمستحقين
  • شهود عيان: الجيش السوداني شن هجوما على مواقع تابعة لميليشيا الدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: ندعو المجتمع الدولي للضغط على قوات الدعم السريع
  • «مناوي» يصل موسكو لتعزيز التعاون السوداني الروسي في ظل الحرب بالسودان 
  • الانقسام السياسي بالسودان في ظل الحرب الراهنة: تحليل مختلف للمشهد السياسي والاجتماعي
  • ترتيب أممي لمحادثات غير مباشرة بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في جنيف
  • عقوبات أوروبية جديدة على قادة بالجيش السوداني والدعم السريع
  • هيومن رايتس ...الدعم السريع ارتكب جرائم اغتصاب شملت قاصرات بالسودان
  • القاهرة رفضت محاولات إماراتية للتوسّط وتقريب وجهات النظر مع قائد قوات الدعم السريع