صحيفة صدى:
2025-04-26@08:04:06 GMT

نصيحة عظيمة في عصر المادة

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

نصيحة عظيمة في عصر المادة

أرسل الله الأنبياء والمرسلين عليهم السلام لِنُصح أقوامهم وإرشادهم لِمَا فيه صلاحهم وتحذيرهم مما يُفسدهم ويسبب لهم غضب الربّ ويكون سبباً في هلاكهم، كما ذكر الله في كتابه على لِسان نُوح عليه السلام في خطابه لقومه {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف-62)، وأيضا على لِسان هُود عليه السلام عندما قال {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} (الأعراف-68)، وهو ما يؤكد عِظَم مكانة النصيحة في الدين وخاصة عندما تكون من الأنبياء، وفي هذا العصر الذي طغت فيه المادة نحن أحوج ما نكون فيه لنصيحة صادقة ومفيدة، وكيف ستكون هذه النصيحة إذا أتتك من سيد البشر نبينا مُحَمَّدْ عليه أفضل الصلاة والسلام الذي قال له الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء-107).

من النصائح الغالية التي قدَّمَها الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه نختار هذه النصيحة الثمينة والكنز العظيم للصحابي شداد بن أوس بن ثابت وابن أخي الصحابي حسان بن ثابت حين قال له “يا شدَّادُ بنُ أوسٍ إذا رأيتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنزُوا الذَّهَبَ والفضَّةَ، فاكنِز هؤلاء الكَلِمَاتِ: اللَّهمَّ إنِّي أسألُك الثَّباتَ في الأمرِ، والعزيمةَ على الرُّشدِ، وأسألُك موجِباتِ رحمتِك، وعزائمَ مغفرتِك، وأسألُك شُكرَ نعمتِك، وحُسنَ عبادتِك، وأسألُك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألُك من خيرِ ما تعلَمُ، وأعوذُ بِكَ مِنْ شرِّ ما تَعْلَمُ، واستغفرُك لِمَا تَعْلَمُ، إنَّكَ أنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ” (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة).

ولو أمعنا النظر في بداية هذا الحديث وتوقيت النصيحة في عصر المادة الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام والذي يهتم فيه الناس بكنز الذهب والفضة لَعَلِمْنا أن كنز هذه الكلمات أنفع وأبقى من كنز الذهب والفضة الذي يَفْنَى، ونبدأ بالنصيحة التي افتُتِحَتْ بسؤال الله عز وجل “الثبات في الأمر” أي الثبات في الدين والطاعة، “والعزيمة على الرشد” والعزيمة هي القصد الجازم المتصل بالفعل، والرُّشْد هو الصلاح والفلاح والصواب، “وأسألك موجبات رحمتك” وهي جميع الأفعال والأقوال والصفات التي تُوجِبُ لقائلها رحمة الله، أمَّا “عزائم مغفرتك” فهي جمع عزيمة أي الأعمال التي يفوز بها العبد بمغفرة الله، “وأسألك شُكر نعمتك” أي التوفيق للعرفان بالنعم وإظهارها والثناء بها بالقلب واللسان والجوارح، “وحسن عبادتك” أي القيام بها على الوجه الأكْمَل والأتمّ من صدق وإخلاص وإتباع لسُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام، “وأسألك قلبا سليما” بمعنى قلباً صالحاً نقياً من الشِّرك والذنوب والشهوات، “ولسانا صادقاً” أي محفوظاً من الكذب وهو أول الطريق للصدِّيقِيَّة التي هي أعلى الدرجات بعد الأنبياء، “وأسألك من خير ما تعلم” وهو سؤال جامعٌ لكل خير يعلمه الله في الدنيا والآخرة، “وأعوذ بك من شر ما تعلم” وفيها استعاذة شاملة من كل الشرور التي لا يعلمها إلا الله، “واستغفرك لما تعلم” وهو ختم أول للدعاء بطلب الاستغفار العام من كل ما يعلمُه الله من الذنوب والمعاصي، وأما الشطر الثاني من ختم الدعاء قوله “إنك أنت علَّام الغيوب” كان بصفة عظيمة من صفات الله عز وجل والتي تدل على سِعَة عِلمه وكثرته وشموله وفيها توسل جليل وتعظيم من السائل لهذه المَطَالِبْ العُليا في الدين والدنيا والآخرة.

وأختم بالفائدة العظيمة التي نستخلصها من هذه النصيحة في حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أن الثبات على الدِّين لابد أن يكون مطلب لكل مُسلم صادق يرغب أن يَسْلُكَ طريق الاستقامة ورضا رب العالمين المؤدي إلى جنات النعيم خاصة في عصر المادة وانشغال الناس بالدنيا وشِدَّة حرصهم عليها، وأنَّ هذا الثبات لا يكون مؤقتاً وإنما يكون ثباتاً حتى الممات بعزيمة قوية وصادقة تُترجمها أفعال وأقول وصفات المسلم وتُوجب له رحمة الله ومغفرته، التي تقوده إلى التوفيق في شكر المولى عز وجل على نِعَمِهِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصى بحُسْن أداء العبادات وتمام كمالها وإتباع سنة النبي الأميِّ عليه الصلاة والسلام بقلبٍ طاهرٍ سليم ولسان صادق برئ من الكذب والغيبة والنميمة، وسؤال الله جوامع الخير والاستعادة من كافة الشرور، والدوام على الاستغفار العام وتعظيم الرب بأسمائه الحُسنى وصِفَاته العُلى كما قال تعالى {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأعراف-180).

خالد عمر حشوان

@HashwanO

            

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: علیه الصلاة والسلام وأسأل ک ة التی

إقرأ أيضاً:

ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها من سائل يقول "ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟".

وقالت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذِكْر اسمه في الصلاة أمرٌ مشروع، مشيرة إلى أنه لا يؤثر في صحة الصلاة، بل هو مستحبٌّ كما نص على ذلك الشافعية، مشددة على ضرورة مراعاة التوسط والاعتدال في ذلك وعدم الجهر حتى لا يؤدي إلى التشويش على غيره.

هل يجوز الصلاة على النبي في الصلاة؟

وأشارت الإفتاء إلى أن الأصل المقرر أن الصلاة لا يصلح فيها إلا ما كان من جنسها؛ كالذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم؛ وذلك لما ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أنه قال: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» رواه مسلم.

وتابعت الإفتاء أنه يُشْرَعُ فيها من الدعاء ما يجوز للإنسان أن يدعو به خارجها؛ مستشهدة بما قاله الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (6/ 118، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الشافعي ومالك: يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز الدعاء به في خارج الصلاة من أمور الدنيا والدين، مما يشبه كلام الناس، ولا تبطل صلاته بشيء من ذلك عندهما] اهـ.

وأكدت أنه لا يخفى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله سلم دعاءٌ جليلٌ، ومن جلالته عدَّه العلماء من أفضل أنواع العبادات؛ فقد نقل الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (14/ 235، ط. دار الكتب المصرية) قول سهل بن عبد الله: [الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل العبادات؛ لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته، ثم أمر بها المؤمنين، وسائر العبادات ليس كذلك] اهـ، فهي دعاء جائزٌ في الصلاة على وجه العموم.

أفضل 4 أعمال مستحبة بعد صلاة الفجر ونصح بها النبي.. اغتنم أجرها العظيمهل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء تردحكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضححكم نسيان الإمام سجدة التلاوة في الصلاة وما يجب فعله

حكم الصلاة على النبي عند ذكر اسمه في الصلاة

وأوضحت أن الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه الشريف في الصلاة؛ فقد ذهب الشافعية إلى استحبابه، ويستوي في ذلك مَن كان ذاكرًا للاسم الكريم أو سامعًا له.

جاء في "حاشية الشرواني على تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (2/ 66، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم نُدِبَ له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كـ: صلَّى الله عليه وآله وسلم، لا اللهم صلِّ على محمد.. والظاهر أنه لا فرق بين أن يَقْرَأَ، أو يسمع] اهـ.

وجاء في "حاشية قليوبي على شرح جلال الدين المحلي على المنهاج" (1/ 227، ط. دار الفكر): [(تنبيه) قد علم أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكون ركنًا تارة كالتشهد الأخير، وبعضًا تارة كالأول، وسنة تارة عند سماع ذكره، ومكروهةً تارة كتقديمها على محلها، فإذا أتى بها في غير محلها فيتجه أنه لا يسجد إلا أن يقصد بها أحد الأولين فراجعه] اهـ.

وقد نص بعض الشافعية على تحديد الصيغة التي يُصَلَّى عليه بها عند سماع أو ذكر اسمه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال العلامة أحمد بن قاسم العبادي الشافعي في "حاشيته على الغرر البهية" (1/ 326، ط. المطبعة الميمنية): [لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم نُدِبَ له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير؛ كـ: صلَّى الله عليه وآله وسلم، لا بالظاهر نحو: اللهم صل على محمد؛ للاختلاف في بطلان الصلاة بركن قولي؛ أي: بنقله] اهـ.

وأشارت الإفتاء إلى أنه لم يرَ السادةُ المالكيةُ بأسًا في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذُكر اسمه الكريم في الصلاة، بل نصوا على مشروعيتها.

قال الإمام الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 544، ط. دار الفكر): [(فرعٌ) قال في "المسائل الملقوطة": إذا مرَّ ذِكْر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قراءة الإمام، فلا بأس للمأموم أن يصلي عليه] اهـ.

طباعة شارك حكم الصلاة على النبي عند ذكر اسمه في الصلاة ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة الصلاة على النبي أثناء الصلاة الصلاة الصلاة على النبي الإفتاء دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • من جامع زوجته بهذه الأيام.. علي جمعة: عليه كفارة 10 آلاف جنيه
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • 38 مسيرة في تعز تأكيدا على الثبات في مواجهة العدو الصهيوني الأمريكي
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • 38 مسيرة حاشدة في تعز تأكيدا على الثبات في مواجهة العدو الصهيوني الأمريكي
  • طوفان بشري ومسيرة مليونية في العاصمة صنعاء تأكيداً على الثبات مع غزة رغم أنف العدو الأمريكي (تفاصيل + صور)
  • أبناء صعدة يحتشدون في 35 ساحة تأكيداً على الثبات مع غزة
  • نصيحة أمين الفتوى لشاب كلما أقلع عن الذنب عاد إليه من جديد
  • دعاء الرزق وقت الفجر.. احرص عليه سترى العجب العجاب
  • عن تسليم سلاح حزب الله... السفير الإيراني: نلتزم بما يتفق عليه اللبنانيون