لجريدة عمان:
2024-07-11@10:45:22 GMT

هل هناك أخلاق في السياسة؟ «1»

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

الرأي الشائع الذي يتداوله الناس والساسة أيضًا هو أنه لا أخلاق في السياسة ولا سياسة في الأخلاق؛ فالسياسة هي فن إدارة المصالح بصرف النظر عن الأخلاق. وهذا الرأي ليس جديدًا وإنما يضرب بجذوره في الفكر القديم والحديث: فها هو ذا تراسيماخوس -وهو من كبار السوفسطائيين في عصر قدماء اليونان- يقول: إن «العدالة هي تحقيق مصلحة الأقوى»، ومعنى ذلك أن العدالة في الواقع وفي إدارة شؤون الناس ينبغي أن تنتصر للأقوى؛ فالحكومة هي السلطة الأقوى في أي مجتمع، وهي قد وصلت إلى الحكم بهذا الاعتبار، أي بوصفها الحزب الأكثر قوة، ومن ثم فإنه يحق لها الوصول إلى أهدافها وفقًا لمنطق القوة التي تمتلكها.

وها هو ذا ماكيافللي يرى أن السياسة لا تتعلق بالبحث عن المدينة الفاضلة، ولا بالبحث عن العلاقة بين مدينة الله ومدينة الإنسان كما ذهب القديس أوغسطين، وإنما تتعلق بالبحث عن أساس الأخلاق على المستوى الفردي والمستوى العام، وهو ينتهي إلى مقولته الشهيرة: «الغاية تبرر الوسيلة». والواقع أننا حينما نتأمل الممارسات السياسية الدولية عبر العالم نجد أن هذا التوجه هو ما يحكم هذه السياسات حتى في الدول المتحضرة التي تتبنّى نظمًا ديمقراطية تتوخي العدالة.

والواقع أن الديمقراطية يتم الترويج لها باعتبارها صناعة غربية بلغت ذروتها في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا، وهي نظام يكفل الحرية والعدالة الإنسانية للبشر. ولقد روَّج لهذا الرأي الكثيرون لعل أشهرهم في الفكر المعاصر الباحث الأمريكي من أصل ياباني فرانسيس فوكوياما الذي كتب مقالًا بعنوان «نهاية التاريخ»، وهو مقال قد أثار إعجاب الساسة في أمريكا، فشجعوه على تطوير مقاله في كتاب تم الترويج له بعنوان «نهاية التاريخ والإنسان الأخير».

شاعت هذه الرؤية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفككه باعتبار ذلك دليلًا على انتصار النظام الديمقراطي على النظام الشيوعي المستبد. وليس معنى ذلك أننا ينبغي أن ندعم أو نؤيد النظم الشيوعية أو الاستبدادية في مواجهة الديمقراطية، بل إننا نهدف فقط إلى الكشف عن عوار النظم الديمقراطية كما تتجلى في ممارسات السياسات الدولية.

ولكننا حينما نتأمل الأمر بشكل أكثر عمقًا نجد أن هذه الديمقراطية التي يروج لها الغرب باعتبارها غاية إنسانية وأخلاقية، هي سياسة يتبعها الغرب فيما يتعلق بالسياسات الداخلية التي تتبنّى نظمًا ديمقراطية بأشكال مختلفة، أما فيما يتعلق بسياساتها الخارجية، فإنها تنظر إلى غيرها من الدول باعتبارها الآخر الذي ينبغي التعامل معه بمنطق تراسيماخوس وماكيافللي، خاصة تلك الدول المستضعفة التي تشكل مطمعًا لها بما تحويه من ثروات وبما تمثل جغرافيتها مجالًا مهمًّا للسيطرة على مجالات حيوية في العالم، وهذا ينطبق على دول عديدة تدّعي الديمقراطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية وفرنسا وألمانيا وإسرائيل على سبيل المثال. بطبيعة الحال هناك استثناءات تتبدى في مواقف بعض الدول الغربية -مثل إسبانيا- وبعض الزعماء والساسة في الغرب ممن لديهم ضمير إنساني، وهو ما تبدى في المواقف الاستثنائية إزاء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني. ولكننا بوجه عام نشاهد دعم الغرب لهذا العدوان اللاإنساني على الشعب الفلسطيني، رغم أن هذا الغرب لا يزال يدعي أنه نظام يتبنى الديمقراطية والعدالة والقيم الإنسانية. ونحن نشاهد ذلك يوميًّا ومنذ سنوات في اعتداء هذه الدول على غيرها في العالم أو دعم هذا العدوان وتأييده. وحتى عندما نلاحظ التصريحات التي تصدر عن زعماء وساسة هذه الدول، فإننا نجدها تصريحات منحازة تدعم العدوان الوحشي على الشعب الفلسطيني الأعزل من المدنيين والأطفال على نحو غير مسبوق في تاريخ الحروب والعدوان، بما في ذلك العدوان النازي على غيره من الدول المجاورة.

فهذا العدوان يحدث بحجة تصنيف الفصائل المقاومة من هذا الشعب بأنها فصائل إرهابية، وهي تهمة جاهزة يتم تسويقها إزاء كل ما يمكن تصنيفهم باعتبارهم أعداء لمجرد أنهم يقاومون كل من يعتدي عليهم، ويرفضون الانصياع لهيمنة القوى العالمية عليهم، بما في ذلك أراضيهم ومقدراتهم وقيمهم التي بها يؤمنون. ولقد شاهدنا ذلك، وما زلنا نشاهده في أيامنا هذه من خلال دعم ذلك العدوان الإسرائيلي الوحشي على شعب فلسطين الذي يدافع عن أرضه، حتى تلك الأرض التي تم تحديد حدودها بقرارات عامة للأم المتحدة. ولكن قرارات الأمم المتحدة تبدو كما لو كانت حبرًا على ورق: فالأقوى هو الذي يحدد أو على الأقل يؤثر في هذه القرارات الدولية. وحتى قرارات مجلس الأمن الدولي التي من المفترض أن تكون ملزمة هي قرارات تتحكم فيها الدول العظمى التي تمتلك حق الفيتو، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي تستخدم دائمًا حق الفيتو في نقض القرارات التي تتعارض مع مصالحها، وإن تعارضت مع العدالة والأخلاق؛ ولذلك فإنها تدعم دائمًا دولة إسرائيل على حساب شعب فلسطين، باعتبارها ذراعها في الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. وبذلك يمكننا القول بأن النظم العالمية التي وضعها الغرب المفترض أنه ديمقراطي، هي نظم غير ديمقراطية وغير إنسانية وغير عادلة، طالما أنها لا تتبع سياسة العدالة والمساواة من خلال الاقتراع. وهذا يصدق على القرارات التي تحكم سياسات العالم مثلما تصدق على سياسات الدول التي تدعي أنها معقل الديمقراطية والإنسانية والعدالة.

وفي ضوء هذا يمكن أن نفهم قول تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الذي أصدر القرارات المروِّعة في أثناء الحرب العالمية الثانية: «لقد ارتكبت من الجرائم لصالح بريطانيا، ما لو ارتكبته بداخلها لقضيت حياتي كلها في السجن». وهذا يدل على الازدواجية في نظرة الغرب للعلاقة بين السياسة والأخلاق؛ بالضبط لأن ما يحكم هذه النظرة هو الصلة بين السياسة والمصالح فيما يتعلق بالتعامل مع الآخر. وللحديث بقية في شأن العلاقة بين الأخلاق والسياسة.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة ومؤلف كتاب «ماهية اللغة وفلسفة التأويل».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الموقفُ الحازم يُلجِمُ مخطَّطاتِ العدوان الغاشم

د. عبد الرحمن المختار

أنهت ثورةُ الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م نفوذَ الإدارة الأمريكية الواسِعَ في بلادنا؛ فهذا النفوذُ شَمِلَ العاصمةَ صنعاءَ وبقيةَ النطاق الجغرافي للبلاد، ولم يكن تواجُدُ الإدارة الأمريكية تواجُدًا عاديًّا في الإطار الدبلوماسي، وَفْـقًا لما هو متعارَفٌ عليه، بل إن هذا التواجدَ شاملٌ لمختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، وكانت الإدارةُ الأمريكيةُ حاضرةً بفاعلية في كافةِ تفاصيل الحياة العامة في بلادنا، وكانت الفاعلَ الوحيدَ المحرِّكَ لعجلة تلك التفاصيل، لكن ليس إلى الأمام بما يؤدي إلى النهوضِ الشامل في مختلف جوانب حياة المجتمع، بل كانت حركةُ عجلة التنمية إلى الوراء؛ وهو؛ ما أَدَّى إلى تخلُّفِ المجتمع في جميع المجالات.

والأخطرُ من كُـلّ ذلك أن مخطّطات الإدارة والأمريكية وأهدافها، لم تقف عند حَــدِّ توقيف حركة المجتمع عند نقطة ركود محدّدة، بل إن الإدارة الأمريكية عمدت -من خلال تلك المخطّطات- إلى إسقاط المجتمع في هوة سحيقة من التخلف الاقتصادي والثقافي، يفقد في قعرها التمييز بين ما يضره وما ينفعه، ومن يضره ومن يحرص على إبعاد الضرر عنه.

ويجسد هذه الحالة بشكل واضح ما واجهه السيد القائد الشهيد/ حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- من عنف فكري ودموي، عقبَ إطلاقِه مشروعَه التحرُّريَّ النهضويَّ، حين ضبط بُوصلتَه باتّجاه توعية المجتمع بالمخطّطات الشيطانية للإدارة الأمريكية، تلك المخطّطات التي ظلت لعقود من الزمن مموَّهةً بعناوينَ متعددة، انطلت على الكثيرين، ليس ممن يشغلون مناصب السلطة العامة فحسب، بل شملت مختلف الفئات بما فيها النخب بمختلف توجّـهاتها، والوجاهات الاجتماعية وغالبية أفراد المجتمع.

وما إن بدأ مفعول المشروع التحرّري النهضوي يكشف حقيقة تلك العناوين الزائفة والمضللة، ويكسب المزيد من المؤيدين، حتى ثارت مخاوف الإدارة الأمريكية من مضاعفات ذلك المشروع، وآثاره الواضحة في الحد من نفوذها في تلك المرحلة في منطقة انطلاقه وما جاورها، وحينها أوعزت إلى النظام العميل في العاصمة صنعاء، بالعمل بشكل عاجل على التخلص من المشروع وصاحبه، الذي سبَّب لها إزعاجًا غيرَ مسبوق، ولم يتردّد النظام العميل في تنفيذ ما تم تكليفُه به من جانب مشغِّلِه الأمريكي.

وباستشهاد مؤسِّسِ المشروع السيد القائد الشهيد/ حسين بدر الدين الحوثي، ساد الاعتقاد أن النظامَ العميلَ في العاصمة صنعاء قد خلَّصَ الإدارةَ الأمريكية من مسببات ألمِها، وتعكير صفو سطوتها ونفوذها، غيرَ أنها والنظام العميل ما لبثا أن أدركا خطأ تقديرهما، بعد أن حمل راية المشروع النهضوي التحرّري السيد القائد/ عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، الذي تمكّن بعد جولات متعددة من المواجهة ومعه ثلة من المجاهدين، من لجم تحَرّكات النظام العميل، وإفشال المخطّطات الإجرامية للإدارة الأمريكية ضد شعبنا.

وتصاعدت الخطوات بمرور الأيّام والأعوام، حتى تمكّن المجاهدون -بقيادة السيد القائد وبفضل الله “سبحانَه وتعالى”- من كنس رموز العمالة، وتطهير البلاد من دنس المحتلّ الأمريكي، الذي غادر العاصمة صنعاءَ منكسِرًا يَجُـــرُّ أذيالَ الخيبة والخسران؛ ولأنه أدرك تماماً أنه أصبح في مواجهة الشعب وجهًا لوجه، وأنه لا طاقة له بهذه المواجهة، فقد عمل جاهدًا على استخدام كُـلّ ما تبقَّى له من أوراقٍ تآمرية قذرة؛ لإحداث حالة فوضى شاملة، واقتتال داخلي، من خلال محطات متعددة باءت جميعُها بالفشل.

وانتقل عقبَ ذلك إلى آخر ما تبقى له من أوراق، والمتمثلة في الأدوات الإقليمية وعلى رأسها النظامان السعوديّ والإماراتي، حين دفع بهما إلى تشكيل وتمويل تحالف عدواني بقيادتهما؛ لشن حرب عدوانية قذرة على شعبنا، هدفُها إسقاطُ ثورته الشعبيّة، وإغراق الشعب ذاته في مستنقعٍ صراع دموي لا ينتهي، وبإشرافٍ وتوجيهٍ ومتابعةٍ من الإدارة الأمريكية أُعلنت تلك الحربُ العدوانية الإجرامية من عاصمة تحالف الشر والإجرام واشنطن.

وقد توهَّم المجرمون أن أيامًا معدوداتٍ من القصف الجوي المكثّـف كفيلةٌ بترويع الشعب اليمني، وإذعان قيادة الثورة؛ ليتمكّن تحالف الإجرام بعدها من السيطرة على الأوضاع في البلاد، وإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م، لكن التحالف المأزوم المهزوم فوجئ بمضي الأيّام والأسابيع والشهور والسنوات، وفوجئ بشعبنا يزداد صلابة وتماسكًا وصمودًا وثباتًا في المواجهة، وقيادته الحكيمة تزداد إصرارًا وتصميمًا على انتزاع حق الشعب في السيادة والاستقلال كاملًا غيرَ منقوص.

وبمرور السنوات انقلب الوضعُ رأسًا على عقب؛ ليصبح تحالفُ العدوان مذعِنًا أمام اليد الطولى لشعبنا والصفعات المتتالية، التي أفقدت تحالفُ الإجرام توازُنَه؛ ليلجأ إلى طلب الهُدنة صاغرًا، وتتلوها أُخرى، وتتوِّجُـها تهدئةٌ واقعيةٌ غيرُ معلَنة، وغير متفق عليها، فرضتها قوة وبأس شعب الإيمَـان والحكمة، وهي تؤكّـد -بكل وضوح، وبما لا يدع مجالًا للشك- انكسار تحالف الإجرام، الذي دفعت به الإدارة الأمريكية لتحقيق أهدافها، واستعادة نفوذها في بلادنا، الذي أفقدتها إياه الثورة؛ ولأن هذه الإدارة المجرمة تضمر الشر لشعبنا، فهي رغم لجوئها للتهدئة، فَــإنَّها عملت منذ ذلك الحين ولا تزال تعمل بشكل حثيث، على العودة إلى ما سبق لها أن فشلت فيه من مخطّطاتٍ شيطانية قبلَ وبعدَ نجاح الثورة.

وتراهنُ إدارةُ الإجرام الأمريكيةُ اليومَ على تمويل وتسليح حكومة العملاء؛ لتستخدمَهم وقودًا لصراع داخلي متزامن مع حصار اقتصادي خانق، تسهم فيه أدواتُها الإقليمية، والإدارة الأمريكية وهي تحاولُ إعادة استخدام هذا المخطّط القديم، الذي سبق لشعبنا إفشالُه، إنما تعلنُ عن عجزها وفشلها الذريع، الذي مُنِيَت به في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي، والممتد ليشمل البحر المتوسط.

ولم تتمكّنِ القواتُ البحرية للإدارة الأمريكية من حماية السفن الصهيونية، والسفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلّة، وفشلت كذلك في حماية سفنها التجارية، بل فشلت في توفير الحماية لبوارجها الحربية، ودرة تاج سلاحها البحري حاملة الطائرات (آيزنهاور) التي لاذت بالفرار بعد أن استشعرت الخطر الداهم، فولَّت هاربة مردوعةً بعد أن كانت مهمتها الأَسَاسية فرض حالة الردع على شعبنا وقيادته.

ولذلك فالإدارة الأمريكية لجأت في المرحلة الراهنة إلى إعادة تشغيل أدواتها وعلى رأسها النظامان السعوديّ والإماراتي، ودفعتهما إلى الإضرار بشعبنا اقتصاديًّا، من خلال عدد من الإجراءات التي اتخذتها حكومةُ العملاء، تتعلقُ هذه الإجراءاتُ بنقل المراكز الرئيسة للبنوك التجارية، وشركات الاتصالات، وهيئة الطيران من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدنَ، وتأتي هذه الخطواتُ العدوانية عقبَ فشلِ العدوان في إجراءاته السابقة بشأن نقل وظائف البنك المركزي، وكُلُّ هذه الخطوات الفاشلة التي اتخذتها حكومةُ العملاء، وتهدِّدُ باتِّخاذ المزيدِ من الخطوات تصُبُّ في خدمة أدوات القوى الاستعمارية في الرياض وأبو ظبي؛ تنفيذًا لأوامرِ الإدارة الأمريكية، وخدمةً للكيان الصهيوني وتضامنًا معه ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزةَ.

ويعد لجوءُ الإدارة الأمريكية وأدواتها وعملائها إلى هذه الإجراءات، بعد فشل تعميم مخطّطات الفوضى الشاملة قبل العدوان، وفشل العدوان ذاته بعد ما يقرب من عقد من الزمان، وفشل بحرية الإدارة الأمريكية في تحقيق حالة الردع المزعومة، التي شكَّلت لها تحالفًا تحت عنوان “حارس الازدهار”، ذلك الحارس الجبان الذي لاذ بالفرار؛ لينتهيَ الأمرُ بحالة ردع عكسية فرضها شعبنا في مواجهة قوى الاستعمار الصهيوغربية.

والحقيقة الساطعة هي أن لجوءَ الإدارة الأمريكية إلى الحربِ الاقتصادية ضد شعبنا؛ لمعاقبتِه بشكلٍ جماعي على موقفه المشرِّفِ من جريمة الإبادة الجماعية، التي تقترفُها منذ تسعة أشهر القوى الاستعمارية الصهيوغربية، ومسلك الإدارة الأمريكية هذا تجسيدٌ واقعي لفشلها الذريع، الذي مُنِيَت به في مواجهة الإرادَة الصُّلبة لشعب الإيمَـان والحكمة.

وفي مواجهة الحرب الاقتصادية العدوانية المعلَنة ضد شعبنا، حدّد السيدُ القائدُ في كلمته بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية 1446هـ، موقفًا واضحًا حازمًا، وهو أن الإجراءاتِ الاقتصاديةَ التي اتخذتها حكومةُ العملاء -مدفوعةً من جانبِ النظام السعوديّ؛ تنفيذًا لتوجيهات وتوجُّـهات الإدارة الأمريكية- تمثل حربًا اقتصادية، وهي أخطرُ من الحرب العسكرية؛ كونها تَمُسُّ جميعَ أبناء الشعب، ولا يمكن -بحال من الأحوال، وَفْـقًا للموقف الذي حدّده السيد القائدُ- السكوتُ في مواجهة هذه الحرب، وسيتم مواجهتُها بمثلها، البنك بالبنك والمطار بالمطار، والميناء بالميناء، وأنه لن يفيدَ النظام السعوديّ التخفي خلف إجراءات حكومة العملاء، وعليه ألا يعوِّلَ على حماية الأمريكي، الذي عجز عن حماية بوارجِه العسكرية، أما العملاء فهم وكلاءُ، وأيةُ إجراءات ضارة بشعبنا تصدُرُ عنهم سينصرِفُ أثرُها والردُّ عليها مباشرةً إلى مشغِّليهم في الرياض.

والواضحُ أن الموقفَ الحازمَ الذي أعلنه السيد القائد، لم يضع سقفًا محدّدًا لردِّ الشعب على الإجراءات الماسَّة بحياته في الجانب الاقتصادي، ولن يكونَ هناك حسابٌ لأية اعتبارات، مهما كان حجم المشاكل التي قد تنجمُ عن الرد على الإجراءات الاقتصادية العدوانية؛ باعتبَار أن هذه الإجراءاتِ تَصُبُّ في خدمةِ الأمريكي المعتدي على بلادنا، والشريكِ في جريمةِ الإبادة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهذا الموقفُ الواضحُ يرسلُ رسالةً شديدةَ اللهجة إلى النظام السعوديّ بأن الاستمرارَ في الإضرار بشعبنا اقتصاديًّا عواقبُه وخيمةٌ، وسترتدُّ عليه.

مقالات مشابهة

  • عنترة بن شداد والولايات المتحدة الأمريكية
  • تحول في العقيدة العسكرية للناتو بشأن توسيع قاعدة الدول المنضمة تحت لوائه
  • تحذير أممي من انتشار الصراع في شرق الكونغو الديمقراطية
  • 6 نقاط رئيسية من المحادثات الوزارية لدول شرق أفريقيا في زنجبار
  • زعازع ديمقراطية كينيا “الاستثنائية”
  • ما بعد الديمقراطية المعاصرة.. هل هناك أمل؟
  • هل من تأثيرات اساسية لـالانقلاب الفرنسي على لبنان؟
  • الموقفُ الحازم يُلجِمُ مخطَّطاتِ العدوان الغاشم
  • الغرب هو نحن
  • هل تتغير السياسة الإقليمية لإيران مع فوز بزشكيان بالرئاسة؟