بوابة لا تليق بحجم #الوطن
م. #أنس_معابرة
قررتُ أخيراً زيارة الوطن براً، سأعبر خلال رحلتي الطويلة التي تتعدى ألفي كيلومتر أربعة مراكز حدودية. وفي الحقيقة كنت أخشى من المراكز الحدودية الثلاثة الأولى، أما الحد الرابع؛ فهو مركز حدود العمري، الذي كنت أتطلع للوصول اليه بفارغ الصبر، فهو بوابة الوطن.
لقد آثرتُ السفر براً على الرغم من أن التكلفة قد تزيد عن رحلة الطيران؛ إلا أنني رغبتُ في التجربة والمغامرة، خاصة في الأجواء الشتوية المعتدلة في المملكة العربية السعودية، التي سأقضي بها معظم رحلتي.
كانت البداية مع مركز حدود أبو سمرة في دولة قطر، ثم مركز حدود سلوى في المملكة العربية السعودية، ولم أجد في حياتي تسهيلات بهذا الحجم، حيث كانت الإجراءات سريعة ومُيسرة على الرغم من وصولي قبيل الفجر، وما هي إلا أقل من ساعة حتى عبرتُ الحدين المذكورين، ودخلتُ إلى المملكة العربية السعودية.
مقالات ذات صلة الكيان الصهيوني يلفظ أنفاسه الٱخيرة 2023/12/25وصلتُ إلى مركز حدود الحديثة بعد الظهر من اليوم الثاني للرحلة، ولم يتعدَ وجودي هناك عشرين دقيقة، تشمل ختم الجواز والتأكد من البصمة وتفتيش السيارة وغيرها، وبعدها توجهتُ إلى مركز حدود العمري.
منذ بداية الرحلة وحتى الآن لم أكن بحاجة للنزول من السيارة في أي من المراكز الحدودية الثلاث، لان الخدمات تتم عبر مكاتب مؤهلة ومعدة خصيصاً لتسهيل عمليات المرور على الزائرين دون الحاجة لمغادرة السيارة، وتشمل تلك الخدمات تأمين المركبة والتأكد من الفيزا وختم جواز السفر، والتدقيق الأمني، والجمركي، وغيرها.
وما إن وصلتُ إلى مركز حدود العمري حتى طُلب مني النزول من السيارة والتوجه إلى مبنى الجوازات لختم الجواز، صحيح أن المسافة قريبة، ولكنها كانت صدمة لي بعد أن شاهدت مقدار التطور في دول الجوار. عدتُ إلى الموظف العسكري بالجواز المختوم فطلب مني التوجه إلى المبنى الثاني لتأمين السيارة. وعندما عدت بالتأمين؛ أعطاني بطاقة البيان الجمركي وطلب مني التوجه إلى مبنى ثالث لدفع “دخولية السيارة”.
طبعاً الموظف مشغول بهاتف خاص يضعه بين رأسه وكتفه، يأخذ مبلغ العشرين ديناراً ويعيد الوثائق إليك، ولا يذكر لك شيئاً عن ضرورة تناول ورقة دخول السيارة من الطابعة التي تبعد عنه حوالي الثلاثة أمتار.
أما بالنسبة للمنطقة الحرة؛ فلقد كانت الأسعار فيها أعلى من السوق العادي بكثير، وتتعامل داخلها على أساس أنك لص يعمل على سرقة خيرات الوطن، لدرجة تواجد موظف عسكريّ بجانب الكاشير للتأكد من الإلتزام بالكميات المسموحة.
والحق يقال؛ لم أجد معاناة في عملية تفتيش الأمتعة، حيث أكتفى الموظف بالسؤال عن محتويات الحقيبة التي أضعها في صندوق السيارة. وأخيراً بعد عناء طويل، وجولات بين الموظف والأبنية المختلفة وجدت نفسي أدخل إلى الأردن.
في رحلة العودة كانت الأمور أسوء بكثير، حيث طلبوا مني اصدار بدل مفقود للورقة الزرقاء التي لا يتكلف الموظف مناولتها للمسافر عند دخوله إلى الأردن، وعندما ذهبت للبحث عنها حيث أرشدوني؛ وجدت المئات منها، وعلى جميع هؤلاء المسافرين اصدار بدل مفقود برسوم خمسة دنانير للورقة الواحدة.
وفي صالة ختم الجوازات؛ وجدتُ ازدحاماً وصفوفاً متعددة من الناس، لم يتم تخصيص مسارا للأردنيين أسوة ببعض الدول، وكانت الحركة بطيئة جداً، إذ لم يتواجد على النوافذ سوى موظفان فقط.
وبعد أن ختمتُ جواز السفر للمغادرة وددتُ زيارة السوق الحرة التي تفتح على مدار اليوم، ولكنني وجدت أحدهم يصرخ في وجهي عندما فتحت الباب وهو يقول: “سكّرنا، تعال بعد نص ساعة”، وكأنه يحسبها بقاله خاصة يغلقها ويفتحها حسب مزاجه دون حسيب أو رقيب.
وبعد أن ذهبتُ إلى البوابة معتقداً أنني استكملتُ إجراءات الخروج؛ تفاجأت بمراقب البوابة يطلب مني العودة لدفع خروجية السيارة البالغة خمسة وعشرين ديناراً، وعندما عدت إليه بعد ربع ساعة؛ طلب مني العودة مرة أخرى لدفع خروجية شخصية بقيمة عشرة دنانير، وكانت المرة الأخيرة التي أعود فيها ولله الحمد.
لقد كانت تجربتي مع مركز حدود العمري عسيرة بحق، لم تسع السلطات هناك لإيجاد أي شكل من أشكال التسهيل على المسافرين، أو بغرض تشجيع الحركة السياحية خاصة للأخوة السعوديين القريبين من الحدود الأردنية، كما أنهم يتفننون في تصعيب الأمور على المسافرين وتأخيرهم واعادتهم من البوابات لأكثر من مرة.
لقد كانت تجربتي الأولى في السفر براً، ولم أجد تعليمات لاتباعها داخل المركز الحدودي، ولم أجد موظفاً ليشرح لي الخطوات التي عليّ اتباعها، وعند السؤال لم أجد جواباً وافياً وكافياً من الموظفين الذين يفتقرون إلى اللباقة في التعامل مع الزوار.
إن المركز الحدودي هو في المقام الأول بوابة للوطن، يرحب بالزوار والضيوف، يجدون فيه حسن الاستقبال، ووضوح التعليمات المطلوبة إما مكتوبة أو من خلال موظف مختص.
أما أن يكون المركز الحدودي سبباً لوأد السياحة والقضاء على الدخل السياحي للوطن، أو أن يكون المركز الحدودي مكاناً لتحصيل الرسوم بسبب ودون سبب كدخولية السيارة وخروجها، وخروجية الشخص، وتحصيل بدل مفقود وغيرها، فهو أمر مرفوض وغير مقبول.
إن مركز حدود العمري بوضعه الحالي بوابة لا تليق بحجم وطننا الحبيب الذي نتمنى له التقدم في كافة المجالات، فالمرافق بحاجة إلى اعادة ترتيب وتأهيل واختصارها في مبنى واحد، بدل من حيرة المسافرين بين المباني المتناثرة هناك.
كما أن الكوادر العاملة في المراكز الحدودية بحاجة إلى تدريب مختص في مجالات استقبال السياح والزوار، والتعامل معهم برفق، وعدم اعتبارهم محلا الاتهام والشك، والتعامل معهم بجلافة وخشونة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الوطن المرکز الحدودی لم أجد
إقرأ أيضاً:
مصريون يشكون رسوم الجيش في مصالحات البناء: لقمة من عرقنا لا تليق بكم
يتجمع مئات الرجال والنساء داخل المركز التكنولوجي لإحدى مدن محافظات شرق العاصمة القاهرة أمام شبابيك زجاجية في صفوف تنتهي خارج المركز، يسعى جميعهم لتقديم ملفات مصالحات البناء، أو مراجعة ما نقص بملفاتهم، أو دفع رسوم التصالح، أو استخراج أذون دفع لدفع رسوم معاينة الجيش في البنك الأهلي (حكومي) القريب من المركز.
تقول سيدة ثلاثينية، وهي تمسك بملف بلاستيكي بداخله آخر ورقي مسطر عليه اسمها، بينما تحرص على عدم مغادرة الصف: "نعاني من زحام رهيب في مجلس المدينة ومركز التكنولوجيا، وفي البنك، ومعاملة سيئة من الموظفين الذين يتعمدون إرجاع الملفات دون سبب، فتضيع منهم".
في صوت خفيض، تضيف: "نعاني من رشاوى وعمولات مفروضة علينا عند المعاينات، ومن ارتفاع أسعار الرسوم الهندسية وتقارير الاستشاري والسلامة والشهادة المؤمنة وغيرها، إلى جانب دفع 500 جنيه في الحماية المدنية، ودفع 1000 جنيه بالبنك الأهلي نظير معاينة من الجيش بعد معاينة المحليات".
وحول هذه النقطة تدخل في الحديث أكثر من شخص في صف الرجال مؤكدين أن "رسوم بقيمة 1000 جنيه نظير معاينة الجيش أمر لم يكن معمولا به في ملف التصالح السابق"، مشيرين لقانون العام 2019، وموضحين أن "الدفع أصبح فرضا عليهم" وفقا لتعديلات القانون الجديد 2023، ومطبق مع مصالحات العام 2024 التي بدأت أيار/ مايو الماضي وتنتهي في ذات الشهر من العام الجاري.
وأوضحوا أن "الجيش يحصل على 1000 جنيه نظير قدوم أحد أفراده لعمل معاينة للبيت المطلوب له المصالحة، والتأكد من أنها ليست أرض تابعة للجيش أو أن المبنى قريب من مطار مدني أو عسكري وبارتفاع يعوق الطيران"، مؤكدين أن "أراضي الجيش أغلبها في الصحراء وليست بين القرى والمدن بدلتا النيل وأنه لا توجد مطارات في تلك المناطق".
وأشاروا أيضا إلى أنه كما حصل الجيش على قطعة من كعكة المصالحات الجديدة، فإن الشرطة أيضا حصلت على قطعة منها.
ووفقا للقانون السابق لم تكن إدارات الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية تحصل على رسوم مقابل مراجعة ملفات المصالحة، ولكنها طوال العام الماضي تحصل على مبلغ أكثر من 500 جنيه مصري، دون أن تقوم بأي عمل جديد سوى تمرير الملفات ودون أن تقوم بأية معاينات للعين المراد التصالح عليها، بحسب المتحدثين.
وقال أحد الأشخاص مخاطبا الجيش والشرطة: "هذه لقمة صغيرة عليكم عيب تبصوا ليها، ورغم إنها صغيرة إلا أنها مرة من عرقنا ولحمنا ودمنا، وكفاية علينا موظفي المحليات".
ويؤكد أبوحسين أن ملفه ظل في الحماية المدنية لأكثر من سنة كاملة يبحث عنه بين الحماية ومجلس المدينة وليس له أي أثر حتى تحدث إلى أحد أفراد الشرطة بالحماية المدنية وقال له، ملفك موجود ولكن لابد أن تدفع لتمريره لمجلس المدينة، فدفعت 300 جنيه له، وانتظرت تحرك الملف فلم يحدث.
ويضيف: "في شهر تموز/ يوليو الماضي، ذهبت للحماية المدنية للبحث عن الملف ولم أجده، وبحثت عن من أخذ الـ300 جنيه فلم أجده ولم يرد على الهاتف، وأخبروني أنه تم تغيير النظام وأنه لابد من دفع مبلغ 500 جنيه بفيزا بنكية".
ويواصل: "دفعت المبلغ، وظللت 3 أشهر أنتظر تحويل الملف، حتى انتهى موعد التسجيل في ملفات المصالحات القديمة، وتم ركن ملفي حتى الآن رغم ما دفعته من أموال في الوحدة المحلية وفي مجلس المدينة وفي الحماية المدنية وفي المعاينات للموظفين والمهندسين واللجان والتي تتعدى قيمة ما هو مقرر دفعه للتصالح".
لكن، ووفقا لتأكيد نقيب شرطة (أ. ن) في الحماية المدنية بإحدى مدن الدلتا، فإنه "في البداية كان يتم التعامل مع ملفات المصالحة دون أي مقابل من الحماية المدنية، ثم في الصيف الماضي صدر قرار يلزم صاحب ملف المصالحة بدفع مبلغ 500 جنيه لها، ومع بداية العام الجديد تم إلغاء تعامل المحليات في هذه الجزئية مع الحماية المدنية".
ويوضح لـ"عربي21" أنه "كان سابقا يتم تحصيل مبلغ 500.06 جنيها مع كل طلب مصالحة بالفيزا البنكية، ولكن يتم الآن تعامل أجهزة المدن بالمحافظات مع الملفات دون الرجوع للحماية المدنية".
من جانبهما، يؤكد محامي ومحامية متخصصان في تقديم ملفات المصالحة أنه "مع إقرار المصالحات الجديدة الصيف الماضي، تم فرض مبلغ بقيمة 1000 جنيه يدفعها المتصالح أو من ينوب عنه للبنك الأهلي نظير معاينة الجيش، حيث يقوم أحد أفراد القوات المسلحة بالحضور إلى العين ومراجعة عمل لجان الوحدة المحلية وموظفيها والإشراف على عملهم وتقديم الملاحظات وسط احتمالات أن يكون هناك تلاعب من قبل موظفي الوحدات والمجالس المحلية".
ويوضحان أن "الرسوم الجديدة بالفعل تتكلف كثيرا ما بين شهادة بيانات يذهب بها المتصالح لمجلس المدينة ويطلب لجنة معاينة، ويدفع ربع قيمة مبلغ التصالح أو المبلغ كاملا بقيمة 50 جنيها للمتر في القرى وأكثر من ذلك في المدن، ثم بعد ذلك تأتي معاينة الجيش التي تتكلف وحدها 1000 جنيه، مع مكوث يوم كامل بين المراكز التكنولوجية وبالمجالس وإدارات المدن وبين البنك".
ويشيران إلى أن "هناك رسوما كثيرة منها تكلفة الرسم الهندسي، وتقرير من استشاري هندسي، وتقرير سلامة إنشائية، وشهادة مؤمنة تدفع رسومها في نقابة المهندسين، وجميعها تصل لما بين 2 إلى 3 آلاف جنيه بحسب مساحة المبنى وأدواره".
"من الهدم إلى الجباية"
وأثار السيسي غضب ملايين المصريين مرارا في ملف البناء بقرارات بدأها بهدم آلاف المنازل في شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد بحجة مخالفتها قوانين البناء، ثم بفرضه إجراءات التصالح على مخالفات البناء منذ العام 2017، بقانون يحدد قيمة التصالح ولائحة تنفيذية تنظم الأمر، ثم إصدار القانون (17) لعام 2019، ولائحته التنفيذية.
وأقر البرلمان القانون الثالث في تشرين الأول/ نوفمبر 2023، واعتمده السيسي في الشهر التالي، وهو ما تبعه قرار رئيس مجلس الوزراء (رقم 3504 لسنة 2024)، بشأن تعديل اللائحة التنفيذية للقانون.
وكما تعامل السيسي مع معارضيه تعاملا أمنيا خشنا منذ انقلابه العسكري عام 2013، تعامل في ملف البناء والذي شهد طفرة نهاية عهد حسني مبارك وإثر ثورة يناير 2011، تعاملا أمنيا خشنا، وهدم آلاف المباني بحجة مخالفتها القانون.
وفي حزيران/ يونيو 2017، وبعد أن أفزع مشهد هدم جرافات الشرطة والجيش والإدارات المحلية آلاف الوحدات؛ أعلن السيسي، أن "من يُريد تقنين مخالفاته فليأت ومعه حقائب النقود".
ما دفع بملايين المصريين للهرولة نحو دفع ربع قيمة التصالح المقررة بقانون حكومي، وتقديم الأوراق والأموال لموظفي الإدارات المحلية والسماسرة الذين قاموا بابتزاز المصريين بدعوى تسهيل تقديم الملفات التي كان من المحتمل أن تحمل للخزينة المصرية نحو 11 مليار دولار من نحو 20 مليون مخالفة في 40 مليون وحدة عقارية، وفق بعض التقديرات.
بل إن السيسي، وفي 29 آب/ أغسطس 2020، استخدم اسم الجيش ليهدد به المصريين لوقف البناء، حيث قال: "لو لزم الأمر الجيش ينزل كل قرى مصر، ننزل القرى وأشيل كل الكلام ده بالمعدات الهندسية".
لكنه أعلن حينها عن خيبة أمله في هذا الملف لأن حصيلة ملف التصالح لم تتجاوز الـ10 بالمئة فقط، موضحا أن هناك 700 ألف طلب تصالح حتى الآن، فيما أكد في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أن حجم مخالفات البناء بلغت 2.7 مليون مخالفة.
ووفقا لبيان وزارة التنمية المحلية نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فقد جرى فحص ودراسة عدد ( 3.1 مليون ) ملف تصالح طبقا للقانون (17 لسنة 2019)، وتم استكمال واستيفاء ونقل عدد (1.6) مليون طلب مستوفى للقانون (187 لسنة 2023 )، و تم استبعاد (1.5 مليون ) طلب لعدم استيفاء مستنداتها، كما تم تقديم عدد (172 ألف) طلب تصالح جديد ومن المتوقع زيادة معدلات الفحص في 2025.
"يرضيهم بلقمة صغيرة"
وفي تعليقه على هذا الوضع قال السياسي المصري عمرو عبدالهادي، لـ"عربي21"، إن "اللقم الصغيرة عندما تتجمع تكون ملايين".
واستدرك: "لكن المدهش في الموضوع أن السيسي لا يكتفي بما يمنحه للجيش والشرطة من الموازنة العامة وسيطرتهم على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمصريين، ولا زيادة الرواتب التي تتم في العام مرتين".
وأكد أن "هذا كله يوضح أن السيسي أولا يستهدف بذلك ملفات أخرى، وثانيا أنه يزيد من دخل الوزارات الخاصة من الأموال حتى يتم إرضاء كبار المسؤولين الذين يعول السيسي عليهم مستقبلا للوقوف في صفه إذا ما خرج الشعب عليه".
"إتاوة المماليك"
وفي رؤيته قال السياسي المصري ممدوح إسماعيل، إن "هذا المبلغ المدفوع للجيش أو الشرطة هو نوع من الإتاوة بالبلطجة التي تفرضها قوة هاتين المؤسستين على الشعب".
عضو مجلس الشعب المصري سابقا، أضاف لـ"عربي21": "إذا كان ذلك يحدث في موضوع بسيط كالمصالحة في مخالفات البناء على الأرض الزراعية؛ فما بالكم بما يدفعه رجال الأعمال من إتاوات للجيش؟".
ولفت إلى أن "الأخبار في مصر منتشرة عن استخدام العسكر للبلطجي صبري نخنوخ في إرهاب من لا يدفع الإتاوة"، مشيرا إلى أن تلك التصرفات في العصر الحديث تتشابه إلى حد كبير مع ما أفعال المماليك الذين حكموا مصر من عام 1250 إلى عام 1517.
وأوضح أن "قنصوه الغوري من آخر قادة المماليك الذين حكموا مصر واشتهر بفرض الضرائب والجباية الكثيرة على الشعب حتى ضج منه الناس، وكان من أشهر ما حدث بينه وبين الشعب أنه أراد أن يبني مسجدا فأخذ من أموال الناس بالقوة حتى الطوب والرخام أخذه من تجارتهم بالقوة فأطلق الشعب المصري على مسجده المسجد الحرام".
وألمح إلى نهاية الغوري وكل من على شاكلته قائلا: "كانت نهاية الغوري سيئة فقد مات تحت أرجل الخيل دهسا، ولم يُعرف له قبر في موقعة (مرج دابق) 1516 ميلادية، وانتهى الأمر بموته ونهاية حكم العسكر المماليك في مصر".
"أعجز المصريين"
المهندس المعماري (م. م) الذي يعمل في قطاع حكومي، أكد أن "ملايين المصريين عاجزون عن مع توفير مساكن مناسبة لأبنائهم، مع قرارات السيسي بوقف البناء 6 شهور (منتصف 2020)، ثم منع البناء مدة 10 سنوات كاملة في نهاية 2021، باستثناء الدولة".
ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "قانون التصالح زاد الأزمة ولم يحلها بل ضاعف أعباء الناس مع جعل مخالفات البناء عقابا على عكس ما كان يقدمه حسني مبارك من دعم مثل مشروعات "ابني بيتك"، بجانب فرض غرامات على مخالفات الارتفاع، وفرض رسوم كثيرة مع المصالحات، مثل رسوم استشاري لمنازل أغلبها بالطوب الدبش، مع فرض الموظفين إتاوات على الأهالي".
وأشار إلى أنه "قرر مؤخرا السماح بالبناء في المناطق غير المخالفة وداخل الكردون المعتمد والأحوزة العمرانية، ولكن مع ذلك لن يستطيع المصريون البناء، فمنذ العام 2016 تضاعف سعر طن الأسمنت والحديد والطوب ومواد البناء والتشطيب والسباكة والكهرباء والبلاط أضعافا كثيرة".
وعن دور الجيش في منظومة البناء الجديدة، أكد المهندس المصري، أنها "أموال كثيرة تدخل الدولة وللجيش نصيب منها"، موضحا أن "دور معاينة الجيش هامة جدا في أماكن معينة ومنعدمة تماما في مناطق لا يتعدى فيها ارتفاع المباني 3 و4 أدوار وبعيدة عن أية منشآت عسكرية".
وجرى استخدام ما لدى القوات المسلحة من بيانات التصوير الجوي للمباني السكنية والأحوزة العمرانية التي تم اعتماد آخرها في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، كما تم إنشاء وحدة للمتغيرات المكانية بالتنسيق مع هيئة المساحة العسكرية، وذلك لرصد أي تعديات أو متغيرات في البناء بأنحاء الجمهورية.
كما تم التعديل في قانون الزراعة (53) لعام 1966، وتعديلاته بالقانون (164) لعام 2022، وتقرر الحبس من سنتين إلى 5 سنوات وبغرامة من 500 ألف جنيه إلى 10 ملايين جنيه، لمن خالف أحكام المادة (152) من القانون، حيث لا يجوز لأحد أن يقيم مبان أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أي إجراءات بشأن تقسيمها لإقامة مبان عليها.