سواليف:
2024-06-27@13:43:27 GMT

ماذا بعد؟

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

#ماذا_بعد ؟ د. #هاشم_غرايبه

بعد مرور ما يقارب من الثلاثة شهور على الطوفان العظيم، فقد أيقن العالم بأسره أن تأثيره سيؤدي الى تغييرات جوهرية في كثير من المفاهيم، والتي ستنعكس بتعديلات كثيرة على الواقع الذي ظل سائدا الى ما قبله، لذلك فالجميع متلهفون لمعرفة ما الذي سيأتي بعده.
سأتطرق فيما يلي الى التوقعات المحتملة، ليس على طريقة من اعتادوا تقديم تنبؤات للعام الجديد، بل من الاستنتاج المنطقي، أي الربط بين المُقدَّم والمنتج المتوقع، وعلى كلي الصعيدين، الدولي والعربي.


على الصعيد الدولي:
1 – بسبب انفراد الولايات المتحدة باحتكار القوة العسكرية، فقد جرب العالم لثلاثين عاما عواقب القطب الواحد، اذ عاد فيه العالم مرة أخرى الى الواقع ذاته الذي عاشه خلال سيطرة الامبراطوريات الاحتلالية القديمة: الإغريقية والرومانية واليابانية والصينية، وانقسم فيه البشر الى جزئين غير متكافئين: جزء ظالم مستفرد بكل الخيرات، وجزء مظلوم مستبعد محروم، مما يعني انكشاف كذبة منظري الغرب بشأن أن الرأسمالية حققت العالم الحر، وخطأ نظرية انتهاء صراع الحضارات بتفوق الحضارة الغربية، كونها الحضارة التي تحقق العدالة والمساواة.
وهذا يعني أن الصراع سيظل قائما ولن يستتب الأمر للغرب طويلا، وفي النهاية فالمرشح القادم لإزاحته هي حضارة الشرق الأقصى أو الشرق الأوسط.
2 – بالطبع لن يكون ذلك بالنزال العسكري، فقد أدخل الطوفان مفهوما لم يكن محتكروا القوة الباغية يعرفونه، وهو أنه ليس بالتفوق العسكري والتقني وحدهما يتحقق النصر، بل هنالك عوامل أخرى أهمها الإيمان وصحة المعتقد.
3 – ثبت بطلان نظرية “غوبلز” بأنه بالتضليل الإعلامي يمكن تزوير الحقيقة، وأنه بتكرار الأكاذيب يمكن خداع الناس طوال الوقت، فقد حدث ذلك فعليا لكثير من الناس لكن لفترة قصيرة، لأن الإنسان يميل بفطرته للبحث عن الحقيقة، فقد رأينا التحول في توجهات الرأي العام الغربي متسارعا، لدرجة اعترف أساطين التضليل بعجزهم عن سوق الناس بعد لتصديق أكاذيبهم، وأقروا بالخسارة الاستراتيجية.
لذلك باتت المعارك الإعلامية ذات أهمية لا تقل عن العسكرية، وسلاح ذو حدين، وثبت أن الصورة الحقيقية الصادقة هي الأقوى تأثيرا في النفس، وتهزم تلك المزورة مهما تم تجنيد الامكانيات لتعميمها.
على الصعيد العربي:
1 – بعد انكشاف أن المقاوم للإحتلال هو المجاهد الصابر المرابط، فلم يعد بمقدور المقاومين (السلميين) عن طريق المراهنة على مفاوضات العملية السلمية، اقناع الأمة بصواب منهجهم، بل تبين أنهم وكلاء للعدو وظيفتهم وأد الروح الجهادية والتخذيل عن المجاهدين، لأجل التمكين للكيان اللقيط وإدامة بقائه.
2 – لذلك ستتعزز الدعوة الى التوقف عن الرهان على (الجهود السلمية) للأنظمة العربية، وستقوى الدعوة لقيام أنظمة متبعة منهج الله، بعد أن تبين أن المقاومة الاسلامية استطاعت رغم الحصار والتضييق والملاحقة من تأسيس قاعدة تصنيعية عسكرية وازنة، بعكس النظام السياسي العربي القائم على المنهج النقيض، فما حقق إلا التبعية والتخلف والهزائم.
لذلك فالنظام السياسي القائم على أساس اسلامي يحقق المعجزات ويعوض الفارق التقني الهائل لأقطارنا العربية.
3 – لذلك واستنادا الى عنصر القوة هذا الذي تنفرد به أمتنا عن باقي أمم الأرض، واعتمادا على أن صراع الحضارات ما زال قائما، فان المستقبل على المدى الأبعد، وبما أنه وبعد الحضارة الغربية الآيلة الى الاندثار، سيكون المستقبل (كما أسلفت) لإحدى حضارتي الشرق الأقصى أو الأوسط، وفي المفاضلة بين أيهما صاحبة الفرصة الأكبر، سنجد أن التي تنبني على أساس حضاري مرتكز على معتقد فكري إنساني، وليس على مبدء استحواذي إحلالي، ستكون هي الأوفر حظا.
لذلك فإن نجح أخيار الأمة بالتغلب على قوى الشد العكسي، المتمثلة بممانعة إقامة منهج الله في ديار الإسلام، وتمكنوا من استعادة وحدتها التي لن تتم الا على أساس إسلامي، عادت الأمة الى امتلاك عناصر قوتها، لأن نظام الحكم ذاك سيؤسس لنظام اجتماعي اقتصادي يرتقي بالدولة، فتمتلك قدرات عسكرية مكافئة للقوة الغربية المتقدمة، قادرة على توفير البديل للحضارة الغربية الاستعمارية الآفلة، بسبب لا إنسانيتها وظلمها للشعوب المستضعفة، والتي ما حققت رغد العيش إلا للعرق الأبيض فقط.
عندها سينحسر فساد الطغاة الذي طال البر والبحر، وصنعوا أسلحة دمرت البشر والحجر، وبعدها سينعم البشر جميعهم بالمساواة والعدالة، كما أراد لهم خالقهم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ماذا بعد

إقرأ أيضاً:

مخاوف عالمية وتحركات ضخمة للمواجهة.. ماذا حدث للعالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيره على الكهرباء؟

شهد العالم التغيرات المناخية التي لها انعكاسات بشكل سلبي على العديد من دول العالم، فكلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت مخاطر موجات الحر، وهذا العام أتت موجات الحر أكثر سخونة وأطول مما كانت عليه سابقًا بسبب الاحترار العالمي.

حيث زادت درجات الحرارة القياسية في يونيو الجاري مرتين، وهو ما انعكس سلبيًا على العديد من دول العالم، حيث تشهد العديد من الدول في أنحاء متفرقة من العالم موجة حارة قياسية، وسجلت بعض المدن مستويات قياسية اقتربت من حافة الـ 50 درجة مئوية.

الأمر الذي أدى إلى الضغط  على البنية التحتية للطاقة، وهي من الأسباب الرئيسية لانقطاع التيار الكهربي بشكل كبير في العديد من دول العالم ومنها دولة متقدمة ودول في الإقليم.


أسباب انقطاع التيار الكهربي

1- أنها أزمة مركبة تتكون من عدة أسباب أهمها ارتفاع درجة الحرارة وتأثيرها على كفاءة الطاقة الكهربائية المولدة، وكذلك زيادة الاستهلاك مما يحتاج معه زيادة فاتورة استيراد الوقود.

2- أن الشبكة الكهربائية في مصر لها طاقة للتحمل، وفي ظل تعرض مصر حاليا إلى موجة قوية من الطقس الحار، نتج عن ذلك استهلاك زائد للكهرباء بسبب تشغيل الأجهزة الكهربائية على رأسها مكيفات الهواء والمبردات، ما أدى إلى حدوث ضغط على الشبكة وهو ما يستلزم كميات كبيرة من الوقود سواء كانت فيما يخص المحطات التي تعمل بالغاز أو المازوت.


3- ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي غير مسبوق هذا العام أدي لزيادة استهلاك الكهرباء بصورة مرتفعة ( الأمر متعلق هنا بتوفير الطاقة لتشغيل شبكات الكهرباء، مما يؤدي الزيادة التحميل على الشبكة الكهربائية ويؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي في العديد من الدول، وفي الوقت نفسه، يمكن لدرجات الحرارة المرتفعة أن تجعل محطات الطاقة أقل فعالية، وتحد من كمية خطوط الطاقة التي يمكن أن تحملها، وتزيد من احتمالية حدوث أعطال في المحولات التي تساعد في التحكم في الجهد عبر الشبكة الكهربائية للدول.

4- أدت التغيرات المناخية إلى انعكاسات سلبية كبيرة علي العديد من دول العالم، فكلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت مخاطر موجات الحر، وهذا العام أنت موجات الحر أكثر سخونة وأطول مما كانت عليه سابقًا بسبب الاحترار العالمي، ويتوقع الخبراء أن يدفع هذا الأمر لتجاوز درجة الاحترار المأمولة وهي 1.5 درجة مئوية، وإذا لم يتم تخفيض انبعاثات الغاز الدفيئة، ستستمر درجات الحرارة في الارتفاع.


5- تسببت درجات الحرارة المرتفعة التي تجتاح العالم بقوة خلال هذه الفترة في معاناة العديد من دول العالم من ضغوط على البنية التحتية للطاقة، وهي من الاسباب الرئيسية لانقطاع التيار الكهربي بشكل كبير في العديد من دول العالم ومنها دولة متقدمة ودول في الاقليم، حيث أدت "الحرارة الشديدة والطلب المتزايد على أجهزة تكييف الهواء إلي تشكيل ضغطا على النظام الكهربائي مما أدي إلي انقطاعات محلية في العديد من الدول.


تحركات الدول 


قامت العديد من الدول بإجراءات استباقية مثل الكويت ومصر وكذلك انقطاع الكهرباء في كل من العراق وتونس وليبيا، أو بشكل اضطراري ومنها دول البلقان وبريطانيا هذا الاسبوع، ومن المتوقع أن تقوم دول أخري خلال الفترة القادمة باتباع نفس النهج بسبب درجات الحرارة المرتفعة وغير المسبوقة فموجات الحر والجفاف تضع بالفعل توليد الطاقة في الوقت الحالي تحت الضغط، وفقًا لما ذكره تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. فمثلا:

- حيث قامت وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة الكويتية بقطع الكهرباء بهدف تخفيف الأحمال وقت الذروة تباعًا من الساعة 11 صباحًا وحتي الساعة 5 مساء.
- كما ضرب انقطاع كبير للتيار الكهربائي دول البلقان بما في ذلك "الجبل الأسود والبوسنة وألبانيا ومعظم ساحل كرواتيا يوم الجمعة 21 يونيو 2024، بسبب الزيادة المفاجئة في استهلاك الطاقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وبسبب الحرارة نفسها التي تزيد من التحميل الزائد على أنظمة شبكات انتاج الكهرباء، وأدي لخلق مشكلة فنية بهذه الشبكات.
- وفي بريطانيا، منذ أيام أثرت مشكلة في امدادات الكهرباء علي مطار مانشيستر وعدد من المباني.

-  أعربت حكومات عديدة عن مخاوفها بشأن ارتفاع درجات الحرارة الشديدة وتزايد أعداد الوفيات، وبخاصة داخل دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك اليونان التي تواجه تزايدًا في أعداد الوفيات ونيودلهي في الهند، فضلًا عن المخاوف في المملكة المتحدة.

- في أمريكا، تتوقع الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي يوم الخميس القادم أن تشهد البلاد أول موجة حر كبيرة هذا العام، ما يهدد بمشاهدة انقطاعات في تيار الكهرباء في عدد من الولايات خلال هذه الموجة، وهو أمر يحدث عادة بسبب تغير الطقس، حيث تعرضت الشبكة العامة الكهربائية الأمريكية لضغوط متزايدة مع الموجة الحارة خلال الأعوام الماضية، والتي أدت إلي أزمة في انقطاع الطاقة المتكرر. وتسبب الطقس السيئ "الأمطار والعواصف وارتفاع الحرارة عن نحو 80% من جميع حالات انقطاع التيار الكهربائي الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 2000 إلى عام 2023 منها نحو %58% بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وفقا لتقارير مركز المناخ المركزي الأمريكي. وفي تصريحات صحفية للرئيس الأمريكي جو بايدن. يوم 27 يوليو 2023 حول الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، قال إنه تم تخصيص أكثر من 20 مليار دولار من قانون البنية التحتية لشبكات الكهرباء لتتحمل العواصف ودرجات الحرارة المرتفعة"، وهو حجم إنفاق ضخم على شبكات الكهرباء، ومع ذلك هذا وبالرغم من هذا توجد تحذيرات هذا العام من احتمالية انقطاع الكهرباء بسبب الموجة الحارة التي ستشهدها أمريكا.

- مصر من بين الدول التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة مثل باقي دول العالم، بل وصلت لمعدلات حرارة قياسية واستمرار موجة الحر الشديد على كافة الأنحاء، فمثلا سجلت أسوان يوم الجمعة 7 يونيو الجاري أعلي درجة حرارة في العالم، ووصلت درجات الحرارة بها إلى 49.8 درجة مئوية وبذلك، تكون أسوان قد تصدرت قائمة المدن الأكثر حرارة على وجه الأرض، متجاوزة العديد من المدن الأخرى التي تعاني من موجات حر قوية، أدت الموجة الحارة واستمرار الارتفاع الشديد في درجات الحرارة عن معدلاتها الطبيعية لهذه الفترة في مصر إلى اتخاذ الحكومة عدد من الاجراءات للحفاظ على التشغيل الآمن والمستقر لشبكة الغاز ومحطات إنتاج الكهرباء، حيث تم التنسيق بشكل مسبق بين الوزارتين لتحديد الكميات الإضافية المطلوبة من الوقود اللازم لمجابهة زيادة الاستهلاك في أشهر الصيف الحارة، وبالفعل قامت وزارة البترول بالتعاقد على هذه الكميات منذ فترة واستلامها طبقا للتوقيتات المخططة، لكن مع استمرار الموجة الحارة بشكل غير مسبوق حتي عن العام الماضي مما صاحبه زيادة أكبر في استهلاك الكهرباء غير متوقعة، كان هناك حاجة لاستيراد المزيد من الطاقة، وقد تم اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من انتشار حرب غزة إلى الضفة الغربية.. ماذا عن لبنان؟
  • المصلحة الوطنية.. العروة الوثقى
  • الدرس الهاييتي:-يعترضون على التغيير ..”عمي”ماذا قدمتم للعراق ؟
  • هِمَمٌ وطموحات ترفع سقف الأداء الوظيفي
  • 5 نصائح لمساعدة طلاب الثانوية العامة على التركيز.. ماذا تفعل مع قلة النوم؟
  • لأول مرة في العالم.. دولة أوروبية تعلن تطعيم البشر ضد إنفلونزا الطيور
  • تعرف على أول منصة في العالم تربط بين البشر والذكاء الاصطناعي
  • تعرف إلى أول منصة في العالم تربط بين البشر والذكاء الاصطناعي
  • ذبــ ح أسرته وأضرم النيران في أجسادهم.. ماذا حدث في عزبة رستم بالغربية؟
  • مخاوف عالمية وتحركات ضخمة للمواجهة.. ماذا حدث للعالم بسبب التغيرات المناخية وتأثيره على الكهرباء؟