أكد أستاذ الأدب المقارن والترجمة الدكتور غانم جاسم السامرائي، أن الكتاب يصبحون قلقين من خلال التجارب السلبية أو الصعبة في الكتابة، وأن من يستفيد من خبرات الآخرين، ويتعلم استراتيجيات وتقنيات النجاح في الكتابة، فيقرأ الكتب ويمارس الكتابة ويتبع شغفه، ينتج كتابات مذهلة.

وفي حوار خاص لـ24 أكد الأديب والمترجم العراقي القدير السامرائي: "أن الكتابة تعني دائمًا كشف روح المؤلف بطريقة ما أمام جمهوره، وهذا مخيف! فكل ما نكتبه هو جزء صغير منا، وفي بعض الأحيان جزء كبير، والذين يشعرون بالخوف أكثر هم الكتاب الناجحون، فالكاتب المتميز لا يخطط للكتابة، ولا يتخيل الكتابة، الكاتب يكتب، اجلس واكتب، كل يوم إن استطعت".

وتاليا نص الحوار:
_ما تعريف قلق الكتابة دكتور السامرائي، وهل جميع الكتاب معرضون للإصابة به؟
 قلق الكتابة يصيب الكتّاب، كلهم ربما، أو غالبيتهم، وهو عبارة عن مجموعة واسعة من مشاعر القلق والتشاؤم تجاه الكتابة، وقد لا تكون هذه المشاعر طاغية في حياة الكاتب إذ قد تشعر أنك على ما يرام عند كتابة تقرير أكاديمي كجزء من دراستك الجامعية، ولكنك ستتخوف من كتابة ورقة بحثية عن عملٍ أدبي معين، وهكذا علينا أن نعرف أن قلق الكتابة أمر ظرفي، إذ أن المصطلح لا يصف السمات النفسية، فلا يولد الناس كُتابًا قلقين؛ بل يصبحون قلقين من خلال التجارب السلبية أو الصعبة في الكتابة.
_متى تنشأ مثل هذه المشاعر السلبية؟
 تنشأ هذه المشاعر السلبية عندما يواجه الكاتب صعوبة في التكيّف مع شكل جديد من الكتابة، أو عند الكتابة للقراء الذين انتقدوه بشدة في الماض، فيتذكر الانتقادات السلبية التي تلقاها في الماضي، أو عند العمل بوقت محدود أو مع الكثير من الوقت غير المنظم، أو أثناء تنفيذ مهمة غير مرتبطة باهتماماته.
_كيف يستطيع الكتَاب خاصة الشباب التغلب على هذه المشاعر؟
من الصعب أن يحاول الشخص الكتابة ثم يفشل، فعندما يحاول كاتب مبتدئ ويفشل تتحطم إرادته في المواصلة، ولكن من يثبت، ويستفيد من خبرات الآخرين، ويتعلم استراتيجيات وتقنيات النجاح في الكتابة، فيقرأ الكتب ويمارس الكتابة ويتبع شغفه، قد يكون سيئاً في بداية نتاجه، ولكن إذا استمر سينتج كتابات مذهلة، فنحن جميعًا نشعر بالقلق من أن عملنا ليس جيدًا بما فيه الكفاية، وحتى إذا خصصنا الوقت والجهد للكتابة وإخراج عملنا إلى العالم، يتعين علينا أن نواجه حقيقة أن عملنا ليس جيدًا بما فيه الكفاية.
_دكتور السامرائي هل يوجد سبب علمي وراء هذا القلق والخوف؟
نعم هناك سبب علمي وراء خوفنا وهو ما يجعلنا نماطل، عندما يوجد تهديد لمفهومنا الذاتي، يبدأ نظام الدفاع عن التهديد لدينا، وهو نظام لا يعرف الفرق بين هذا النوع من التهديد والخطر الجسدي الحقيقي، لذلك يرسلنا إلى وضع القتال أو الهروب، كأن نلوم أنفسنا ونقول أشياء مثل: "أنا لست موهوبًا" أو "قصتي سيئة" أو "لن يرغب أحد في قراءة هذا"، أو الهروب للقيام بأعمال منزلية، أو مشاهدة فيلم، أو القيام بأي شيء آخر لتأجيل الكتابة، وكما تقول مؤلفة رواية الخيال "طفل ديسمبر" نحن لا نخاف من الكتابة، نحن ببساطة نصاب بالشلل بسبب المماطلة، وهو ما يجعلني "لا أستطيع الكتابة".
أيضا هناك سبب آخر لخوف الكتّاب، وبغض النظر عما يكتبوه، سواء كان خياليًا أو واقعيًا، فإنهم دائمًا يكتبون من تجربتهم الخاصة إلى حد ما، وهذا يجعلهم عرضة للخطر، فهم يملكون ما يكتبون، ومن خلال وضعه على الصفحات ونشره، فإنهم يضعون جزءًا من أنفسهم هناك، وذلك قد يكون مخيفًا بعض الشيء، فالكتابة تعني دائمًا كشف روحك بطريقة ما أمام جمهورك، وهذا مخيف! فكل ما نكتبه هو جزء صغير منا، وفي بعض الأحيان جزء كبير.

_ من الكتاب الذين يشعرون بقلق الكتابة أكثر والخوف منها، الناجحون أم المبتدئون؟
 الذين يشعرون بالخوف أكثر هم الكتاب الناجحون، أما صاحب الكتاب الأول ما الذي سيخسره؟ لديه فكرة يكتبها وسيحبها الناس أم لا، ولكن مع كل كتاب إضافي، تزيد الحشود التي تقارن بشكل نقدي أحدث عروضك مع العروض السابقة، لم يعد المشروع الجديد يدور حول انتظار الإلهام ثم الاستمتاع بمغامرة الكتابة، يصبح الأمر حالة من البحث اليائس عن الإلهام؛ التعرق للوفاء بالمواعيد النهائية؛ الحفاظ على مستوى عال للنقاد؛ الاستمرار في مفاجأة القراء وإسعادهم، فجأة هناك الكثير على المحك، يبدو مخيفا؟ الكاتب الناجح يتعرض لضغوط من جميع الجهات، ومهدد بالفشل الذريع إذا فشل إصداره الجديد.
وهنا نتذكر مقولة الكاتبة كاميلا ميلر "أننا يمكن أن نطرح السؤال التالي، أريد أن أصبح كاتباً، لكني لا أرغب في الكتابة، أخشى أنني لا أستطيع التفكير في الأمر، أخشى أن إلهامي الخاص سوف يستنفد، ماذا علي أن أفعل؟ فالعقل البشري فيه نوع من شيء ملتوي، والكثير منا يطمحون إلى القيام بأشياء عظيمة، ولكننا غالبًا ما نقوض جهودنا من خلال التخريب الذاتي الخفي أو غير الخفي، وقد رأيت أشخاصًا يتمتعون بمهن واعدة في الكتابة يقوضون أنفسهم من خلال تعاطي المخدرات، والسلوك غير المستقر، واتخاذ قرارات عمل سيئة، والأعذار المستمرة.

_هل توجد بعض الاستراتيجيات للتغلب على المشاعر المحبطة؟
على الكاتب أن يبحث عن الدعم، وأن يحدد نقاط قوته، ويحصل على اهتمام الناس، ويختار نقطة  قوة واحدة على الأقل كنقطة انطلاق له، بدلاً من أن يقول "لا أستطيع الكتابة"، فليقل "أنا كاتب أستطيع"، لان الثقة بالنفس وتذكيرها بنقاط قوتها أمر بالغ الأهمية حين تتملك الانسان مشاعر الضعف والقلق.
_ ما الخطوات التي ينبغي على الكاتب اتباعها كي ينطلق بالكتابة؟
نتذكر مقولة همنغواي "لا يوجد شيء للكتابة، كل ما تفعله هو الجلوس والنزف"
بعض الكتاب يكتبون بشكل طويل، والبعض الآخر يكتب بشكل قصير، البعض يكتب القصائد والبعض الآخر يكتب السيرة الذاتية، لقد قضى البعض سنوات من الدراسة ليتعلموا ماهية الكتابة بشكل جيد، والبعض الآخر ببساطة كتب وكتب وكتب حتى بدأ القراء في الاهتمام بنتاجه، وكتاباته، فإذا كنت تريد أن تصبح كاتبًا، فإن الطريقة الأكثر تأكيدًا للقيام بذلك، العثور على شيء للكتابة عنه، ثم الكتابة عنه، ثم إيجاد طريقة لمشاركة ما كتبته مع العالم، والحمد لله أن الإنترنت جعل الكثير من هذه العملية أسهل من أي وقت مضى! فالخطوة الأولى هي الكتابة، والثانية، أن تكتب المزيد، اكتب سواء كنت تشعر بالرغبة في الكتابة أم لا، اكتب ما إذا كنت تشعر "بالإلهام" أم لا، فالسمة الوحيدة المميزة للكاتب هي "الكاتب الذي يكتب" فالكاتب لا يخطط للكتابة، ولا يتخيل الكتابة، الكاتب يكتب، اجلس واكتب، كل يوم إن استطعت.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة العراق فی الکتابة من خلال

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا عن السيناريست وحيد حامد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عرضت قناة إكسترا نيوز، تقريرا تليفزيونيا عن الكاتب الكبير وحيد حامد بمناسبة ذكرى ميلاده.

وقال التقرير: «واحد من أهم كُتاب السينما المصرية الذي أثرى المكتبة السينمائية المصرية والعربية بالعديد من الأفلام التي جسدها على الشاشة كبار الفنانين على مدى عقود مختلفة، واستمر عطاؤه حتى رحيله إنه وحيد حامد، الذي ولد في الأول من يوليو عام 1944 بمحافظة الشرقية، ليبدأ رحلة البحث عن تحقيق حلمه بالكتابة من خلال قصص قصيرة نُشر بعضها للمرة الأولى من خلال مجموعته القصصية الأولى «القمر يقتل عاشقه»، لكن كتابات وحيد حامد تشهد تحولا، إذ عمل بنصيحة الكاتب يوسف إدريس».

وتابع: «ليبدأ رحلته من داخل ماسبيرو مع بداية السبعينيات عبر الدراما الإذاعية والتليفزيونية لينطلق بعدها في الكتابة السينمائية من خلال فيلم «طائر الليل الحزين» مع المخرج يحيى العالمي، قدم وحيد حامد العديد من الأعمال الفنية المميزة بين الدراما والسينما، فبعد بزوغ اسمه مع مسلسل «أحلام الفتى الطائر» خاض تجارب سينمائية مختلفة مع مجموعة كبيرة من أبرز وأهم مخرجي السينما المصرية».

مقالات مشابهة

  • أحمد مراد يكشف تفاصيل عن شخصية خالد الصاوي في فيلم «الفيل الأزرق» لأول مرة
  • سليمان الراشدي يكتب سيرة السيد طارق بن تيمور
  • طه حسين في المشاعر المقدسة 2-1
  • المسند يوضح كيفية التخفيف من الاحترار في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة
  • الجزيرة للدراسات يصدر رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني
  • سعيد الشحري: اللاعبون قدموا مستويات جيدة والنتائج السلبية لا تعكس الأداء الفني
  • كتاب «ثورة 30 يونيو».. مصطفى بكري يكشف أسرار الأيام الأخيرة لحكم جماعة الإخوان الإرهابية
  • فيليبس تعلن عن عروض مذهلة على التجهيزات المنزلية خلال صيف 2024
  • أمراض المهنة.. الكتابة تسبب أمراض العمود الفقري
  • في ذكرى ميلاده.. "إكسترا نيوز" تعرض تقريرا عن السيناريست وحيد حامد