جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-19@15:37:09 GMT

عالمٌ خارج التغطية!

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

عالمٌ خارج التغطية!

 

د. سلطان بن خميس الخروصي

"غزة" ذلك الاسم الأشمّ العظيم الذي جرَّد المواقف من ألوانها الحربائية، وعرَّى القلوب المُوغلة بالحقد والغلِّ والكذب والنفاق على بساط أحمدي، وأسقط جميع الأقنعة الماجدة والماجنة ليميزَ اللهُ الخبيث من الطَّيب، وأنار شموس الحقيقة والانتماء الإنساني والقومي والإسلامي الرصين لمن يتقاطعون قلبا وقالبا مع مُناضلي الحُرّية والعدالة ورفض الظُّلم والقهر، وأزال الستار عن سماسرة القضية الفلسطينية وماسحي أحذية المصالح السمجة على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم.

أمام كل هذا الضجيج، وتخبُّط المواقف، وتداخل الغثِّ والسمين، كان أجيال الأمتين العربية والإسلامية يُعوِّلون على عُلمائهم أن يكونوا السَّكين التي تُغرَس في خاصرة الصَّهاينة ومن حالفهم وناصرهم وأوغل في هولوكوست الأطفال الذي تجاوز 8 آلاف شهيد طفل والرقم في ازدياد؛ فالجميع كان يرقُب تلك الحناجر الرخيمة السليطة لتدعو إلى أضعف الايمان كالمقاطعة أو الدُعاء والنُّصرة والتي قد ترتفع بعد حين- لا سمح الله- بالدعوة إلى رأس سِنام الإسلام وهو الجهاد والذي طالما أصمُّوا بها آذاننا في أفغانستان، واليمن، والعراق، وسوريا، والصومال، وبلاد الجواري والحسناوات في مشارق الأرض ومغاربها، فتَعطَّشت الأجيال الغارقة في بحر الألم والحسرة والقهر مما يحدث من إبادة للإنسان في هذا القُطر العربي الإسلامي العزيز على أن تجد من يشفي غليلها ويروي ظمأها بدعوة أو توجيه أو موقف للتاريخ ممن نهِلوا علوم القرآن الكريم والشريعة والعقيدة فيجعل الصهاينة وزبانيتهم يُجلُّون كرامة الإنسان العربي وقيمته ومكانته، لكن الواقع حتى ساعة هذا المقال يشي بأن علماء الأمتين العربية والإسلامية (شاهد ما شفش حاجة).

يُدهشنا هذا السكوت الفاحش المشين لأعداد كبيرة من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بما أوكل الله إليهم من مسؤولية تبصير أبناء الأمة، وتوجيههم، وغرس قيم الكرامة والدفاع عن الإسلام والوطن ومقدَّساتهما وحُرماتهما، ونُصرة المظلوم، وإحقاق الحق، له تبعاته الأخلاقية والاجتماعية والدينية، فكثير من رجالات الدعوة والواعظين والمُفتين ومن يوصفون بالعُلماء والمحدِّثين والفُقهاء والناشطين الاجتماعيين في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث ملايين المتابعين لهم على اختلاف الملل والنحل والأجناس واللغات والأعراق، يهدرُ ليلا نهارا بالنُصرة والدفاع وحماية المُقدَّسات، وحينما جاءت غزة بكل جراحاتها وآلامها لم يجرؤ كثيرون على وضع دعاء بأن ينصر الله المستضعفين من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى أمام آلة الإعدام الممنهج الظالم ولو على العموم دون أن يخصهم!، بل الأدهى والأمر أن تجد من لا يخشى الله ولا يستحي منه وهو محسوب على الإسلام الناصع يتقلَّد المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي، ليُفتي في الملأ بأن إزهاق الأرواح في هذا القطر المكلوم من العالم تتحمله الفئة الضالة، ويعني بها المدافعين عن بلادهم ويوغل في إرهابه بأن نصرتهم غير واجبة؛ بل قد يقع على المناصر إثمٌ، وهو يعلم أن الغرب ونصرته للصهاينة هو امتداد للعنصرية وإبادة للمستضعفين.

ولا ضير أن نذكُر بعضًا من ذلك بإيجاز؛ حيث في العام (1895) كان البلجيكيون يقومون بحملات قطع أيادي الذكور في الكونغو خلال العمل القسري إن لم تجني القرية محصولًا كافيًا من المطاط علاوة على إعدام الأطفال. وفي العام (1988) كانت ممثلة الهنود الحمر في الأمم المتحدة تقدم كلمتها بألم وحرقة وهي تُثبت بالأدلة قيام الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أدوية العقم تجاه شعبها كأحد صور التطهير العرقي. وفي العام (1943) فرض الانجليز الحصار على البنغال بالهند وراح ضحيتها 3 ملايين إنسان. وفي العام (1886) بالولايات المتحدة الأمريكية استخدم البيض الأطفالَ الأفارقة كمقاعد للجلوس في محطات القطارات. وفي العام (1945) كان الفرنسيون يوغلون بالقتل في الجزائريين؛ حيث أعدموا قرىً بأكملها في يوم واحد. وفي العام (1913) كان البريطانيون يقطعون رؤوس السكان الأصليين في أستراليا لجعلها تُحفًا وديكورات لحيطان منازلهم. وفي العام (1940) كانت الإعدامات الممتدة على طول الطرقات وفي ساحة المعسكرات الإيطالية تمثل افتتاحية الضباط والجنود صباح كل يوم في ليبيا. وفي العام (1874) نشرت إحدى الصحف البريطانية أنه من طرق صيد التماسيح هو ربط طفل أسود في شجرة كطعم للتمساح. وفي العام (1960) ربطت فرنسا 150 أسيرًا جزائريًا في أوتاد خشبية في صحراء رقان  كفئران تجارب لتجاربها النووية ودراسة أثر الإشعاعات، وغيرها الكثير.

 فهل لا يزال من يؤمن بنصاعة تاريخ الغرب وأمريكا؟ وهل أمام هذا الصمت الفاضح يمكن أن تصدق الأجيال الحالية والقادمة بعضًا من هؤلاء العلماء في القول والفُتيا وهم شُركاء في الجُرم فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

في الختام، نقول للكثير من علماء الأمتين العربية والإسلامية، نحن بحاجة لعلماء حقيقين أمثال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان، والذي لم تفُتَّ عضُده الضغوطات الخارجية وبعض المرجفين من حوله وهو لا يزالُ على الحق ودفاعه عن المظلومين، فلا يخاف في الله لومة لائم. نحن بحاجة لمن يصدحون بالقول الصادق بعيدًا عن الإملاءات والمصالح البينية، الأمة بحاجة لمن يحترم ما يحمله في عقله وقلبه من علوم الفقه والشريعة والحديث والفكر وقبل كل ذلك كتاب الله وسنة نبيه، لا أن يكون سمسارًا للذمم والدَّم. ثقوا أن الله سيُحاسبكم عن كل قطرة دم فأنتم صمَّام الأمان لطوفان شعوبكم في نصرة القضية وتعزيز قيم الانتماء والولاء، فغدًا لن ترحمكم الأجيال، فتشبثوا بالثقة التي أوليتم من أبناء أمتكم، وثقوا أن فلسطين لن يحرِّرها إلّا أهلها، ولا يرقبون منكم إلا مناصرة الحق والوقوف بشرف ومسؤولية تجاه قضيتهم العادلة، فلا تكون مع ارتفاع مؤشر عشرات آلاف الشهداء وضجيج العالم بالظلم الحاصل كعالم خارج التغطية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مشيخة الطرق التيجانية تتبرأ من صلاح الدين التيجاني: مسلم عامي غير عالم

أصدرت مشيخة الطرق التيجانية بيانًا تتبرأ فيه من  صلاح الدين التيجاني، جاء فيه أنَّه «نظرًا لما شاع على وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة حول سلوكيات غير مقبولة من «مسلم عامي غير عالم»، فضلًا عن أنَّ يدعي المشيخة ويزعم لنفسه الدرجة العليا فيها مما ثار حول المدعو صلاح الدين أبو طالب؛ الذي يغرر بأشبال المسلمين غير الفاهمين في منطقة إمبابة، ويزعم أنه يحمل لواء الطريقة التجانية، والطريقة منه براء مادام يدور في دائرة الشبهات، وتدور حوله الشائعات».

رد المشيخة على إدعاءات التيجاني

وشددت المشيخة في بيان لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على أنَّ «الطريقة متمثلة في مشيختها بالزاوية التجانية الكبرى تعلن أمام الجميع براءتها من كل قول أو فعل يخالف ما يعتقده أهل السنة والجماعة، وسلف الأمة الصالح، وما اتفق عليه علماء الأمة مهما كانت مكانة المخالف، ومهما انتشر صيته، فإن العبرة في الطريقة التجانية هو ما أعلنه شيخها سيدى أحمد التجاني رضى الله عنه من قيامها على قواعد الشرع الشريف، وأن الشرع هو الأصل ولا أصل فيها سواه، إذ قال رضى الله عنه: (ما جاءكم عنى فزنوه بميزان الشرع فما وافق فاعملوا به وما خالف فاتركوه)».

المشيخة تتبرأ من التيجاني 

وأوضحت مشيخة الطرق التيجانية إحدى الطرق الصوفية، «كل ما خالف الشرع فالطريقة وشيخها وعلماؤها ومريدوها يبرؤن إلى الله منه ومن فاعله»، مؤكدة على تمّ الإعلان عنه مسبقًا بتاريخ 2017، و2019 باعتبار هذا الشخص معزولا عن أي مسمى تابع للطريقة التجانية، وأنه لا يمثل إلا نفسه، وأنه غير مسموح له بممارسة أي نشاط خاص بها؛ وذلك لعدم أهليته، ولما ثبت عندنا من فساد معتقدة وانحرافه عن الطريقة وتحريفه لأصولها.

وناشدت المشيخة في بيانها كل قلم منصف يقدر ما يكتب أن يرجع إلى المصادر الموثوقة قبل أن ينشر كلمة أو معلومة، موضحًة أن للطريقة جهتها المعتمدة الوحيدة في جمهورية مصر العربية، وهي الزاوية التجانية الكبرى بالمغربلين، والتابعة للمجلس الأعلى للطرق الصوفية.

مقالات مشابهة

  • الأمن العام يضرب تجار العملة في 31 مليون جنيه
  • العراق خارج تصنيف الأمم المتحدة في الحوكمة الإلكترونية لعام 2024
  • رابطة العالم الإسلامي ترحِّبُ باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يُطالِب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين
  • رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة المطالب بإنهاء الاحتلال في فلسطين
  • العراق خارج تصنيف الأمم المتحدة لجودة الاتصالات والإنترنت
  • في ذكرى مولده صلى الله عليه وسلّم.. لا قُدّسَت أمةٌ لا يأخذُ الضّعيف فيها حقّه غير مُتعْتَع
  • مشيخة الطرق التيجانية تتبرأ من صلاح الدين التيجاني: مسلم عامي غير عالم
  • وزير الداخلية يقرر ترحيل سوداني الجنسية خارج البلاد
  • الإعلان عن عرض قاعة العروض الثقافية والفنية للبيع في صنعاء
  • اليونيسف: وجود 4.5 مليون طفل يمني خارج المدرسة قنبلة موقوتة