لاجئو السودان في تشاد وروايات الكرب العظيم
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
الحدود التشادية السودانية– نحيب وعويل ورعشة أطراف، ثم ذهول، فصمت مطبق.. وكأن مصائب الأمس وقعت للتو.
تلك صور من ملامح بعض هؤلاء اللاجئين السودانيين وهم يسردون قصص القتل والتدمير والإهانة والسلب والفظاعات، التي تعرضوا لها في بلدهم، وساقتهم سوقا إلى هذا الركن القصي من تشاد.
يجمع أغلب هؤلاء على أن استهدافهم كان بقصد "التطهير العرقي"، ويقولون، إن انتسابهم لقبيلة المساليت الأفريقية هو ما جعلهم في عين العاصفة، أو بسبب كونهم من "النوباي" تعبيرا عن كونهم زنوجا سودا.
ويقول عبد اللطيف عبد الله يعقوب (32 عاما)، إن بيتهم تعرض للعدوان في خضم هجوم كاسح على حي المدارس في الجنينة بنحو 300 سيارة نفذه الدعم السريع يوم 15 مايو/أيار 2023، ويقول "قتلوا أبي وشقيقي واستهدفوا رِجلي بطلقة نارية، كل ذلك دون أي سبب وأمام أمي وأخواتي الثلاث، اللواتي كن يبكين ويصرخن.. تركوني أنزف في البيت بجانب جثتيْ أبي وأخي".
أما محمد قمر أبكر (46 عاما) فترك زوجته و3 من أبنائه: شريف (22 عاما)، وآدم (18)، ويسن، صرعى ملقوْن على الأرض، في هجوم مباغت في يونيو/حزيران الماضي، بحي التضامن بالجنينة سقط فيه -حسب شهادة محمد أبكر- 300 شخص، "وأشعلت الحرائق في كل مكان بعد أخذ كل ممتلكاتنا من ذهب وسيارات وأموال".
ويضيف "كانوا ينهبون كل شيء ويشعلون النار في الباقي… وحتى الحمير، أطلقوا النار عليها إمعانا في الإفساد".
مصطفى طاهر لاحقه عناصر الدعم السريع واستهدفوه في رجله لتبتر لاحقا، في الصورة مع والدته دارية بوكني (الجزيرة)وروى مصطفى طاهر (18 عاما)، من حي الشاطئ بالجنينة، حادثة استهدافه بشكل مباشر في بيته، قبل 6 شهور، بعد ملاحقته في الشارع من عناصر الدعم السريع، وهو ما أدى إلى بتر رجله في المستشفى التركي بنيالا.. وتحدثت والدته دارية بوكني (40 عاما) عن فقدان ابنتها في الهجوم، بينما لا تزال بنتها الأخرى محاصرة في الجنينة مع جيران، وهي تتحين الفرص للهرب إلى تشاد.
ضرب وربط بالحبال
وفي شهادة أخرى يقول عبد الله يعقوب إسماعيل، إنه اعتُقل 3 أيام في الجنينة تعرض فيها لصنوف العذاب بعد اقتياده من بيته وإحراقه أمام عينه: "ضربوني بطلقة نارية في الإبط واقتادوني لمعسكرهم وربطوني بالحبال وضربوني ضربا مبرحا".
ووسط نوبات بكاء تتفطر له الأكباد، يحكي نقيب الشرطة (على المعاش) إبراهيم إسحاق جمعة (65 عاما) عن صفعه، وضرب زوجته وبنتيه أمامه، وقتل ضيفه -ابن عمه- ودفنه في البيت، وسلب كل ممتلكاته، في هجوم على بيته في حي التضامن بالجنينة، أواسط شهر يوليو/تموز الماضي، من 5 أشخاص "عرب خارجين على القانون" يجزم أنهم من الدعم السريع.
نادية أبّكر السنوسي روت كيف عاجلتها قذيفة في بيتها وكيف بقيت محاصرة وسط النيران (الجزيرة)ويقول إبراهيم، وهو طريح الفراش بفعل كسور مركبة عدة برجليه تعرض لها في خضم نوبة إغماءات وسقوط على صخور، إن جميع ما وقع له "كان بسبب الانفعال الذي يرفع الضغط والسكر"، وهو المصاب بهما أصلا، وقد شفعا له بتجنب القتل يوم الهجوم حين قُتل ابن عمه وفر أخوه قفزا من البيت، وتجنب قريب له آخرُ القتل بفعل مجادلة النسوة بأنه عربي، استنادا إلى لونه الفاتح، وأنه كان يرفع المصحف الشريف فوق رأسه.
ويضيف "ذهبوا وعادوا مجددا، أخذوا سيارتي (ركشة= تيك توك) ودخلوا الغرف ونهبوا كل ممتلكاتنا، حتى الملابس، وأخذوا 10 مليارات سوداني هي حقوقي من الشرطة، فضلا عن كتب قانونية وشرعية. ويتابع أنه الآن بات "صفر اليدين".
ويؤكد إبراهيم جمعة، الأب لـ15 طفلا، أن الاعتداء عليه كان بسبب كونه مسلاتيا لا بسبب كونه شرطيا، ويقول، إن البلاد انحدرت في أتون صراع عرقي.
أما نادية أبّكر السنوسي (30 عاما) فتروي كيف عاجلتها قذيفة في بيتها أدت إلى إصابتها بحروق بيديها ورجليها، وكيف بقيت محاصرة وسط النيران مدة 40 دقيقة، وشهدت مقتل 8 أشخاص بجانبها، وجرح عدد آخر كبير في هجوم للدعم السريع على مخيم للنازحين شرق الجنينة يوم 24 أبريل/نيسان الماضي.
إبراهيم إسحاق جمعة تحدث عن صفعه وضرب زوجته وابنتيه أمامه وبكى بكاء مرا وهو يروى قصته (الجزيرة)وتصر نادية على أن تبدأ قصتها عن الدعم السريع بالحديث عن الجنجويد، وكيف كابدت معه عائلتها مرارات 20 سنة من القتل، وكيف قُتل جداها وعدد من أعمامها وأخوالها في هجوم لهم في 2003. وكيف انتقلت العائلة بين عدد من المؤسسات الحكومية والمخيمات، مثل مخيم كراندينغ وغيره.
تمزيق بالفؤوس والمناجل
وفي مجزرة واحدة، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الأخير، تحدث عنها العديد من شهود العيان لنا، هي "مجزرة أردمتا" وهو حي بالجنينة، قال عشرات الناجين، إنهم رأوا رجالا من المساليت يُعتقلون ويُطلق النار عليهم. وقال بعضهم، إنهم رأوا أشخاصا يمزقون إربا حتى الموت بالفؤوس والمناجل. ووصف شهود كيف أُعدم المدنيون في منازلهم وفي الشوارع وأثناء محاولاتهم الفرار.
وفي وقت سابق، قال الاتحاد الأوروبي، إن أكثر من 1000 من أفراد قبيلة المساليت قُتلوا في أردمتا. وقال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن "الفظائع" في أردمتا كانت جزءا من "حملة تطهير عرقي أوسع نفذتها قوات الدعم السريع، بهدف استئصال قبيلة المساليت".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدعم السریع فی هجوم
إقرأ أيضاً:
بنقل أسلحة وذخائر : السودان يشكو تشاد لدى الاتحاد الإفريقي بتهمة تسليح "المتمردين"
بورت سودان (السودان) - قيدت الحكومة السودانية شكوى لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب ضد دولة تشاد. وقال معاوية عثمان محمد خير وزير العدل السوداني في تصريحات صحافية أنهم قدموا أدلة تشمل مستندات ومقاطع فيديو تثبت تورط تشاد في دعم قوات الدعم السريع وبالتالي مسؤوليتها بالتضامن عن كل الجرائم التي اقترفتها.
وأضاف عثمان أنه في حال قبول اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الشكوى فإن الباب سيكون مشرعا لتقديم شكاوى مماثلة في المحافل السياسية والقانونية الإقليمية والدولية.
وأعلن وزير العدل أن السودان طالب الجارة بتعويضات بعدما اتهمها بالتورط في نقل أسلحة وذخائر إلى "ميليشيات متمردة" في إشارة محتملة لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ أكثر من عام ونصف.
وكانت تشاد نفت الشهر الماضي على لسان وزير خارجيتها "تأجيج الحرب في السودان" من خلال تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة.
واندلعت الحرب في السودان منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي.
وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص من بينهم 3,1 ملايين نزحوا خارج البلاد، بحسب المنظمة الدوليّة للهجرة. وتسبّبت، وفقا للأمم المتحدة، بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
وقال الوزير معاوية عثمان في بورت سودان للصحافيين "تقدم السودان بشكوى ضد تشاد للاتحاد الإفريقي بسبب أنها متورطة في نقل الأسلحة والذخائر إلى الميليشيا المتمردة".
وهو ما قال إنه "أدى لوقوع أضرار على المواطنين السودانيين، وعلى تشاد أن تدفع تعويضات لجمهورية السودان عن هذه الأضرار".
وأضاف عثمان "سنقدم الأدلة والإثباتات للجهة صاحبة الاختصاص".
لكنّ تشاد نفت الشهر الماضي تورطها في الأمر.
وقال عبد الرحمن كلام الله، وزير الخارجية والمتحدث باسم الحكومة التشادية في مقابلة مع إذاعة "إر إف إي" في 24 تشرين الأول/أكتوبر إن "تشاد ليس لديها أي مصلحة في تأجيج الحرب في السودان من خلال توريد أسلحة، فنحن من الدول القليلة التي طاولتها تداعيات كبيرة بسبب هذه الحرب".
ويتشارك السودان وتشاد حدودا تمتد قرابة 1,300 كيلومتر مع ولايات دارفور في غرب السودان الذي تسيطر على غالبيتها قوات الدعم السريع المتمردة.
وتستخدم الأمم المتحدة معبر ادري الحدودي بين البلدين لإيصال المساعدات الإنسانية إلى دارفور المهددة بالمجاعة.
ووافقت الحكومة السودانية في آب/أغسطس على فتح هذا المعبر لمدة ثلاث
Your browser does not support the video tag.