وبعد نحو شهر من بدء القوات المسلحة اليمنية في استهداف السفن الإسرائيلية أو التي تنقل بضائع من وإلى إسرائيل، “تضامنا مع غزة”، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في 18 ديسمبر / كانون الأول الجاري عن مبادرة لتشكيل قوات متعددة الجنسيات من 10 دول باسم “حارس الازدهار”، بهدف “ردع الهجمات بالبحر الأحمر”.

تعليق مكلف

ومع توالي الهجمات ضد سفن تقول القوات المسلحة اليمنية إنها مرتبطة بإسرائيل، أعلنت شركات شحن حاويات عديدة، تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

وأبرز هذه الشركات، ثلاث تصنف أنها أكبر شركات شحن الحاويات عالميا، وهي: إم إس سي MSC، وميرسك ، إلى جانب CMA-CGM، فضلا عن شركة بريتش بتروليوم للنفط والغاز.

ويتألف التحالف من 10 دول معلنة أسماؤها، هي بريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا والبحرين وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا، إلى جانب الولايات المتحدة، وسط أحاديث غير مؤكدة عن مشاركة دول أخرى تفضل عدم الإعلان عن اسمها.

وكان لافتا أن السعودية والإمارات، اللتين خاضتا حربا ضد اليمن منذ 2015 لم تنضم إلى التحالف الأمريكي. والإثنين، حذرت جمعية الصناعات الغذائية الإسرائيلية، من خطر نقص الغذاء في البلاد في حالات الطوارئ، إثر التهديدات اليمنية بالبحر الأحمر، في ضوء تطورات الحرب على غزة.

ونقلت النسخة الإلكترونية لصحيفة “معاريف” العبرية، عن جمعية الصناعات الغذائية الإسرائيلية قولها إن هناك “خطر نقص الغذاء في حالات الطوارئ، بعد التهديدات بالبحر الأحمر على ضوء تطورات الحرب في غزة”.

تدويل مصطنع

يقول الخبير في الاقتصاد الدولي وشؤون الطاقة عامر الشوبكي، إن أزمة مضيق باب المندب تم تدويلها بشكل مصطنع، في محاولة من الدول الغربية لتوسيع التأثير ضد القوات اليمنية والتخفيف عن إسرائيل.

وأضاف الشوبكي في مقابلة مع الأناضول عبر تطبيق “زوم”، أن إعلان اليمن كان وما زال واضحا في عدم شمول كل السفن العابرة، بهجماتها؛ أي أن ليست كل السفن ستتعرض لنفس المصير.

وتوعدت القوات المسلحة اليمنية في أكثر من مناسبة، باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية “تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة”، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.

وأوضح أن “أهداف العمليات العسكرية منذ بداية الأزمة واضحة، وهي استهداف الشركات الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل في محاولة لإنهاء الحرب القائمة على قطاع غزة”.

ولم تعلن اليمن أو أية مصادر غربية رسمية، عن تعرض سفن لا علاقة لها بإسرائيل إلى هجمات قرب مضيق باب المندب، إذ أكدت الجماعة أنها تستهدف فقط السفن المرتبطة بإسرائيل.

إيعاز أمريكي

وبحسب الشوبكي، فإن “ضغط الشركات الكبرى على الحكومات الغربية من خلال تعليق حركة الملاحة بالبحر الأحمر جاء بإيعاز من الإدارة الأمريكية”.

وللتدليل على ذلك، قال إن “ميرسك التي هي ثاني أكبر شركة ملاحة بالعالم، تتجه إلى إعادة الملاحة مجددا إلى طريق البحر الأحمر على الرغم من استمرار الهجمات اليمنية”.

وزاد: “لذلك أعتقد أن المحاولة الأمريكية كان تهدف إلى تدويل قضية البحر الأحمر، والخطوة كانت مصطنعة لتحقيق أهداف سياسية”.

وأعلنت شركة ميرسك الدنماركية في بيان، مساء الأحد، عن قرب استئناف رحلاتها في المضيق بعد تعليقها الملاحة في 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، موضحة أنها تلقت “تأكيدا أن التحالف بدأ نشاطه بالمنطقة اعتبارا من 24 ديسمبر الجاري”.

وأوضح أن إعلان تحالف “حامي الازدهار” يشي بتحقيق فائدة لإسرائيل التي تستورد أكثر من نصف استهلاكها من الأسواق الدولية، من خلال تحشيد تحالف دولي لحماية الملاحة. *

أهمية استراتيجية

وينتقل 90 بالمئة من التجارة العالمية بحرا، منها 12 بالمئة تمر عبر مضيق باب المندب، بينما أكثر من 10 بالمئة من النفط المنقول بحرا يمر عبر البحر الأحمر، و8 بالمئة من الغاز الطبيعي، بحسب الشوبكي.

وتابع الخبير الاقتصادي أنه “في الأيام الأولى لأزمة البحر الأحمر قفزت أسعار الغاز الطبيعي المسال بنسبة 15 بالمئة، قبل أن تقلص هذا الارتفاع إلى 8 بالمئة في الأيام القليلة الماضية”.

واعتبر الشوبكي أن مرور السفن المختصة في نقل الطاقة، عبر طريق رأس الرجاء الصالح جنوبي دولة جنوب إفريقيا، يسبب أزمات في بعض الموانئ المستقبلة للطاقة، إلى جانب نقص السفن؛ وستضاف إلى اضطرابات سابقة في أوروبا ناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

وقال: “مصر كذلك ترى في مضيق باب المندب أهمية استراتيجية لها، والسبب أن المضيق هو البوابة الوحيدة لقناة السويس، وأية تأثيرات تطال المضيق، ستكون تداعياتها داخل مصر”.

وتعد إيرادات قناة السويس، إحدى أبرز مداخيل النقد الأجنبي لمصر، والتي تتجاوز سنويا حاجز 9 مليارات دولار أمريكي، وسط تعويل الحكومة على زيادة الملاحة عبر القناة مع التوسع في مشاريع تطوير الممر المائي المصري.

وختم الشوبكي: “مصر هي متضرر رئيس مما يجري في جنوب البحر الأحمر.. لأن الهجمات دفعت أكثر من 100 سفينة على تغيير وجهاتها إلى طريق رأس الرجاء الصالح.. هذه إيرادات مالية مفقودة، تضاف إلى الإيرادات المالية المعلقة، بسبب وقف شركات شحن رحلاتها”.

وبلغت إيرادات قناة السويس 9.4 مليارات دولار خلال العام المالي 2022-2023 المنتهي في يونيو/حزيران الماضي، وهي الأعلى في تاريخ القناة، حيث بلغ عدد السفن التي مرت بالقناة خلال العام المالي الماضي 25837 سفينة.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: مضیق باب المندب بالبحر الأحمر البحر الأحمر أکثر من

إقرأ أيضاً:

الصين تحدد هدف نمو اقتصادي طموح عند 5% وسط تصاعد التوتر التجاري مع واشنطن

حددت بكين هدفها للنمو الاقتصادي عند 5% لعام 2025، متجاهلة التهديدات المتزايدة من الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وذلك وفق ما أعلنه رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الشعبي الوطني.

ويأتي هذا الهدف الطموح في ظل سياسة تجارية أميركية أكثر تشددًا يقودها الرئيس دونالد ترامب الذي فرض مؤخرًا رسومًا جمركية إضافية على الواردات الصينية، مما يزيد من التحديات التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

زيادة العجز والإنفاق الحكومي

وبحسب رويترز، قررت الحكومة الصينية رفع العجز في ميزانيتها إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ3% عام 2024، وهو أعلى مستوى في أكثر من 30 عامًا. وتخطط بكين لإصدار 1.3 تريليون يوان (179 مليار دولار) من سندات الخزانة الخاصة هذا العام، مقارنة بتريليون يوان (138 مليار دولار) عام 2024، إضافة إلى السماح للحكومات المحلية بإصدار 4.4 تريليونات يوان (606 مليارات دولار) من الديون الخاصة، مقارنة بـ3.9 تريليونات يوان (537 مليار دولار) العام الماضي.

الصين تعتزم زيادة إنفاقها العسكري 7.2% بنفس معدل 2024 لترتفع ميزانية الدفاع إلى 1.78 تريليون يوان (الأناضول)

وتشمل التدابير الحكومية تخصيص 300 مليار يوان (41 مليار دولار) لدعم المستهلكين في شراء السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية، و500 مليار يوان (69 مليار دولار) لإعادة تمويل البنوك الحكومية، و200 مليار يوان (28 مليار دولار) لتحديث معدات التصنيع.

إعلان استمرار التوسع العسكري

ووفقًا لوكالة الأنباء الألمانية، تعتزم الصين زيادة إنفاقها العسكري بنسبة 7.2% هذا العام، وهو نفس المعدل الذي سجلته عام 2024، لترتفع ميزانية الدفاع إلى 1.78 تريليون يوان (245 مليار دولار). وتأتي هذه الزيادة وسط التوترات المستمرة في بحر جنوب الصين، بالإضافة إلى تصاعد التوتر مع تايوان التي تعتبرها بكين جزءًا من أراضيها رغم إدارتها المستقلة منذ عام 1949.

مواجهة التصعيد الأميركي

وتلقي التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بظلالها على الاقتصاد الصيني، إذ فرضت إدارة دونالد ترامب رسومًا جمركية إضافية بنسبة 10% يوم الثلاثاء، مما يرفع إجمالي الرسوم المفروضة على السلع الصينية إلى 20%. وردًا على ذلك، أعلنت بكين عن زيادة بين 10% و15% على مجموعة من الواردات الأميركية، بما في ذلك القمح والذرة والصويا والدجاج، كما فرضت قيودًا على 25 شركة أميركية، وفق رويترز.

وأفادت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن المسؤولين الصينيين يدركون أن هذه الرسوم قد تؤثر على 400 مليار دولار من الصادرات السنوية إلى الولايات المتحدة، وهو ما دفعهم لتوجيه المنتجات الصينية نحو أسواق بديلة، رغم المخاوف من اندلاع حروب أسعار مع دول أخرى قد تفرض حواجز تجارية لحماية صناعاتها المحلية.

تعزيز الطلب المحلي كأولوية اقتصادية

وبحسب التقرير الحكومي الصادر عن المؤتمر الشعبي الوطني، الذي نقلته بلومبيرغ، فإن الأولوية الاقتصادية الكبرى لهذا العام ستكون تعزيز الاستهلاك المحلي ليصبح "المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي" في ظل تراجع طلب الأسر الصينية والتحديات التي تواجه قطاع العقارات. وقال لي تشيانغ "سنعالج بأسرع وقت ممكن ضعف الطلب المحلي، وبخاصة استهلاك الأسر، لضمان أن يصبح هذا الطلب حجر الزاوية في الاقتصاد الصيني".

الأولوية الاقتصادية الكبرى للصين هذا العام لتعزيز الاستهلاك المحلي "المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي" (الفرنسية)

وفي خطوة أخرى لدعم الطلب، تخطط الحكومة لمواصلة سياسات التيسير النقدي، بما في ذلك خفض أسعار الفائدة ومتطلبات الاحتياطي النقدي للبنوك "في الوقت المناسب" وفق تصريحات لي تشيانغ التي نقلتها بلومبيرغ.

إعلان إجراءات تحفيزية غير كافية؟

ورغم هذه التدابير، أظهر مسح أجرته بلومبيرغ أن 77 خبيرًا اقتصاديًا يتوقعون أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5% فقط عام 2025، أي أقل من الهدف المعلن.

ويعزو المحللون هذا التباطؤ إلى استمرار الضغوط التجارية، وضعف الطلب المحلي، وتباطؤ قطاع العقارات الذي لم يصل بعد إلى قاع أزمته.

وصرّح رايموند يونغ، كبير الاقتصاديين في بنك "إيه إن زي" الأسترالي بأن "هذا الرقم يعكس تصميم السلطات على دعم النمو في مواجهة التوترات الخارجية وعدم اليقين الاقتصادي".

كما أشار محللون في "غولدمان ساكس" إلى أن السياسات التحفيزية التي أعلنتها الحكومة قد لا تكون كافية لتعويض التأثير السلبي للرسوم الجمركية الأميركية، خاصة إذا قرر ترامب رفع الرسوم إلى 60% كما لمح خلال حملته الانتخابية.

وفي الوقت الذي تكافح فيه الصين للحفاظ على زخمها الاقتصادي، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الحكومة على تنفيذ خططها التحفيزية، لا سيما في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

مقالات مشابهة

  • رويترز: إدارة ترامب تدرس خطة لتعطيل النفط الإيراني بإيقاف السفن في البحر
  • الصين تحدد هدف نمو اقتصادي طموح عند 5% وسط تصاعد التوتر التجاري مع واشنطن
  • خبير اقتصادي: العملات الرقمية تواجه تحديات الثقة والسياسات الدولية تؤثر على مستقبلها
  • خبير اقتصادي يحلل توقعات أداء السوق المصري في ظل التقلبات الاقتصادية
  • أحوال الطقس باليمن: بارد نسبياً في المرتفعات الجبلية وأمطار متفرقة على السواحل
  • خبير اقتصادي: ارتفاع الأسعار في رمضان ليس عرضًا تسويقيًا بل خدعة لزيادة المبيعات
  • خبير اقتصادي: العراق يواجه تحديات مالية كبيرة بسبب سوء الإدارة والمحاصصة
  • مصر واليمن تؤكدان أهمية وقف أي هجمات تستهدف السفن التجارية في باب المندب
  • خبير اقتصادي:العراق سيواجه أزمة مالية خانقة في 2025
  • الأرصاد: طقس بارد جداً وأمطار رعدية في هذه المناطق!