انطلاق القمة التنسيقية الخامسة للاتحاد الإفريقى تحت شعار «تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة» للقارة
تاريخ النشر: 15th, July 2023 GMT
تشارك مصر في أعمال القمة التنسيقية الخامسة لمنتصف العام للاتحاد الإفريقى والمجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية والدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقى التي تعقد غدا الأحد بالعاصمة الكينية نيروبى تحت شعار «تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية».
أخبار متعلقة
مصر تشارك في القمة التنسيقي بين الاتحاد الإفريقي والتجمعات الاقتصادية الإقليمية
السيسي يشارك في القمة التنسيقية بين الاتحاد الأفريقي والتجمعات الاقتصادية على مستوى القارة
نص كلمة السيسي في افتتاح أعمال القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي
والقمة التنسيقية تم إقرارها عام 2017 باعتبارها المنتدى الرئيسى للاتحاد الإفريقى والمجموعات الاقتصادية الإقليمية لمواءمة عملهم وتنسيق تنفيذ أجندة التكامل القارى، لتحل محل قمم يونيو / يوليو.
أشاد عدد من خبراء الاقتصاد الأفارقة بجهود مصر في تدعيم التنمية الشاملة بالقارة الإفريقية، وكذا إسهاماتها خلال الأعوام الماضية في إرساء حجر الأساس لتعزيز التجارة البينية الإفريقية والمنافسة، من خلال توحيد وتنسيق عمليات تحرير التجارة وأنظمة وأدوات التسهيلات التجارية عبر القارة الإفريقية، خاصة في أعقاب إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تُعد الكبرى على المستوى العالمى منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام 1995، وتضم في عضويتها 55 دولة إفريقية و8 كيانات اقتصادية إقليمية.
كما أشادوا بقيادة مصر للجهود القارية والدولية الرامية إلى مواجهة التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية ومطالبتها الدول الكبرى بالوفاء بالتزاماتها المالية والتكنولوجية تجاه الدول الإفريقية المتضررة من تغير المناخ.
وقال الخبراء، في تصريحات: «إن مصر أسهمت بفاعلية، من خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى، وتجمع السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)، وإسهاماتها النشطة في المحافل الاقتصادية الإقليمية والدولية، في إزالة العديد من العقبات التي تعرقل التجارة البينية الإفريقية خلال السنوات الماضية بهدف خلق سوق قارية موحدة للسلع والخدمات وتسهيل حركة المستثمرين بما يمهد الطريق لإنشاء اتحاد جمركى موحد بالقارة الإفريقية».
وقال الخبير الاقتصادى الزامبى، تونكو فوفانا: «إن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية- التي يبلغ عدد مستهلكيها حوالى 1.2 مليار شخص، وناتجها المحلى الإجمالى حوالى 3 تريليونات دولار، أي 3% من الناتج الإجمالى العالمى- تشكل فرصة مواتية لتعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التكامل التجارى بين دول القارة»، مشيدًا بجهود مصر في تدعيم التنمية الشاملة بالقارة الإفريقية، ولفت إلى أن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية تُعد أحد المشروعات الطموحة الواردة في أجندة 2063 للاتحاد الإفريقى.
وأضاف أن مصر حرصت على تعزيز التنسيق والتكامل بين الكيانات التجارية الثلاثة الكبرى بالقارة الإفريقية: الكوميسا، وجماعة شرق إفريقيا، ومجموعة التنمية للجنوب الإفريقى «سادك»، حيث استضافت مدينة شرم الشيخ، في منتصف يونيو 2015، مراسم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة للتكتلات الاقتصادية الثلاثة.
من جانبه، قال خبير مؤسسة الاقتصاديات الإفريقية بكينيا، زادى ماكينا: «إن رؤية مصر للتنمية الشاملة بالقارة الإفريقية تتناغم مع استراتيجية الاتحاد الإفريقى 2063، خاصة فيما يتعلق بإيلاء الاهتمام الكافى بالشباب الإفريقى، الذي يشكل ركيزة مستقبل القارة، وتعزيز الاستثمار فيه، ولاسيما أن أكثر من 60% من سكان القارة الإفريقية من الشباب، وتعزيز التحول الرقمى وإزالة القيود التي تواجه عملية التكامل التجارى على المستويين الإقليمى والقارى وزيادة الاستثمارات المشتركة وتعزيز بيئة الاستثمار ومواجهة التحديات الاقتصادية والتجارية من خلال البحث عن حلول تمويلية للمشروعات، خاصة في مجالات مواجهة تحديات التغيرات المناخية، والتنمية المستدامة».
وثمّن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للمؤسسات التمويلية متعددة الأطراف إلى إعادة النظر في المعايير والشروط التي تؤهل الدول، ومن بينها الإفريقية، للحصول على قروض ميسرة، بحيث تكون متاحة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل في ظل زيادة أعباء خدمة الدَّيْن، مؤكدًا أن الدول الإفريقية ينبغى أن تعزز الخطط الرامية إلى زيادة إسهام القطاع الخاص في التنمية المستدامة والتشغيل والتجارة البينية.
وبدوره، قال صامويل جلبرت، الخبير الاقتصادى الرواندى: «إن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية سوف تسهم حال تسريع تنفيذها في انتشال حوالى 30 مليون شخص بالقارة من هوة الفقر»، مشيرًا إلى أن الدول الإفريقية ينبغى عليها تفعيل السياسات التنموية وتقوية البنية التحتية لجذب الاستثمارات الخضراء وتعزيز التجارة من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتجمعات الاقتصادية الكبرى الثلاثة: الكوميسا، وجماعة شرق إفريقيا، ومجموعة التنمية للجنوب الإفريقى «سادك».
ولفت إلى أن استغلال الفرص التجارية التي توفرها منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وجذب الاستثمارات الأجنبية يستلزم سد الفجوة في البنية التحتية بالقارة، مشيدًا بتجربة مصر الرائدة في مجال تطوير البنية التحتية.
وأكد الخبير الاقتصادى الأنجولى، مانويل أنطونيو، ضرورة حشد جميع أشكال الدعم من جانب الدول الإفريقية لمنطقة التجارة الحرة القارية، التي أُطلقت عام 2019، وتشكل سوقًا موحدة للقارة، وتستهدف إزالة العقبات التجارية بها.
ودعا الدول الإفريقية إلى زيادة معدلات الاستثمار في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار والصناعات الخضراء لتعزيز تنافسية اقتصادياتها على المدى الطويل، مشددًا على أن الصناعات الخضراء تشكل عاملًا أساسيًّا في تعزيز تنافسية الاقتصاديات الإفريقية في الأسواق صفرية الكربون في المستقبل.
وأشار إلى أن سوق الكربون الإفريقى تشكل فرصة مواتية لجذب الفرص الاستثمارية المستدامة التي تعزز طموحاتها بشأن «النمو الأخضر».
في السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادى الأوغندى، أنطونى موبورو، إن تسريع منطقة التجارة الإفريقية القارية يستلزم تسهيل حركة الأفراد عبر الدول الأعضاء بالمنطقة لتعزيز الصناعات بالقارة، مشيرًا إلى أن تدعيم الاستثمارات في مجال الطاقة المستدامة سوف يساعد الدول الإفريقية على تنويع مصادر الطاقة وتقليص تكاليف الإنتاج، ما يفتح الطريق لتحديث الصناعات والبنية التحتية والنقل بالقارة.
وأشار إلى أن قمة الأمم المتحدة للمناخ «cop 27»، التي استضافتها مدينة شرم الشيخ في نوفمبر الماضى، أسفرت عن نتائج إيجابية، في مقدمتها الاتفاق على إنشاء صندوق مخصص لتوفير التمويل اللازم لتعويض الخسائر والأضرار للدول المتضررة من الفيضانات والجفاف والكوارث المناخية الأخرى، لافتًا إلى أن الاحتياجات التمويلية لمواجهة تداعيات تغير المناخ في إفريقيا تبلغ حوالى 3 تريليونات دولار حتى 2030.
وشدد على ضرورة تدعيم دور القطاع الخاص بالقارة الإفريقية لتوفير التمويل اللازم للنهوض بالمشروعات صديقة البيئة، منوهًا بأن إفريقيا تُعد الأقل إسهامًا في إجمالى معدلات الانبعاثات الضارة، والأكثر تضررًا من تداعيات تغير المناخ.
من جانبها، قالت نادوس إيسوفو، كبيرة المستشارين الاقتصاديين بإحدى المؤسسات البحثية بمالاوى: «إن موافقة زعماء ورؤساء حكومات الدول الإفريقية على إعطاء الأولوية لقضية (تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية) خلال عام 2023 سوف توفر قوة دافعة سياسية للتنفيذ وإزالة العقبات التجارية»، مشيدة بجهود الدول الإفريقية والفاعلة، ومن بينها مصر، في إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية بإفريقيا.
وأضافت أن الاجتماع التنسيقى نصف السنوى الخامس للاتحاد الإفريقى والتجمعات الاقتصادية والآليات الإقليمية، والذى يُعقد بالعاصمة الكينية نيروبى، في الفترة من 13 حتى 16 يوليو الجارى، يركز على سبل تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وإزالة العوائق التجارية بها.
وأكدت ضرورة تكاتف جهود الدول الأعضاء باتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لتوحيد قواعد المنشأ فيما بينها بما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات العالمية للقارة.
انطلاق القمة التنسيقية الخامسة للاتحاد الإفريقى القمة التنسيقية الخامسة للاتحاد الإفريقىالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: شكاوى المواطنين القارة الإفریقیة الدول الإفریقیة من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
شيءٌ من المجاملة على الأقل!
انتهت القمة العربية غير العادية، التي استضافتها القاهرة في الرابع من مارس الجاري، بمشاركة كل الدول العربية، وهي القمة التي خُصصت للرد على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ٢٥ من يناير الماضي، عن ضم غزة وضرورة تهجير الفلسطينيين منها إلى مصر والأردن، وأن الولايات المتحدة ستقوم بالسيطرة على غزة وتحويلها إلى منتجع سياحي، يعود ريعه بالنفع على الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، في إشارة واضحة إلى عدم احترام القانون الدولي أو المواثيق والعهود الدولية، وتعد جريمة تطهير عرقي، أي جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة (٧) من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، توجب محاسبة مرتكبيها.
انتهت القمة، التي تم التجييش لها إعلاميًا بطريقة غير مسبوقة، وذلك لخطورة وأهمية المشهد الخاص بفلسطين وغزة تحديدًا، وتأثير هذا المشهد على السيادة الوطنية لكل من مصر والأردن، باعتماد الخطة المقدمة من جمهورية مصر العربية «التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة»، بالتنسيق مع دولة فلسطين والدول العربية.
وتتكون الخطة من ٩٠ صفحة، حيث تشمل الوضع السياسي والأمني والوضع الإنساني والاقتصادي، وتوضح منهجية ونطاق وأهداف الخطة، وكذلك تقييم الأضرار والخسائر والاحتياجات، وتوضيح آلية التنفيذ، ابتداء من الإسكان المؤقت وتحديد المدى الزمني للتنفيذ، وكذلك الاحتياجات التمويلية ومصادر التمويل، المقدرة بـ ٥٣ مليار دولار، خلال مدة زمنية قدرها ٥ سنوات، باعتبارها خطة عربية جامعة. واستندت هذه الخطة إلى الدراسات التي أجراها البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.
لم تمر دقائق على انتهاء هذه القمة وإصدار البيان الختامي، والذي ركز كالعادة على عبارة العرب الشهيرة «على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته» ـ وكأن العرب ليسوا جزءا من المجتمع الدولي ويتحملون جزءا من هذه المسؤوليات ـ واعتماد هذه الخطة، حتى أعلن الكيان الصهيوني - من خلال وزارة خارجيته - رفضه مخرجات وقرارات القمة العربية، ومن ضمنها خطة الإعمار هذه. وبعدها بدقائق معدودات، أعلن الرئيس الأمريكي رفضه لهذه الخطة، وتمسكه بمقترحه الهادف إلى تهجير سكان قطاع غزة، مما أفسد على العرب قمتهم وفرحتهم بهذا الإنجاز النظري.
وإن كان مفهومًا أن الكيان الصهيوني متخصص في التنغيص على الفلسطينيين والعرب، وهذا شيء طبيعي لكونه كيان مجرم وخارج عن الفطرة السوية للبشر، إلا أن المفاجأة، أن الحليف الأكبر والاستراتيجي للدول العربية - الولايات المتحدة -، والتي تتغنى هذه الدول وعلى مدى عقود بخصوصية هذه العلاقة، لكونها علاقة بين حلفاء تربطهم مصالح مشتركة. حيث لم تشفع المصالح المشتركة هذه للعرب، وأعلنت الولايات المتحدة بوضوح، كما أسلفنا، أنها ترفض الخطة - مع أنها خطة متكاملة وهناك جهد واضح في الإعداد لها. بمعنى أن الولايات المتحدة لا تنظر للعرب النظرة الواجبة من الاحترام والحرص على هذه المصالح، وذلك لسبب واضح، أنها لم تر من هذه الدول - على ما يبدو - أي رأي يخالف رأيها.
بل طاعة تامة لكل ما يصدر من واشنطن، إلا موضوع التهجير هذا، لأنه إن تم، فسيكون نهاية حقيقية للنظام الرسمي العربي، وسيضع حكومات الدول المعنية، في مأزق حقيقي تاريخي أمام شعوبها قد لا تحمد عواقبه. وبالرغم أن البيان الختامي لهذه القمة بدأ في فقرته الأولى بخطاب تطبيعي، فيه الكثير من الخنوع والضعف واستجداء هذا التطبيع، في انفصام واضح عن حقيقية ما جرى من مجازر وإبادة جماعية، قام بها هذا الكيان الصهيوني المجرم.
وبمعاونة ودعم واضح من الولايات المتحدة الأمريكية، عسكريًا واستخباراتيا واقتصاديا. كانت نتيجتها أكثر من ١٦٠ ألف فلسطيني بين قتيل وجريح - ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال والعزل -، و١٤ ألف مفقود، وتدمير ١٧٠ ألف مبنى، وكل الجامعات والمدارس والمستشفيات والمنشآت الرسمية -تقريبا. كذلك خلفت هذه المجازر الوحشية وراءها ٤٠ ألف طفل فلسطيني يتيم.
كل هذه الخسائر في الأرواح ليس لها قيمة - كما يبدو - عند العرب، ولا زالوا ينادون بالتطبيع، ويرددون نفس العبارة منذ مارس عام ٢٠٠٢م. عندما قدموا «مبادرة السلام العربية» في قمة بيروت، التي تهدف إلى تطبيع تام بين الدول العربية وإسرائيل، مقابل إقامة دولة فلسطينية. ولم تقم إسرائيل بالرد على هذه المبادرة حتى الآن، وفضلت القيام بعملية تطبيع ثنائي وليس جماعي مع الدول العربية، حتى لا تقوم بتنفيذ هذه الرغبة، حيث لم تلزمها اتفاقيات التطبيع الثنائية هذه بتقديم أي شيء للعرب تجاه القضية الفلسطينية.
لقد راعت القمة العربية مشاعر مجرم الحرب نتنياهو، فلم تتم الإشارة إليه كمجرم حرب مطلوب لدى العدالة الجنائية الدولية، تسبب في كل هذا الدمار البشري والمادي الهائل، ولم يطلب منه كذلك حتى المشاركة في التعويض المالي لخطة الإعمار هذه. وكذلك تمت الإشادة في أكثر من موقع في البيان الختامي بالولايات المتحدة، وهي التي تسببت من خلال وكيلها في الشرق الأوسط - الكيان الصهيوني المحتل - بكل هذه المأساة.
فلم يجامل مجرم الحرب نتنياهو أصدقاءه العرب، وبالمثل فعل ترامب. فهل بعد هذا التصرف يعتقد البعض أن للعرب مكانة أو تقديرا على الساحة الدولية، وهم - بالرغم من قوتهم - لم يستطيعوا منذ بداية شهر رمضان الفضيل إدخال عبوة ماء واحدة، لأشقائهم الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، وهم مقبلون على مجاعة قاتلة.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة، ولغة الخطاب الأمريكي فيها، أن لا مكان للضعيف في هذا العالم، وأن لغة الدبلوماسية والعبارات المنمقة قد ولى زمانها، وأن التاريخ سيحاسب أبناء هذا الجيل من العرب، على ضعفهم «المتعمد» هذا، ووقوفهم موقف المتفرج تجاه قضيتهم التاريخية العادلة وهي القضية الفلسطينية.
خالد بن عمر المرهون متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.