رسالة تهديد ورد أقوى مما سبق.. ماذا وراء الضربات الأميركية في العراق؟
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
لم يتأخر الرد كثيرا من جانب الولايات المتحدة ليلة، الثلاثاء، بعدما أصيب 3 جنود من القوات الأميركية بهجوم نفذته "كتائب حزب الله العراقي" على قاعدة أربيل الجوية.
ووفق ما أعلنت وزارة الدفاع "البنتاغون" تعرضت الميليشيا المدعومة من "الحرس الثوري" الإيراني في 3 مواقع لضربات جوية أسفرت عن قتلى وجرحى، ركزت بشكل خاص على أنشطة "الطائرات من دون طيار".
وأوضح مجلس الأمن القومي الأميركي أن الرد جاء بتوجيه من الرئيس جو بايدن، وفي أعقاب اطلاعه على تفاصيل الهجوم الذي نفذته وتبنته "كتائب حزب الله" بشكل رسمي.
وتابع المجلس في بيان: "لا يضع الرئيس أولوية أعلى من حماية الأفراد الأميركيين الذين يخدمون (..) وستتصرف الولايات المتحدة في الوقت وبالطريقة التي نختارها إذا استمرت هذه الهجمات".
ورغم أن الهجمات ضد القوات الأميركية، سواء في العراق وسوريا ليست جديدة، وتجاوزت حاجز المئة منذ 17 أكتوبر الماضي، يرى مراقبون أن طبيعة الرد الذي نفذته واشنطن خلال الساعات الماضية يحمل "رسالة تهديد وانتقام".
ويشيرون أيضا، وبينهم المحلل العسكري، ريتشارد وايتز والباحث العراقي مجاهد الطائي، إلى "معيار" من شأنه أن يفسر أسباب تحوّل وجهة الرد من الساحة السورية إلى العراقية، بعدما كانت سوريا الأساس في توجيه الرسائل والضربات.
"أقوى من ذي قبل"وعلى مدى السنوات الماضية، شنت جماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق وسوريا هجمات متكررة على القوات الأميركية.
وبينما هدأت بموجب هدنة منذ العام الماضي في العراق، عادت لتتصاعد على نحو كبير بعد الحرب التي بدأتها إسرائيل في غزة، في السابع من أكتوبر الماضي.
ويوجد في العراق ما يقرب من 2500 جندي أميركي، بينما ينتشر في سوريا نحو 900 جندي أميركي، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها واشنطن لمنع عودة تنظيم داعش الإرهابي.
وأحصت واشنطن حتى الآن 103 هجمات ضد قواتها في العراق وسوريا منذ 17 أكتوبر، حسب حصيلة نقلتها "فرانس برس" عن مسؤول عسكري أميركي.
ويرى المحلل العسكري في معهد هيدسون بواشنطن، ريتشارد وايتز، أن الضربات الأميركية ليلة الثلاثاء جاءت "متناسبة مع الرد وبالصورة العامة تعتبر انتقامية".
ويوضح حديثه بالقول لموقع "الحرة": "كاد مواطن أميركي أن يقتل على يد الميليشيا، لذلك كان رد الفعل الأميركي أقوى من ذي قبل".
ومن السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الولايات المتحدة قد غيّرت "ساحة الانتقام" من سوريا إلى العراق، وفق وايتز، لكنه يشير إلى أنه لا يستبعد ذلك.
وكانت الولايات المتحدة في السابق تحرص على "ضبط قواعد الاشتباك"، وأن يكون صراعها مع الميليشيات بعيدا عن الأراضي العراقية، في سوريا أو مناطق أخرى، حسب ما يقول الباحث العراقي، مجاهد الطائي.
ويضيف لموقع "الحرة" أن الأمر ارتبط خلال السنوات الماضية بالتزامٍ منها بـ"هدنة غير معلنة"، وكانت ترعاها الحكومة العراقية السابقة.
لكن الضربات التي حصلت ليلة الثلاثاء، والتي سبقتها بأسابيع، تعطي مؤشرا على تغيّر ما حصل.
ويرى الطائي أن "المعيار الأميركي للرد هو سقوط القتيل أو وقوع إصابات أميركية خطيرة، وبهذا يكون الرد حاضرا وبقوة في العراق".
وطوال الفترة الماضية، وفي جميع الهجمات لم ترد الولايات المتحدة في العراق، حسب ذات الباحث.
لكن بعد الهجمات الأخيرة بالصواريخ البالستية يشير الطائي إلى "حصول نوع من التطور في الهجوم".
ويتابع أن "الحكومة العراقية أبلغت أميركا بطريقة أو بأخرى بأن هذه الفصائل تقوم بأدوار بعيدة عن الاتفاقيات".
ويعتقد الباحث السياسي العراقي، جاسم الشمري أن "الضربة لم تكن كبيرة ومؤثرة"، وعليه يقول إنها "تمت لتوجيه رسائل تهديد بأنه في حال التكرار ربما ستكون الاستهدافات المقبلة أشد وأكثر قساوة".
ويضيف الشمري لموقع "الحرة": "هذه الرسالة الهادئة ربما لعدم إحراج حكومة بغداد".
ويتصور الباحث أن "ما تريده واشنطن قد حققته. هي أرسلت رسالة واضحة بأنها خلال ساعات قادرة على الرد على من يستهدفون سلامة قواتها في العراق".
"ليست جبهة واحدة"وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها ميليشيات "كتائب حزب الله العراقي" لضربة أميركية، بل سبقتها واحدة في الثالث والعشرين من نوفمبر، وأسفرت عن قتلى وجرحى بين القادة والعناصر.
وجاءت الضربة السابقة بعدما فرضت وزارة الخزانة الأميركية بتاريخ 17 نوفمبر الحالي عقوبات على ستة أشخاص منتمين لكتائب حزب الله، التي سبق وصنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية أجنبية.
وكان من بين المستهدفين عضو في الهيئة الرئيسية التي تتخذ القرارات بالجماعة، ومسؤول الشؤون الخارجية، وقائد عسكري قالت وزارة الخزانة إنه يعمل مع الحرس الثوري الإيراني لتدريب مقاتلين.
ويشير الباحث الطائي إلى أن "الميليشيات في العراق ليست جبهة واحدة ولم تعد كما كانت في السابق كوحدة قرار. هناك عدد من القرارات وهناك تقسيم أدوار بعد اغتيال المهندس وقاسم سليماني".
ويتحدث عن "نوع من التشتت وتقسيم القرارات وعدم القدرة على اتخاذ قرار واحد، لاسيما أن هناك ميليشيات دخلت في الحكومة، وأصبح من مصلحتها عدم إحداث خروقات كما كان سابقا".
ودائما ما يكون الرد الأميركي على الميليشيات الأقرب من "الحرس الثوري"، وفق الطائي.
ويتابع: "وخاصة التي تصنف أو تتهم بامتلاكها صواريخ نوعية وتدرب من قبل الحرس الثوري، والأقرب لأهدافه وأدواره وسياقاته وسياساته التي يتعامل فيها مع العراق والمنطقة".
وتوضح ورقة تحليلية لـ"معهد واشنطن" أن كتائب حزب الله هي الميليشيا الرئيسية في العراق، وتعمل تحت القيادة المباشرة لإيران، ولها مجموعة واسعة من الخلايا المسؤولة عن العمليات الحركية والإعلامية والاجتماعية.
وتُعد بحكم الأمر الواقع فرعا تابعا لـ "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" الإيراني، وكانت قد تشكّلت من اندماج "جماعات خاصة" بين الفترة الممتدة من 2005 إلى 2007.
وفي عام 2009، أدرجت الولايات المتحدة كتائب حزب الله ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية العالمية الخاضعة لإدراج خاص" لمهاجمتها القوات الأميركية وزعزعة استقرار العراق.
ويشير "معهد واشنطن" إلى أنها "الفصيل الأكثر نفوذا في قوات الحشد الشعبي العراقية، وتسيطر على الإدارات الرئيسة (رئاسة الأركان، والأمن، والاستخبارات، والصواريخ، والأسلحة المضادة للدروع)".
ولا يقتصر نشاط كتائب حزب الله على العراق فحسب، بل في سوريا أيضا، سواء عندما انخرطت في القتال إلى جانب نظام الأسد، أو مؤخرا في أثناء إقدامها على الزج بعناصر، من أجل المشاركة في مهاجمة القوات الأميركية هناك، كما قال مراقبون في تقرير سابق لموقع "الحرة".
وتُظهر أدلة واضحة ومقنعة أن كتائب حزب الله تابعة لـ "فيلق القدس"، وفق "معهد واشنطن"، وهناك أدلة موثوقة أنها "تنفذ إجراءات محددة بموجب تعليمات أو توجيهات الحرس الثوري".
ويُظهر رجحان الأدلة أيضا أن إيران تزودها بالمساعدة المالية والعسكرية وتشاطر معها المعلومات الاستخباراتية، فضلا عن المساعدة في اختيار قيادتها ودعمها والإشراف عليها.
"أبو مهدي مهندسها الأول"وعلى موقعها الرسمي تعرّف كتائب حزب الله نفسها بأنها تشكيل "مقاوم يؤمن بمبادئ الإسلام وينتهج خط الاسلام المحمدي الاصيل وآل البيت الأطهار عليهم السلام في رفض الظلم ومقارعة الظالمين". وترى أن "ولاية الفقيه" هي الطريق الأمثل "لتحقيق حاكمية الإسلام في زمن الغيْبة" أي غيْبة المهدي، الإمام الثاني عشر وفقا لمذهب الإثنا عشرية الشيعي.
وتشير تقارير متقاطعة إلى أن مؤسسها الأول هو أبو مهدي المهندس، الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار بغداد، في عام 2020، وقضى معه قائد "فيلق القدس" سابقا، قاسم سليماني.
ويُقدر عدد مسلحي "الكتائب" بسبعة آلاف عنصر، وفقا لأرقام غير رسمية، ويُعتبر أسلوب عملها شبيها بأسلوب حزب الله اللبناني، كما أشرفت على تدربيها قيادات إيرانية ولبنانية أبرزهم، عماد مغنية، الذي قُتل في سوريا، عام 2015.
وبعد المهندس تولى، حسين الحميداوي، (أحمد محسن فرج الحميداوي)، منصب الأمين العام فيها، ويعتبر أيضا عبد العزيز المحمداوي، الملقب بـ"أبو فدك" أبرز القياديين فيها. وكلاهما مصنف على قوائم الإرهاب الأميركية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة القوات الأمیرکیة کتائب حزب الله الحرس الثوری فی العراق فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا تعرف عن قاعدة غوانتانامو التي ستستضيف المهاجرين؟
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي جعل ترحيل المهاجرين جزءاً أساسياً من حملته ورئاسته، أمس الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستستخدم مركز احتجاز في خليج غوانتانامو بكوبا، لاحتجاز عشرات الآلاف من "أسوأ الأجانب المجرمين".
كما وقع على مذكرة رئاسية، وقال إنه سيوجه المسؤولين الفيدراليين لتجهيز المرافق لاستقبال المهاجرين المجرمين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
وقال توم هومان، مسؤول الحدود، إن إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية ستدير المنشأة. ومع ذلك، لم تتضح تفاصيل الخطة على الفور.
What to know about Guantanamo Bay, the base where Trump will send 'criminal aliens' https://t.co/sg2MFDzUvX
— ABC7 News (WZVN-TV) (@ABC7SWFL) January 30, 2025 كيف تستخدم القاعدة؟وحسب تقرير لوكالة "أسوشييتد برس"، تشتهر القاعدة البحرية الأمريكية في كوبا بالمشتبه بهم الذين تم جلبهم بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، إلا أنها تضم منشأة صغيرة منفصلة تستخدم لعقود من الزمن لاحتجاز المهاجرين.
ويُستخدم مركز عمليات المهاجرين للتعامل مع الأشخاص الذين يتم اعتراضهم، أثناء محاولتهم الوصول إلى الولايات المتحدة بالقوارب بشكل غير قانوني. وأغلب هؤلاء الأشخاص من هايتي وكوبا.
ويشكل المركز جزءاً صغيراً من القاعدة، ويتضمن عدداً قليلاً من المباني وليس لديه القدرة على استيعاب 30 ألف شخص، الذي سبق وصرح ترامب أنه يمكن إرسالهم إلى هناك.
معقل للإرهابيينومن جهته، قال هومان للصحافيين "سنقوم فقط بتوسيع مركز المهاجرين الحالي".
ويعمل مركز احتجاز المهاجرين بشكل منفصل عن مركز الاحتجاز العسكري، وقاعات المحاكم المخصصة للأجانب المعتقلين في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، خلال ما أسمته تلك الإدارة "حربها على الإرهاب".
ويضم هذا المرفق 15 معتقلاً، بما في ذلك العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر (أيلول) خالد شيخ محمد. وهذا أقل من ذروته التي بلغت نحو 800 معتقل.
ما يصل إلى 30 ألفاً..ترامب يوجه باحتجاز مهاجرين في غوانتانامو - موقع 24قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء، إنه يريد السجن العسكري في غوانتانامو، المخصص عادة للمعتقلين المتهمين بالإرهاب، جاهزاً لاستقبال ما يصل إلى 30 ألف مهاجر غير نظامي.من سيُحتجز في غوانتانامو؟
وقال مسؤولون في الإدارة الأمريكية، إن مراكز احتجاز المهاجرين في غوانتانامو سوف تستخدم "لأسوأ الأسوأ". وقد استخدمت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، وهومان، هذه العبارة أثناء حديثهما إلى الصحفيين خارج البيت الأبيض.
وكان بيان البيت الأبيض أقل تحديداً، حيث قال إن "المنشأة الموسعة من شأنها توفير مساحة احتجاز إضافية للمجرمين الأجانب، ذوي الأولوية العالية والمتواجدين بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة، ومعالجة احتياجات إنفاذ قوانين الهجرة المصاحبة".
وقال مسؤول في الإدارة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إن "المركز سوف يستخدم لإيواء المجرمين الخطرين، والأشخاص الذين يصعب ترحيلهم".
هل توجد مساحة كافية؟ووفق "أسوشييتد برس"، تعهد ترامب بترحيل ملايين الأشخاص الذين يعيشون بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة، لكن ميزانية إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الحالية، لا تحتوي إلا على ما يكفي من الأموال لاحتجاز حوالي 41 ألف شخص .
وتحتجز إدارة الهجرة والجمارك المهاجرين في مراكز المعالجة التابعة لها، وفي مرافق الاحتجاز التي تديرها شركات خاصة، إلى جانب السجون والمعتقلات المحلية. ولا توجد لديها مرافق مخصصة لاحتجاز الأسر، التي تشكل ما يقرب من ثلث الوافدين إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
كما تم استخدام القواعد العسكرية الأمريكية مراراً وتكراراً منذ سبعينيات القرن الـ 20، لاستيعاب موجات المهاجرين الفارين من فيتنام وكوبا وهايتي وكوسوفو وأفغانستان.
Decisión gob EEUU de encarcelar en Base Naval en Guantánamo a migrantes, en enclave donde creó centros de tortura y detención indefinida, muestra desprecio hacia condición humana y Derecho Internacional
Es en territorio de #Cuba ilegalmente ocupado fuera jurisdicción cortes EEUU pic.twitter.com/riqxW5lSni
لقد استأجرت الولايات المتحدة غوانتانامو، من كوبا لأكثر من قرن من الزمان. وتعارض كوبا هذا الإيجار وترفض عادة دفع الإيجار الاسمي الذي تدفعه الولايات المتحدة.
وانتقد مسؤولون حكوميون قرار ترامب، حيث اعتبر الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل القرار "عملاً وحشياً"، ووصف القاعدة بأنها "تقع في أراضٍ كوبية محتلة بشكل غير قانوني".
وقال وزير الخارجية برونو رودريغيز: "إن قرار الحكومة الأمريكية بسجن المهاجرين في قاعدة غوانتانامو البحرية، في جيب أنشأت فيه مراكز تعذيب واحتجاز غير محدد الأجل، يُظهر ازدراءً للحالة الإنسانية والقانون الدولي".