عالمٌ خارج التغطية!
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
د. سلطان بن خميس الخروصي
"غزة" ذلك الاسم الأشمّ العظيم الذي جرَّد المواقف من ألوانها الحربائية، وعرَّى القلوب المُوغلة بالحقد والغلِّ والكذب والنفاق على بساط أحمدي، وأسقط جميع الأقنعة الماجدة والماجنة ليميزَ اللهُ الخبيث من الطَّيب، وأنار شموس الحقيقة والانتماء الإنساني والقومي والإسلامي الرصين لمن يتقاطعون قلبا وقالبا مع مُناضلي الحُرّية والعدالة ورفض الظُّلم والقهر، وأزال الستار عن سماسرة القضية الفلسطينية وماسحي أحذية المصالح السمجة على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم.
أمام كل هذا الضجيج، وتخبُّط المواقف، وتداخل الغثِّ والسمين، كان أجيال الأمتين العربية والإسلامية يُعوِّلون على عُلمائهم أن يكونوا السَّكين التي تُغرَس في خاصرة الصَّهاينة ومن حالفهم وناصرهم وأوغل في هولوكوست الأطفال الذي تجاوز 8 آلاف شهيد طفل والرقم في ازدياد؛ فالجميع كان يرقُب تلك الحناجر الرخيمة السليطة لتدعو إلى أضعف الايمان كالمقاطعة أو الدُعاء والنُّصرة والتي قد ترتفع بعد حين- لا سمح الله- بالدعوة إلى رأس سِنام الإسلام وهو الجهاد والذي طالما أصمُّوا بها آذاننا في أفغانستان، واليمن، والعراق، وسوريا، والصومال، وبلاد الجواري والحسناوات في مشارق الأرض ومغاربها، فتَعطَّشت الأجيال الغارقة في بحر الألم والحسرة والقهر مما يحدث من إبادة للإنسان في هذا القُطر العربي الإسلامي العزيز على أن تجد من يشفي غليلها ويروي ظمأها بدعوة أو توجيه أو موقف للتاريخ ممن نهِلوا علوم القرآن الكريم والشريعة والعقيدة فيجعل الصهاينة وزبانيتهم يُجلُّون كرامة الإنسان العربي وقيمته ومكانته، لكن الواقع حتى ساعة هذا المقال يشي بأن علماء الأمتين العربية والإسلامية (شاهد ما شفش حاجة).
يُدهشنا هذا السكوت الفاحش المشين لأعداد كبيرة من العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بما أوكل الله إليهم من مسؤولية تبصير أبناء الأمة، وتوجيههم، وغرس قيم الكرامة والدفاع عن الإسلام والوطن ومقدَّساتهما وحُرماتهما، ونُصرة المظلوم، وإحقاق الحق، له تبعاته الأخلاقية والاجتماعية والدينية، فكثير من رجالات الدعوة والواعظين والمُفتين ومن يوصفون بالعُلماء والمحدِّثين والفُقهاء والناشطين الاجتماعيين في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث ملايين المتابعين لهم على اختلاف الملل والنحل والأجناس واللغات والأعراق، يهدرُ ليلا نهارا بالنُصرة والدفاع وحماية المُقدَّسات، وحينما جاءت غزة بكل جراحاتها وآلامها لم يجرؤ كثيرون على وضع دعاء بأن ينصر الله المستضعفين من النساء والأطفال والشيوخ والمرضى أمام آلة الإعدام الممنهج الظالم ولو على العموم دون أن يخصهم!، بل الأدهى والأمر أن تجد من لا يخشى الله ولا يستحي منه وهو محسوب على الإسلام الناصع يتقلَّد المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي، ليُفتي في الملأ بأن إزهاق الأرواح في هذا القطر المكلوم من العالم تتحمله الفئة الضالة، ويعني بها المدافعين عن بلادهم ويوغل في إرهابه بأن نصرتهم غير واجبة؛ بل قد يقع على المناصر إثمٌ، وهو يعلم أن الغرب ونصرته للصهاينة هو امتداد للعنصرية وإبادة للمستضعفين.
ولا ضير أن نذكُر بعضًا من ذلك بإيجاز؛ حيث في العام (1895) كان البلجيكيون يقومون بحملات قطع أيادي الذكور في الكونغو خلال العمل القسري إن لم تجني القرية محصولًا كافيًا من المطاط علاوة على إعدام الأطفال. وفي العام (1988) كانت ممثلة الهنود الحمر في الأمم المتحدة تقدم كلمتها بألم وحرقة وهي تُثبت بالأدلة قيام الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أدوية العقم تجاه شعبها كأحد صور التطهير العرقي. وفي العام (1943) فرض الانجليز الحصار على البنغال بالهند وراح ضحيتها 3 ملايين إنسان. وفي العام (1886) بالولايات المتحدة الأمريكية استخدم البيض الأطفالَ الأفارقة كمقاعد للجلوس في محطات القطارات. وفي العام (1945) كان الفرنسيون يوغلون بالقتل في الجزائريين؛ حيث أعدموا قرىً بأكملها في يوم واحد. وفي العام (1913) كان البريطانيون يقطعون رؤوس السكان الأصليين في أستراليا لجعلها تُحفًا وديكورات لحيطان منازلهم. وفي العام (1940) كانت الإعدامات الممتدة على طول الطرقات وفي ساحة المعسكرات الإيطالية تمثل افتتاحية الضباط والجنود صباح كل يوم في ليبيا. وفي العام (1874) نشرت إحدى الصحف البريطانية أنه من طرق صيد التماسيح هو ربط طفل أسود في شجرة كطعم للتمساح. وفي العام (1960) ربطت فرنسا 150 أسيرًا جزائريًا في أوتاد خشبية في صحراء رقان كفئران تجارب لتجاربها النووية ودراسة أثر الإشعاعات، وغيرها الكثير.
فهل لا يزال من يؤمن بنصاعة تاريخ الغرب وأمريكا؟ وهل أمام هذا الصمت الفاضح يمكن أن تصدق الأجيال الحالية والقادمة بعضًا من هؤلاء العلماء في القول والفُتيا وهم شُركاء في الجُرم فالساكت عن الحق شيطان أخرس.
في الختام، نقول للكثير من علماء الأمتين العربية والإسلامية، نحن بحاجة لعلماء حقيقين أمثال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان، والذي لم تفُتَّ عضُده الضغوطات الخارجية وبعض المرجفين من حوله وهو لا يزالُ على الحق ودفاعه عن المظلومين، فلا يخاف في الله لومة لائم. نحن بحاجة لمن يصدحون بالقول الصادق بعيدًا عن الإملاءات والمصالح البينية، الأمة بحاجة لمن يحترم ما يحمله في عقله وقلبه من علوم الفقه والشريعة والحديث والفكر وقبل كل ذلك كتاب الله وسنة نبيه، لا أن يكون سمسارًا للذمم والدَّم. ثقوا أن الله سيُحاسبكم عن كل قطرة دم فأنتم صمَّام الأمان لطوفان شعوبكم في نصرة القضية وتعزيز قيم الانتماء والولاء، فغدًا لن ترحمكم الأجيال، فتشبثوا بالثقة التي أوليتم من أبناء أمتكم، وثقوا أن فلسطين لن يحرِّرها إلّا أهلها، ولا يرقبون منكم إلا مناصرة الحق والوقوف بشرف ومسؤولية تجاه قضيتهم العادلة، فلا تكون مع ارتفاع مؤشر عشرات آلاف الشهداء وضجيج العالم بالظلم الحاصل كعالم خارج التغطية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: النية هي مفتاح تحويل العادات إلى عبادات
كتب- حسن مرسي:
أكد الشيخ أشرف الفيل، العالم الأزهري، على أهمية النية في تحويل الأعمال اليومية إلى عبادة تقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى.
وقال الشيخ أشرف الفيل، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الخميس: "العمل يجب أن يكون دائمًا مصحوبًا بالنية الصافية التي توجه قلب الإنسان إلى الله تعالى، فتجعل كل عمل يقوم به عبادة، سواء كان طعامًا أو شرابًا أو حتى نومًا، فالنية تكون هي المفتاح لتحويل العادات إلى عبادات".
وأوضح: "النية هي التي تميز الأعمال بين ما هو دنيوي وما هو عبادي، فحتى الطعام الذي نأكله، إذا اتبعنا فيه سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأكلنا بنية تذوق نعمة الله والاعتراف بفضله، فإنه يصبح عبادة".
كما شدد على ضرورة أن تكون النية متوافقة مع منهج الله تعالى، مستشهدًا بآية من القرآن الكريم تقول: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا"، موضحا أن العمل يجب أن يكون موافقًا لما جاء به الله ورسوله، ولا يتم وفقًا لأهواء الإنسان أو اجتهاداته الشخصية.
وأَضاف: "النية هي أساس قبول الأعمال عند الله، فإذا كانت النية فاسدة، فإن العمل لا يُقبل مهما كان ظاهره صالحًا، فالحساب عند الله مرتبط بالنية قبل العمل.. فالنية الصالحة تقوي العمل الصالح، بينما النية الفاسدة تفسد العمل الصالح، مهما كانت جودته، لذلك، يجب أن تكون النية والإخلاص هما العنصرين الأساسيين في أي عمل نقوم به"
وأكد الشيخ أشرف الفيل أن الأعمال الدينية، مثل الصلاة والزكاة والصوم، لا بد أن تُؤدى بنية خالصة لله، مشيرًا إلى أن النية الصحيحة تعد شرطًا أساسًا لقبول العمل في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضًا:
بعد أزمة الاستقالات.. نقيب الأطباء يكشف أسباب تأجيل "العمومية": القرار الأصوب
رئيس الوزراء يتابع مع محافظ قنا ملفات العمل والرؤية التنموية للمحافظة
برودة شديدة وصقيع.. الأرصاد تعلن حالة الطقس غدا بدرجات الحرارة
الثانية خلال ساعات.. الاستقالات تضرب نقابة الأطباء بعد تأجيل "العمومية الطارئة"
الشيخ أشرف الفيل برنامج لعلهم يفقهون النية الصافية النية هي التي تميز الأعمال الشيخ أشرف الفيل العالم الأزهري
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة خالد الجندي: مرصد الأزهر أحد الأماكن الرائدة التي تساهم في نشر الوعي أخبار الشيخ خالد الجندي يوضح أهمية تربية الأبناء على القرآن الكريم أخبار خالد الجندي يشيد باهتمام الرئيس بالشباب أخبار كيف يمكن محاسبة النفس؟.. خالد الجندي يوضح أخبار أخبار مصر عالم أزهري: النية هي مفتاح تحويل العادات إلى عبادات منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر عالم أزهري: الكتاتيب جزء من ثقافتنا ويجب عودتها برؤية جديدة منذ 30 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر