جريدة الوطن:
2025-03-03@18:12:47 GMT

فن الدبلوماسية.. إتيكيت ولائم ومآدب الضيوف

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

فن الدبلوماسية.. إتيكيت ولائم ومآدب الضيوف

تؤكِّد المدارس المتخصِّصة بفنِّ الدبلوماسيَّة على بروتوكول وإتيكيت الضيوف بمختلف مفرداتها، سواء الاستقبال أو إقامة المآدب، الولائم، أو حفلات الشَّاي النهاريَّة أو الليليَّة.. وغيرها من الأنشطة الَّتي تُعدُّ من أولويَّات وأهداف وواجبات العلاقات العامَّة والمراسم والتشريفات، هذا إذ كان على المستوى الرسمي والَّذي ينقسم إلى قِسمَيْنِ أساسيَّيْنِ هما:(أوَّلًا: المضيف، والثاني: المستضيف).


أمَّا إذا كان على المستوى الشخصي فيلعب الإتيكيت الاجتماعي دَوْرًا بارزًا وجوهريًّا في الترحيب بالضَّيف وتوفير أفضل المشاعر والاحترام والتقدير، وليس الموضوع هو نوع الأكل المقدَّم، وإنَّما الاستقبال البهي وبشاشة الروح والوجْه والابتسامة الجميلة المُعبِّرَة هو أكثر من أيِّ قِيمة أخرى. يُعدُّ إتيكيت إقامة الولائم والمآدب للضيوف من مظاهر الحياة الاجتماعيَّة والرَّسميَّة المُهمَّة والَّتي تُعمِّق العلاقات بَيْنَ الطرفَيْنِ وإقامة صداقات شخصيَّة ورسميَّة وتدرُّ على الطرفَيْنِ فوائد مستقبليَّة، وهذا يتطلب المعرفة الكاملة بمفاهيم البروتوكول والإتيكيت؛ لأنَّ أيَّ خلل سوف يأخذ سلبيًّا على ثقافة وكاريزما المضيف بعيدًا عن نوع وحجم الأكل والموائد الموجودة. تهتمُّ المدارس الدبلوماسيَّة بدراسة معمَّقة لمختلف تراث شعوب العالَم للتعرُّف على عادات وتقاليد واستقبال الضيوف في كُلِّ مُجتمع، وبالتَّالي كَيْ لا تقعَ في مأزق كسر البروتوكول وإتيكيت الضيوف. فعلى سبيل المثال، أغلب دوَل أوروبا الغربيَّة لدَيْها وجبتان رئيستان من الأكل هما الصباحيَّة، والأخرى في نهاية اليوم، في حين دوَل أخرى لدَيْها فطور صباحي وغداء وعشاء، وهناك وجبات خفيفة بَيْنَهما، لذلك توجيه دعوة للضَّيف تعتمد اعتمادًا جوهريًّا على عادات وتقاليد وتراث ذاك الشَّعب، لذلك هذه المدارس أو المعاهد المتخصِّصة بفنِّ الإتيكيت وضعت بعض النقاط المشتركة، ومِنْها الحساسيَّة أو الحالة الصحيَّة: إذا كنتَ تعاني من الحساسيَّة من نوع معيَّن من الأطعمة أو لدَيْك أمراض مزمنة كالضغط أو السكر، فعليك أن تخبرَ المضيف بذلك وبوقتٍ مناسب كَيْ لا تحرجَه بنَفْسِ وقت الجلوس وتقول لَهُم بأنَّ نظامك الغذائي هو (نباتي)، الملابس: من اللائق جدًّا الاستفسار عن وقت ومكان الدَّعوة، فلا تتردَّد عن نَوْع الدَّعوة، هل هي حفلة شواء بالهواء الطلق (ليلًا، نهارًا) أم هي داخل البيت أم في مطعم؛ لأنَّ في كُلِّ مفردة نَوْعًا خاصًّا من الملابس، نَوْع الحضور: من الممكن أن تسألَ المضيف إذا كانت الدَّعوة شخصيَّة، عائليَّة، اجتماعيَّة، رسميَّة ونَوْع ومناصب الحضور، التحلِّي بآداب الدَّعوة والأكل؛ لا تحاول تبريد الطعام بالنفخ فيه وإنَّما أتركه حتَّى يبرد، لا تتحدَّث والطعام في فمك ولا تبصق وأنتَ على المائدة وعَلَيْك الاستئذان وقتها، معرفة استخدام السِّكين والشوكة وملعقة الشوربة وملعقة الأرز وبقيَّة الأدوات، تقطيع لقمة اللحم أو أيِّ شيء يقطع يكُونُ ربع حجم الفم كَيْ لا تقع في إشكالات فنِّ الإتيكيت، لا تبدأ في تناول أيِّ شيء إلَّا بعد أن تأخذَ الإذن بذلك أو قَدْ يكُونُ المضيف نسيَ أن يعطيَ الضوء الأخضر للبدء ولكن بمجرَّد أن يمسكَ الشوكة أو يبدأَ هو بتناول شيء فذلك يُعدُّ الضوء الأخضر لك، توضع الفوطة على الفخذَيْنِ بمجرَّد جلوسك على المائدة، لا تستخدم الهاتف نهائيًّا إلَّا في الحالات الطارئة ويوضع على وضع الصَّامت، لا تصطحب أيَّ شخص لَمْ توجَّه الدَّعوة له وهذا ينطبق على الأطفال، بالإضافة أنَّك لا تحرج المضيف بأنَّ لدَيْك ضيفًا ممكن أن تجلبَه معك، وضعيَّة الجلوس هي الاسترخاء ولا تضع يدَيْك على المائدة بل احتفظ بها على جانبَي الجسم في حالة عدم استخدامها بالأكل، المحافظة على المواعيد واحترامها؛ لأنَّها دليل على الرُّقي والتحضُّر وعدم مراعاة ذلك يُعدُّ خللًا كبيرًا بفنِّ الإتيكيت والسلوك، الوصول مبكّرًا غير مستحبٍّ نهائيًّا ويكُونُ الوصول قَبل أو بعد بخمس دقائق عن الموعد المُحدَّد، التأخُّر عن الموعد يجِبُ إبلاغ وإعلام المضيف عن سبب التأخير والوقت المقترح للوصول؛ لأنَّ المضيف يرغب بتقديم الطعام ساخنًا وبالتَّالي وضع في موقف محرج هو ليس طرفًا فيه، فقط في حفلات الاستقبال الرَّسمي وحفلات الكوكتيل فيعتمد على التوقيتات المثبتة في بطاقة الدَّعوة لإتاحة الفرصة للمشرِفين على الحفلة كَيْ يستكملوا تنظيمها حتَّى آخر لحظة؛ لأنَّ من المتعارف الحضور خلال نصف ساعة من موعد بدء فعاليَّات الدَّعوة، تجنَّب أخذ الأكل بصحن واحد وإنَّما ابدأ بالشوربة ثمَّ المقبّلات ثمَّ الطبق الرئيس ثمَّ الحلويات أو الفواكه والقهوة هي آخر مفردات الوليمة، تقديم الشكر للمضيف وتوجيه الدَّعوة له ولا تنسَ أن تجلبَ معك باقة ورد أو هديَّة بسيطة للمضيف في حالة إقامة الدَّعوة في بيت المضيف، في الحفلات الصغيرة والمختصرة عَلَيْك توديع الجميع وليس المضيف فقط ولا تطيل الأحاديث عِند الباب كالتعليق على حُسن الضيافة ونَوْع الطعام.. وغيرها من الأمور الَّتي تحرج المضيف؛ لأنَّه يحبُّ أن يرجعَ مع بقيَّة الضيوف.

د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

واشنطن وطهران على مفترق طرق.. هل تنجح الدبلوماسية أم تشتعل المواجهة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وسط تصاعد التوترات النووية في الشرق الأوسط، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق اختراق دبلوماسي مع إيران، في محاولة لاحتواء الأزمة النووية المتفاقمة وضمان عدم امتلاك طهران لسلاح نووي. 
وبينما يرى بعض المراقبين أن فرصة التوصل إلى اتفاق ضئيلة، فإن آخرين يعتقدون أن الظروف الحالية قد تفرض على الطرفين إعادة النظر في مواقفهما المتشددة، خاصة مع تزايد الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران، والتحديات الاستراتيجية التي تواجهها واشنطن.

إيران تقترب من القنبلة النووية وواشنطن تفقد نفوذها
يُعد البرنامج النووي الإيراني أحد أكبر التحديات التي تواجه الإدارة الأمريكية، خاصة مع تسارع وتيرة تخصيب اليورانيوم واقتراب طهران من القدرة على إنتاج سلاح نووي. 


فبعد سلسلة من الهجمات الإسرائيلية على أهداف إيرانية في سوريا والعراق، وتراجع نفوذ حلفائها الإقليميين مثل "حماس" و"حزب الله"، تبدو إيران أكثر إصرارًا على استخدام برنامجها النووي كأداة ردع ضد أي تهديد عسكري محتمل.

في المقابل، تجد واشنطن نفسها أمام معضلة كبيرة، حيث ينتهي هذا العام العمل بآلية "سناب باك" التي تتيح إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا، وإذا لم تتحرك الإدارة الأمريكية بسرعة، فقد تخسر أحد أهم أدوات الضغط الدبلوماسي، مما يمنح طهران مساحة أوسع للمناورة.

عقبات معقدة أمام أي تفاوض محتمل
لطالما كانت المفاوضات مع إيران عملية معقدة، لكن هذه المرة تبدو الأمور أكثر صعوبة، نظرًا لتداخل الملف النووي مع قضايا أخرى، مثل:
الدور الإيراني في الحرب الروسية الأوكرانية: حيث يُنظر إلى الدعم العسكري الإيراني لروسيا، خاصة الطائرات المسيّرة، على أنه تهديد مباشر للمصالح الغربية.
الملف الإقليمي: تتهم واشنطن طهران بزعزعة استقرار الشرق الأوسط عبر دعم الفصائل المسلحة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا.
الاقتصاد الإيراني: رغم العقوبات، تمكنت طهران من تعزيز صادراتها النفطية، خاصة إلى الصين، مما يقلل من تأثير الضغوط الاقتصادية الغربية.


انعدام الثقة بين الطرفين: لا تزال إيران متشككة في نوايا ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018 واغتيال الجنرال قاسم سليماني، فيما يعزز تهديد إيران باغتيال ترامب موقفه المتشدد تجاهها.
نتنياهو يضغط لعمل عسكري ضد إيران
وسط هذه التوترات، كشف تقرير أمريكي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمارس ضغوطًا على إدارة ترامب لدفعها نحو تنفيذ ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. 


وقد جاء ذلك خلال اجتماع جمعه بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في القدس، حيث ناقش الطرفان "ضرورة إحباط الطموحات النووية الإيرانية".


وفي هذا السياق، صرّح مستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز لقناة "فوكس نيوز" في 16 فبراير 2025، بأن إدارة ترامب "لن تدخل في مفاوضات مع إيران ما لم تتخلَّ عن برنامجها النووي بالكامل"، في موقف يعكس توجهًا أمريكيًا أكثر تشددًا تجاه طهران.


إيران ترفض الضغوط وتؤكد استمرار برنامجها النووي
في المقابل، ردّت إيران على هذه التحركات بتصريحات قوية، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحفي: "عندما يتعلق الأمر بدولة مثل إيران، فإنهم لا يستطيعون فعل شيء"، مشددًا على أن "التهديدات لن تثني طهران عن موقفها النووي".


ويبدو أن إيران تعتمد استراتيجية "الردع النووي الكامن"، أي البقاء على عتبة امتلاك سلاح نووي دون تجاوزه رسميًا، مما يمنحها قدرة تفاوضية أكبر دون التورط في مواجهة عسكرية مباشرة.
إيران بين ثلاث سيناريوهات خطرة
وفقًا لمحللين دوليين، تواجه إيران ثلاثة خيارات رئيسية خلال الأشهر المقبلة:

الاحتفاظ بقدراتها النووية عند مستوى "الردع الكامن"، أي الإبقاء على القدرة التقنية لإنتاج سلاح نووي عند الحاجة، دون تجاوز الخطوط الحمراء الدولية.
التسريع نحو امتلاك قنبلة نووية، في حال تصاعد التهديدات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية.
خيار التفاوض، وهو الحل الأقل احتمالًا حاليًا، لكنه قد يصبح ضروريًا إذا تزايدت الضغوط الاقتصادية والعسكرية على طهران.
تأثير حرب غزة 2023 على حسابات إيران النووية
لعبت حرب غزة عام 2023 دورًا مهمًا في تغيير موازين القوى الإقليمية، حيث شهدت إيران تراجعًا في نفوذها على حلفائها التقليديين، مثل "حزب الله" و"حماس". 
كما أن الضربات الجوية الإسرائيلية المستمرة ضد مواقع إيرانية في سوريا والعراق أضعفت قدرة طهران على استخدام وكلائها في المواجهات الإقليمية. 

في ظل هذا الوضع، أصبح البرنامج النووي هو أداة الردع الأهم بيد النظام الإيراني.

هل تلجأ واشنطن إلى الخيار العسكري؟
رغم التصريحات القوية من إدارة ترامب، فإن خيار الضربة العسكرية ضد إيران يبقى محفوفًا بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية واسعة تشمل الخليج العربي، مع احتمال شن "حزب الله" و"الحوثيين" هجمات ضد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

في الوقت نفسه، فإن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط، مع احتمال قيام السعودية ودول أخرى بالسعي لامتلاك قدرات مماثلة.

ما هي فرص نجاح الدبلوماسية؟
إذا قررت إدارة ترامب الدخول في مفاوضات مع إيران، فإن نجاحها يعتمد على عدة عوامل، أهمها:

إعطاء الأولوية للملف النووي دون ربطه بالقضايا الإقليمية الأخرى.
تقديم ضمانات اقتصادية لإيران مقابل التزامها بتقييد برنامجها النووي.
كسب دعم الصين وروسيا لمنع طهران من استخدام تحالفاتها لتعطيل أي اتفاق جديد.
تعزيز آليات التفتيش الدولية لضمان عدم قدرة إيران على استئناف أنشطتها النووية سرًا.
 

 

مقالات مشابهة

  • تصعيد عسكري وتزايد التوترات الدبلوماسية شرق الكونغو الديمقراطية
  • واشنطن وطهران على مفترق طرق.. هل تنجح الدبلوماسية أم تشتعل المواجهة؟
  • نيران الدبلوماسية الأمريكية الصديقة
  • نايف أكرد: رمضان شهر روحاني وفرصة للحفاظ على اللياقة وليس الأكل والشرب
  • تفتح الشهية.. إتيكيت ترتيب سفرة رمضان
  • مشهد بشع..لولا دي سيلفا: المشادة بين ترامب وزيلينسكي سابقة في تاريخ الدبلوماسية
  • حكم الأكل والشرب بعد مدفع الإمساك.. الأزهر للفتوى يوضح
  • خناقة أول أيام رمضان| الفطار عند مامتى ولا حماتى ..استشاري إتيكيت تجيب
  • اتهامات متبادلة| أستاذ قانون دولي عن مشهد ترامب وزيلينسكي: خروج عن قواعد الإتيكيت والدبلوماسية
  • أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية تستضيف سفيرات معتمدات لدى الدولة