الحوار الوطني والانتخابات الرئاسية.. خطوة مهمة نحو التعددية السياسية في مصر
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
رفعت الجمهورية الجديدة التي أرسى قواعدها الرئيس عبدالفتاح السيسي شعار المشاركة وبناء مساحات مشتركة بين جميع أطياف المجتمع في عام 2023؛ لتنطلق الحياة السياسية لمرحلة جديدة من البناء تضع نصب أعينها مصلحة الوطن أولا خاصة بعد تأكيد الرئيس السيسي أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن القضية.
ومن هذه القاعدة انطلقت القوى السياسية وجميع مكونات المجتمع في مشهد حضاري تعبر عن رؤاها في كافة التحديات التي تواجه الجمهورية الجديدة، وهو ما انعكس على مخرجات الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس، والانتخابات الرئاسية التي أجريب العام الجاري.
جاءت دعوة الرئيس السيسي لحوار وطني جامع لكافة مكونات المجتمع، فضلا عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتحرك المياه الراكدة بالحياة السياسية وتخلق مساحات مشتركة على كافة المستويات بين جميع أبناء الوطن، وعلى مدار جلسات الحوار اوطني التي انطلقت مايو 2023 عرض جميع المشاركين مقترحاتهم وكافة التحديات التي تواجه الجمهورية الجديدة بدون خطوط حمراء.
كما جاء تأكيد الرئيس السيسي بأن المخرجات التي سيتم التوصل إليها في الحوار الوطني وداخل صلاحياته طبقا للدستور والقانون سيقوم بالتصديق عليها دون قيد أو شرط لتبعث رسائل طمأنة لكافة المشاركين بأن القيادة السياسية حريصة على تعزيز الديمقراطية ومشاركة الجميع.
الرئيس السيسي قد أكد - في كلمة مسجلة بالجلسة الافتتاحية للحوار- أن دعوته جاءت من يقين راسخ بأن الأمة المصرية تمتلك من القدرات والإمكانيات، التي تتيح لها البدائل المتعددة لإيجاد مسارات للتقدم بكافة المجالات، سياسيا واقتصاديا ومجتمعيا.
وشدد على أن حجم التنوع، والاختلاف في الرؤى والأطروحات، يعزز بقوة من كفاءة المخرجات التي ننتظرها من جلسات الحوار الوطني، المتنوع الجامع لكافة مكونات المجتمع المصري، معربا عن تطلعه للمشاركة بنفسه في المراحل النهائية للحوار.
وبالتزامن مع دعوة الرئيس لإطلاق الحوار تم إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي التي نجحت في الإفراج عن أكثر من 1500 شخص، وجاءت قرارات العفو لتؤكد جدية الحوار الوطني، وصدق ما تعهد به الرئيس بالتصديق على كافة مخرجات الحوار الوطني التي تقع في إطار صلاحياته الدستورية.
واستطاع الحوار الوطني على مدار جلساتة التي عقدها لمناقشة موضوعات المحور السياسي والاقتصادي والمجتمعي أن يجمع أبناء الوطن الواحدة على مائدة واحدة تطرح فيها المقترحات والتحديات، والوصول لمخرجات واقعية لتحديات الوطن.
ووقف وراء المشهد الحضاري الذي ظهر عليه الحوار خلية نحل تعمل على مدار الساعة، تضم الدكتور ضياء رشوان المنسق العام للحوار، والمستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار، وأعضاء الأمانة الفنية، بجانب مجلس أمناء الحوار الذي يعبر في تشكيله عن مكونات المجتمع، فضلا عن الـ 44 مقررا ومقرر مساعد لمحاور الحوار الوطني الثلاث ولجانه الفرعية.
وشارك في الحوار الوطني ما يقرب من 60 حزبا سياسيا خلال الجولة الأولى من الحوار الوطني خلال عام 2023 وهو ما يؤكد أن الدولة المصرية دخلت مرحلة جديدة من البناء السياسي تدعم التعددية الحزبية، كما وصل عدد جلسات الحوار ما يقرب من 90 جلسة عامة شارك فيها أكثر من 2630 متحدثا، وتم تقديم أكثر من 1500 مقترح في كافة المجالات.
وبعد أن أعلنت إدارة الحوار الوطني عن مخرجات المرحلة الأولى التي تنوعت ما بين مقترحات تشريعية وإجراءات تنفيذية في كافة المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستجاب على الفور الرئيس السيسي وأحالها إلى الجهات المعنية بالدولة لدراستها وتطبيق ما يُمكن منها في إطار صلاحياته القانونية والدستورية، كما أعلن أنه سيتقدم بما يستوجب منها التعديل التشريعي إلى مجلس النواب لبحث آلياتها التنفيذية والتشريعية.
كما تفاعل الرئيس مع مقترحات الحوار الوطني حتى قبل انطلاق جلساته العامة وذلك بعد أن استجاب لمقترح تقدم مجلس أمناء الحوار الوطني في مارس 2023 بشأن استمرار الإشراف القضائي على الانتخابات من خلال تعديل تشريعي بقانون الهيئة الوطنية للانتخابات ووجه الحكومة والأجهزة المعنية في الدولة بدراسة هذا المقترح وآلياته التنفيذية.
الانتخابات الرئاسيةوتوج المشهد السياسي المصري بالانتخابات الرئاسية 2024، والتي شهد المتابعون الدوليون بنزاهتها بعد المشاركة الكثيفة من أبناء الوطن في الداخل والخارج، حيث وصلت نسبة المشاركة لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية التي شهدتها مصر والتي بلغت 5 استحقاقات رئاسية إلى 66.8%.
وعكست الانتخابات الرئاسية نضج الحياة السياسية في مصر، بعدما خاض السباق الرئاسي ثلاثة مرشحين، من الأحزاب أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبروا عن الطيف السياسي المصري، وهم : حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهوري، وفريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وعبد السند يمامة رئيس حزب الوفد.
وكان للحوار الوطني دور في خروج الانتخابات الرئاسية بهذا المشهد الحضاري، الذي نال احترام العالم والمنظمات الدولية التي تابعت العملية الانتخابية، فقد كان بمثابة تمهيد لممارسة ديمقراطية ومناخ إيجابي يمارس فيه المرشحون في الانتخابات الرئاسية حقهم في الترشح، ويمارس فيه المواطنون حقهم في الانتخاب.
السيسي يرسم مشهدا حضارياوعقب إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات فوز الرئيس السيسي بولاية جديدة بنسبة 89.6% من مجموع الأصوات الصحيحة، رسم الرئيس مشهدًا حضاريًا في اليوم التالي لإعلان النتيجية بعدما التقى بالمرشحين المنافسين له على مقعد رئاسة الجمهورية، حيث أثنى على أدائهم ودورهم الذي عكس شكل المنافسة الديمقراطية.
واستمع الرئيس السيسي - خلال اللقاء - لرؤى رؤساء الأحزاب حول كيفية تعزيز جهود التنمية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية في المجتمع يعد مكوناً جوهرياً لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة.
دلالات هذا اللقاء تؤكد أن الدولة بدأت مرحلة جادة من البناء السياسي خاصة بعد تأكيد الرئيس السيسي بعد فوزه على استمرار الحوار الوطني بشكل أكثر فاعلية وعملية مستفيدين من تلك الحالة الثرية، التي شهدتها العملية الانتخابية والتي أفرزت تنوعا في الأفكار والرؤى تخدم مصلحة الوطن وأهداف الجمهورية الجديدة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسیة الجمهوریة الجدیدة مکونات المجتمع الرئیس السیسی الحوار الوطنی
إقرأ أيضاً:
الخريطة السياسية الألمانية تشهد تحوّلا.. ما تداعيات زلزال الانتخابات الأخيرة؟
تغيّرت الخريطة السياسية في ألمانيا، عقب الانتخابات الفيدرالية المبكرة التي جاءت إثر انهيار الحكومة في تشرين الأول/ نوفمبر 2024، إذ ركّزت الأحزاب الكبرى، آنذاك، على قضايا الهجرة والأمن، في ظل تصاعد المخاوف من تنامي اليمين المتطرف الذي تمكّن من زيادة غلته التصويتية، في ظل تحديات اقتصادية حضرت بقوّة في المناظرات.
أظهرت النتائج الأولية، تصدّر الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) وحليفه المسيحي الاجتماعي (CSU) بـ28.8% من الأصوات، ما يجعلهم أكبر حزب في البرلمان، في المقابل، شهد حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليمين المتطرف تقدمًا كبيرًا بحصوله على 19.8% من الأصوات، ليصبح ثاني أكبر حزب، أما الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، فقد شهد تراجعًا ملحوظًا وحصل على 16.4%، وهو أسوأ أداء له في تاريخه الحديث.
صدمة سياسية
أدّت نتائج الانتخابات غير المتوقعة، إلى صدمة سياسية كبيرة في ألمانيا، حيث عانى الحزب الحاكم "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" (SPD) من خسارة شديدة، ووضع ألمانيا أمام تحديات كبيرة في تشكيل حكومة جديدة، وتغيرات كبيرة في الخريطة السياسية للبلاد، فرغم تصدر الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU) وحليفه (CSU) إلا أن النتيجة لم تمنحهم أغلبية مطلقة، وهو ما يستدعي عقد مفاوضات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل ائتلاف حكومي.
ومع تراجع نتائج الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) الذي كان في السلطة، وكذلك ضعف الأحزاب الأخرى، أصبح من الصعب تشكيل ائتلاف مستقر، هذا الوضع قد يطيل فترة تشكيل الحكومة ويزيد من حالة الانقسام السياسي في البلاد، مع الحاجة إلى توافق بين الأحزاب لتجاوز خلافاتهم بشأن قضايا رئيسية مثل الهجرة والأمن.
لمحة على الانتخابات في ألمانيا:
نسبة المشاركة : 80%
1. اليمين: الاتحاد المسيحي الديموقراطية
(CDU)
2. اليمين المتطرف
(AFD)
3. الحزب الاجتماعي الديموقراطي
(SPD)
4. حزب الخضر
(GRÜNE)
علاش الاهتمام بانتخاباتهم :
كاتهمنا مواقف ألمانيا أقوى دولة أوربية pic.twitter.com/MTt5Bdh3iJ — khalid Oulrhazi (@khalidoulr) February 24, 2025
تحديات المهاجرين في ألمانيا
مع التغيرات السياسية التي أفرزتها الانتخابات الألمانية، يواجه المهاجرون تحديات متزايدة في ظل تصاعد الخطاب المناهض للهجرة من بعض الأحزاب اليمينية التي حققت مكاسب انتخابية، حيث من المتوقع أن تؤثر سياسات الحكومة الجديدة على أوضاع اللاجئين، سواء من حيث تشديد قوانين اللجوء أو فرض قيود أكثر صرامة على الإقامة والعمل.
زلزال انتخابي
وفي حديثه لـ"عربي21" أكّد البرلماني الألماني السابق، جمال قارصلي، أنّ: "الانتخابات الألمانية أحدثت زلزالًا سياسيًا، على جميع الأصعدة، حيث جاءت الانتخابات المبكرة بعد فشل الحكومة أو كما يطلق عليها حكومة "إشارات المرور" بنتائج تحدث لأول مرة منذ 80 عام يخسر الحزب الاشتراكي الديمقراطي ويجمع في الاستحقاق الانتخابي 16 بالمئة فقط".
وأضاف قارصلي أنّ: "حزب اليمين المتطرف شهد صعود وضاعف حصيلته التصويتية بعد أن حصد في انتخابات 2021 على 10.3 بالمئة ليجمع في تلك الانتخابات 20.8 بالمئة".
الخريطة السياسية وتشكيل الحكومة
أشار البرلمان الألماني السابق، إلى أنّ: "الخريطة السياسية في ألمانيا ستشهد تغيرات جذرية، بعد صعود الحزب المسيحي الديمقراطي الذي يرى نفسه فائزا نظرا لحصوله على أعلي عدد أصوات وكان يتهيأ للحصول على 30 بالمئة، ولكنه حصل على 28.8 رغم تصدره قائمة الترتيب، ورئيسه فريدريش ميرتس سيكون المستشار الألماني القادم".
وأضاف أنه: "للأسف جاء في المركز الثاني حزب البديل من أجل ألمانيا أحد الأحزاب اليمينية المتطرفة، فيما تراجع حزب الحضر وانخفضت نسبة أصواته بمقدار 1.2 نقطة مقارنة بانتخابات 2021، ليصل إلى 13.5 بالمئة".
وتابع قارصلي، أنه: "حسب المعطيات يشكل الحكومة "الائتلاف الكبير" بين الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي كما كان في السابق لعدم توافق حزب المسيحي مع البديل من أجل ألمانيا اليمين المتطرف، ومؤشرات تؤكد هذا الائتلاف وتشكيل الحكومة من هاذين الحزبين".
ومن ناحية أخري حذرّ قارصلي: "حزب الاشتراكي من خطورة الخطورة كون سيتعرض لهجوم كبير حين انضمامه للحكومة وحال أي فشل سيتحمله ومن الممكن أن يخسر من الأصوات".
وفي السياق ذاته أكد النائب البرلمان السابق، أن المستشار الألماني الحالي الخاسر، أولاف شولتس، سينسحب تمام من الحياة السياسية هو وحزبه وقد يعود إلى مقاعد المعارضة ليعد نشاطه من جديد لكسب المزيد من الأصوات من خلال النشاط بين القواعد الانتخابية من جديد.
تحديات الحكومة الجديدة
أكد قارصلي أنّ الحكومة الجديدة تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والسياسية الكبيرة، خاصة في ظل التقارب الذي حدث مؤخرا بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الروسي، في الأزمة الأوكرانية، خاصة وأن الدور الألماني لابد أن يكون كبيرا كونها قاطرة الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أنّ: "السياسية أثبت أن الدور الأمريكي هو من له الكلمة الأخير والكل يرضخ وينفذ المطلوب خاصة وأن جميع الدول الأوروبية تسعي إلى العيش في أمان، والابتعاد عن الخطر الروسي".
وأشار قارصلي إلى أنّ: "التحدي الأكبر الذى يواجه الدول الأوروبية هي مطالب ترامب للاتحاد الأوروبي والناتو برفع الميزانية العسكرية إلي 5 بالمئة من الناتج المحلي وهو ما يعد أمرا صعبا لتلك الدول ويعد تحدي وأزمة كبيرة".
???? ولعت ???? بين ترامب ???????? و زيلينسكي ????????????
???????? ترامب : "تخيلوا بأن ممثل كوميدي ناجح أقنع الولايات المتحدة على دعمه ب 350 مليار دولار".
????????ترامب : "اعترف زيلينسكي بأن نصف الأموال التي أرسلناها له مفقودة لا يعلم أين ذهبت".
????????ترامب: "إنه يرفض عمل إنتخابات وشعبيته متدنية، إنه "ديكتاتور… pic.twitter.com/Dcng92Zogb — دونالد ترامب (Informal) (@DonaldTrumpAOCC) February 19, 2025
تحدي المهاجرين
اختتم قارصلي حديثه لـ"عربي21" بالقول: "أزمة المهاجرين التي تعد تحدي جديد خاصة مع صعود حزب اليمين المتطرف"، مؤكدا أنّ: "هناك صعوبة كبير وضغط سيوضع على المهاجرين واللاجئين مما يؤثر على اندماجهم في المجتمع الألماني".
واستطرد أنه: "من المتوقع أن نشاهد الفترة القادمة قوانين جديد صارمة للهجرة والمهاجرين، كما أنه على المغتربة محاولة الاندماج سريعا في المجتمع الألماني لتقليل من فرص الصدام المتوقعة خلال الفترة القادمة".
إلى ذلك، كان زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا فريدريش ميرتس، قد دعا في وقت سابق إلى تشديد سياسات الهجرة وزيادة عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين، بما في ذلك السوريين.
يريد تشديدا في ملف الهجرة ومواقفه متحفظة تجاه المسلمين.. ماذا تعرف عن زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريتش ميرتس الذي يعتبر الأوفر حظا لتولي منصب مستشار ألمانيا؟???? pic.twitter.com/0BJnEvf5Wx — عربي21 (@Arabi21News) February 24, 2025
وأكد في تصريحات له ضرورة ضبط الحدود الألمانية والتركيز على "الهجرة الاقتصادية المنظمة" التي تخدم مصالح البلاد، كما أشار إلى أهمية البدء في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، موضحًا أن ذلك يتطلب إعادة العديد منهم إلى بلادهم لضمان استقرار الأوضاع في ألمانيا.
وفي كانون الثاني/ يناير 2025، وافق البرلمان الألماني على اقتراح قدمه ميرتس يدعو إلى تغيير صارم في سياسة الهجرة واللجوء، بما في ذلك رفض طالبي اللجوء عند الحدود وفرض رقابة دائمة على المهاجرين، ولاقى الاقتراح دعمًا من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف وحزب "الديمقراطي الحر".