جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-30@14:27:46 GMT

"طوفان الأقصى" وشعاعه العالمي!

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

'طوفان الأقصى' وشعاعه العالمي!

 

 

حمد بن سالم العلوي

 

مثّلت معركة طوفان الأقصى نقطة تحول كبيرة، فهي لم تزلزل الكيان الصهيوني وحده، وإنما زلزلت أمريكا وحلف الناتو، لذلك تجد الأمريكان والغرب يتسابقون نحو الكيان الصهيوني، والكل يقدم الدعم العسكري والمادي، وذلك حتى لا يفقد هذا الكيان توازنه، وعلى إثر غزوة السابع من أكتوبر المباركة، تلك الغزوة الجريئة المُنظّمة والمُعد لها بطريقة ممتازة، قد تعجز دول كبرى أن تقوم بمثلها، فإذا أنت نظرت إلى تلك العملية ستجدها مبهرة في دقة الإعداد والتنظيم والتنفيذ المحكم والدقيق، فقد كانت تلك الغزوة صباحًا مع شروق الشمس، ولم تكن تحت جنح الظلام.

ثم كيف تجرؤ مجموعة من فصائل المقاومة الفلسطينية على مهاجمة جيش كان يُوصف بأنَّه لا يقهر؟! وقد حمى نفسه بجدار عازل من الخرسانة المسلحة، وبسور كبير من الأسلاك الشائكة، والمراقبة الآلية المزودة بالأسلحة التي تطلق النَّار على كل شيء يتحرك في محيطها، ولكن أبطال المقاومة الفلسطينية أزالوا كل تلك العوائق من الأسوار العازلة وبسرعة قياسية، وتعطيل كل الأسلحة التي برمجت لكي تطلق النار بصورة تلقائية، وتقتل كل شيء متحرك، ثم أن يكون ذلك الهجوم بريا وجويا وبحريا، وكأن الذين قاموا به يمثلون فيلماً جيد الإخراج والتنظيم والتنفيذ، فيدخلون بسرعة مذهلة إلى القواعد العسكرية للكيان الرابضة في محيط غزة والمتربصة بها، فيجهزون على من كان في تلك الحامية الصهيونية، فيقتلون جنودها وحراسها، ويدمرون كل شيء كان فيها، ويأخذون أكثر من 250 عنصرًا من جيش العدو الصهيوني أسرى، ومن ضمنهم قائد الحامية، وضباط كبار كثر لم يفصح عنهم جميعًا لحد الآن.

ثم كيف دمَّروا دبابات الميركافا التي قالوا إنِّها لا مثيل لها في هذا الكون من حيث التجهيزات والمُستشعِرات والرادارات، والتي كان من المفترض أن تحميها من أي هجوم مباغت عليها، ولكن أبطال المقاومة الفلسطينية فجّروها وأذاقوا العدو الذل والمهانة، وكسروا غطرستهم وجبروتهم.. لذلك لا نستطيع إلّا أن نقول عن طوفان الأقصى، إنه كان نقطة تحول في تاريخ الصراع بين الشر الصهيوني مقابل خير أهل الأرض الذين تحمّلوا عذابات شديدة من بني صهيون.

ما حدث صبيحة السبت 7 أكتوبر 2023، مثّل ذروة "ثورة الأحرار"، الذين ظل الصهاينة على مدى 75 عامًا يذيقونهم ألوان العذاب والبطش واغتصاب الحقوق والأرض، والتنكيل بكل ما هو فلسطيني، فالقتل يتم في الشوارع وعلى مسمع ومرأى من العالم، وذلك لأبسط الأسباب، فكانت حالات القتل أكثر من حالات إلقاء القبض والاعتقال، وربما كان الصهاينة يرون في ذلك الأسلوب، الطريق الأسهل لهم، وهو القتل الفوري لأنَّ القبض عليهم ونقلهم إلى السجون قد يكون مكلفاً لهم، خاصة وأن اليهود يعتبرون قتل المسلمين والعرب، واجبًا دينيًا حسب معتقداتهم العفنة.

إن الشعاع العالمي الذي خلفته غزوة طوفان الأقصى، قد عمّ دول العالم وحرك ضمائر الشعوب، وأخذوا يجتاحون المدن بمظاهرات ومسيرات يومية، على خلاف رغبة القادة الذين لا يقوون على الخروج من ربقة الصهاينة، وصار العلم الفلسطيني أكثر الأعلام رمزية اليوم، هو والكوفية الفلسطينية، وقد تنبهت الشعوب إلى الدعاية والكذب الصهيوني الذي كان يُصوِّر للناس أنه هو المُستضعَف والمُهدَّد بإلقائه في البحر، فهم يُجيدون فن التباكي وادعاء المظلومية، غير أنَّ الذي يجري اليوم في غزة من قتل مُمنهَج وتدمير شامل، أصبح ظاهرًا للعيان، وذلك بفضل شبكة التواصل الاجتماعي المتطورة، فلم يعد نقل الأخبار حكرًا للمنظمات اليهودية المسيطرة على كبريات الصحف حول العالم وحدها، أو القنوات الفضائية الخاصة بهم، فإذا كانوا قد أخفوا جرائمهم في دير ياسين مع بداية النكبة، فاليوم لا شيء يمكن إخفاؤه عن العالم في عصر ثورة المعلومات.

كما إن هذا الشعاع الذي أحدثه طوفان الأقصى، قد فضح نفاق بعض العرب، عندما يتظاهرون بالحياد، وإن كان لا حياد بين الخير والشر؛ فالغرب المُنافق الذي صدّعنا بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة بين الشعوب، كسبب لاحتلالهم للدول العربية والإسلامية من أجل نشر الديمقراطية والعدالة بين الناس، فإنَّ كل ذلك كان مجرد دعاية ماكرة لتدمير البلدان، وقتل من لا يقبل استعبادهم له، ولكن عندما وقع الفأس على الرأس، وتعرض الكيان الصهيوني إلى هزيمة نكراء من أبطال المقاومة الفلسطينية، تقاطرت الدول المنافقة وعلى رأسها أمريكا، والدول الغربية صارت مُستعبَدة من قبل أمريكا وتأتمر بأمرها، لذلك تجدهم في سباق محموم لنصرة إسرائيل، فأتوا بجحافل أساطيلهم وطائرات، ليس للدعم المعنوي للصهاينة، وإنما للمشاركة المباشرة في الحرب ضد الشعب الفلسطيني المظلوم.

إن المرء ليعجب ليس من هذه المؤازرة القوية من أمريكا والغرب لإسرائيل، فذلك كان ظاهرًا ومعلومًا لكل ذي لب، ولكن العجب كل العجب من مواقف عربية وازنة، فعندما يتكالب الغرب على العالم العربي، ويُعلن مواقفه ضد العرب والمسلمين نهارًا جهارًا، تجد في المقابل من بعض العرب كل سلبية وخذلان وكأن لا شيء مهم، لذلك لن تجد من ينتفض لنصرة إخوانه في العروبة والإسلام، فلم يستجب لداعي الحق إلا أنصار الله في اليمن، وبعض من شعب العراق، والمقاومة الإسلامية في لبنان، ترى ألا يشعر البقية أن الخطر الصهيوني يُحدق بنا جميعًا؟! ألم يقرأوا النشيد الوطني للصهاينة الذي يبدأ بالشتم والسب والقدح في العرب، وينتهي بالتهديد والوعيد في تدمير الأمتين العربية والإسلامية.

الذين سلَّموا بالطاعة والولاء للصهاينة، يعيشون حالة مفروغ منها، لقوله تعالى عز وجل: "قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا" (مريم: 75).. إذن مثل هؤلاء أصبحوا بلا حول ولا قوة أمام الصهاينة، وأنهم بدلوا بدينهم أديانًا أخرى نزولًا مع رغبة الصهاينة قتلة الرسل والأنبياء، وقد كانوا ومازالوا في حرب مع الله ورسوله، وهناك حكم مبرم في حق الموالين لليهود والنصارى بنص القرآن الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (المائدة: 51).

إنَّ شعب فلسطين في غزة يتعرض لإبادة من دول الكفر والطغيان، فإذا أنتم تعادون حماس لتدينها، فذلك شأنها مع ربها، وهي على حق وأنتم على باطل، وكان أولى بكم أن تعادوا حاخامات اليهود، الذين يشرّعون قتل العرب والمسلمين، ولكن ما ذنب الأطفال أن يقتلوا في بيوتهم وفي المستشفيات وفي منازلهم؟! أو يموتون جوعًا ومرضًا، وأنتم متخمون بنعم الله، إذ بلغ اليوم عدد الشهداء أكثر من 21 ألف شهيد؛ معظمهم من النساء والأطفال، فهناك الآلاف تحت أنقاض المباني، فماذا عساكم تقولون للحكم العدل يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأنتم باستطاعتكم وقف هذه المجازر التي لم يشهد لها مثيل في التاريخ.

شعاع الطوفان عمَّ الكون كله شرقه وغربه، وسيحررهم من سيطرة اليهود على العالم، علاوة على أنه سيحرر الأمة العربية من الخوف الخنوع لوحوش العصر، الذين بلغ بهم الطغيان إلى هذا القدر من الجبروت في سفك الدماء، ففلسطين كلها تحت لإبادة والقمع الممنهج، فأما الموت وأما التهجير القسري، لكن رغم كل هذه الأهوال فإن الشعب الفلسطيني منتصر بإذن لله، رغمًا عن أنف أمريكا وأوروبا وكل مفسد جبار، لأن وعد الله حق وأنه ينصر من ينصره فحاشا لله أن يجعل الغلبة في أيدي الظالمين، وسيظل الأمل في جند الله أن يكسروا جبروت الصهاينة وكل من يقف موقفهم.. والله أكبر، إنه لجهاد نصر أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما بعد طوفان الأقصى

19 يناير 2025م.. دخلت الهدنة بين إسرائيل وحماس مرحلة التطبيق، بعد مفاوضات عويصة تلازمت مع حرب الإبادة التي شنتها القوات الإسرائيلية على غزة؛ إثر العملية التي قامت بها حماس في 7 أكتوبر 2023م باسم «طوفان الأقصى»، حيث وضعت إسرائيل ثلاثة أهداف لحربها؛ هي: فك الأسرى من يد حماس، وتدميرها، وتهجير أهل غزة. اليوم.. إسرائيل ترضخ لحماس وفق شرطها بألّا تسلم الأسرى إلا بعد إيقافها الحرب وانسحابها من غزة.

حتى الآن.. لا توجد اتفاقية لوقف الحرب نهائياً، وإنما هي هدنة لفترة 42 يوماً يتبادل فيها الطرفان الأسرى، وهذه هي المرحلة الأولى، مع خطة لمواصلة المفاوضات في مرحلتين قادمتين. ومع ذلك؛ يمكننا الحديث عن «مرحلة ما بعد طوفان الأقصى»، لأن مسار مرحلة الطوفان قد تحددت، ولا يُتوقع مسار آخر يُحدِث فرقاً فيما لو استمرت الحرب؛ غير مزيد من الإبادة والتدمير، ومزيد من الخسائر الباهظة تتكبدها إسرائيل، كما أن أمريكا في ظل إدارة دونالد ترامب تجنح لإنهاء الحرب.

إسرائيل.. لم تحقق أهدافها من الحرب، وقامت بأسوأ إبادة في العصر الحديث، بغية كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة، وإجباره للتخلي عن الوقوف مع المقاومة، فخسرت إسرائيل أمام صلابته.. بل ثارت شعوب العالم ضدها. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكماً باعتبار القادة الإسرائيليين مجرمي حرب، ولم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يقنع شعبه بأن الحرب هي السبيل لتحرير الأسرى، فخرج الإسرائيليون ملء شوارع تل أبيب مطالبين بتحريرهم، وأخيراً.. رضخ لضغوطهم وللضغوط الدولية، ولفشله في تحقيق أهداف الحرب.

استطاعت إسرائيل تفكيك محور المقاومة، بعد اغتيالها قيادات عليا في حزب الله وحماس وقيادات عسكرية إيرانية، وحيّدت حزب الله وإيران والمقاومة العراقية، مما جعل نتنياهو يدعو إلى تشكيل شرق أوسط جديد تكون إسرائيل محوره. وأعطت الحرب إسرائيل موثوقية أن الغرب لن يتخلى عنها، وأنه لا توجد قوة دولية قادرة على تغيير خارطة المنطقة لتهديد وجودها، غافلة عن تغيّر المواقف بتغيّر المصالح.

ليس أمام إسرائيل خطة حاسمة لما بعد الطوفان.. فمسار السلام فشل، واستعمالها العنف أضر بها، وستعاني كثيراً من الجيل الفلسطيني القادم؛ الذي يحمل عقيدة تحرير فلسطين والثأر من الكيان الذي أباد أهله ودمر مجتمعه. والتطبيع.. أصبح طريقه وعراً بين شعوب المنطقة، يشكل خطراً ليس على إسرائيل وحدها، وإنما كذلك على الدول المطبعة معها. ولعل الخيار الأخف لإسرائيل والتي عليها أن تفكر جدياً به هو «حل الدولتين»، والتي ستفرض المقاومة شروطها على رسم حدود الدولة الفلسطينية فيه.

المقاومة الفلسطينية.. أثبتت بأنها رقم صعب، تمكنت خلال العقود الماضية أن تنمو عسكرياً وسياسياً واجتماعياً، وكشفت الحرب أن حماس لم تعد جماعة، وإنما أصبحت دولة بعناصرها الممكنة تحت الاحتلال، فقد استطاعت حشد الشعب الفلسطيني معها، الذي لم تنكسر عزيمته طيلة الحرب، فخرج مؤيداً لها في تبادل الأسرى. واستطاعت أن تدير المعركة منذ بدايتها حتى نهايتها. كان كل شيء محسوباً لديها حتى لحظة تسليم الأسرى؛ حيث خرج جيشها بكامل أبهته، ولم يتغير انطباع أسرى هذه الدفعة عن انطباع أسرى الدفعة السابقة عند بداية الحرب؛ من الإعجاب والتقدير لحماس بالحفاظ على نفوسهم ومعاملتهم بالحسنى.

حماس.. خسرت كثيراً في الحرب، فقد قتل الكثيرون من جندها، واغتيل بعض قادتها؛ في مقدمتهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار، ونَقَصَ عتادها العسكري، وتأثرت نفسياً من الإبادة الجماعية لشعبها والتدمير شبه الكامل لغزة. لكن من أهم ما حققته حماس قدرتها على مواصلة الحرب، رغم تحييد جبهة الإسناد، وهذا يدل أنها قادرة على خوض حروب قادمة، فقد أصبحت تصنع السلاح من مواد متوفرة في قطاع غزة، مما يجعل حكومات المنطقة تنظر إليها باعتبارها كياناً باقياً، وأن إزالتها من الوجود لم يعد وارداً.. بل صمودها عزّز فكرة المقاومة نفسها، وقوّى من صمود بقية الفصائل. كما أنها أفشلت «خطة اليوم التالي للحرب» التي أعدتها إسرائيل لإدارة قطاع غزة من دون حماس.

المقاومة الفلسطينية.. أمامها طريق شاق من إعادة بناء غزة وترميم نفوس الشعب، وإعادة بناء استراتيجيتها لما بعد الطوفان. وما حصل من إبادة ودمار يجعلها تحسب ألف حساب قبل القيام بعملية أخرى؛ على الأقل خلال عشر سنوات قادمة. لكنها ستعمل على إعادة تأهيل قواتها، وسيتكون لديها جيل جديد؛ متسلح بخطط وأفكار أكثر ثوريةً، في فضاء رقمي مفتوح. الآن نرى فصائل، وغداً؛ جيشاً أكثر تنظيماً وثقةً بنفسه. أما السلطة الفلسطينية في رام الله.. ففي طريقها للتغيّر، وستنتهي حكومة محمود عباس، وتحل محلها سلطة وطنية توافقية بعقيدةٍ مقاوِمة، هذا ما سيفرضه الجيل الجديد في الضفة الغربية.

إيران.. خرجت مهيضة الجناح من الحرب، خسرت مجموعة من قيادات الإسناد، وفقدت موطئ قدمها بسوريا، وضعف نفوذها بلبنان بعدما فقدت حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله حليفها الأهم بالمنطقة. تأتي خسارة إيران وهي تشهد جدلاً سياسياً وشعبياً في طبيعة نظام الحكم مع تقدم عمر المرشد الأعلى علي خامنئي. لكن علينا أن نفهم المسار العام لإيران، فنظامها السياسي ديناميكي، ولديه قدرة على المراجعة الفورية لإعادة تموضعها في المنطقة، وإعادة بناء استراتيجياتها بما يواكب المتغيرات وأمنها القومي وقدراتها العسكرية وتوجهاتها السياسية وخططها الاقتصادية. وقد أثبتت الحقبة الماضية أنها استطاعت أن تتخطى الأخطار المحدقة بها، وتستثمر «الفوضى الخلاقة» بالمنطقة، وبهذا؛ تمكنت من احتضان قوى وقيادات عراقية، وهي التي خاضت بالأمس القريب مع العراق حرباً استمرت قرابة العقد. كما تمكنت أن تمد ذراعها إلى اليمن؛ رغم الأوضاع المتشابكة والمعقدة هناك. واقتدرت على التعامل مع قوى العنف في أفغانستان والعراق وسوريا.إن إيران أمام مفترق طرق، تحدده التوجهات المستقبلية لسياستها، ولكن لا يبدو أنها ستتخلى عن مواجهة إسرائيل وأمريكا، فقد أبرمت مؤخراً استراتيجية شاملة مع روسيا وقعها الرئيسان مسعود بزشكيان وفلاديمير بوتين. ويبدو أن إيران في توجهها ما بعد الطوفان ستقلل من اعتمادها على الجماعات العسكرية، وتتجه إلى الأحلاف الدولية لمواجهة الغرب، فهي تعمل ضمن الأحلاف التي تجمعها بالصين وروسيا على صياغة نظام دولي متعدد الأقطاب السياسية.

أما سوريا.. فنظام الأسد منتهية صلاحيته منذ أمد، فهو بقايا البعث العربي؛ الذي أدبرت أيامه منذ نهاية السبعينيات بصعود الإسلام السياسي في المنطقة، لكن كأي نظام قائم يحتاج إلى وقت حتى يسقط، وعملياً.. سقط مع بدايات الربيع العربي، وإن تأخر حتى نهاية عام 2024م بإطلاق الرمية الأخيرة لإعلان سقوطه رسمياً. سوريا هي الأسبق في دخول مرحلة ما بعد طوفان الأقصى، فقد عجّلت بها أحداثه.

ظاهراً.. ما حصل بسوريا يصب في صالح إسرائيل، فالإدارة الجديدة تعتنق العقيدة الأردوغانية، التي دشنت مرحلة ما بعد الإسلام السياسي «السياسة الإسلامية المدنية»؛ التي تتعامل مع إسرائيل باعتبارها دولة لها مشروعيتها، وهذا يطمئن إسرائيل وتسعى إليه. لكن الوضع في سوريا لا يزال غير مستقر، والجماعات التي سيطرت عليها مؤدلجة بالعنف، ذات براجماتية تمكنها من تغيير مسارها بحسب الظروف، فمستقبل إسرائيل محفوف بالخطر من الجهة السورية.

العرب.. سيواصلون توجههم السابق، وهو الدفع بـ«حل الدولتين» إلى التنفيذ؛ لا سيما مع التوجه العالمي الذي قد يجبر إسرائيل عليه. وعليهم أن يدركوا بأن طوفان الأقصى غيّر من الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، وأصبحت تتشكل من جديد، من دون أن تكون إسرائيل هي اليد الضاربة فيه بعدما هزتها الحرب بقسوة. على العرب أن يتعاونوا لتحقيق ذلك مع الأتراك، مستفيدين من التغيرات في سوريا.

مقالات مشابهة

  • صور| تسليم الجزء الأول من الدفعة الثالثة للأسرى الصهاينة في قطاع غزة ضمن المرحلة الأولى من “صفقة طوفان الأقصى”
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • مسير ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في السدة بإب
  • حماس تكشف عن أسماء المجندين الصهاينة الذين ستفرج عنهم غداً الخميس 
  • حماس: معركة “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي
  • خالد مشعل يتحدث عن تأثيرات طوفان الأقصى .. ويدعو لوحدة وطنية على أسس صحيحة
  • مسيران ومناورتان لخريجي “طوفان الأقصى” في كعيدنة وقفل شمر بحجة
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يدنسون المسجد الأقصى المبارك
  • ما بعد طوفان الأقصى
  • اليمن ضمن محور المقاومة