مراجعة لمواقف الصين وقضايا الشرق الأوسط في 2023
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
تشو شيوان
مع اقتراب نهاية العام الجاري 2023، وبما أنها مقالتي الأخيرة التي ألتقي بها معكم لهذا العام، أردتُ التركيز أو استعراض كيف كانت علاقة الصين بالشرق الأوسط خلال ذلك العام، وما أبرز الأحداث التي مرَّت على المنطقة؟ وكيف ساهمت الصين بشكل أو آخر في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة؟ والسعي لحل قضاياها العالقة.
يُمكنني القول بداية إنَّ الصين ورؤيتها لمنطقة الشرق الأوسط تتناسب تمامًا مع تطلعات شعوب المنطقة الطامحة للتطور والسلام والمضي قدمًا نحو مستقبل مزدهر بعيدًا عن الحروب والنزاعات، وهذا تمامًا ما تريده الصين وتسعى إليه بخلاف ما تسعى إليه بعض القوى الغربية التي كان لها تدخلات سافرة أدت لحروب ونزاعات عميقة في المنطقة.
في مارس من هذا العام، نجحت الصين في تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران وربما يكون استئناف العلاقة الدبلوماسية بين السعودية وإيران واحداً من أبرز العناوين السياسية في المنطقة، خصوصًا وأن مثل هذه المصالحة التي اعتبرها البعض تاريخية قد ألقت بظلال إيجابية في المنطقة بأكملها وجعلت الأمور تأخذ منحنيًا تدريجيًا نحو الاستقرار؛ الأمر الذي وجد فيه المحللون من جميع أنحاء العالم نموذجًا لتسوية الخلافات عبر الحوار والتشاور، وبعد شهرين فقط وبفضل دعم الصين وجهودها الحثيثة عادت سوريا إلى جامعة الدول العربية رسميًا، وقد حضر الرئيس السوري القمة العربية مرة أخرى بعد غيابه لسنوات عديدة؛ الأمر الذي أطلق صوت التضامن والتقوية الذاتية بين الدول العربية، وأجد أن هذين الحدثين من أهم ما حدث في المنطقة؛ لكونهما يؤسسان لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية.
أيضًا ومنذ تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في أكتوبر الماضي، أعلنت الصين عن موقفها الواضح، ولعبت دورها كالمعتاد وبصفتها الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي، دعت الصين إلى العدالة والسلام، كما إن الرئيس الصيني شي جين بينغ ألقى كلمة مهمة بشأن القضية الفلسطينية في القمة الافتراضية الاستثنائية لمجموعة "بريكس"، وترأس عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ووزير الخارجية وانغ يي، الاجتماع رفيع المستوى بشأن القضية الفلسطينية في مجلس الأمن، وأوضح موقف الصين الثابت من وقف إطلاق النَّار ورفض الصين لأي عملية تصعيد في المنطقة والعالم. وفي كل مناسبة وموقف تُظهر الصين بأنها على استعداد كامل للعمل مع جميع الأطراف لوقف إطلاق النار والحوار ومفاوضات السلام والحل السياسي، وأيضًا خلال هذا العام وتحديدًا في يونيو قد زار الصين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقد أجرى محادثات مُهمة مع الرئيس الصيني، وقد أكد الرئيس شي أن الصين وفلسطين شريكان وثيقان يتبادلان الثقة والدعم، وقد كانت الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، وظلت تدعم بثبات القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروع، وأيضًا قد قدم الرئيس الصيني مقترحات هامة لحل القضية الفلسطينية.
ورغم أنَّ الصين تبعد عن الشرق الأوسط آلاف الأميال، إلا أننا نجد الصين حاضرة لمؤازرة شعوب المنطقة في الأزمات والكوارث، فعندما ضرب الزلزال المُدمِّر تركيا وسوريا مطلع العام الجاري، أرسلت الصين المساعدات وفرق الإغاثة المتمكنة لتقديم المساعدة؛ وعندما ضرب الزلزال المغربَ واجتاح الإعصار ليبيا في منتصف العام، وصلت المساعدات الإنسانية العاجلة من الصين في اللحظة الأولى عابرة الجبال والبحار. وأيضًا عندما اندلع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الآونة الأخيرة وغرق سكان غزة في الصعوبات الكبرى، قدمت الصين المساعدات النقدية عبر قنوات مختلفة، ودخلت الأغذية والأدوية وغيرهما من المساعدات المادية الصينية إلى قطاع غزة. وكل هذا جاء من مبدأ مهم تشاركه الصين مع دول الشرق الأوسط مفاده أن الصين معكم في السراء والضراء.
إنَّ عام 2023 أظهر حكمة الصين في التعاون مع الشرق الأوسط وقضاياه، فقد كسرت الصين الجمود بين دول المنطقة وعملت على تقارب وجهات النظر، فعلى مدى سنوات كثيرة عانت المنطقة من تدخلات سلبية وضعت المنطقة في مستنقع الحرب، وما قامت به الصين خلال السنوات الماضية تجاه الشرق الأوسط من دعم لقضايا دولها والوقوف معها في الكوارث والأزمات وأيضًا العمل المشترك؛ سواء سياسيًا أو اقتصاديًا وضع الصين كشريك وحليف موثوق بالنسبة لدول المنطقة وشعوبها. وبعكس النظرة السائدة عن التدخلات الخارجية، فقد كانت تدخلات الصين إيجابية تراعي خصوصية المنطقة وخصوصية قضاياها وموضوعية في حل النزاعات والخلافات وهو تمامًا عكس ما سعت إليه بعض القوى الغربية التي أرادت استغلال الفرص لتدمير المنطقة وبث النزاع بين أطرافها.
في النهاية.. يجب أن نعترف بأن المقال مهما طال أو توسع لن يستطيع أن يركز على كافة ما حدث في هذا العام، ولكن هذا كان جزءًا مُهمًا يُظهر نوايا الصين وجهودها تجاه منطقة الشرق الأوسط، ونأمل أن تكون السنة القادمة 2024 سنة أمل وسعادة لشعوب المنطقة، والمزيد من التعاون بين دول الشرق الأوسط والصين في مختلف المجالات.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يجر الشرق الأوسط إلى نكبة ثانية
بقلم- البتول المحطوري
يسعى نتنياهو لجر الشرق الأوسط إلى نكبة أخرى أشد مما حدثت في عام “1948” ولايُراد أن يكون هنالك تهجير جماعي فقط بل يسعى إلى حصاد الكثير من الأرواح في مدة يسيرة وبشتى أنواع القتل ، لِيتسنى له تحقيق أهداف بناء دولة لليهود تحت مسمى “إسرائيل الكبرى” ، ويجعل من نفسه رمزًا يُضاهي “نابليون: الذي أنشأ فكرة وطن حر لليهود ومات ولم يُحقق هذا الأمر في عام ” 1799″ ويضاهي “هيرتز” وغيره من سلاطين الجور الصهاينة.
تفجير، إغتيالات، تفكيك لقدرات عسكرية تخص بلد معين، تمويل الجماعات التكفيرية، شراء الحُكومات ؛ كل هذا يحدث في العالم وخصوصًا في العالم العربي والإسلامي البعض يراها من زاوية محدودة بأنها جماعات مُعارضة أو تكفيرية تسعى لجلب البلبلة للبلاد؛ ولكن لو دققوا في الأمر لوجدوا بصمات للوبي الصهيوني في كل عمل، كل هذا يدق ناقوس الخطر على أن الشرق الأوسط في حالة خطرة جدًا إذا لم يستفق من نومه وأنه مقبل على نكبة أخرى أشد من الأولى ، فالعدو الإسرائيلي يسعى لتفجير حرباً عالمية ثالثة تجلب له النتائج المربحة ولكن بعد أن يُحكم السيطرة على كل عوامل القوة لكل بلد ليضمن عدم الدفاع ، فما يحدث في السودان من حروب مستعرة بين القوات المسلحة التابعة للبرهان، وبين قوات التدخل السريع تُنبئ بأن السودان على وشك الانهيار اقتصاديًا و يكون هناك خسائر بشرية فادحة وربما قد انهار اقتصاده الآن ، ومايحدث أيضا في سوريا من جرائم من السلطة الحاكمة؛ يقدم للإسرائيلي طبق مفتوح لِيلتهم الأجزاء المتبقية من سوريا وبعدها ستقدِمُ الدولة بتسليم سوريا كاملة على طبق من ذهب على يد “أحمد الشرع” فرد الجميل واجب.
وما التصريحات الخارجة من مسؤوليها خيرُ دليل على ذلك، أما الأردن وشح المياه المُسيطر عليها وإقدامها على شراء “50مليون لتر، والبعص يقول 55” من العدو الإسرائيلي يكشف بأن السيطرة عليها وعلى مصر كذلك سيكون بحري بحكم قُربهما من نهر النيل والفرات إما بدفع الجمارك لها أو بشراء المياه، وربما هذه النتائج هو مما قد تم صياغته في بنود التطبيع فتاريخ إسرائيل في مجال الرباء لايخفى على الجميع ؛ليسعى الكثير من أهل البلدين إلى الهجرة والبحث عن بلد يستقرون فيه هم وأهلهم، وهو الحلم الإسرائيلي الذي يسعى للوصول إليه لِبناء دولتهم المزعومة فلا بد أن تكون الأرض خالية من السكان وأن يكون العدد قليل لِتفرض ملكيتها بحكم الأغلبية لمن تكون، أما السعودية والإمارات فهما قد أصبحتا بلدتين سياحيتين لإسرائيل، وما مشروع “نيون لعام 2030” الذي يحلم به محمد بن سلمان إلا مشروع صهيوني سياحي في أرض الحرمين الشريفين يسعى لفرض السيطرة على السعودية ومكة المكرمة خصوصا بحكم أنها منبر لتجمع المسلمين ، ولتوسيع نشاطها التجاري والسياحي في المنطقة وغيرها من الأحداث التي تقع في المنطقة وكل هذا يُنبئ بأن هناك كارثة ستقع إذا لم يكن هناك تحرك سريع من قبل الشعوب
ماعملتهُ المقاومة اليوم وماتعمله فهي قد هيأت الأجواء لشعوب لِتستيقظ من غفلتها ولِتخرج في مُظاهرات غاضبة نُصرة للقضية الفلسطينية ورفضًا لِخطة “تتغير الشرق الأوسط” مما غرس المخاوف بأن الخطة ستفشل وسيعود الاستقرار بينها كما كان سابقًا؛ لِذلك تعمل اليوم على الضغط على الحكومات لإسكات الشعوب عن طريق الضغط لتسديد القروض الباهضة للبنك الدولي والتي لاتستطيع دفعها بسبب أن اقتصادها المتدهور جدًا بسبب القروض الربوية التي عقدتها والتي ساعدت على ألا يكون لها قائمة في اقتصادها ؛ لِيتسنى لِإسرائيل التفنن في تغيير اسم “الشرق الأوسط” إلى مسمى”إسرائيل الكبرى” تحت نظام واحد، ولغة عبرية واحدة، لايوجد دويلات بل بلد واحد يحكمه “النظام العالمي الجديد” بقيادة “إسرائيل الكبرى ” وبخدمة أمريكية.