مع الحشد العسكري الأمريكي الضخم في منطقة الشرق الأوسط، تتصاعد تساؤلات بشأن إن كانت واشنطن مستعدة للدفاع عن شركائها في الدول الخليج العربي بالقدر نفسه الذي تدافع به حاليا عن حليفتها إسرائيل، بحسب تحليل لكريس كوبيل في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest).

ومنذ اندلاع الحرب الراهنة بين إسرائيل وحركة "حماس" في قطاع غزة، يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب" الإسرائيلية بغزة.

 

وحتى أمس الإثنين، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة 20 ألفا و674 فلسطينيا، وأصاب 54 ألفا و536 بجروح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وقال كوبيل، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن هذه "الحرب دفعت الولايات المتحدة إلى توسيع وجودها العسكري في الشرق الأوسط إلى مستويات نادرا ما شهدتها بعد حرب (غزو) العراق (2003-2011)".

وأوضح أن "واشنطن نشرت مجموعتين هجوميتين من حاملات الطائرات، تتألف كل منهما من ثمانية إلى تسعة أسراب من الطائرات. وكذلك طائرات هجوم ودعم وحفنة من طرادات ومدمرات الصواريخ الموجهة، وطائرات مقاتلة إضافية من طراز "إف- 16" (F-15) و"إف- 16" (F-16) و"إيه- 10" (A-10)".

كما "نشرت نظام الدفاع الصاروخي "ثاد" والعديد من بطاريات الدفاع الصاروخي باتريوت، برفقة 900 جندي إضافي لتشغيلها. ويتم دعم هذه الأصول أيضا بسفينتين هجوميتين برمائيتين تحملان 3 آلاف من عناصر مشاة البحرية (المارينز)"، بحسب كوبيل.

وشدد على أن "هذا يعد نمطا غير سار بالنسبة للولايات المتحدة؛ فتماشيا مع محور السياسة الخارجية لواشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، سعت إدارات رئاسية عديدة إلى تقليل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، إلا أنها تم سحبها مرة أخرى من خلال مخاوف أمنية إقليمية متفرقة".

وأثار تقليل الوجود العسكري الأمريكي مخاوف في دول الخليج العربي من تراجع أمنها في أولويات الولايات المتحدة، إذا تحمل هذه الدول مخاوف مما تقول إنها مساعٍ إيرانية للتوسع في المنطقة، وهو ما تنفيه طهران التي تحسنت علاقتها في الفترة الأخيرة مع عواصم خليجية عربية عديدة، ولاسيما الرياض.

اقرأ أيضاً

إيران وأمريكا والتطبيع.. حرب غزة تضع دول الخليج أمام تحديات خطيرة

تكامل أمني

"في السنوات القليلة الماضية، ركزت إعادة تأكيد قوة الجيش الأمريكي بشكل أساسي على مواجهة الإجراءات الإيرانية، مثل مضايقة السفن التجارية في مضيق هرمز والهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران ضد أفراد الجيش الأمريكي والمنشآت العسكرية في العراق وسوريا"، كما زاد كوبيل.

وأردف: "كما تطلبت التصعيدات الكبيرة، مثل اغتيال (واشنطن) قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني (بالعراق في عام 2020)، من الولايات المتحدة إظهار قوتها بحزم".

واستدرك: "لكن هذه الحوادث تتضاءل بالمقارنة مع العرض الهائل للقوة العسكرية الذي أظهرته الولايات المتحدة وسط الأزمة الحالية (دفاعا عن إسرائيل)، وهي أحد أهم التحديات التي تواجه الاستقرار الإقليمي منذ ظهور تنظيم الدولة".

وتساءل: "لكن ماذا يعني كل هذا بالنسبة لمستقبل الجيش الأمريكي في المنطقة؟.. لقد أدرك شركاؤنا بالشرق الأوسط سابقا أنه على الرغم من أن واشنطن لم تكن لديها أي نية للتخلي عن ضماناتها الأمنية، إلا أنها سعت إلى تقليص وجودها العسكري المادي وأحلت محله قدرا أكبر من التكامل الإقليمي والتعاون في المسائل الأمنية. والآن أصبح حساب التفاضل والتكامل أكثر تعقيدا".

اقرأ أيضاً

مودرن دبلوماسي: السعودية مصممة على اتفاقية دفاع مع أمريكا حتى لو فشل التطبيع

مخاوف خليجية

وقد ترى دول مثل الإمارات والسعودية، بحسب كوبيل، في الأزمة الحالية "دليلا على أن الولايات المتحدة لا تزال مستعدة لاستعراض قوتها العسكرية لحماية الاستقرار الإقليمي".

وأضاف أن "القوات والسفن الحربية الأمريكية لعبت دورا فعالا في ردع الجماعات المدعومة من إيران، مثل حزب الله (في لبنان) والحوثيين (في اليمن)، من تصعيد هجماتهم بشكل كبير ضد إسرائيل أو ضرب حلفاء الولايات المتحدة الآخرين".

كوبيل استطرد: "كما أن الموقف القوي للجيش الأمريكي قد ثبط عزيمة إيران عن الانخرط بشكل مباشر في الصراع خارج نطاق وكلائها". وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.

واستدرك: "لكن من غير المرجح أن يكون الشهران الماضيان قد خففا من مخاوف الرياض وأبوظبي من أن واشنطن غير مستعدة للدفاع عن شركائها الأمنيين العرب بالقدر نفسه الذي تفعله مع إسرائيل".

و"بعبارة أخرى، هل الدعم العسكري الأمريكي "الذي لا يتزعزع" (لإسرائيل) متاح بسهولة لهذه البلدان في وقت الحاجة كما هو الحال بالنسبة لإسرائيل؟.. ربما تظل الإجابة بالنسبة لهم غير واضحة".

اقرأ أيضاً

وصاية أمنية أم شراكة حقيقية.. ماذا تريد دول الخليج من أمريكا؟

المصدر | كريس كوبيل/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا دفاع دول الخليج إسرائيل حرب غزة حماس إيران الولایات المتحدة العسکری الأمریکی دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

بداية النهاية للغطرسة والسيطرة الأمريكية

يمانيون – متابعات
كان خيار القوة العسكرية، الذي اتخذته الجمهورية اليمنية في مواجهة الغطرسة الأمريكية الغربية، خياراً مثالياً للتصدي لعدو لا يعرف سوى لغة القوة، ودعماً وإسناداً لعملية طوفان الأقصى ومظلومية الشعب الفلسطيني.

هذا الخيار فضح أكذوبة القوة العسكرية الأمريكية التي ظلت تردد أنها لا تُقهر، وجعل شعوب العالم تعيد التفكير بإمكانية مواجهة أمريكا والقول لسياستها الرعناء (لا).. لقد تحررت شعوب كثيرة من رهاب الخوف الذي زرعته أمريكا في نفوس كثيرين من قادة دول العالم، وهذا نتاج المواجهة الشجاعة في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، بين البحرية اليمنية وآلة الحرب الأمريكية البريطانية الغربية، التي أصبحت حقيقة واقعة في عالم اليوم..

فمنذ تأسيسها وإلى اليوم ارتكبت أمريكا جرائم حرب في بلدان كثيرة، وتعاملت مع العالم بفوقية يحكمها الشعور بالقوة العسكرية، لكن دوام الحال من المحال، فقد بدأ زمن الغطرسة والسيطرة الأمريكية البريطانية الغربية بالأفول، وأخذت تلوح في الأفق ملامح تشكل عالم جديد بتحالفات قوية تنذر بقيام نظام متعدد الأقطاب بزعامة روسيا والصين، يُنهي مخلفات مخرجات الحرب العالمية الثانية التي بنتها أمريكا والغرب الاستعماري لحماية مصالحهم وضمان سيطرتهم على العالم.

على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في دول أوروبا الاستعمارية أن تعي تلك الحقيقة المُرة بالنسبة لها، وأنه لا مفر من زوال نظام أحادي القطب جرع العالم المُر أشكالاً وألوانا، واكتوت بناره شعوب وأمم كثيرة في مختلف قارات العالم.

إن واقعاً سياسياً جديداً آخذ في التشكل في العالم على أنقاض العالم الأحادي الذي تتزعمه أمريكا، هذا النظام الجديد اصطدم وسيصطدم باستماتة أمريكا والغرب الاستعماري في الحفاظ عليه وبقاء النظام الدولي القديم، ولكن دون جدوى، فالتغيير سمة أساسية في الحياة وحركة التاريخ لا يمكن إيقافها ولا تخضع لرغبات الأنظمة وقادتها.

الآلة الإعلامية الغربية خلقت من الولايات المتحدة الأمريكية بعبعاً مخيفاً على المستوى الدولي خاصة في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربي، الأمر الذي ترك قناعة لدى أنظمة هذه الدول باستحالة الوقوف أمام تلك الدولة، وأنه لا مفر من التسليم بكل إملاءاتها والإذعان لأوامرها.. لكن واقع الحال اليوم وما فعلته البحرية اليمنية في مواجهتها الجبارة مع البحرية الأمريكية دحض تلك الأمور وفرض واقعاً عسكرياً، وسيعقبه واقع سياسي جديد يصب في مسار إغلاق ملف القطب الواحد، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • بداية النهاية للغطرسة والسيطرة الأمريكية
  • رجل أعمال ألماني: مناظرة بايدن وترامب أظهرت أن أمريكا على وشك الانهيار
  • نيويورك تايمز: واشنطن تضغط لتجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله
  • صحيفة: الولايات المتحدة طلبت من قطر التوسط في حل الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"
  • ترامب يكشف كيف تصبح أمريكا صديقة لروسيا والصين وكوريا الشمالية
  • الولايات المتحدة تدعو وزراء خارجية إسرائيل وعدة دول عربية إلى قمة الناتو
  • ترامب يؤكد خلال المناظرة مع بايدن أن كييف لا تنتصر في الصراع العسكري الحالي
  • أمريكا شحنت أسلحة لـ”إسرائيل” بقيمة 6.5 مليار دولار
  • 6.5 مليار دولار قيمة الأسلحة الأمريكية المقدمة لاسرائيل
  • موسى أبو مرزوق: أمريكا لا تريد توسيع الصراع