يديعوت أحرونوت: اقتصاد إسرائيل يختنق بسبب الحرب على غزة
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
ورد في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت أن الاقتصاد الإسرائيلي بدأ يشعر بالفعل بخطورة الوضع، بعد أن بات واضحا أن التكلفة المالية "الباهظة" للحرب المستعرة على قطاع غزة أكبر من تقديرات جيش الاحتلال بكثير، دون الأخذ في الحسبان احتمال نشوب مواجهة شاملة مع حزب الله اللبناني.
وأوضح الكاتب الإسرائيلي يوسي يشوع، في مقاله التحليلي، أن النقاش الدائر الآن بشأن الخسائر والإصابات التي لحقت بالجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة، استدعى إعادة تقييم نطاق الحرب وقوة الأسلحة المستخدمة والاعتبارات الإستراتيجية في مناطق وعرة.
واعتبر أن الجيش الإسرائيلي صار يدير "اقتصاد الأسلحة" لضمان جاهزيته لأي تصعيد محتمل على الجبهة الشمالية، وفق كاتب المقال.
وكشف يوشع في مقاله، أن ثمة حقيقة صارخة تتبدى داخل أروقة وزارة الدفاع مفادها أن الحرب المستمرة كبّدت تل أبيب نفقات باهظة بلغت 18 مليار دولار، وهو مبلغ يتجاوز الميزانية المخصصة للدفاع بأكملها، من دون الارتكاز على المعونة الأميركية التي تبلغ هي الأخرى 18 مليار دولار.
وأكد حاجة إسرائيل الماسة للولايات المتحدة ، موضحا أنها أرسلت لإسرائيل 230 طائرة و20 سفينة محملة كلها بالشحنات التي تحتاجها من عتاد وذخائر عسكرية، "إنها ليست مجرد مساعدات؛ إنها شريان حياة".
ونسب إلى مسؤول "رفيع" في مؤسسة الدفاع -لم يكشف عن هويته- القول إن الجيش الإسرائيلي استخدم قبل الحرب احتياطيات الذخيرة الموجودة لديه بكثافة ونجح في تجديد مخزوناته منها بما يضمن استعداده لصراع شامل محتمل مع حزب الله اللبناني.
وأعرب عن اعتقاده أن نقص الذخائر لا يقتصر على إسرائيل؛ فهي "معضلة عالمية" أسهمت الحرب في أوكرانيا في مفاقمتها، مما أشعل جذوة سباق محموم على الذخائر في جميع أنحاء العالم، وكانت النتيجة أن استُنفدت الموارد القتالية الأساسية. وهو ما دفع -برأيه- إسرائيل إلى استخلاص درس مهم من هذه التطورات.
وفي خطوة لاحقة، اضطرت العديد من الشركات الإسرائيلية إلى إلغاء العقود مع الدول الأجنبية لتزويدها بالذخيرة والأسلحة، لإعطاء الأولوية لتزويد جيش إسرائيل بها، وهو ما سيؤثر على مكانتها ومصداقيتها في سوق السلاح.
جانب من توغل قوات الاحتلال في شمال غزة (الفرنسية) عجز متفاقم بالميزانيةوقالت وزارة المالية الإسرائيلية إن إسرائيل سجلت عجزًا في ميزانيتها بقيمة 17 مليار شيكل (حوالي 4.5 مليارات دولار) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي فقط. هذا يأتي بعد توقعات محافظ بنك إسرائيل بأن تصل الخسائر الاقتصادية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، وهي نسبة تعادل نحو 52 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإسرائيلي تراجعًا إلى 2% خلال عام 2023 من 6.5% بسبب الآثار السلبية للحرب التي تسببت جزئيا في هذا الانخفاض، فيما يتوقع أن يتوقف النمو تماما في 2024.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".
وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".
"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.
ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.
وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".
"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.
وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".
وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".
إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.
توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.
وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".
وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".
واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".
إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.
وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".
واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".
وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.
شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".
ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".
إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".