الخرطوم- دفع انتشار قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة في وسط السودان بعد السيطرة على ود مدني عاصمة الولاية قبل أسبوع، واتهامها بارتكابها "انتهاكات واسعة من نهب وسلب وقتل وتنكيل"، إلى انتظام قطاعات واسعة في "المقاومة الشعبية المسلحة" للدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم، رغم تحذيرات من أن ذلك قد يؤدي إلى فوضى وانزلاق البلاد إلى حرب أهلية.

وانتظمت حملات استنفار وتدريب وتسليح للمواطنين في ولايات الجزيرة والنيل الأبيض وسنار والقضارف ونهر النيل والشمالية وكسلا والبحر الأحمر تحت مسمى "المقاومة الشعبية المسلحة".

وخاطب بعض حكام الولايات والقيادات العسكرية في مناطق سيطرة الجيش العسكرية لقاءات جماهيرية نظمتها قيادات شعبية وقبلية، لحض المواطنين على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.

كما أصدرت قبائل رفاعة والشكرية والكواهلة والجعليين والبجا والرشايدة بيانات منفصلة طالبت خلالها قوات الدعم السريع "بالكف" عن "قتل المواطنين ونهب ممتلكاتهم"، ودعت أبناءها إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وأرضهم ومواجهة "المعتدين".

 

نهب وتنكيل

وقال حاكم ولاية نهر النيل محمد البدوي، أمام آلاف من مواطني مدينة شندي الأحد الماضي، إنهم سيدربون الشباب على حمل السلاح، وتعهد قائد سلاح المدفعية اللواء محمد الأمين بأنه سيفتح مخازن الأسلحة لتوزيعها على المتطوعين.

وفي لقاء بمدينة سواكن الساحلية، أعلن حاكم ولاية البحر الأحمر مصطفى محمد نور تدشين "المقاومة الشعبية المسلحة"، الاثنين، وأكد جاهزية مواطني ولايته للدفاع عن منطقتهم.

من جانبه، قال زعيم قبائل البجا في شرق السودان محمد الأمين ترك أمام آلاف من رجال القبيلة إن زمن المفاوضات مع الدعم السريع انتهى، وإنهم جاهزون لحمل السلاح لدحر "التمرد، وسيكون الشرق مقبرتهم إذا حاولوا مهاجمته" على حد تعبيره.

وعكست مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها بعض شباب المناطق التي "استباحتها" قوات الدعم السريع، روايات عن "انتهاكات واسعة في عشرات القرى بولاية الجزيرة، ونهب ممتلكات المواطنين من سيارات وذهب وأموال، وقتل من دافعوا عن ممتلكاتهم وعوائلهم"، كما تحدثت هذه المواقع عن "اختطاف أطفال، وطلبت فدية مقابل الإفراج عنهم".

من جهته، قال عثمان عبد الله من منطقة أم دقرسي -للجزيرة نت- أن هذه القوات "نكلت بالشباب والأطفال، وجلدتهم أمام آبائهم لإرغامهم على تسليم مفاتيح سياراتهم وحلي نسائهم وأموالهم، مما أدى إلى حمل مواطني المنطقة السلاح الناري والأبيض، واستطاعوا قتل 7 من عناصر الدعم السريع التي قتلت بدورها 5 منهم".

كما ذكر إسماعيل الطاهر من منطقة "أربجي" أن القوات اقتحمتها الأحد الماضي، و"نهبت سياراتهم ومنازلهم، وأطلقت الرصاص على بعض المواطنين، وأنهم استنجدوا بقائدها أبو عاقلة كيكل في ود مدني، والذي أتى إليهم واعتذر عن ممارسات قواته وتعهد بمحاسبتهم".

ويضيف الطاهر -في حديث للجزيرة نت- أن عشرات من عناصر قوات الدعم السريع عادت، الاثنين، و"نفذت عمليات انتقامية واعتقلت مواطنين وعذبت آخرين، وحققت معهم بسبب تقديم شكوى إلى كيكل ضدهم، ونهب المسلحون مقتنيات وسيارات أخرى".

 

 

اعتراف وتحذير

من جهته، قال رئيس دائرة الفكر والثقافة بالدعم السريع حافظ الزين الموجود في ود مدني، إن القائد الثاني لهذه القوات عبد الرحيم دقلو أمر بتوقيع عقوبات مشددة على المنفلتين من قواته الذين يعتدون على المواطنين وحقوقهم.

وأوضح أن "لجنة مكافحة الظواهر السالبة" في الدعم السريع خصصت 100 مركبة قتالية لملاحقة هؤلاء، واستعادت منهم 10 شاحنات و100 سيارة نُهبت من منطقة "فداسي" وسلمتها لأصحابها، وتم القبض على 100 من عناصرهم الذين اعتدوا على المواطنين، ونهبوا ممتلكاتهم، وتوقيف 400 من اللصوص.

وبخصوص "المقاومة الشعبية المسلحة"، أدانت قوات الدعم السريع -في بيان الأحد الماضي- ما وصفته بـ"تسليح المدنيين" من قِبل استخبارات الجيش السوداني.

وأضافت أن أنصار الرئيس المعزول عمر البشير في حزب المؤتمر الوطني يسعون إلى تسليح المدنيين "بهدف تفكيك البلاد وتقسيمها من جديد، قواتنا لن تسمح بتنفيذ هذا المخطط".

في السياق، أدان حزب المؤتمر السوداني الفاعل في "تحالف قوى الحرية والتغيير" ما وصفها بـ"الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين بولاية الجزيرة"، وحملها المسؤولية الكاملة، وطالبها بالتوقف الفوري عن الولوج فيها.

وشدد الحزب على رفضه القاطع لدفع المواطنين للانخراط في الحرب عبر زيادة التحشيد العسكري، ورأى أن ذلك سيسهم في إطالة أمد الصراع، وسيؤدي إلى احتمال تحوله لحرب أهلية، ويفتح الباب للفوضى الشاملة وخطر التقسيم.

وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان اتهم "تحالف قوى الحرية والتغيير" -ضمنا- بأنه "ذراع سياسية للدعم السريع".

مخاوف مشروعة

من ناحيته، يرى الباحث السياسي منتصر عبد الله، أن المقاومة الشعبية بدأت منذ شهور الحرب الأولى في يونيو/حزيران الماضي في ولاية غرب دارفور عندما حمل مئات الشباب من قبيلة "المساليت" السلاح بعد اتهام قوات الدعم السريع ومليشيا متحالفة معها، بقتل آلاف من أبناء القبيلة في "جرائم" اعتبرتها منظمات حقوقية "إبادة جماعية".

وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الباحث أن قبيلة حمر في ولاية غرب كردفان سلّحت في يوليو/تموز الماضي 5 آلاف من شبابها، ومنعت قوات الدعم من مهاجمة مدينة النهود معقل القبيلة وقرى ومناطقهم الأخرى.

ويعزو عبد الله سبب حمل المواطنين السلاح إلى قناعتهم بأن قواتهم المسلحة بعد 8 أشهر من الحرب "غير قادرة على تحقيق نصر حاسم على الدعم السريع، ولم تستطع حمايتهم من الانتهاكات والقتل ونهب أموالهم وممتلكاتهم".

ويحذر عبد الله من أن انتشار السلاح بلا ضوابط ستكون له تداعيات خطيرة مستقبلا، ودعا الجيش إلى استخدام المتطوعين وجنود الاحتياط لأنهم أكثر تدريبا وتأهيلا على استخدام السلاح، ويمكن جمعه منهم بعد وقف الحرب.

ويؤكد أنه "في ظل الاستقطاب وتفشي خطاب الكراهية، فإن حمل السلاح بلا ضوابط مشدّدة يمكن أن يدفع البلاد لحرب أهلية".

وكان البرهان أعلن في يونيو/حزيران الماضي التعبئة العامة والاستنفار، ودعا الشباب القادرين على حمل السلاح إلى التوجه إلى أقرب وحدة عسكرية. وقُدر عدد المواطنين الذين تدربوا في الولايات خلال الأشهر الماضية بأكثر من 400 ألف، لكن عدد من انخرطوا في القتال إلى جانب الجيش، محدود.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع حمل السلاح للدفاع عن عبد الله آلاف من

إقرأ أيضاً:

مسؤول سوداني يكشف عن اتفاق بين جوبا و«الدعم السريع» لحماية أنابيب النفط

توقع مسؤول سوداني أن يصل النفط الخام من جنوب السودان إلى بورتسودان بعد ثلاثة أشهر.

التغيير: وكالات

كشف مسؤول سوداني، عن اتفاق بين حكومة جنوب السودان مع قوات الدعم السريع في السودان، لحماية نحو 237 كيلومترا من خط أنابيب النيل الكبرى في منطقة تقع تحت سيطرة الدعم السريع لضمان التدفق السلس للنفط الخام لجنوب السودان إلى بورتسودان وتصديره إلى الأسواق العالمية.

وتوقف تصدير نفط جنوب السودان عبر ميناء البشائر، بعد عمليات التخريب لخطوط النفط نتيجة للحرب بين الجيش والدعم السريع، وأعلنت الحكومة السودانية توقف النفط، لكن قبل أشهر اتفقا الدولتان على استئناف التصدير.

وقال مدير شركة خطوط الأنابيب السودانية المهندس محمد صالح عثمان بحسب راديو تمازج، إن المنطقة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع والنقطة المتضررة تبدأ من المحطة 3 إلى المحطة 4، التي تبعد حوالي 237 كيلومترا، وأن ليس لديهم اتصال مباشر مع قوات الدعم السريع.

وكشف أن حكومة جنوب السودان أبرمت صفقة منفصلة مع قوات الدعم السريع لتسهيل حركة الأشخاص في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.

وأوضح أنه وفقا لاتفاق الدعم السريع وحكومة جنوب السودان، تقوم قوات الدعم السريع بتوفير الحماية لخط الأنابيب والمدنيين، وأن هذا سيعطي مساحة لنقل الوقود وقطع الغيار.

ولم يقدم المهندس السوداني مزيداً من التفاصيل حول الاتفاق الذي توصل إليه بين جنوب السودان وقوات الدعم السريع التي تقاتل القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السلطة منذ 15 أبريل 2023.

وقال المهندس صالح، وهو رئيس لجنة معالجة أنابيب النفط الخام في شركة دار للبترول، إنهم اختتموا ورشة عمل مشتركة مع جنوب السودان في جوبا، لمناقشة والاتفاق على طرق استئناف نفط جنوب السودان الخام عبر السودان.

وأضاف: “عقدنا ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام في مكاتب شركة النفط الوطنية، واتفقنا على خطة مشتركة لاستئناف النفط الخام في جنوب السودان”.

وعن الجدول الزمني لاستئناف النفط الخام، قال المهندس السوداني، إنه من المتوقع أن يصل النفط الخام إلى بورتسودان بعد ثلاثة أشهر، وذكر أنهم وضعوا جدولا زمنيا واضحا حول موعد بدء الضخ، وأنه عندما تبدأ الآبار في العمل، سيبدأ الضخ من فلوج إلى جبلين، ومن جبلين إلى خطوط الأنابيب الأخرى”.

وتابع: “نتوقع أن تبدأ مرحلة ضخ النفط الخام بعد 45 يوما، وليس لدينا الحق من جانبنا في تنسيق حماية خط الأنابيب مع قوات الدعم السريع، لكن السلطات في جنوب السودان نسقت القضية من جانبها لضمان التدفق السلس للنفط”.

وفيما يتعلق برسوم العبور بين البلدين، كشف أنهم اتفقوا مع سلطات جنوب السودان في بورتسودان على مناقشة المسألة لاحقا بعد استئناف إنتاج النفط.

المهندس محمد صالح عثمان

وأضاف صالح: “رسالتي هي أن الناس يجب أن يتحلوا بالصبر، وسيكون الجميع بالخير، وأستطيع القول إن العمل على خط الأنابيب يسير بشكل جيد وسيعمل قريبا، لكننا بحاجة إلى بعض الدعم من الشركاء وجنوب السودان، ولقد أثر توقف إنتاج النفط على البلدين، لذا فإن استئناف النفط له منفعة متبادلة اقتصاديا”.

ويعتمد جنوب السودان على السودان في تصدير النفط الخام عبر خط أنابيب إلى البحر الأحمر عبر الخرطوم حيث يدور القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ 15 ابريل 2023.

وبموجب الترتيب المالي الانتقالي الذي وقع بعد وقت قصير من استقلال جنوب السودان في عام 2011م، تدفع جوبا رسوما للخرطوم وتكاليف غير تجارية لشحن نفطها الخام إلى الأسواق الدولية. فيما يمثل النفط أكثر من 90% من عائدات جنوب السودان.

الوسومالجيش الدعم السريع السودان النفط بورتسودان جنوب السودان شركة خطوط الأنابيب السودانية وزارة الطاقة والنفط

مقالات مشابهة

  • مساجد السودان في بنك أهداف قوات الدعم السريع
  • اتهامات للدعم السريع بقتل 11 مدنيا داخل مسجد في السودان
  • انتهاكات الدعم السريع ضد الكوادر الطبية في السودان: قتل ونهب واسع
  • مسؤول سوداني يكشف عن اتفاق بين جوبا و«الدعم السريع» لحماية أنابيب النفط
  • هجمات للدعم السريع غربي السودان تودي بحياة العشرات
  • قراءة في إعلان أديس أبابا
  • اتهامات لقوات الدعم السريع بقتل 12 في غرب السودان
  • 12 قتيلا في غرب السودان جراء قصف لقوات الدعم السريع  
  • غوتيريش يندد بهجمات قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة في السودان
  • هكذا تستهدف قوات الدعم السريع المساجد في السودان