الوطن:
2025-04-17@15:58:04 GMT

د. يوسف عامر يكتب: من مقومات الإسلام

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

د. يوسف عامر يكتب: من مقومات الإسلام

الأحكام: جاءت الأحكام والتشريعات فى ديننا الحنيف مراعية لطبيعة الإنسان، هادية له، مصححة لمساره فى الحياة، سواء فى ذلك أحكام العبادات وأحكام المعاملات.

والتزام الإنسان بهذه الأحكام فى عباداته ومعاملاته عبادة مقصودة فى ذاتها، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وليس معنى العبادة هنا قاصراً على أداء الفروض المعروفة، وإنما العبادة هى أن يكون الإنسان بكيانه كلِّه عبداً لله تعالى، فهو عبد مخلص لله سبحانه بأداء عباداته كما أمر، وهو عبد مخلص لله سبحانه بالتزام أوامره فى المعاملات كما شرع.

فتحقيق العبودية لله تعالى أمر مقصود فى ذاته، ولا يستقيم أمر الإنسان فى الحياة إلّا بوجوده؛ إذ العبادة ترجمة عملية للإيمان الذى هو فطرة فطر الله سبحانه وتعالى خلقه عليها، فيجب أن تُحفظ الأحكام ضابطة لحياة البشر وحركتهم فى الكون.

وقد جاء الإسلام -باعتباره رسالة الله تعالى للعالمين- مهيَّأ لاستمرار أحكامه بكونه غير مقيَّد بأشخاص معينين، أو زمان محدد، أو مكان دون غيره، أو أحوال خاصة، أو أعراف وعوائد لا يتخطاها، وإنما هو مجاوز لكل هذه الحدود، وصالح لكل مكان وفى كل زمان، مُراعٍ لأعراف الناس وعوائدهم المستقيمة؛ لأنّ الناس لم يعتادوا أمراً ويصيّروه عرفاً بينهم إلّا لحاجتهم إليه، ولتحقيق مصالح يرجونها.

ولولا أن الإسلام مجاوز لكل هذه القيود والحدود لما كان محقِّقاً لمصالح العباد فى المعاش والمعاد، نعم هذا المعنى متحقق فى كل شريعة «فإنّ الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب لإقامة مصالح الدنيا والآخرة، ودفع مفاسدهما» كما يقول سلطان العلماء عز الدين بن عبدالسلام (ت 660)، ولكن هذا فى غير شريعة الإسلام كان محدوداً بقوم أو بزمن، أمّا فى الإسلام فهو نفع غير محدود كما سبق البيان، ولهذا كانت «الشريعة كلها نصائح، إما بدرء مفاسد أو بجلب مصالح»، كما يقول العزّ بن عبدالسلام أيضاً، فرعاية مصلحة الإنسان من ثوابت الشرع الشريف، حتى قال بعض السادة العلماء: «حيثما كانت المصلحة فثمّ شرع الله».

ومن هنا لا يصح أن يتصدّر للإفتاء إلا من كان مدركاً لمقاصد الشرع الشريف، وعالماً بأعراف المجتمع الذى يتولى الإفتاء فيه وعوائده، الحسن منها والقبيح، وما ينبغى أن يُراعَى عند الإفتاء لتحقيق مصالح العباد، وما ينبغى أن يقوَّم ويُعدَّل لأنّه لا يتفق مع دين الله ولا الفطرة التى فَطر الناس عليها، ومن يجترئ على مقام الإفتاء دون إدراك لأعراف الناس وعوائدهم، واختلاف أمكنتهم ومستجدات زمانهم وخصوصية واقعهم فقد ضل وأضل، فمعارف المفتى لا تقتصر على العلوم الشرعية، بل لا بد من إدراك جيد لأحوال المجتمع، ومن متابعة حثيثة دقيقة لمستجدّات الواقع.

وليس هذا قاصراً على المفتى وحده، بل ينبغى أن يكون الدعاة والوعاظ كذلك، لأنهم هم الذين يباشرون دعوة الناس، ويقومون بتوجيه خطاب الله تعالى لهم، وينقلون أحكام الدين إليهم، فينبغى أن يتشبّعوا بهذه الثقافة، ثم يؤصّلونها فى المجتمع... فالشريعة إنّما جاءت لنفع العباد فى المعاش والمعاد.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التشريعات الإسلام الله تعالى لله تعالى

إقرأ أيضاً:

ملتقى الجامع الأزهر: الغزوات في الإسلام لم تكن هجومية بل دفاعية

عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، ملتقاه الأسبوعي الخاص بالسيرة النبوية تحت عنوان «منهج النبي صلى الله عليه وسلم والأمن الإقليمي»، بحضور نخبة من الأكاديميين والمتخصصين، حيث شارك في الملتقى د. السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم الحضارة الإسلامية السابق بالجامع الأزهر، والدكتور أسامة مهدي، الأستاذ المساعد للحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة، وأدار الجلسة الإعلامي أبوبكر عبد المعطي، كبير مذيعي إذاعة القرآن الكريم. 

تناول الدكتور السيد بلاط في مداخلته مفهوم الأمن كأحد الركائز الأساسية للدولة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن تحقيق الأمن يُعد شرطًا رئيسيًا للتنمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي بَدَنِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا»، موضحًا أن هذا النص يؤسس لمفهوم شمولي للأمن يشمل الجوانب الصحية والمعيشية.

 كما أبرز الدكتور السيد بلاط، أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمد في بناء الأمن الداخلي للمدينة على مبادئ قرآنية، مثل قوله تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ»، كأساس للتعايش السلمي مع غير المسلمين. 

من جهته، رد الدكتور أسامة مهدي على الانتقادات الموجهة إلى الغزوات النبوية، مؤكدًا أنها لم تكن هجومية بل دفاعية لصد الاعتداءات، مستندًا إلى قوله تعالى: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا». وأوضح أن الدعوة الإسلامية اعتمدت على الحكمة والحوار لمدة 12 عامًا قبل اللجوء إلى الدفاع المشروع، مما يدحض فكرة ارتباط الإسلام بالعنف غير المبرر. 

يأتي هذا الملتقى في إطار جهود الجامع الأزهر لتسليط الضوء على المنهج النبوي في تعزيز الاستقرار والتعايش، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول السيرة الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: ابتُلي العالم الإسلامي بفتنٍ كقطع الليل المظلم
  • ملتقى الجامع الأزهر: الغزوات في الإسلام لم تكن هجومية بل دفاعية
  • محمد حامد جمعة يكتب: المضاغطات
  • عبادة إذا فعلتها يديم الله عليك نعمه.. الإفتاء توضحها
  • حكم الاستمناء باليد وعمل العادة السرية خوفًا من الزنا
  • آداب المزاح في الإسلام مع الأصدقاء.. 3 شروط التزم بها
  • يتأخر عن عمله نصف ساعة فهل لراتبه تأثير في الشرع الشريف
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بـ3 مقيمين لتهريبهم الهيروين إلى المملكة
  • هل السعي لفك السحر حرام؟.. احذر 3 أخطاء يقع فيها الكثيرون
  • حكم قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يكثرون من الإساءة إلي ولأسرتي؟.. الأزهر يجيب