العام الجديد.. الطموحات الوطنية وأزمات الإقليم
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
يهل علينا بعد أيام العام الميلادي الجديد (عام ٢٠٢٤) وسط تفاؤل كبير نحو الانطلاقة الاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل ترقب الميزانية العامة للدولة والتي سوف يصدر بشأنها مرسوم سلطاني سامٍ الاثنين القادم، كما أن هناك ترقبا لصدور مراسيم وقرارات خلال العام الجديد تصب في إطار التحديث والتطور وخدمة المجتمع العماني، في إطار مسار النهضة المتجددة التي يقودها بحكمة واقتدار جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه.
إن التنمية المستدامة هو هدف أصيل تحدث عنه وأكد عليه جلالة السلطان المعظم في كلماته السامية والتي كان آخرها الكلمة السامية لجلالته في افتتاح الدورة الثامنة لمجلس عمان . كما أن الزيارات السلطانية الأخيرة لكل من جمهوريتي سنغافورة والهند تدخل في إطار تعزيز العلاقات الاقتصادية وأطر التعاون في مجالات التقنية والابتكار والطاقة المتجددة وغيرها من المجالات التي تسهم في التنمية الشاملة في بلادنا سلطنة عمان، خاصة أن المؤشرات الدولية سجلت تطورا إيجابيا خلال السنوات الأخيرة.
إن الطموحات كبيرة وسلطنة عمان تستقبل العام الجديد خاصة على صعيد مسار رؤية عمان ٢٠٤٠ وعلى مسار خطة التنمية العاشرة والتي تدخل عامها قبل الأخير علاوة على أن أمام مجلس عمان بغرفتيه الدولة والشورى عدد من مشروعات القوانين وعمل كبير خلال دور الانعقاد الحالي وعلى مدى أربع سنوات.
كما أن قانون الحماية الاجتماعية سوف ينفذ خلال يناير القادم لعدد من الشرائح المجتمعية كالأطفال وكبار السن والأيتام والأرامل والأسر ذات الدخل المحدود، وهناك آمال كبيرة أن تشمل الحماية الاجتماعية في المستقبل القريب الباحثين عن عمل بشكل خاص حيث إن هذه الشريحة من المجتمع تحتاج اهتماما خاصا كونها تمثل قوة بشرية شابة وحيوية.
وعلى ضوء ذلك فإن العام الجديد يحمل آمالا عريضة للتطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي. كما أن موضوع التنوع الاقتصادي يعد على قدر كبير من الأهمية من خلال وصول الصادرات غير النفطية إلى مستوى أكبر بحيث يقل الاعتماد تدريجيا على مصدر وحيد كالنفط، وهذه مسؤولية الحكومة ومجلس عمان والقطاع الخاص والمجتمع المدني من خلال الشراكة المجتمعية والمنظومة التي تعمل بشكل منظم وهدف وطني يحقق الأهداف الاستراتيجية، التي تركز عليها مسارات رؤية عمان ٢٠٤٠، خاصة أن المقومات الاقتصادية والموقع المميز لبلادنا سلطنة عمان يؤهلها لتحقيق تلك الطموحات الوطنية في ظل الجهود الكبيرة التي يبذلها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ومن هنا فإن المشهد الوطني خلال العام الجديد يبشر بخطوات جادة على صعيد منظومة العمل الوطني.
وعلى صعيد مسار الدبلوماسية العمانية فإن الأزمات الإقليمية تتصاعد خاصة على صعيد العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وعموم فلسطين، كما أن هناك حروبا أهلية طاحنة كالحرب الكارثية في السودان، ومع ذلك بذلت الدبلوماسية العمانية جهودا كبيرة ومقدرة على صعيد عدد من الأزمات الإقليمية وفي مقدمتها الحرب في اليمن؛ حيث كان لجهود بلادنا سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- دور في وقف الحرب والاستعداد لتوقيع خريطة طريق لمسار السلام بين الفرقاء اليمنيين، كما أعلن ذلك المبعوث الأممي لليمن. كما أن موضوع الملف النووي الإيراني لا يزال تُبذل بشأنه جهود سياسية كبيرة خاصة من بلادنا سلطنة عمان بهدف تخفيف التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، وعلى ضوء الأزمات الإقليمية فإن هناك آمالا كبيرة في العام الجديد أن تنجح الدبلوماسية في حل تلك الصراعات والحروب والتي لا تخدم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم ولعل الخطوة الأهم هو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية من خلال تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين وأن تنهض المنطقة من خلال السلام الشامل والعادل وانتهاء آلام الشعوب، وخاصة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي البغيض على مدى ثمانية عقود.
ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية تبذل جهودا كبيرة على صعيد عدد من الملفات الإقليمية والهدف الأسمى إيجاد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم إيمانا من بلادنا بأن الحروب والصراعات لا تؤدي إلى شيء سوى التمزق وضياع آمال الأجيال بالعالم في حياة كريمة مستقرة خاصة على صعيد الدول العربية والإسلامية والدول النامية، حيث تشتد الحروب والأزمات والتي تستنزف الموارد المالية وتضيع الكثير من المقدرات.
إن العام الجديد على صعيد المشهد الوطني يشكل الكثير من الطموحات للمجتمع خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي وعلى صعيد تنفيذ الرؤى التي تشكل مسارات إيجابية للتنمية المستدامة في ظل النهضة المتجددة التي يقودها جلالته -حفظه الله ورعاه-، أما على صعيد المشهد السياسي العربي والدولي فإن المزيد من الجهود ينبغي أن تُبذل خاصة لإنهاء العدوان الصهيوني الظالم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين، وأيضا حل الأزمات العربية بشكل عام حتى ينهض العالم العربي والإسلامي وأن نشهد مناخا إيجابيا قوامه الاستقرار والسلام والأمل لملايين من الأجيال الجديدة، وكل عام وبلادنا سلطنة عمان وقيادتها وشعبها في خير وسلام وتقدم.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حفظه الله ورعاه جلالة السلطان العام الجدید خاصة على على صعید من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
الموعد الجديد لوقف النار.. بداية العام
لا تزال اسرائيل تعمل على رسم المعادلات في لبنان في كباش جدي مع "حزب الله"، فالحزب الذي انتقل من مرحلة استيعاب الصدمة واستعادة المبادرة بات اليوم يبحث عن الوصول الى تثبيت المعادلات العسكرية بينه وبين اسرائيل، لذلك فإن ما يحصل اليوم مرتبط بمعادلة القصف والاستهداف اذ يبحث كل طرف عن معادلة تناسبه لتثبيتها على اعتبار أن الحرب قد تكون طويلة لذلك من غير الممكن أن يستسلم "حزب الله" لمعادلة تناسب اسرائيل والعكس، من هنا بدأ "حزب الله" تكثيف ضرباته واستهدافاته الجوية بإتجاه العمق وتحديداً حيفا وتل ابيب وكريوت وغيرها من المناطق، وان كان جزء كبير من هذه الاستهدافات يطال قواعد عسكرية وليس مناطق مدنية.
البحث اليوم هو عن تثبيت معادلة الضاحية في مقابل حيفا او في مقابل تل ابيب، ففي الوقت الذي يسعى الحزب إلى أن تكون الضاحية في مقابل ضواحي تل ابيب، تعمل اسرائيل قدر الامكان على استعادة معادلة الضاحية في مقابل حيفا، وهذا كباش قد يستمر لعدة اسابيع قبل ان يتمكن اي طرف من الانتصار في تثبيت معادلته، وعليه تتركز المعركة اليوم على الاستهداف عن بعد، ان كان عبر الطائرات الحربية من قبل اسرائيل او الصواريخ والطائرات المسيرة من قبل "حزب الله".وسيكون لهذا الجانب من الحرب دور اساسي في كيفية انتهائها وشكل التسوية التي سيتم توقيعها بعد ذلك.
هذا التراشق قد لن يؤدي الا الى زيادة الضغط على الاطراف، فمن جانب "حزب الله" ستكون نسبة المجازر الكبيرة جداً وحجم الدمار عاملا من عوامل دفعه الى التسوية، في المقابل فإن استمرار اطلاق الصواريخ من الحافة الامامية سيؤدي الى "لا يقين" لدى المستوطنين بالعودة الى الشمال وهذا عامل ضغط كبير على رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، كذلك قد يؤدي تهجير مدن اضافية وتحديدا حيفا وضواحيها، الى اضرار فعلية في الواقع الشعبي لنتنياهو الذي سيظهر انه فشل في الحرب بل فاقم المشكلة على الجبهة الداخلية، وهذا كله سيدفعه الى التعجيل بالتسوية والاكتفاء بالانجازات التي قام بها في بداية المعركة.
بحسب مصادر مطلعة فإن الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب يريد استمرار المسار الديبلوماسي كي يتمكن فور وصوله من انهاء الصراع، لكن في الوقت نفسه لا يريد ان تكون التسوية على حساب اسرائيل، وعليه فإن الهامش الزمني المتبقي لدخوله الى البيت الابيض سيكون هو الوقت المتاح لنتنياهو من اجل تحقيق المزيد من الانجازات وفرض المزيد من التنازلات على "حزب الله" وعليه فإن تنازل الحزب بسبب الغارات المجازر والتدمير سيجعل تل ابيب تستغني عن العملية البرية، اما فشل الوصول الى تسوية في المرحلة المقبلة فسيدفع بالجيش الاسرائيلي نحو عملية واسعة في جنوب لبنان قد تكون غاية امال "حزب الله"..
من الواضح ان الاطار العام للتسوية بات جاهزا وهو يدور حول القرار 1701، لكن الضغوط العسكرية الحاصلة اليوم هي التي تحسم التفاصيل والمساحة التي يستطيع الاسرائيلي اللعب فيها ان لناحية الاستهدافات الجوية او لجهة وجود "حزب الله" عند الحافة الامامية، او حتى حول خطّ الامداد من ايران الى لبنان مروراً بسوريا. المصدر: خاص "لبنان 24"