فى الفترة الناصرية كان لثروت عكاشة رؤية للثقافة، وكلها تنصب على نقطة جوهرية وحيدة ألا وهى الإخلاص والتفانى للنظام.. أما عكس ذلك فالجحيم ملاقيك.
ثروت عكاشة والثقافة:
... لا بد من الإيمان بمبادئ الناصرية وميثاقها، والإيمان بالاتحاد الاشتراكى أو اعتزال العمل السياسى. كانت هذه خطة الثقافة فى المرحلة الناصرية، هذه الخطة التى عملت عليها وزارة الإعلام والثقافة والتعليم والجامعات، فليس مسموحًا ممارسة العمل السياسى ولا الحديث فيه، وعلى المواطن أن يكون رهن إشارة السلطة السياسية.
فاروق حسنى والثقافة والحظيرة:
ظل مبارك ينظر إلى الثقافة بريبة وعدم معرفة لما يمكن أن ينجزه من خلالها، ويمكن القول إنه كان حريصا على ألا يغير شيئًا ورثه من السادات، ولم يلتفت للثقافة إلا بمجىء فاروق حسنى إليها.. وانصب اهتمام فاروق حسنى على كيفية التعامل مع الفئات غير المرغوب فيها.. وليس هناك أفضل من خطة المعز لدين الله الفاطمى، حين أشهر سيفه ونثر ذهبه على الرؤوس.. وجميعهم دخلوا الحظيرة ومشروعاتها الثقافية، سواء فى مكتبة الأسرة أو قصور الثقافة أو المجلس الأعلى للثقافة، جميعهم رغب فى الجوائز والتفرغ والنشر والسفر، وأصبح مكتب فاروق حسنى فى شجرة الدر قبلة للجميع، لذا لم تلجأ الدولة إلى السيف، فما حاجتها لاستعماله مع جماعة من المهادنين.
لكن صدمة فاروق حسنى كانت كبيرة فيمن تصور أنهم دخلوا الحظيرة حين رآهم يصفقون بحماس لصنع الله إبراهيم على رفضه جائزة الرواية العربية عام 2002 فقد كان آخر الماركسيين الرافضين للنظام وحظيرته، وكان انضمامه إليها بمثابة النصر المبين، غير أن صنع الله وقف على عتبة الباب ورفض الدخول، وأعلن رفضه لجائزة.. فوقف الوزير مندهشا، ليس من رفض صنع الله الذى كان بمثابة لطمة على وجه النظام، ولكن من فرح كل الذين ظن أنهم دخلوا الحظيرة. كانت صدمته شديدة وغضبه واضحا،وكان هذا أول يوم يظهر فيه مصطلح الحظيرة، ذلك الذى عمل عليه لسنوات دون أن يعلنه. لكن ثورة الغضب جعلته يبوح بما فى صدره.
وعليه نتساءل:هل هدفت الثقافة سواء فى العصر الناصرى أو ما بعده إلى خدمة الوعى والارتقاء بالوعى الثقافى؟ الإجابة أظننا تلوناها عبر ما قد عرضه صبحى موسى، وللأسف الأمر ما زال بل أسوأ من السابق.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أكاديمية الفنون
إقرأ أيضاً:
بين الفطرة والتشريع.. كيف تحمي أحكام الإسلام النظام الأسري؟
وناقشت حلقة 2025/3/29 من برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" مع أستاذ التشريع الجنائي الإسلامي الدكتور محمد بوساق الحكمة الإلهية من تنظيم الأسرة ومواجهة التحديات المعاصرة التي تستهدف هذه المؤسسة الحيوية.
وكشفت الحلقة عن جوانب من الإعجاز التشريعي في الإسلام، خاصة في قضايا الأسرة والميراث والعدة والنسب.
وافتتح بوساق حديثه ببيان الحكمة الإلهية من خلق البشر ضمن منظومة أسرية متكاملة، وقال "الله سبحانه، أعظم من خلق الله هو آدم -عليه السلام- وذريته، وجعل ذلك من أجله سبحانه وتعالى ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا".
وأوضح أن الله أفاض على بني آدم من النعم ما لا حصر لها، فقد جعلهم أزواجا، وجعل لهم بنين وحفدة، وجعل القرابة -صلة القربى- من نعمه عليهم بعد نعمة الإيمان، مؤكدا أن الله جعل هذه الصلات من أجل تمتين وربط الناس ربطا يقينيا بربهم، وهذه "القرابة هي نعمة وحفظ وكرامة لهم".
وبيّن بوساق أن "الإنسان هو مدار تحقيق مقاصد الشريعة كلها"، فمن حيث مقصد الدين فإن الإنسان هو الذي جعله الله سبحانه وتعالى ليعبده ولا يشرك به شيئا، ومن حيث مصلحة النسل فقد جعل سبب النسل واستمراره وعدم انقراضه في نعمة الزواج.
الإعجاز التشريعي
وتناول بوساق شبهة تقييد حرية المرأة من خلال نظام العدة للأرامل والمطلقات، وكشف عن جوانب من الإعجاز التشريعي في هذا النظام، مشددا على أهمية الانتباه والالتفات إلى الإعجاز التشريعي "لأن الناس انصرفوا كثيرا إلى الإعجاز العلمي، وهم على حق، وذلك فيه خير وبركة، وفيه نعمة للدعوة الإسلامية، ولكن الإعجاز التشريعي أعظم من الإعجاز العلمي".
إعلانوكشف عن اكتشاف علمي حديث يؤكد حكمة العدة الشرعية، إذ أثبتت الأبحاث العلمية أن "بصمة الرجل مع المرأة تنتهي في 3 أشهر، يعني 30% منها في الشهر الأول، و30% في الشهر الثاني، و30% في الشهر الثالث".
وأشار إلى بحث أجري في بعض أحياء المسلمين، فوجد أن "المسلمة ما عندها إلا بصمة واحدة، في حين في المجتمعات غير المسلمة وُجدت للمرأة بصمتان وثلاث وأكثر"، مما يدل على وجود علاقات غير شرعية".
وأكد أن هذه الاكتشافات العلمية تثبت حكمة التشريع الإسلامي، وقال "هذه كلها بعلم الله سبحانه وتعالى، ومن أحسن من الله حكما".
واستعرض بوساق الإعجاز التشريعي في نظام المواريث الإسلامي، وكيف استطاع في 10 أسطر فقط أن يجمع كل أحكام الميراث بعدل وإنصاف "في حين أن قوانين الميراث في الدول الغربية تستغرق مجلدات".
واستشهد بقصة روبرت غولدن مستشار الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، والذي كان متخصصا في القانون وخريج جامعة هارفارد، وكيف أنه أسلم بعد دراسته آيات المواريث في الإسلام.
وقال "لما قدّمت له آيات الميراث التي تبدأ بقوله تعالى ﴿يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين﴾ بقي عدة أيام، ثم رجع وقال: كيف هذا؟ كيف يجمع كل علاقات النسب ومن عمود النسب من أعلاه إلى أسفله ومن أجنحته، وكل هذا يجمعه في هذه الكلمات القليلة ويعطي بالإنصاف كل ذي حق حقه؟".
وأضاف بوساق أن غولدن قال "هذا لا يمكن أن يقدر عليه إلا من خلق الإنسان ومن خلق عمود النسب ومن خلق الأجنحة"، وأسلم بسبب هذا الإعجاز التشريعي.
شبهة إبطال التبني
وتطرق بوساق إلى شبهة إبطال التبني في الإسلام، موضحا أن الإسلام لا يمنع كفالة الأيتام ورعايتهم، بل يمنع ادعاء النسب لغير الأب البيولوجي، خاصة بعد اكتشاف البصمة الوراثية التي تثبت نسب الأبناء بشكل قاطع.
وقال "البصمة الوراثية تبين أن لكل ولد بصمة وأنه من صلب رجل بعينه، ويمكن معرفته بعد اكتشاف هذه البصمة الوراثية، فكيف يبقى لنا أن نستمر في هذه الجاهلية؟!".
إعلانوأضاف "الولد لأبيه، وهذه ليست مجرد دعوة، يعني مجرد كلام، هذا له أصل وأنه من والده، ويمكن معرفته بالتحاليل".
وأكد أن الإسلام لا يمنع "رعاية الطفولة، سواء كانت للذين ليس لهم أب معروف، لا يمنع من كفالتهم ورعايتهم وحمايتهم، ويعني أن يعيشوا وسط المسلمين كإخوة في الإسلام".
وحذر بوساق من تحديات معاصرة تستهدف الأسرة المسلمة، منها:
العزوف عن الإنجاب:أشار إلى أن الأعداء يعملون على "إشغال الناس بالشهوات، وترك مقاصد شرعهم"، مما يؤدي إلى "العزوف عن الإنجاب وعن تربية الأطفال". الإجهاض:
وصف الإجهاض بأنه "معارضة ومخالفة لأمر الله ولخلق الله"، وقال إنه في العصر الحديث أصبح الأمر "أشد، صارت الأجنة والأطفال -ذكورا وإناثا- يرمون في سلال المهملات، مخلوق بروح ويرمى". المثلية وتغيير الجنس:
وصف هذه الظواهر بأنها مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقال إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان من زوجين ذكرا وأنثى "فكيف تستقيم المثلية أو تغيير الجنس"، واعتبر تشريع بعض الدول الغربية مثل كندا قوانين تسمح باختيار أكثر من جنس بأنه عبث ومخالفة للفطرة.
وأكد أن هذه الممارسات تؤدي إلى انقراض الأسرة وانقراض البشرية وتدمير "المقاصد التي أراد الله بها تكريم بني آدم"، داعيا للعودة إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
وختم أستاذ التشريع حديثه بالدعوة إلى الالتزام بالفطرة والوسطية في التعامل مع قضايا الأسرة، وقال "بدلا من أن تدعو إلى الدين ادعُ إلى الفطرة، يعني عدم مخالفة الفطرة لأنها هي الخط الأخير للخروج من الإنسانية إلى الحيوانية".
وأكد أن المرأة في الإسلام "يجب وضعها في الموضع الوسطي الذي وضعتها إياه شريعة الله سبحانه وتعالى بلا إفراط ولا تفريط".
وحذر من طرفي الإفراط والتفريط "المرأة مظلومة من طرفين: طرف الصيحات الحيوانية الفاجرة من أجل إخراج المرأة عن كل أدب وعن كل مصالحها وإغرائها بما يتلفها ويؤلمها، وكذلك النظر إلى المرأة بنظرة فوقية وحرمانها من الميراث".
إعلانوأشار إلى أن "الله سبحانه وتعالى في تشريعه راعى ما هو أنفع وأفيد للإنسان"، وأن الشريعة الإسلامية هي التي تحقق التوازن والعدل في المجتمع وتحفظ كرامة الإنسان وتصون الأسرة من التفكك والانهيار.
الصادق البديري30/3/2025