السعودية تبتعد عن صدام بحري.. فهل تقترب من سلام مع الحوثي؟
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
لم تنضم السعودية إلى التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، مفضلةً عدم الصدام مع الحوثيين في البحر الأحمر؛ على أمل تحقيق السلام مع الجماعة اليمنية، بعد أن فشلت المملكة في الانتصار عليها في حرب استمرت نحو 9 سنوات، بحسب تقرير لفيفيان نيريم، في صحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post) ترجمه "الخليج الجديد".
وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، استهدف الحوثيون، المدعومين من إيران، بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.
وقبل أيام، أعلنت واشنطن تشكيل قوة عمل بحرية لمواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن لم تنضم إليه السعودية ولا الإمارات، والدولة العربية الوحيدة في التحالف هي البحرين ذات الارتباط الوثيق بالرياض.
وقال المحلل السياسي السعودي سليمان العقيلي، عبر منصة "إكس"، إن السعودية "غير مهتمة بأي جهود غربية لحماية إسرائيل".
وأضرت هجمات الحوثيين كثيرا بدولة الاحتلال؛ إذ تستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات إسرائيل، ويمر98% من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بنسبة 34.6% في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.
وحتى أمس الإثنين، خلّفت الحرب في غزة 20 ألفا و674 شهيدا، و54 ألفا و536 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
اقرأ أيضاً
مواجهة الحوثيين وأمريكا.. هل تعرقل خروج السعودية من اليمن؟
علاقة دافئة
و"قبل اندلاع الحرب في غزة، كان الحوثيون على وشك التوقيع على اتفاق سلام (مع الحكومة الشرعية)، مدعوم من الولايات المتحدة والسعودية، من شأنه أن يرسخ موقعهم في السلطة ويسمح للمجتمع الدولي بإعلان بداية نهاية الحرب في اليمن"، كما قالت نيريم.
ومنذ 20 شهرا، يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المسيطرين على معظم مناطق شمال غربي البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وبحسب أحمد ناجي، أحد كبار المحللين اليمنيين في مجموعة الأزمات الدولية: "لم تقوض الحرب في غزة المحادثات بين الحوثيين والسعوديين، بل على العكس جعلتهم أقرب إلى بعضهم البعض".
ولفتت نيريم إلى أنه "في خضم المفاوضات مع الحوثيين، واصلت السعودية أيضا تنمية علاقة أكثر دفئا مع إيران، عدوتها القديمة، وقام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارته الأولى إلى الرياض في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي".
وعبر اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية؛ ما أنهى قطيعة استمرت نحو 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ الإقليمي أجج صراعات في دول، بينها اليمن.
اقرأ أيضاً
الغارديان: أمريكا حذرت الحوثيين من فشل اتفاق السلام مع السعودية بسبب هجماتهم على السفن
تنمية اقتصادية
وتفضل السعودية، بحسب نيريم، مراقبة التطورات الأخيرة في البحر الأحمر من على الهامش، إذ يعد احتمال السلام على حدودها الجنوبية هدفا أكثر جاذبية من الانضمام إلى التحالف الأمريكي لوقف الهجمات التي يقول الحوثيون إنها موجهة إلى إسرائيل، وهي دولة لا تعترف بها المملكة رسميا حتى الآن.
وعندما استضافت الرياض وفدا من الحوثيين في سبتمبر/أيلول الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية: "لكي تكون هناك منطقة مستقرة، فأنت بحاجة إلى تنمية اقتصادية في المنطقة بأكملها".
ووفقا لنيريم فإنه "بينما يسارع الأمير إلى إحراز تقدم في خطته الشاملة لمحاولة تحويل السعودية إلى مركز تجاري عالمي بحلول عام 2030، كان يعمل على تهدئة الصراعات والتوترات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك من خلال التقارب مع إيران، المنافس الإقليمي للمملكة".
ويقول المسؤولون والمحللون السعوديون إن عودة صواريخ الحوثيين للتحليق فوق الرياض أو ضرب بلدات جنوب المملكة، وهو ما حدث مرارا في ذروة حرب اليمن، هي آخر ما يحتاجه ولي العهد في سعيه لجذب السياح والمستثمرين الأجانب.
ويأمل ولي العهد السعودي في تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة المتجددة غير الملوثة للبيئة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مقابلة تلفزيونية في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إن "التصعيد ليس في مصلحة أحد، ونحن ملتزمون بإنهاء الحرب في اليمن ووقف دائم لإطلاق النار يفتح الباب أمام عملية سياسية".
ورأت نيريم أن "الاستراتيجية السعودية الجديدة في اليمن، التي تبتعد عن العمل العسكري المباشر وتتجه نحو تنمية العلاقات مع الفصائل اليمنية، مدفوعة بحقيقة أنه بعد ثماني سنوات من الحرب، انتصر الحوثيون فعليا".
وتابعت أنه "مع هدوء القتال، استقرت الميليشيا، التي تتبنى أيديولوجية دينية مستوحاة من طائفة فرعية من الإسلام الشيعي، في السلطة في شمال اليمن، حيث أنشأت دولة فقيرة تحكمها بقبضة من حديد".
اقرأ أيضاً
السعودية تطلب من أمريكا ضبط النفس مع الحوثيين
المصدر | فيفيان نيريم/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية سلام الحوثي اليمن البحر الأحمر تحالف أمريكي فی البحر الأحمر الحرب فی
إقرأ أيضاً:
اليمن يطالب بعقوبات دولية صارمة على «الحوثي»
شعبان بلال (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلةطالبت الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي بفرض عقوبات صارمة على قادة ميليشيات الحوثي بعد يومين من إعلانهم استئناف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في بيان، إن «ميليشيات الحوثي تحاول تحقيق مكاسب سياسية، متناسية سجلها الحافل بجرائم التهجير القسري بحق ملايين اليمنيين».
وشدد على أن «الوقت حان لكي يتعامل المجتمع الدولي بحزم مع انتهاكات ميليشيات الحوثي التي لم تكتفِ بجرائمها ضد اليمنيين، بل باتت تهدد الأمن الإقليمي والدولي».
وطالب الوزير اليمني «باستكمال فرض عقوبات صارمة على بقية القيادات الحوثية المسؤولة عن هذه الانتهاكات، ومحاسبتهم على جرائمهم بحق المدنيين»، محذراً من أن استمرار صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ خطوات جدية لوقف هذه الانتهاكات، شجع الحوثيين على التمادي في ممارساتهم القمعية.
وأردف: «بذريعة الحرب والسيطرة، تسببت الميليشيات الحوثية في تشريد أكثر من 6 ملايين يمني، في أكبر موجة نزوح في تاريخ اليمن، بعد أن مارست سياسات القمع والتشريد، وفجرت منازل معارضيها، متسببة في أكبر كارثة إنسانية في العالم، في مشهد يعكس تناقضها الواضح بين ما تدعيه وما تمارسه على أرض الواقع».
وفي هذا السياق، قال مدير عام شركة النفط اليمنية بالحديدة، المهندس أنور العامري، إن إدراج ميليشيات الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية يعني القضاء على قدرات «الجماعة» وحرمانها من الموارد، وبالتالي تحييد وإنهاء هجماتها في البحر الأحمر، ويعد ذلك تمهيداً لإحلال السلام في اليمن.
وأوضح في تصريح لـ «الاتحاد»، أن «قرار تصنيف الميليشيات ليس أميركياً فقط، بل له وجه آخر من جانب الشعب اليمني منذ سنوات، منذ سبتمبر 2014 عندما شنت الميليشيات الحرب على اليمنيين، الذين خذلهم المجتمع الدولي بالتعاطي الإيجابي مع هذه الجماعة وأعطاها مزيداً من القوة والشرعنة، فتمادت في تجويع وتهجير وتعذيب وقتل اليمنيين».
وشدد العامري على أن تعاطي المجتمع الدولي مع هذه الميليشيات جعلها تبدو أكثر قوة، مما جعل الكثير من اليمنيين بمناطق سيطرتها يخضعون لها إجباراً، واستخدمتهم كسلاح أحياناً للمطالبة بمزيد من تدفق الأموال كمعونات أو كدروع بشرية للمتاجرة بدمائهم.
وذكر العامري، أن الرئيس ترامب عاد مجدداً مع ساعاته الأولى في البيت الأبيض للتوقيع على أمر تنفيذي يعيد تصنيف الحوثيين في اليمن «منظمة إرهابية أجنبية»، والذي يعني القضاء على قدرات الجماعة وحرمانها من الموارد، وبالتالي تحييد وإنهاء هجماتها الإجرامية في البحر الأحمر.