تتسع رقعة الخلاف على الانتخابات بين مجلسي النواب والدولة في ليبيا، حيث نشر البرلمان الليبي القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية، بالرغم من معارضة "الأعلى للدولة" لها، لاعتبارها "تشريعات مخالفة للتعديل الدستوري وباطلة"، وهو امتداد لسنوات طويلة من الخلاف، ما قد يصعّب إجراء الانتخابات.

في ذات الوقت، ترى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن مستقبل البلاد، يجب ألا يتوقف على مجلسي النواب والدولة، بل على طموحات الليبيين.



وكان رئيس البعثة عبد الله باتيلي، قد وجه عبر بيان في 23 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، دعوات إلى الأطراف المؤسسية الرئيسية في ليبيا، للمشاركة في اجتماع سيُعقد خلال الفترة المقبلة، بغية التوصل إلى تسوية سياسية بشأن القضايا مثار الخلاف السياسي المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية.




وكانت الأطراف المعنية هي "حكومة الوحدة الوطنية، ومجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة، والمجلس الرئاسي، والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر".

وتباينت المواقف بشان الدعوة، فقد رفضها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بسبب "عدم توجيهها للحكومة برئاسة أسامة حماد التي صادق المجلس على تعيينها"، فيما لاقت قبول رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، لكن البقية لم يعلنوا موقفهم إزاء الدعوة.

"لا مؤشرات إيجابية"



وقال الصحفي الليبي موسى تيهوساي إنه "لا مؤشرات إيجابية تفضي إلى انتخابات تخرج ليبيا من الحلقة المفرغة من الخلافات السياسية بلا حلول جذرية"، وفق حديثه للأناضول.

وأعرب عن أسفه "من دوران في الحلقة المفرغة نفسها التي ندور فيها منذ سنوات، ليس هناك أي مؤشرات إيجابية تتعلق بالانتخابات، وإنهاء المراحل الانتقالية التي أثقلت البلاد وأنهكت الشعب الليبي".

وبيّن أن الأوضاع الحالية "أخّرت تحقيق تطلعاته نحو مستقبل أفضل، لا يتحكم فيه أشخاص وكيانات وشركات سياسية جهوية لا تقدم سوى تعميق الخلافات والانقسامات القبلية والسياسية، ومصادرة إرادة الشعب بالشعارات الجوفاء".




ورأى تيهوساي أن "حالة الجمود السياسي تتأثر بعوامل عدة تساعدها على البقاء والتطور، من أبرزها ارتباط النخبة الحاكمة بهياكل أمنية وقبلية نفعية، تفضل استمرار هذا الوضع على حساب الشعب، وبناء دولة تعددية تمثل إرادة جميع المواطنين، وليس دولة مافيا تتحكم بها الطبقة الأكثر قوة، خصوصًا تلك التي تخدم القوة الخشنة في كل مقاربة للحل السياسي في البلاد"، بحسب قوله.

ورجّح أنه "إذا استمر الوضع هكذا، فإن العودة إلى مربع الاصطفاف العسكري وارد، بل قد يكون في أي وقت، بسبب تردّي العلاقات البراغماتية بين أصحاب النفوذ والقوة المحليين وداعميهم في الخارج".

الصحفي الليبي، بيّن أن الوضع قد يتجه "للأسوأ بسبب العوامل الإقليمية والدولية والتهاب الجوار الإفريقي لليبيا، بما في ذلك الوضع الخطير في منطقة الساحل، ودور قوات فاغنر الروسية التخريبي فيها".




ويتواجد عناصر "فاغنر" في ليبيا، ضمن قاعدة جوية وبحرية بمدينة سرت، وكذلك قاعدتين أخريين.

وبناء على ما سبق، ذكر تيهوساي أن "البلاد ستكون وجهة أساسية للتنظيمات المتطرفة والهجرة غير النظامية، وانتعاش سوق السلاح والتهريب بأنواعه، وهو ما يشكل تحديا خطيرا على الأمن القومي الليبي وأمن أوروبا بأكملها".

وحول التحديات التي قد تواجه أوروبا في حال تفاقم الأوضاعه في ليبيا، أشار ألى أنها تتمثل بتزايد الهجرة، وتوقف إنتاج النفط الليبي.

المبادرة لا تعالج جوهر الخلافات


واستبعد أن تنجح مبادرة بعثة الأمم المتحدة، عازيا ذلك إلى "لا يبدو أنها ستعالج الأسباب الجوهرية للخلافات حول الانتخابات"، بحسب الصحفي الليبي.

وحول الأسباب الجوهرية، ذكر تيهوساي، "مسألة تشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات، وإقالة حكومة الدبيبة وهو أمر غير متوقع أبدا، خاصة أن الأخير مدعو للاجتماع ولن يوافق على ذلك بالطبع، وبالتالي لن يحصل أي اتفاق، وهنا سنعود مرة أخرى إلى استمرار الوضع كما هو خلال العام المقبل".




بخصوص سبيل الحل، رأى أن "إخراج الشخصيات الجدلية من المشاركة في الانتخابات، أو الترشح لها عبر ضغط دولي ومحلي وتفاهم إقليمي واضح على مقاربة الحل بشكل لا يقصي أحداً هو الخيار شبه الوحيد يمكن أن يسهم في مسار الانتخابات".

الخطوات الأولى ناجحة


على عكس الصحفي، رأى المحلل السياسي الليبي فرج فركاش أن باتيلي "سينجح في الخطوة الأولى من مبادرته، في جمع ممثلين عن الأطراف التي دعاها للاجتماع التحضيري".

واستطرد: "لكن هذا سيكون مع أخذ المجلس الرئاسي دور الحياد وفق ما طالب وصرّح رئيسه محمد المنفي في عدة مناسبات، تفاديا لأي شبهات بأنه سيدعم الأطراف الممثلة لمجلس الدولة أو لحكومة الدبيبة، مقابل وفد مجلس النواب ووفد القيادة العامة، وهذا سيفتح المجال كذلك لإشراك الرئاسي في شرعنة أي مخرجات عن الحوارات القادمة"، وفق حديثه لـ "الأناضول".

ولفت إلى أنه "ربما سيزيل الضغط الذي يتعرض له المبعوث الأممي بشأن حكومة حماد، والتي في النهاية ليست طرفا حقيقيا في الصراع، وإنما هي ممثلة لطرف القيادة العامة (في إشارة لحفتر)، ولبعض أعضاء مجلس النواب".

وفي المقابل، وجد أن مبادرة باتيلي "ستصطدم بعدة معوقات، منها معارضة عقيلة صالح لأي تغييرات جوهرية في قوانين انتخاب الرئيس، التي يعارضها العديد من أعضاء مجلس الدولة وأيضا يعارضها الدبيبة وحكومته".

بحاجة لضغوطات


وبحسب فركاش، فإن "النتيجة في ظل هذا التعنّت، وما لم تكن هناك ضغوطات حقيقية على الأطراف المشاركة في الحوار المرتقب، هي استمرار المراوحة في المكان نفسه وفشل مساعي باتيلي للأسف".

وعليه رأى أنه "لا بد من ضغوطات دولية جدّية على الأطراف المعنية بأن تتنازل عن مواقفها المتعنتة".




وأردف: "كنا قد طرحنا في السابق فكرة دمج الحكومتين أو تشكيل هيئة من الحكومتين تشرف على الانتخابات".

وفي سياق الانتخابات، شدد المحلل السياسي أنه "لن يكتب للانتخابات الانعقاد ما لم تتغير بعض المواد التي تتشبث بها لجنة الـ 6+6 وعقيلة صالح، مع علمهم بعدم قابليتها للتطبيق ومعارضتها من قبل طيف واسع من مجلس الدولة والشعب الليبي، والقوى الفاعلة في طرابلس".

وأشار إلى أن "الحديث عن نشوب حرب أخرى في ظل تواصل الانسداد السياسي، غير وارد الآن، إلا إذا تم تبنّي هذه القوانين (الانتخابية) ومحاولة فرضها بموادها العبثية".

ومنذ عام 2022، احتدم صراع على السلطة حكومة عيّنت من قبل مجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة منبثقة من برلمان جديد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الانتخابات ليبيا الأمم المتحدة حفتر ليبيا الأمم المتحدة الانتخابات حفتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس النواب فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

هل يؤسس حفتر لحكم وراثي بعد ترقية 3 من أبنائه في الشرق الليبي؟

شهدت ليبيا في الفترة الأخيرة ترقيات عسكرية لافتة لأبناء خليفة حفتر، إذ تم تعيين ابنه الأصغر صدام رئيسا لقواته البرية المسيطرة على الشرق والجنوب، بينما منح نجله خالد منصب رئاسة الوحدات الأمنية بصلاحيات واسعة داخل الجيش الليبي، ويترأس ابنه الثالث بلقاس صندوق إعادة إعمار ليبيا.

وتزيد هذه الترقيات التكهنات الخاصة بنوايا حفتر، وعزمه تأسيس حكم وراثي، بحسب مراقبين، فيما يرى آخرون أنه يجهز نفسه للتقاعد.

ويُفسر مراقبون ترقيات أبناء حفتر على أنها "خطوة مدروسة" من قبل المشير لتجهيزهم لخلافته، مُتوقعين حدوث سلسلة من إقالات تطال كبار قيادات الجيش التابع له، في حين يرى آخرون أن هذه الترقيات تُمثل "استمرارا لظاهرة توارث المناصب القيادية قبل التقاعد"، والتي تُلاحظ منذ تأسيس المملكة الليبية في الخمسينيات من القرن الماضي.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، إن "برنامج توريث القيادة العسكرية في الشرق الليبي جارٍ منذ فترة، مع ترجيح استمرار الجنرال حفتر في منصبه على المدى القصير، فعلى الرغم من تدهور صحته فإنه لا توجد مؤشرات على نيته التقاعد من الحياة السياسية".

ويُشدد المحلل الليبي، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، على أن "مستقبل الشرق الليبي مرهون بمدى سلاسة عملية انتقال القيادة العسكرية، ففي حال عدم حدوث عملية انتقال سلسة للسلطة، تلوح في الأفق مخاطر نشوب صراعات على السلطة".



وأردف: "لهذا يبرز اسم صدام حفتر، نجل القائد خليفة حفتر، كأقرب المرشحين لتولي القيادة العامة للجيش في المستقبل القريب".

وأشار المتحدث إلى أن عملية توريث القيادة العسكرية "تتضمن ترتيبات واسعة خلف الستار، بما في ذلك حملة واسعة لإحالة كبار الضباط للتقاعد، ومن بين هؤلاء، الأمين العام للقيادة، ورئيس الأركان، ورئيس الأركان البرية، والمفتش العام للجيش".

وأعرب المحلل الليبي عن اعتقاده بأن "صدام حفتر يرغب في تعيين قادة شباب أصغر سنا في المناصب العليا، خصوصا أن معظم القيادات الحالية وصلت إلى سن التقاعد القانوني".

وتابع بلقاسم: "برنامج توريث القيادة في شرق ليبيا لن يواجه أية معارضة عسكرية أو اجتماعية، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن خليفة حفتر يحكم بقبضة قوية، إذ نجح في إزاحة العديد من معارضيه، مما أدى إلى إضعاف أية مقاومة محتملة لبرنامج التوريث".

وأضاف أن "الرجل يمتلك أيضا نفوذا كبيرا بين القبائل، مما يمنحه ميزة كبيرة في فرض إرادته، كما أن عملية التخلص من الخصوم متواصلة، إذ لا يتردد في استخدام القوة لإزالة أية معارضة لمشروعه، وهذا يخلق جوا من الخوف يثني الكثيرين عن التعبير عن معارضتهم".

من جهة أخرى، اعتبر الإعلامي والمتخصص في الشؤون الليبية، إسماعيل السنوسي، أن "ليبيا في الوضع الحالي تواجه مشاكل أعمق من مجرد توريث المناصب، التي تعد ظاهرة معقدة ذات أبعاد تاريخية وسياسية واجتماعية، لكنها أيضا مفهومة في السياق الحالي".

وأضاف السنوسي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن "مشاركة أبناء المسؤولين السياسيين والعسكريين في المؤسسات التي يديرها آباؤهم، أو في الحياة العامة الليبية، هو جزء لا يتجزأ من الواقع الليبي منذ تأسيس المملكة، ولا يبدو أن هناك إمكانية لتغيير هذا الواقع المتجذر".



واستطرد قائلاً: "لكن في ظل الوضع الخاص الذي تمر به ليبيا حالياً، وما تواجهه من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة تهدد وجود الدولة الليبية نفسها، يمكن تفهم جميع هذه الترتيبات التي يلاحظها المتابعون للشؤون العامة في ليبيا، مثل الترقيات الاستثنائية للضباط ذوي النفوذ أو المقربين من صناع القرار في الشرق والغرب".

ورأى السنوسي أن التحليلات "ينبغي أن تركز على النتائج العملية لهذه الإجراءات ومدى إسهامها في الحفاظ على مستوى معقول من الاستقرار، بحيث يمكن تنفيذ عملية سياسية توحد مؤسسات الدولة الليبية تحت حكومة واحدة، تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المنشودة وفقاً للقوانين الانتخابية والتشريعات النافذة".

وبرزت مسألة توريث الحكم في ليبيا خلال عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تناقلت تقارير غربية عام 2006 أنباء عن قيامه بإعداد أبنائه الثلاثة، سيف الإسلام ومعتصم وخميس، لتولي زمام الأمور في البلاد من بعده.

ولم تكن هذه الظاهرة حصرية بنظام القذافي، بل سبق وأن شهدت المملكة الليبية نقاشات مماثلة حول توريث العرش خلال الخمسينيات، أي قبل انقلاب القذافي على الملكية عام 1969.

مقالات مشابهة

  • العرفي: اجتماع المغرب سيعقد على أساس الثوابت المتفق عليها في القاهرة لتشكيل حكومة جديدة
  • حكومة تحمل آمال المواطن واستكمال مشروعات التنمية
  • الحكومة الليبية تعيد فتح منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس
  • هل يؤسس حفتر لحكم وراثي بعد ترقية 3 من أبنائه في الشرق الليبي؟
  • شلوف: حرص الأفريكوم على دعوة الناظوري والحداد رسالة تثبت انفتاح واشنطن على جميع الأطراف الليبية
  • محفوظ: دون الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة قوية لن تشهد ليبيا توحيداً لمؤسساتها العسكرية والأمنية
  • ترقية أبناء حفتر.. هل يُمهد المشير للتوريث في ليبيا؟
  • الائتلاف الليبي يُؤكد ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة
  • مجموعة العمل الاقتصادية لعملية برلين تبحث دعم الاقتصاد الليبي
  • عبد العزيز لـ الكبير: حتى لو عندك مشكلة مع حكومة الوحدة لا تعالج بهذه الطريقة