معركة إبادة الطفولة وحمام الدم الفلسطيني.. ماذا يجرى؟ وماذا بعد؟
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
هكذا هم البلطجية والجبناء، حين تثير الحلقة القوية فيهم الرعب؛ يلجؤون إلى الحلقة الضعيفة؛ فيستقوون على الأطفال والنساء، ظنا منهم أنهم يحققون بذلك انتصارا على الأقوياء بقتل أبنائهم ونسائهم، وهو ذات أسلوب عصابات المافيا التي تلجأ إلى قتل أبناء غريمها أو اختطافهم حين تعجز عن مواجهته.. إن الخسة والإجرام والوحشية التي يمارسها جيش الاحتلال في هذا العدوان الهمجي، هي العنوان الأبرز لجريمة ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
بتاريخ 11 تشرين الثاني/ نوفمبر صرحت الأمم المتحدة بأن القوات الإسرائيلية قتلت خلال شهر من حربها على قطاع غزة الفقير والمحاصر من الأطفال، بما يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في 22 صراعا مسلحا حول العالم خلال 4 سنوات، وكان عدد الشهداء من الأطفال حينها نحو 4 آلاف، وحين يتضاعف الرقم اليوم؛ فإن ذلك يعني أن القتلى من الأطفال أصبح أكثر ممن قتلوا في 44 صراعا حول العالم في 8 سنوات، إن صحت العملية الحسابية بهذه الطريقة. إلا أن الجريمة لا يمكن التحدث عنها بالأرقام، بقدر ما يمكن التحدث عنها بلون الدم، ومشهد البطون المبقورة، والعظام المهشمة، والجماجم المفلوقة..!!
لا يمكن لي وأنا الذي عشت أو تابعت عددا كبيرا من المعارك منذ 1967 حتى اليوم، أن أتخيل مجرد تخيل مثل هذه الفظاعة التي يتم من خلالها سفك دم الأطفال ومنهم الرضع بهذه الوحشية والهمجية، بل إنني لا أستطيع أن أتخيل موت أطفال العدو بهذه الطريقة أو اقل منها، وهو الذي يحتل أرضنا ويغتصب حقولنا ويهدم بيوتنا ويقتل أبنائنا ويجرف أحياءنا، ويدنس مقدساتنا..
على الرغم من الخسارات الفادحة لأهل غزة في الأرواح والمنشآت الخاصة والعامة، إلا أن القهر الذي أصاب العدو كان أفدح بكثير مما أصابهم، على الرغم من أنهار الدم التي لم تترك مكانا إلا خلفت فيه حمرة قانية ودمارا مهولا؛ فقد كان من مخرجات هذا العدوان الغاشم أن باتت الرواية الفلسطينية هي الأبرز والأصدق في عين البشرية وقلبها؛ فقد كان من أهم التحولات في المشهد الفلسطيني أن أصبحت السردية التاريخية الفلسطينية محل وعي الشعوب واهتمامها
إنهم يقتلون الأطفال والنساء نوعا من الانتقام من كل ما هو فلسطيني، ولأنهم يعدّون كل طفل فلسطيني مشروع مقاوم؛ وكل امرأة مشروع أم ولود، لذلك يقتلونهم بدم بارد، فهم يخوضون حربا جبانة ليقوضوا كل شيء يمت لفلسطين التاريخية بصلة.
إنهم ينتقمون بهذه الطريقة لأنهم لا يملكون وسيلة أخرى للانتقام من خزيهم وعارهم الذي تجرعوه في اجتياح المقاومة لغلاف غزة، وقتل من قتلوا من الضباط والجنود وأسر من أسروا من العسكريين والمدنيين الذين تعاملت المقاومة معهم بكثير من التحضر والإنسانية والأخلاق التي أقرها الإسلام، وقد فاقم التعامل الأخلاقي مع الأسرى حقدهم على المقاومة وحاضنتها الشعبية؛ بما كان من دور للإعلام من كشف فضائحي لسلوكهم الجبان وكشف إنساني لسلوك المقاومة المتحضر، وقد كان الدور الأكبر في معركة الإعلام ما قام به الشباب العربي والإسلامي وكثير من المنصفين في العالم من بث على مواقع التواصل الاجتماعي.
فعلى الرغم من الخسارات الفادحة لأهل غزة في الأرواح والمنشآت الخاصة والعامة، إلا أن القهر الذي أصاب العدو كان أفدح بكثير مما أصابهم، على الرغم من أنهار الدم التي لم تترك مكانا إلا خلفت فيه حمرة قانية ودمارا مهولا؛ فقد كان من مخرجات هذا العدوان الغاشم أن باتت الرواية الفلسطينية هي الأبرز والأصدق في عين البشرية وقلبها؛ فقد كان من أهم التحولات في المشهد الفلسطيني أن أصبحت السردية التاريخية الفلسطينية محل وعي الشعوب واهتمامها، بل إن أعدادا كبيرة من الناس في الغرب اعتنقوا الإسلام جرّاء ما رأوا من سلوك المقاومة وقوتها وعنفوانها وعدم رضوخها الذي أذهل العالم، وأسهمت الأسيرات اليهوديات المفرج عنهن بشكل كبير في الكشف عن حقيقة المقاومة وأدائها الذي هيّج العالم ضد الكيان المحتل..
بعد سنوات طويلة من العمل الإعلامي والسينمائي والشعبي والرسمي لرسم صورة مشرقة للاحتلال؛ تغيرت المشهد تماما، وبات كثير من مؤيدي الأخير وأنصاره في المعسكر المضاد للصهيونية بوعي وإدراك، فقد بات العالم ينظر لهم كعصابة لصوص وقتلة، ناهيك عن الإجلال الذي حازته المقاومة بعد سنوات من وصمها بالإرهاب وهو ما كان مستقرا في روع هؤلاء الذين انقلبوا على ساستهم بعد أن اكتشفوا كذبهم وخداعهم، وما التظاهرات التي غصت بها الشوارع الرئيسية في العواصم الغربية إلا دليل دامغ على هذه التحولات الجذرية..
ولم تتوقف هذه التحولات على الغربيين، بل مست شريحة كبيرة من اليهود داخل مجتمعهم في أرض فلسطين بطريقتين: الأولى تتصل بإحساس كثير منهم بأن ثمة ظلما يقع على الفلسطينيين، وأن حكومتهم قاتلة وظالمة، والثانية التحول القائم على الخوف والقلق من القادم الحتمي؛ فقد غادر الكيان مئات الآلاف، وبات كثيرون يبحثون عن بلد آمن لاستقبالهم، وكانت البرتغال هي الدولة المجمع عليها بسبب قوانين الهجرة التي تواقتيهم.
نعم لقد قتلوا أطفالنا ونساءنا ودمروا بيوتنا وجوّعوا أطفالنا، لكنهم لم يكسروا روحنا المعنوية، ولم يفتوا في عضدنا، بينما كسرنا نحن روحهم المعنوية وقتلناهم رعبا وتربصا لما سيكون في السنوات القليلة القادمة، فباتوا يعيشون في دائرة الكوابيس التي لا تنتهي ولن تنتهي
كذلك فقد كان لما حدث في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من اجتياح المقاومة لغلاف قطاع غزة أثر كبير على الفلسطينيين بخاصة والعرب بعامة؛ بحيث أصبح إيمانهم باقتراب تحرير فلسطين أمرا مسلّما به، لا سيما أن ثمة نبوءات إسلامية وأخرى توراتيه وتاريخية تؤشر على ذلك، وهو ما جعل هؤلاء أكثر تمسكا بخيار المقاومة، وأكثر شغفا بالمقاومين وشدة بأسهم.
كذلك فقد كشف السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عن الجبن الذي يسكن قلوب أفراد جيش الاحتلال، والارتعاد من مشاهدة المقاوم الفلسطيني والرعب من مواجهته؛ فقد هرب كثير من الضباط من غلاف غزة تاركين خلفهم الجنود لمصيرهم الأسود، وشكل استسلام كثير منهم لمقاتلي القسام وهروب آخرين أكبر هزيمة نفسية مني بها الكيان الصهيوني منذ نكبة 1948حتى اليوم، فقد تأكد لنا أنه جيش هش منهار من الداخل، بعد أن تحطمت صورته الوهمية التي تقول بأنه جيش لا يقهر..
ويكفي هنا أن نتحدث عن ملياري شيكل رصدها الاحتلال لمعالجة الحالات النفسية للمستوطنين الذين تحدث نصفهم عن عدم قدرتهم على النوم بدون أقراص منومة..
وأخيرا.. نقول: نعم لقد قتلوا أطفالنا ونساءنا ودمروا بيوتنا وجوّعوا أطفالنا، لكنهم لم يكسروا روحنا المعنوية، ولم يفتوا في عضدنا، بينما كسرنا نحن روحهم المعنوية وقتلناهم رعبا وتربصا لما سيكون في السنوات القليلة القادمة، فباتوا يعيشون في دائرة الكوابيس التي لا تنتهي ولن تنتهي حتى تحرير آخر شبر من فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأطفال الاحتلال غزة فلسطيني فلسطين غزة الاحتلال أطفال جرائم حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على الرغم من فقد کان من کثیر من
إقرأ أيضاً:
من حكومة تحالف إلى أزمة ثقة: ألمانيا أمام معركة سياسية جديدة.. ماذا تعرف عنها؟
أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس عن نيته طلب تصويت على الثقة في ديسمبر المقبل، ممهدًا الطريق لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير. وجاء ذلك بعد انهيار حكومة الائتلاف الثلاثي الأسبوع الماضي، مما وضع ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، في حالة من الاضطراب السياسي.
اعلانوقد تشكّل تحالف "إشارة المرور" في عام 2021 بين الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة شولتس، وحزب الخضر بزعامة نائب المستشار روبرت هابك، والحزب الديمقراطي الحر بقيادة كريستيان ليندنر. وهدف هذا التحالف الطموح هو توحيد التوجهات المختلفة وتحقيق تحديث شامل لألمانيا. ورغم بعض النجاحات التي حققتها الحكومة، مثل تفادي أزمة طاقة بعد قطع روسيا إمدادات الغاز، وبدء عمليات تحديث الجيش، وتنفيذ عدد من الإصلاحات الاجتماعية، إلا أن هذا التحالف ترك انطباعًا لدى الكثير من الألمان بأنه كان محكومًا بالخلافات العميقة والصراعات المستمرة.
وانهار الائتلاف بعد أن أقال شولتس وزير ماليته كريستيان ليندنر بسبب خلافات حول سبل إنعاش الاقتصاد الألماني الذي يعاني من التراجع. هذا الانهيار جاء بعد أسابيع من الخلافات الداخلية حول كيفية التعامل مع قضايا اقتصادية حيوية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي كانت تعتبر ذات يوم قوة دافعة لألمانيا كأكبر اقتصاد في أوروبا.
المستشار الألماني أولاف شولتسMarkus Schreiberلقد كان الاقتصاد الألماني يشهد تراجعًا مستمرًا منذ عامين، في أعقاب جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والتحديات الناتجة عن المنافسة الصينية. لكن الحكومة الائتلافية بقيادة شولتس فشلت في تقديم حلول توافقية للمشاكل الاقتصادية العميقة، حيث عارض الحزب الديمقراطي الحر فرض زيادات ضريبية أو تعديل حدود الديون التي تفرضها ألمانيا. في المقابل، كان الحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر يدعمان زيادة الاستثمارات الحكومية، بينما كانوا يرفضون أي اقتراحات تقليص برامج الرفاه الاجتماعي التي طرحها الحزب الديمقراطي الحر.
أشار المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أنه مستعد للتفاوض بشأن توقيت الانتخابات المبكرة إذا دعم نواب المعارضة التشريعات التي يرغب في تمريرها عبر البرلمان قبل نهاية ولايتهوتضاف إلى هذه التحديات مخاطر جديدة قد تواجه الاقتصاد الألماني، نظرا لما يلوح في الأفق مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فقد هدد ترامب بفرض رسوم جمركية قد تصل إلى 20% على السلع الأوروبية، مما يعزز احتمالات حدوث حرب تجارية مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، ما سيؤثر بشكل كبير على الصادرات الألمانية، ويزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في البلاد.
وفي خطوة لاحقة، أعلن شولتس عن نيته طلب التصويت على الثقة في البرلمان الألماني في 11 ديسمبر/كانون الأول، على أن يتم التصويت الفعلي في 16 من الشهر ذاته. ومن المتوقع أن يخسر شولتس التصويت، مما سيؤدي إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة في فبراير/شباط المقبل. وفي حال فقد شولتس الثقة، فسوف يتعين على الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير حل البرلمان خلال 21 يومًا، وهو ما يقتضي إجراء انتخابات جديدة.
Related"الاتحاد الأوروبي في خطر".. السيارات الكهربائية والاقتصاد في قلب المحادثات مع شولتسمن برلين.. شولتس يدعو لوقف إطلاق النار بعد مقتل السنوار وبايدن يؤكد "لحظة عدالة" شولتس يتنفس الصعداء بعد فوز حزبه في ولاية براندنبورغ والحزب المتطرف يتوعد" مستقبل ألمانيا أزرق"أما بالنسبة للمرشحين لمنصب المستشار، فقد أبدى شولتس رغبته في الترشح مرة أخرى، رغم معارضة بعض أعضاء حزبه الذين لا يريدونه أن يترشح بسبب تدني شعبيته في الوقت الحالي. وقد اقترح بعضهم وزير الدفاع بوريس بيستوريوس كبديل له. وفي الجانب المقابل، اتخذ الحزب المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس مرشحا رسميا للحزب، وتشير الاستطلاعات إلى أن ميرتس سيكون الأكثر احتمالا للفوز في الانتخابات المقبلة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بعد انهيار الائتلاف الحاكم.. ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في 23 شباط من العام المقبل انهيار حكومة الائتلاف في ألمانيا.. المستشار شولتس يقيل وزير المالية ليندنر من منصبه ألمانيا توافق على مشروع قانون لقياس استعداد الشباب للالتحاق بالجيش حكومةألمانياالاتحاد الأوروبيتحديات سياسيةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. غارات على الضاحية الجنوبية بعد مقتل 7 جنود إسرائيليين.. وحزب الله يضرب قاعدة الكرياه وسط تل آبيب يعرض الآن Next الاتحاد الأوروبي بصدد إنهاء اتفاقية الصيد البحري مع السنغال وسط انتقادات محلية يعرض الآن Next روسيا تحذّر من اجتياح إسرائيلي لسوريا وتقول إن قواتها حاضرة مقابل مرتفعات الجولان يعرض الآن Next بوينغ تواجه صعوبة في الوفاء بموعد تسليم الطائرات لزبائنها.. وإضراب العمال يعقّد من المهمة يعرض الآن Next فرحة الزفاف تتحول إلى كارثة.. مصرع 18 شخصاً بسقوط حافلة في نهر السند بباكستان اعلانالاكثر قراءة لا مجال لكسب مزيد من الوقت.. النيابة العامة الإسرائيلية ترفض تأجيل شهادة نتنياهو بقضايا الفساد بين السماء والأرض: ألمانيان يحطمان الرقم القياسي في التزلج على الحبل المتحرك بارتفاع 2500 متر مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز تقرير: تحقيق إسرائيلي يشتبه في كون نتنياهو زوّر وثائق للتملص من تقصيره في 7 أكتوبر/تشرين الأول من بينها رئيس الوزراء.. أصوات إسرائيلية تقايض ترامب بوقف الحرب مقابل ضم الضفة الغربية اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29إسرائيلدونالد ترامبلبنانغزةضحاياروسياالحرب في أوكرانيا محكمةثقافةفرنساالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024