ليس من الضروري دائمًا «التطابق» أو حتى «التوافق» مع أفكار ومفاهيم ومواقف جماعية، خصوصًا عندما تتعارض مع «مشروعية إعمال العقل»، لأنها قد تمثل نوعًا من العبث، أو ما يمكن تسميته بـ«ثقافة الضجيج»!
من هذا المنطلق، يكون الحياد «ممنوعًا»، والموضوعية «فرضًا»، والنقد البنَّاء «جائزًا»، وإيثار السلامة «غير مستحب»، ومواجهة مَسَبَّات وتُّهم «المؤلفة قلوبهم» أمرًا «مندوبًا».
قبل أيام، بدأ «المهرجان السنوي» المتكرر، مع «بَيْعَةُ التحريم»، بشأن تهنئة «أشقاء الوطن»، بذكرى ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، لنشهد جدالًا «سخيفًا» على مِنَصَّات التواصل الاجتماعي، يتبارى فيه «متحذلقون أدْعياء» ومَن ناصَرهم.
مناسبة عظيمة، لا تخلو من غوغائية المتاجرة بالدين، على منابر التكفير والتطرف والمغالاة، لزرع الفتن وخلق الفوضى، وتقديم «صورة خَشِنَة» عن سماحة الإسلام، الذي يُعاني من آثار تغلغل «الدِّين الوهابي»!
هؤلاء «الأوصياء على الدين» لا يكتفون فقط بـ«نَعْت» المهنئين بالجهل، بل يمنحون صكوك الكُفر والضلالة على كل مَن يهنئ أشقاءنا في الوطن والإنسانية، لكنهم في المقابل يحتفلون بالأعياد والمناسبات الوطنية، باعتبارها «أيام عبادة وشكر لله»!!
جدل عقيم يتجدد كل عام، يمكننا ملاحظته بسهولة، من خلال انقسام الفتاوى بين مدرستين تمثلان «الأزهرية الأشعرية» و«الوهابية السلفية»، ومَن لحق بهما.. فجاءت فتاوى علمائهما متناقضة، وآراء أتباعهما متضاربة!
مدرسة ترى جواز التهنئة، لأنه «يتوافق مع مقاصد الدين الحنيف ويُبرز سماحته ووسطيته»، فيما تعتقد الأخرى أنه «مُحرّم بالاتفاق، لأنه نوع من موالاة (الكفار) وتشجيعًا لهم على الكفر»، ولذلك «لا يجوز مشاركة (النصارى) في أعيادهم، لأنه مَن تشبّه بقومٍ فهو منهم».
«اختلاف» قد يراه البعض مرونة وسِعَة وحيوية في الفقه الإسلامي، لكننا نراه دليل أزمة، خصوصًا إذا كانت الفتاوى متناقضة في مسألة واحدةٍ وزمان واحدٍ، ما يُحَتِّم بالضرورة تغليب الفتوى للمصلحة العامة، ومراعاة واقع الناس وأعرافهم.
يقينًا، يجب ألا تتضمن تلك المراعاة خللًا في عملية الاستدلال بالقواعد الفقهية، بل الاعتدال بالفتوى، دون تساهلٍ يُضْعِف، أو تشدد يفتن الناس في دينهم، لأنه إذا كان تطويع الفتاوى للواقع السيئ المُخالف للإسلام بمثابة أحد مظاهر أزمة الفتوى، فإن التشدد وعدم مراعاتها للواقع هما مظهرها الأخطر.
لذلك، من غير المقبول استدعاء فتاوى قديمة وانتزاعها من سياقها التاريخي، أو استحضار أخرى من عصور سابقة وإخراجها من إطارها الاجتماعي، دون تمحيص، أو إسقاطها على واقعنا، دون مراعاة مقاصد الشريعة وروح الدين.
أخيرًا.. إن الانشغال المتكرر بالقضايا «الهامشية»، التي تثيرها «ثقافة الضجيج»، تُبدل الأعمال بالأقوال، والتجديد بالتقليد، والإبداع بالاتباع، لذلك نحتاج جهدًا كبيرًا من العلماء المُعْتَبَرين، لكي تكون الفتاوى حاكمةً للواقع لا محكومةً له، وأن تراعي واقع الناس لا مُبَرِّرَةً له.
فصل الخطاب:
يقول الإمام عليّ: «الناس صِنفان.. إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عيد الميلاد المجيد محمود زاهر
إقرأ أيضاً:
افتتاح المؤتمر السنوي الـ11 لوحدة السكر والغدد الصماء بطب طنطا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
افتتح الدكتور أحمد غنيم، عميد كلية الطب جامعـة طنطا ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، المؤتمر السنوى الـ 11 لوحدة السكر والغدد الصماء بقسم الأمراض الباطنة بعنوان "الجديد في علاج الغدد الصماء" والذي يقام على مدار 3 أيام.
جاء ذلك تحت رعاية الدكتور محمد حسين، القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا، ورؤساء المؤتمر الدكتور وائل فراج، رئيس قسم الأمراض الباطنة، والدكتورة إنجي عبد الوهاب، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث السابق، وذلك بقاعة المؤتمرات بالكلية.
وأكد الدكتور أحمد غنيم، عميد الكلية ورئيس مجلس إدارة المستشفيات الجامعية، على حرص إدارة الكلية على تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة فى المجال الطبي ودعم كافة الأنشطة العلمية والفرص التي تتيحها المؤتمرات الطبية لتبادل الخبرات بين المدارس العلمية المختلفة حول أحدث المستجدات، بما يسهم في اكتساب شباب الأطباء خبرات جديدة من خلال المناقشات المثمرة مع أساتذتهم من أعضاء هيئة التدريس بما يعود بالنفع على المرضى وتطوير القطاع الصحي بمحافظة الغربية والمحافظات المجاورة باستخدام أعلى معايير الجودة الطبية ، وفقا للخطة الاستراتيجية للدولة ورؤية مصر 2030.
وأوضح غنيم، أن المؤتمر السنوي الـ 11 لوحدة السكر والغدد الصماء بقسم الأمراض الباطنة بكلية الطب جامعـة طنطـا تعقد جلساته على مدار 3 أيام فاليوم الأول ورشة عمل تضمنت مناقشة 5 محاضرات علمية، ثم يستكمل المؤتمر جلساته في اليوم الثانى والثالث بعقد 30 محاضرة علمية مثمرة، بحضور نخبة متميزة من أساتذة التخصص من جامعات الإسكندرية والزقازيق والمنصورة وأسيوط وبني سويف والمنوفية وبنها ومتمنيا للمؤتمر في ختام جلساته أن يخرج بتوصيات ترفع المعاناة عن المرضى.
ويناقش المؤتمر على مدار أيامه الثلاث الجديد في تشخيص وعلاج أمراض الغدد الصماء والسكر والأيض، ومناقشة الأدوية الحديثة المستخدمة في علاج مرض السكر، وكذا الجديد في الأبحاث والدراسات المتعلقة بأمراض الغدد الصماء والسكر.
IMG-20241107-WA0077 IMG-20241107-WA0078