لجريدة عمان:
2025-01-23@09:45:32 GMT

وأنت تبحث في كُتب لتقرأها عام 2024

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

اكتب قصتك عندما تسأل الموظفين والطلبة ومختلف شرائح المجتمع عن خطتهم الحياتية في العام القادم والكتب التي يتطلعون لاقتنائها وقراءتها فستسمع قائمة من الأمنيات والأهداف المتنوعة، وقائمة من كتب القراءة التي يتحمسون لشرائها في معارض الكتب، وهناك من يفضل الكتب الإلكترونية، وهذا الأمر صار شائعا بعد أن أصبحت حياة البشر موجهة بتقنيات الاتصال وما أتاحتها من وسائل الاطلاع عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أن ظروف ومتطلبات العمل والحياة لم تترك مساحة كافية لارتياد المكتبات وقراءة الكتب الورقية، كما كان الوضع سابقا، والحقيقة هي أن عام 2023 كان عاما رائعا للكتابة والنشر، بدءا من نشر مجموعة مذهلة من مذكرات المشاهير، وعودة عمالقة الأدب مثل هاروكي موراكامي ومارجريت أتوود وغيرهم، ووفرة المطبوعات من الكتب العلمية التي تتعمق في فضول العقل، إلى الكتب الوثائقية والتاريخية، وقصص الرعب، وكتب الطبخ التراثية، ودليل مراقبة الطيور، والروايات الخيالية، وقطاع النشر والمطبوعات يعد القراء بالكثير من المفاجآت بما يخبئه عام 2024، وقبل أن نفكر في أكثر ما نتطلع إلى قراءته العام المقبل علينا أن نسأل أنفسنا: هل ندرك أهمية التدوين كثقافة حياة، وهل الكتابة حكر على الكتاب المحترفين وأصحاب المواهب، أو أنها مهارة يمكن تطويرها وصقلها لدى الجميع وبذلك يمكن دعم ثقافة التدوين؟ في البدء دعونا نقف عند الجدل الأزلي حول ما إذا كانت الكتابة والإبداع مهارة مكتسبة أم إنها موهبة فطرية لدى البعض منا، فهناك دائما ذلك الاعتقاد السائد العام بأن البعض يولدون بأدمغة نشطة وجامحة الخيال ولديهم قدرة كبيرة على إظهار الإبداع، ويتعلمون أساسيات اللغة والتعبير أسرع من غيرهم، وبذلك هم الأقرب لأن يمتهنوا الكتابة، بينما يرى الكثير من العلماء والمفكرين أن التدوين الجيد والكتابة الإبداعية هي مهارة يمكن تعلمها وإتقانها، والاستنتاج العلمي في هذا الجدل هو أنه مع التقدم التكنولوجي وسهولة الوصول للمعرفة وأدوات التعلم فإنه يمكن للجميع تعلم استخدام اللغة، ولكن مدى البراعة يعتمد على الموهبة الطبيعية والاستعداد الفطري المرتبط بالقدرات اللفظية واللغوية، والتي يمكن ربطها بمعدل الذكاء الفردي، وهذا يعني بأن الفهم المجتمعي عن الكتابة كونها إما مهارة أو موهبة هو قاصر، لأن الكتابة هي مزيج من المهارة والموهبة معا، ولكن ماذا عن ثقافة التدوين والكتابة وحب القراءة والاطلاع هل هي جميعها أيضا مهارات مكتسبة؟ دعونا نعود للسؤال الأول، ماذا تود أن تقرأ في عام 2024م؟ في الواقع إن اختياراتنا في القراءة ما هي إلا انعكاسات عن موضوعات ومشاعر وتطلعات بداخلنا لا نملك أدوات كافية للتعبير عنها فنبحث عمن كتب عن هذه الجوانب، فالطالب الذي يخطط لإكمال دراسات عليا سيبحث دون أدنى شك عن كتب تسرد تجارب الكثيرين ممن يبحثون عن فرص التعليم العالي، ورائد العمل الذي يخطو أولى خطواته في ريادة الأعمال سوف يتجه إلى السرديات الشخصية لقادة الأعمال الناجحين الذين شقوا طريقهم في هذا المجال، وعلى الرغم من أن الكثير منا يعتقد بأن القراءة هواية إلا أنها في الحقيقة مهارة، وهي الأساس في صناعة كاتب ومدون جيد، وهكذا يمكننا صياغة السؤال ليصبح كالآتي: ماذا تود أن تقرأ وتكتب خلال عام 2024م؟ وبذلك نكون قد أمسكنا بقطبي الموضوع، فعندما يقرأ الشخص الكتب التي تسعف لديه شغف الاطلاع على أفكار ورؤى الآخرين في الموضوعات ذات الأهمية لديه، تتولد لديه الرغبة في مشاركة أفكاره أيضا، فهو لا شعوريا يقارن بين أفكاره وما ورد في هذه الكتب، وعليه فمن الضروري جدا أن يبدأ القارئ بتدوين وحفظ مرئياته وتأملاته الشخصية، فأفكارنا تتغير مع الوقت والتجارب، ومواقفنا تتبدل، ولكن القيمة الحقيقية للفكرة الأولى تبقى كما هي، ويمكن أن يستفيد منها شخص آخر، فجميع ما يدور في عقل ومخيلة الإنسان له قيمة، حتى وإن لم تظهر هذه القيمة في وقتها، وهذا هو الأساس في تثمين الكتابة وثقافة التدوين بغض النظر عن وجود موهبة الكتابة الإبداعية من عدمها.

فإذا عدنا بالتاريخ للوراء سنجد بأن ثقافتنا زاخرة بأمثلة كثيرة عن أهمية التوثيق والتدوين وذلك حسب معطيات العصر، فهناك قصص وتجارب وملاحم انتقلت عبر الأجيال عن طريق الحفظ الشفهي، وهناك عدد لا يستهان به من الإرث الفكري والمعرفي الموثق بالكتابة والتدوين، وهذه المنطلقات هي الأساس في أهمية إحياء هذه الثقافة وتشجيع أصحاب المعرفة والخبرات بأن يخرجوا الثروة الفكرية من عقولهم وصدورهم بالتدوين والكتابة، فنحن عندما تواجهنا تحديات في العمل أو الدراسة نبحث في محركات البحث الإلكترونية عن أشهر الكتاب والمؤلفين في موضوع التحدي، وقد تكون الإجابة لدى شخص قريب منا بحكم اطلاعه وتجاربه وخبراته الحياتية، وهذا السيناريو يتكرر دائما وفي مختلف التخصصات، لأن المعرفة قد تكون قريبة جدا منا ولكنها حبيسة حاملها، والتعلم من الآخرين هو أحد أهم مصادر التعلم مدى الحياة، وأهم محفزات التطوير الذاتي، لأن هذا النوع من المعرفة يكون غالبا مقرونا بنكهة تجربة صاحبها، وهي معرفة ملهمة تدفع المتلقي للارتقاء بفكره إلى مستوى التأمل وتنمية القدرة على استدعاء الدروس المستفادة وتطبيقها في الحياة الواقعية في مواقف شبيهة.

وهذا يقودونا للنقطة الأساسية في موضوع القراءة والكتابة وهي أن القدرة على الكتابة الإبداعية ليست الأساس في التدوين ومشاركة الخبرات والمعرفة، ولا يجب أن تكون العائق الذي يمنع تدفق المعارف الإنسانية في المجتمع وبين الأجيال، فأصحاب الخبرات والحكمة لا يحتاجون لأن يمتلكوا ترسانة لغوية رصينة لمشاركة معارفهم الثمينة، ولكنهم بحاجة ماسة لوجود منظومة داعمة وممكنة لمشاركة الثراء المعرفي المخزون لديهم على نهج تأملي وقابل للتأطير، وأولى ركائز هذه المنظومة تتمحور حول تثمين المعارف المتحصلة من الممارسات والتجارب والخبرات الشخصية، وردم الفجوة بين الأجيال وخصوصا في بيئات العمل المعاصرة، فالتقدم التقني لا يُغني عن أشكال المعارف الإنسانية الأخرى، والتجسير بين مختلف الأجيال في الأوساط العملية والمهنية له دور كبير في تحفيز ثقافة المشاركة والتدوين، لأن خلق الحاجة لهذه المعارف الضمنية يدفع حاملها للتفكير العميق حول تجاربه وكيفية قراءة خبراته السابقة بموضوعية وحيادية، وتقييم قناعاته السابقة واختياراته وأساليبه في حل المشكلات واتخاذ القرارات، وبذلك فإن الحصيلة المعرفية تكون غنية ومفيدة وقابلة للاطلاع والتطبيق.

أما الركيزة الثانية في دعم ثقافة التدوين تنبع من الرغبة الشخصية لدى حاملي المعرفة في تدوين خبراتهم الشخصية من مبدأ أن الكتابة هي أداة رائعة للتأمل في حياتنا وإنجازاتنا السابقة وتطلعاتنا، ولا بد من إدراك أهمية أخذ الخطوة الأولى بكل شجاعة سواءً بتدوين التأملات في الهاتف، أو الكتابة بالقلم في كتيب ملاحظات، أو الطباعة في الحاسوب، هذه الخطوة لها أهمية كبيرة في تأصيل التدوين كممارسة دورية وثقافة حياة، إن محدودية أدوات اللغة ووجود الأخطاء الإملائية والنحوية ليست مبررا للإحجام عن التدوين والكتابة، يكفي أن يبدأ الشخص بتأسيس «سجل الأفكار» ومنها يمكن تطويعها لمختلف أشكال الكتابة الإبداعية، فالقيمة الحقيقية لهذه الأفكار تكمن في أنها تعبر عن قصة حقيقية وتجربة واقعية يمكن أن يتعلم منها الآخرون، كما أن هذا السجل هو يشبه كثيرا أنماط الكتابة التأملية التي تتيح للكاتب فرصة التفكير العميق في أبعاد خبراته والتعرف على مكامن الخطأ ونقاط التفوق في مسيرته، وكأنها تمثيل وتجسيد لواقع من الماضي البعيد يسكن وعاءً آخر خارج صندوق ذكرياته.

إن الكتابة عن خبراتنا تفيد كاتبها بنفس القدر الذي تمنح المعرفة والاستفادة للقراء، فرحلة التعلم لدى الإنسان لا مدى لها، وتدوين تجاربنا هي بمثابة الاستكشاف الإضافي لما يعنيه الإبداع، لأننا حينما نكتب للآخرين نقوم بفصل أنفسنا عن التجربة مما يتيح لنا رؤية الأحداث من على بعد ويمنحنا الفرصة لتعميق فهمها لذاتنا، والتعرف على المسارات العقلية التي كانت توجه تجاربنا، فلكل شخص منا قصة في العمل أو في الحياة الدراسية والاجتماعية، وكل قصة لها بصمتها المميزة، ولو أننا بدأنا ممارسة الكتابة التأملية وتدوين أفكارنا فإن جزءا كبيرا من مسارات التعلم مدى الحياة سوف تتبلور وتصبح متاحة وواضحة وحقيقية، وعندما نبحث عن كتب وإصدارات جديدة للقراءة في معارض الكتب القادمة في عام 2024م علينا أن نتذكر دائما أن لدينا ما نقدمه نحن أيضا، وأن يوما ما سوف تكون قصتنا على أرفف المعرض لتحمل للقراء رحيق خبراتنا وتأملاتنا ورحلتنا في العمل والحياة، وهي حتما ستكون إضافة أصيلة للمعارف الإنسانية.

د. جميلة الهنائية باحثة في سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکتابة الإبداعیة الأساس فی

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف فقدان "جيل Z" لمهارات الكتابة اليدوية

كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة ستافنجر بالنرويج عن نتائج مقلقة تُظهر أن حوالي 40% من الجيل Z، الذين وُلدوا بين أواخر التسعينيات وأوائل الألفينيات، يفقدون مهارات الكتابة بخط اليد، وهي مهارة جوهرية كانت جزءاً أساسياً من تفاعل البشر لما يزيد عن 5500 عام.

هذه النتائج الصادمة للدراسة سلطت الضوء على التغيرات السريعة في سلوكيات الأفراد التي يُعتقد أن السبب الرئيسي وراءها هو الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، بحسب تقرير موقع news9live. تأثير التكنولوجيا على التواصل

لقد تركت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بصمة عميقة على الحياة اليومية، وظهر ذلك جلياً في طريقة تواصلنا مع الآخرين، لكن بالنسبة للجيل Z، الذين نشأوا في بيئة رقمية بالكامل، أصبحت الحدود بين العالم الواقعي والافتراضي غير واضحة، مما أدى إلى تغييرات كبيرة وعميقة في طرق تواصلهم.

الشيب المبكر يظهر في "جيل Z".. وخبراء الصحة يحذرون - موقع 24شهدت منصات التواصل الاجتماعي ظاهرة لافتة، مع انتشار الشيب المبكر بين أفراد جيل Z، حيث استعرض بعض الشباب، ممن لا تتجاوز أعمارهم 19 عاماً، خصلات شعرهم الفضية، عبر تطبيق "تيك توك".

ووفقاً للدراسة، فإن الكتابة اليدوية التي كانت تمثل جزءاً رئيسياً من التفاعل البشري أصبحت تواجه خطر الاندثار، لأن الإنترنت، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، غيّرت مفهوم الكتابة، حيث أصبحت الاختصارات والرموز التعبيرية الوسيلة المفضلة للتواصل.

وأشارت الدراسة إلى أن التغيرات لا تقتصر على التواصل غير الرسمي فقط، بل تمتد أيضاً إلى المؤسسات التعليمية، فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في التعليم، أصبحت الملاحظات الرقمية والمحتوى الإلكتروني يحل محل الكتابة اليدوية التقليدية، وهذا التحول يقلل من فرص ممارسة الكتابة اليدوية، ما يؤدي إلى تراجعها بشكل تدريجي.

أهمية الكتابة اليدوية تشير الأبحاث إلى أن الكتابة اليدوية تلعب دوراً أساسياً في تطوير المهارات الحركية الدقيقة وتحفيز الذاكرة لدى الأطفال. ولكن طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي، التي تعطي الأولوية للسرعة والاختصار، لا تتيح تطوير هذه المهارات بالشكل الكافي.
وعلى الرغم من أن التواصل السريع عبر الرسائل النصية أو الرموز التعبيرية قد يبدو مناسباً في بعض المواقف، إلا أن هذه العادات لا تُعوض مهارات التواصل التقليدي، ففي الحياة المهنية والحياتية، لا تزال الكتابة والتعبير الكامل هي الأساس.

لذلك حذرت الدراسة من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى نتائج سلبية على الأجيال القادمة، فقد يتسبب ذلك في تراجع المهارات الاجتماعية والتواصلية، ويفقد التعليم قوته في تطوير مهارات الإبداع والتعبير. ودعت الدراسة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المؤسسات التعليمية ومنصات الإنترنت لمعالجة هذه المشكلة قبل أن تصبح أضرارها غير قابلة للإصلاح.

مقالات مشابهة

  • القادري لـ سانا: ندعو جميع الكوادر التعليمية إلى وضع أنفسهم تحت تصرف مديرياتهم الأصلية التي هم على ملاكها، كما يمكن للراغبين بالنقل تقديم طلباتهم عند فتح باب النقل قريباً، بما يضمن تنظيماً قانونياً وإحصائيات دقيقة
  • وزير التربية والتعليم نذير القادري في تصريحٍ لـ سانا: بعد التقييمات التي أجرتها اللجان الوزارية، تبين وجود حوالي 23 ألف معلم غير ملتزمين بمراكز عملهم المحددة سابقاً، وهو إجراء غير قانوني
  • دراسة تكشف فقدان "جيل Z" لمهارات الكتابة اليدوية
  • صحة الدقهلية تبحث مؤشرات الأداء والسلبيات التى تواجه الفرق الطبية
  • امتحانات الفصل الدراسي الأول في مدارس حلب تسير وفق الخطة التي وضعتها وزارة التربية والتعليم
  • هذه الدول التي لديها أطول وأقصر ساعات عمل في العام 2024 (إنفوغراف)
  • هل تعلم ماذا اشترى الأتراك في 2024؟ هذه هي الاصناف التي أنفقوا فيها أموالهم
  • تعرف على أحياء تركيا التي شهدت أقل وأعلى مبيعات عقارية في 2024 
  • مصر وجنوب إفريقيا تتصدران الدول الأفريقية التي رفعت قدراتها من إنتاج الطاقة الشمسية في 2024
  • عبد الرحمن عباس لـ24: الكتابة الجيّدة تُولِّد الدهشة