#ماذا_بعد ؟ د. #هاشم_غرايبه
بعد مرور ما يقارب من الثلاثة شهور على الطوفان العظيم، فقد أيقن العالم بأسره أن تأثيره سيؤدي الى تغييرات جوهرية في كثير من المفاهيم، والتي ستنعكس بتعديلات كثيرة على الواقع الذي ظل سائدا الى ما قبله، لذلك فالجميع متلهفون لمعرفة ما الذي سيأتي بعده.
سأتطرق فيما يلي الى التوقعات المحتملة، ليس على طريقة من اعتادوا تقديم تنبؤات للعام الجديد، بل من الاستنتاج المنطقي، أي الربط بين المُقدَّم والمنتج المتوقع، وعلى كلي الصعيدين، الدولي والعربي.
على الصعيد الدولي:
1 – بسبب انفراد الولايات المتحدة باحتكار القوة العسكرية، فقد جرب العالم لثلاثين عاما عواقب القطب الواحد، اذ عاد فيه العالم مرة أخرى الى الواقع ذاته الذي عاشه خلال سيطرة الامبراطوريات الاحتلالية القديمة: الإغريقية والرومانية واليابانية والصينية، وانقسم فيه البشر الى جزئين غير متكافئين: جزء ظالم مستفرد بكل الخيرات، وجزء مظلوم مستبعد محروم، مما يعني انكشاف كذبة منظري الغرب بشأن أن الرأسمالية حققت العالم الحر، وخطأ نظرية انتهاء صراع الحضارات بتفوق الحضارة الغربية، كونها الحضارة التي تحقق العدالة والمساواة.
وهذا يعني أن الصراع سيظل قائما ولن يستتب الأمر للغرب طويلا، وفي النهاية فالمرشح القادم لإزاحته هي حضارة الشرق الأقصى أو الشرق الأوسط.
2 – بالطبع لن يكون ذلك بالنزال العسكري، فقد أدخل الطوفان مفهوما لم يكن محتكروا القوة الباغية يعرفونه، وهو أنه ليس بالتفوق العسكري والتقني وحدهما يتحقق النصر، بل هنالك عوامل أخرى أهمها الإيمان وصحة المعتقد.
3 – ثبت بطلان نظرية “غوبلز” بأنه بالتضليل الإعلامي يمكن تزوير الحقيقة، وأنه بتكرار الأكاذيب يمكن خداع الناس طوال الوقت، فقد حدث ذلك فعليا لكثير من الناس لكن لفترة قصيرة، لأن الإنسان يميل بفطرته للبحث عن الحقيقة، فقد رأينا التحول في توجهات الرأي العام الغربي متسارعا، لدرجة اعترف أساطين التضليل بعجزهم عن سوق الناس بعد لتصديق أكاذيبهم، وأقروا بالخسارة الاستراتيجية.
لذلك باتت المعارك الإعلامية ذات أهمية لا تقل عن العسكرية، وسلاح ذو حدين، وثبت أن الصورة الحقيقية الصادقة هي الأقوى تأثيرا في النفس، وتهزم تلك المزورة مهما تم تجنيد الامكانيات لتعميمها.
على الصعيد العربي:
1 – بعد انكشاف أن المقاوم للإحتلال هو المجاهد الصابر المرابط، فلم يعد بمقدور المقاومين (السلميين) عن طريق المراهنة على مفاوضات العملية السلمية، اقناع الأمة بصواب منهجهم، بل تبين أنهم وكلاء للعدو وظيفتهم وأد الروح الجهادية والتخذيل عن المجاهدين، لأجل التمكين للكيان اللقيط وإدامة بقائه.
2 – لذلك ستتعزز الدعوة الى التوقف عن الرهان على (الجهود السلمية) للأنظمة العربية، وستقوى الدعوة لقيام أنظمة متبعة منهج الله، بعد أن تبين أن المقاومة الاسلامية استطاعت رغم الحصار والتضييق والملاحقة من تأسيس قاعدة تصنيعية عسكرية وازنة، بعكس النظام السياسي العربي القائم على المنهج النقيض، فما حقق إلا التبعية والتخلف والهزائم.
لذلك فالنظام السياسي القائم على أساس اسلامي يحقق المعجزات ويعوض الفارق التقني الهائل لأقطارنا العربية.
3 – لذلك واستنادا الى عنصر القوة هذا الذي تنفرد به أمتنا عن باقي أمم الأرض، واعتمادا على أن صراع الحضارات ما زال قائما، فان المستقبل على المدى الأبعد، وبما أنه وبعد الحضارة الغربية الآيلة الى الاندثار، سيكون المستقبل (كما أسلفت) لإحدى حضارتي الشرق الأقصى أو الأوسط، وفي المفاضلة بين أيهما صاحبة الفرصة الأكبر، سنجد أن التي تنبني على أساس حضاري مرتكز على معتقد فكري إنساني، وليس على مبدء استحواذي إحلالي، ستكون هي الأوفر حظا.
لذلك فإن نجح أخيار الأمة بالتغلب على قوى الشد العكسي، المتمثلة بممانعة إقامة منهج الله في ديار الإسلام، وتمكنوا من استعادة وحدتها التي لن تتم الا على أساس إسلامي، عادت الأمة الى امتلاك عناصر قوتها، لأن نظام الحكم ذاك سيؤسس لنظام اجتماعي اقتصادي يرتقي بالدولة، فتمتلك قدرات عسكرية مكافئة للقوة الغربية المتقدمة، قادرة على توفير البديل للحضارة الغربية الاستعمارية الآفلة، بسبب لا إنسانيتها وظلمها للشعوب المستضعفة، والتي ما حققت رغد العيش إلا للعرق الأبيض فقط.
عندها سينحسر فساد الطغاة الذي طال البر والبحر، وصنعوا أسلحة دمرت البشر والحجر، وبعدها سينعم البشر جميعهم بالمساواة والعدالة، كما أراد لهم خالقهم.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ماذا بعد
إقرأ أيضاً:
روبن لي: الروبوتات أكثر أماناً من البشر
دبي - 'الخليج'
أكد روبن لي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة BAIDU، أن ثورة الذكاء الاصطناعي تتقدم بوتيرة أسرع بكثير من ثورة الكمبيوتر التي شهدها العالم مطلع الألفية الجديدة، حيث تتسابق الشركات الكبرى لتطوير نماذج أكثر تطورًا وكفاءة، في ظل منافسة عالمية قوية.
جاءت تصريحات روبن لي خلال جلسة حوارية جمعته مع عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، نائب رئيس القمة العالمية للحكومات، ضمن فعاليات اليوم الأول للقمة العالمية للحكومات 2025.
وقال روبن لي، إن العالم يعيش مراحل متقدمة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يسرّع انتشاره ويدفع نحو مزيد من الابتكار في التطبيقات المختلفة.
وأضاف: 'مع استمرار هذا التطور، سنرى فرصًا غير مسبوقة لنقل التكنولوجيا إلى مستوى أكثر ذكاءً وكفاءةً، مما يفتح المجال أمام استخدامات جديدة تمامًا لم نكن نتخيلها قبل سنوات قليلة'.
خفض التكلفة
وأشار إلى أن الصين تركز على خفض تكلفة الذكاء الاصطناعي بسبب القيود المفروضة عليها، مشيرا إلى أن تكاليف التكنولوجيا في الصين أقل بكثير من نظيرتها في الولايات المتحدة، مما يدفع الشركات الصينية إلى ابتكار حلول منخفضة التكلفة وفعالة ذاتيًا.
وأوضح: 'معظم الصناعات مرتبطة بخفض التكاليف، وإذا استطعنا خفض تكلفة الذكاء الاصطناعي بنسبة 30%، فسنشهد تحولًا أسرع وأكثر شمولًا في مختلف القطاعات'.
وأضاف، غالبية الاستثمارات تُوجَّه إلى صناعة الرقاقات والبنية التحتية السحابية، التي تشكل الأساس لتطوير نماذج اللغة الذكية، والتي باتت تلعب دورًا أساسيًا في التطور التكنولوجي.
وأكد روبن لي أن التطور التكنولوجي السريع لا يسمح بالتوقف عن الاستثمار، حيث أن الاستمرار في ضخ الاستثمارات يعد السبيل الوحيد للبقاء في طليعة الثورة التكنولوجية.
وأضاف: 'نحن نندهش مما يمكن أن نحققه اليوم، لكن بعد ستة أشهر فقط، ستتطور التكنولوجيا إلى مستوى أعلى، سواء من جانبنا أو من جانب منافسينا، الجميع يتسابق في ظل منافسة شديدة، ومن يتوقف عن الاستثمار سيخسر السباق'.
وأشار إلى بعض التحديات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتمثل في البيئة الرقابية، حيث التكنولوجيا المتقدمة لا تزال تواجه قيودا تنظيمية تحد من انتشارها على نطاق واسع، ما يستدعي ضرورة تطوير أطر تنظيمية مرنة تدعم الابتكار مع الحفاظ على الضوابط الأخلاقية.
وأوضح أن التحدي الثاني يكمن في التطور السريع للذكاء الاصطناعي، إذ أن سرعة الابتكار في هذا المجال تعني أن التكنولوجيا المتاحة اليوم ستصبح قديمة في غضون أشهر قليلة، مما يفرض على الشركات والحكومات مواكبة التغييرات باستمرار.
وقال: 'رغم التطورات في تقنيات القيادة الذاتية والروبوتات، فإن هناك بعض التحديات التي لا تزال قائمة، حيث أثبتت التجارب أن الروبوتات أكثر أمانًا من البشر بعشر مرات، ولكن لا تزال هناك حوادث، وعلينا تحليل أسبابها وإجراء تعديلات للحد منها.'
وأكد أن شركته تعمل منذ ثلاث سنوات على تطوير روبوتاكس (روبوتات التاكسي ذاتية القيادة)، ولم تواجه حتى الآن حوادث جسيمة، مما يعزز من الثقة في هذه التكنولوجيا المستقبلية.
وأبدى روبن لي تفاؤله بمستقبل الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن نماذج اللغة المتقدمة الحالية قادرة على توليد قيمة كبيرة في مختلف المجالات.
وقال: 'مئات الآلاف من العلماء يستخدمون نماذجنا لتحسين الكفاءة في مجالات مثل التوظيف، والتجارة الإلكترونية، والرعاية المنزلية، والطاقة'.
وذكر أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار، بل أصبح ضرورة اقتصادية وتكنولوجية، مضيفًا: 'نحن في سباق مستمر، ومن يريد البقاء في المقدمة عليه أن يستثمر ويتطور باستمرار، المستقبل سيكون لمن يجرؤ على الابتكار ويواصل التقدم'.