يلاحظ المتابعون للكواليس السياسية "مرونة" على خطّ ملف الانتخابات الرئاسية، اتّسعت رقعتها بعد الجلسة التشريعية الأخيرة، التي أفضت إلى التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون بـ"توافق" قلّ نظيره بين "الأضداد" إن جاز التعبير، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عن إمكانيّة "استنساخه" على خطّ الملف الرئاسي، من أجل التوصّل إلى تفاهم يضع حدًا للفراغ الرئاسي المستمرّ في قصر بعبدا منذ نحو عام وشهرين.


 
لعلّ أبرز مظاهر هذه "المرونة" تجلّت على خط "عين التينة - معراب"، الذي شهد على امتداد الأشهر الماضية "معارك دونكيشوتية" لا تنتهي، تحوّلت إلى "ودّ متبادل"، ولو أخفى بين طيّاته الكثير من "الغمز"، كما حصل عندما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ الملف الرئاسي أصبح "شغله الشاغل"، فجاءه ردّ "ودّي" من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي اقترح عليه "وسيلة" للتفاهم، تتمثّل في "المشاورات الجانبية".
 
وقبل جعجع، تحدّث رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل، بالتزامن مع الجلسة التشريعية، عن "مسار ديمقراطي" في مجلس النواب، يتضمّن "التوافق على أي شخصية تحظى بالإجماع"، وإن اعتبر أنّ ذلك يتطلب بالدرجة الأولى أن "يتخلّى الطرف الآخر عن مرشحه ويلاقينا إلى منتصف الطريق"، فهل يعني ما تقدّم أنّ المعارضة، بمختلف مكوّناتها، باتت فعلاً "منفتحة" على الحوار من أجل بلوغ التفاهم الرئاسي؟
 
"المشاورات الجانبية"
 
تؤكد أوساط المعارضة وجود "اتفاق على التوافق"، لكنّها تلفت إلى أنّ "المرونة" التي تبديها مختلف أطرافها لا تشمل "الحوار" بمعناه التقليدي، أو "الفولكلوري" إن جاز التعبير، وهو ما حرص رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في البيان الذي أصدره الأسبوع الماضي، حين أعلن صراحةً أنّ التوافق لا يتمّ "عبر طاولة حوار استعراضية شهدنا الكثير منها في السنوات الـ15 الأخيرة، والتي لم تؤتِ يومًا بثمرة واحدة".
 
بالنسبة إلى هذه الأوساط، فإنّ جعجع أراد تأكيد موقفه الرافض للحوار بصيغته المعتادة، وهو موقفه الثابت منذ اليوم الأول للفراغ الرئاسي، والذي دفعه إلى عدم التجاوب مع كلّ المبادرات الحوارية التي طُرِحت سابقًا، ولكنّه أراد في الوقت نفسه اقتراح "حلّ بديل"، قال إنّه يشكّل "الطريقة الوحيدة للوصول إلى التوافق المنشود"، ويقوم على "المشاورات الجانبية"، أو بتعبيره أيضًا، "الاتصالات الجانبية الهادئة".
 
تتحدّث أوساط المعارضة عن "فروقات جوهرية" بين طاولة الحوار، والمشاورات الجانبية، فالأولى التي خبرها اللبنانيون على مدى سنوات، لا تؤدي سوى إلى "المزيد من الاستعراضات"، ويختلط فيها الحابل بالنابل، فلا تنجح في إحداث أيّ خرق، في حين أنّ المشاورات الجانبية يمكن أن تفعل الكثير، بهدوء وبعيدًا عن الاستعراض، تمامًا كما حصل في ملف التمديد لقائد الجيش، حيث تمّ التوافق على "الصيغة" من دون طاولة حوار.
 
تحوّل في موقف المعارضة؟
 
تصرّ أوساط المعارضة على أنّ ما قاله جعجع، ومن قبله الجميل، وغيرهما من المحسوبين على قوى المعارضة، لا يشكّل "جديدًا نوعيًا" على المستوى العملي، حيث تلفت إلى أنّ هذا الموقف سبق أن عبّرت عنه المعارضة في أكثر من مناسب، حيث كانت تدعو بصورة دائمة إلى "مشاورات على هامش الجلسات الانتخابية"، ما يعني أنّها لم تكن يومًا ضدّ التفاهم في المبدأ، بعكس ما حاول الفريق الآخر الترويج له.
 
أكثر من ذلك، تقول هذه الأوساط إنّ المشكلة كانت دائمًا لدى الطرف الآخر، الذي اختصر كلّ المسألة بـ"طاولة حوار"، من دون أن يقدّم أيّ "بادرة حسن نيّة" بما يضمن نجاح الحوار، بل إنّ في صفوفه من كان يقول جهارًا إنّ الهدف من الحوار هو "إقناع الطرف الآخر بمرشحه"، وإنّه ليس في وارد التخلّي عنه تحت أيّ ظرف من الظروف، وهو ما كان يفرغ كل المبادرات الحوارية، بمعزل عن صيغتها وشكلها، من أيّ مضمون.
 
وعلى الرغم من أنّ "شرح" موقف المعارضة يحيل المتابعين في الظاهر إلى تكريس "الأمر الواقع" المستمرّ على خط الرئاسة منذ أشهر طويلة، يعتبر العارفون أنّ ما صدر عنها أخيرًا يُعَدّ "تحوّلاً في موقفها"، سواء أحبّت هذا التعبير أم لا، وهو قد يشكّل "خطوة أولى" نحو تلاقي الطرفين في منتصف الطريق، ولا سيما أنّ "الحوار" و"التشاور" ليسا سوى "وجهين لعملة واحدة"، إن جاز التعبير، وإن اقتضت المصلحة اعتبارهما "متناقضَين".
 
في الحديث عن "مرونة" المعارضة، ثمّة من يتوقف عند "استشهادها" بالتوافق الذي تمّ في الجلسة التشريعية، ورغبتها بـ"استنساخه" على المستوى الرئاسي. بهذا المعنى، هناك من يقرأ في الأمر "رسالة" موجّهة إلى رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل بالتحديد، الذي "استُثني" من التوافق التشريعي، فهل وجدت المعارضة أنّ "التقاطع" مع خصوم باسيل قد يكون مُربِحًا أكثر من "التقاطع" الذي حصل معه؟! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

«الكوني» يقيم «مأدبة إفطار» بحضور المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة

أقام النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني، الخميس، مأدبة افطار بحضور “رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والنائب بالمجلس عبدالله اللافي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد ادبيبة، ونائب رئيس الحكومة عن فزان، رمضان أبوجناح”.

كما حضر مأدبة الإفطار، “نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة مسعود اعبيد، وعدد من ممثلي مجلسي النواب والدولة عن فزان، ووزري العمل والتأهيل، والمالية، وعدد من قيادات فزان”.

آخر تحديث: 7 مارس 2025 - 10:38

مقالات مشابهة

  • ألمانيا منفتحة على طرح ماكرون توفير حماية نووية لأوروبا
  • إسرائيل ستُبدي مرونة - صحيفة عبرية تتحدث عن مستجدات مفاوضات غزة
  • لماذا باتت السويداء عقدة للإدارة السورية الجديدة؟
  • جعجع نعى الراهب الماروني الأب الياس عنداري
  • الحكومة اليونانية تنجو من حجب الثقة
  • المعارضة التونسية بين رهان السياسي ووجدان القاضي
  • «الكوني» يقيم «مأدبة إفطار» بحضور المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة
  • فتح باب الترشح لانتخاب «نقابة المهن الهندسية»
  • جعجع: لبنان سيبقى أمينا وثابتا على علاقاته العربية التاريخية
  • الموازنة باتت نافذة ودفع الرسوم على اساسها