في ظل هجمات الحوثيين على سفن شحن في البحر الأحمر، يغازل المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن الغرب بإمكانية تأمين الملاحة البحرية، ضمن مساعي المجلس للانفصال عن الشمال وإقامة دولة جنوبية، بحسب نيل باتريك في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).

وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لحرب إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، استهدف الحوثيون، المدعومين من إيران، بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

وأضرت هجمات الحوثيين كثيرا بدولة الاحتلال؛ إذ تستحوذ التجارة البحرية على 70% من واردات إسرائيل، ويمر98% من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بنسبة 34.6% في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.

وقال باتريك، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد": "في جنوب اليمن، يستعد المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس في عام 2017 بدعم من الإمارات، لقيادة تشكيل دولة جديدة بالانفصال عما يعتبرها "جمهورية يمنية فاشلة يهيمن عليها الشمال"، ويأمل في استغلال زعزعة الحوثيين لاستقرار منطقة البحر الأحمر".

وتابع أنه "على الرغم من وقف إطلاق النار الرسمي القائم منذ 20 شهرا، يشن الحوثيون حربا ذات دوافع اقتصادية ضد الجنوب، تهدف إلى حرمان الحكومة المحلية من الإيرادات وتعزيز جاذبية ميناء الحديدة (يسيطر عليه الحوثيون) على البحر الأحمر".

وقبل نحو 9 سنوات، اندلعت في اليمن حرب بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المسيطرين على معظم مناطق شمال غربي البلاد، بما فيها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.

اقرأ أيضاً

لماذا يضع الحوثيون بايدن ومحمد بن سلمان في مأزق؟.. خبراء يجيبون

مصالح الغرب

"ويستغل المجلس الانتقالي الجنوبي تهديد الحوثيين لأمن البحر الأحمر للتأكيد على الدور المحتمل لـ "دولة الظل" الخاصة به في تعزيز الاستقرار البحري الدولي"، كما أضاف باتريك.

وتابع أنهم "يؤكدون أن هذه الدولة الجنوبية المنتظرة مستعدة لدعم المصالح الأمنية الغربية.. وبالتالي تقدم نفسها كشريك استباقي في تأمين مضيق باب المندب (تمر عبره 40% من التجارة الدولية) على البحر الأحمر وخليج عدن ضد هجمات الحوثيين".

ودعا رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، خلال مؤتمر صحفي مؤخرا، أولئك الذين يسعون إلى تأمين المنطقة إلى تعزيز "القوات البحرية" التابعة للمجلس.

لكن باتريك شكك في وجود "أي وحدات مسلحة يمكن وصفها بشكل صحيح بأنها تحت قيادة الزبيدي"، مضيفا أن الأخير "لا يستطيع تقديم دعم مسلح لادعاءات المجلس بأنه حركة شاملة من أجل استقلال الجنوب".

اقرأ أيضاً

الحوثيون يهددون بعواقب وخيمة حال تعرّض اليمن لأي تحرّك عدائي

سيطرة أمنية

وقال باتريك: "لكي يعيد المجلس الانتقالي الجنوبي التركيز على الموانئ الجنوبية والمنشآت النفطية كبديل للحديدة، فإنه يحتاج إلى تأمين الساحل الجنوبي اليمني بأكمله وتحفيز المزيد من الشحن الداخلي".

وزاد بأن "المجلس يتمتع ببعض الدعم الشعبي في عدن وفي المحافظات الجنوبية الغربية الأخرى: أبين ولحج والضالع، وفي حضرموت الساحلية. بينما الدعم الشعبي في منطقة وادي حضرموت للسادة (أحفاد النبي محمد) وزعماء القبائل".

و"في عدن، (حيث المقر المؤقت للحكومة الشرعية)، ينشغل المجلس بإنشاء هيئات موازية للموجودة في المحافظة. وهو لا يرى في ذلك ازدواجية، بل محاولة لملء الفراغ في تقديم الخدمات.. ويعتزم إنشاء مشروع مماثل لـ"دولة الظل" في محافظة المهرة التي تحد السعودية من الشمال وسلطنة عمان من الشرق".

ومشيرا إلى تعدد ولاءات القوات في محافظات الجنوب، قال باتريك إنه "لكي يكون الجنوب دولة شريكة معقولة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى التي تتحرك الآن لحماية إسرائيل والشحن في البحر الأحمر من الحوثيين، فإنه يحتاج إلى شكل موحد من السيطرة على الأجهزة العسكرية والأمنية، ولو على مستوى المحافظة فقط".

واستدرك: "لكن مصادر الدعم الخارجية الرئيسية للجنوب، الإماراتيين والسعوديين (الأخيرون شكلوا قوات "الدرع الوطني" المنفصلة في عدن وحضرموت)، غير مهتمين بتعزيز هيئة أمنية جنوبية متكاملة".

وأوضح أن "أحد الأسباب هو أن الدولتين الخليجيتين لهما مصالح متنافسة في أجزاء مختلفة من جنوب اليمن، ولا يشتركان في الرغبة في في الضغط لإنشاء دولة جنوبية ذات سيادة (تدعمها الإمارات)".

و"قد لا تتمتع الفصائل الجنوبية بالتماسك أو القوة العسكرية اللازمة لمواجهة التحدي المناسب.. ويظل جنوب اليمن دولة محتملة تتكون من دول مختلفة متحدة جزئيا فقط في معارضة الحكام الشماليين"، كما ختم باتريك.

اقرأ أيضاً

لماذا يهاجم الحوثيون إسرائيل؟ وما تداعيات ذلك على اليمن؟

المصدر | نيل باتريك/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: المجلس الانتقالی الجنوبی البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن

واشنطن- تطبيقا لمبدأ "السلام من خلال القوة"، أجمع مسؤولون أميركيون على أن هجمات بلادهم ضد جماعة أنصار الله الحوثيين باليمن تأتي لتحقيق السلام ومعالجة فشل إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وعجزها عن وقف تهديدات الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر.

وفي حين أن هجمات الحوثيين على السفن لم تستأنف حتى الآن، حتى بعد تعقد سير مفاوضات تمديد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ذكر الحوثيون الأسبوع الماضي أنهم أسقطوا طائرة دون طيار أميركية من طراز "إم كيو 9 ريبر" فوق البحر الأحمر.

كما ذكر بيان للحوثيين أنهم سيستهدفون أي سفن تنتهك الحظر المفروض على مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر وبحر العرب وباب المندب وخليج عدن حال معاودة إسرائيل لعدوانها على قطاع غزة، وهو ما دفع بالكثير شركات الشحن الدولي عدم إرسال سفنها إلى البحر الأحمر.

ورد مسؤول عسكري أميركي على هذا التطور بالقول إن تعهد الحوثيين باستئناف الهجمات على الملاحة حفز على تجدد العمل العسكري الأميركي ضد الحوثيين.

أهداف ثلاثة

وأشارت تقارير أميركية إلى 3 أهداف سعت إدارة الرئيس دونالد ترامب لتحقيقها من وراء شن موجة من الهجمات الصاروخية والجوية على أهداف متعددة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن.

إعلان

ويمكن تلخيص هذه الأهداف على النحو التالي:

تدمير قاذفات الصواريخ الحوثية التي كانت تتحرك من مناطق جبلية إلى مناطق ساحلية، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب استعدادا لشن هجمات جديدة على السفن المارة من مضيق المندب والبحر الأحمر أحد أهم الأهداف العاجلة. استهدفت الهجمات لبعض قيادة جماعة الحوثيين التي اختبأت على مدار أكثر من عام بعد بدء الجماعة هجماتها في البحر الأحمر وإسرائيل. ترسل الضربات رسالة إلى إيران مفادها أنها يمكن أن تكون التالية، واستخدمت إدارة ترامب في هجماتها قوة نيران أكبر مما سبق واستخدمتها إدارة جو بايدن في هجماتها على الحوثيين على مدار العام الماضي. السلام من خلال القوة

وفي حديث لشبكة فوكس، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، إن إدارة ترامب تبعث برسالة واضحة للحوثيين بعدم التساهل أو السماح بشن هجمات على السفن العابرة في البحر الأحمر، محذرا إيران من التدخل في هذا الشأن.

وقال هيغسيث "عاد عصر السلام من خلال القوة، هذه الحملة تدور حول حرية الملاحة واستعادة الردع، في اللحظة التي يقول فيها الحوثيون سنتوقف عن إطلاق النار على سفنكم، سنتوقف عن إطلاق النار على طائراتكم دون طيار، ستنتهي هذه الحملة، لكن حتى ذلك الحين، سيكون الأمر لا هوادة فيه".

وبدوره، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لبرنامج "واجه الأمة" على شبكة "سي بي إس"، إنه "خلال الأشهر الـ18 الماضية، ضرب الحوثيون أو هاجموا سفنا بحرية عسكرية أميركية 174 مرة، وهاجموا 145 مرة سفن الشحن التجاري، لذلك، هم مجموعة من عصابات القراصنة لديهم أسلحة دقيقة موجهة مضادة السفن في أحد أهم ممرات الشحن في العالم، هذا لا يمكن له أن يستمر".

سياسة الضغوط القصوى

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أن "الهجمات على الحوثيين قصد بها أن تكون رسالة إلى إيران أكثر من كونها تهدف لوقف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر".

إعلان

وقال بهجت "لقد توقف الحوثيون عن مهاجمة السفن منذ أن اتفقت حركة حماس وإسرائيل على وقف إطلاق النار، صحيح أنهم هددوا باستئناف الهجمات إذا لم يصمد وقف إطلاق النار، لكن هذا لم يحدث بعد".

ووضع الخبير في الشؤون الإيرانية "الهجمات في إطار التفاعلات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن"، وقال إنه "قبل بضعة أيام، بعث ترامب برسالة إلى المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، ويظهر التردد الإيراني من التفاوض مع واشنطن تحت التهديدات والترهيب، من هنا يبدو أن الهجوم على الحوثيين كان يهدف إلى إظهار أن الولايات المتحدة لن تتردد في استخدام القوة".

وأضاف أنه من غير المرجح أن يردع هذا الهجوم إيران، إلا أنه يبدو أن ترامب يسعى في فترة ما قبل التفاوض، إلى الحصول على بعض النفوذ وإخافة الإيرانيين.

ومن جانبه، قال ترامب إن الضربات كانت أيضا رسالة إلى إيران مفادها أنها بحاجة إلى وقف الدعم لجماعة الحوثيين على الفور.

وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" (Truth Social) "إذا هددت إيران الولايات المتحدة، ستحملك أميركا المسؤولية الكاملة ولن نكون لطيفين حيال ذلك".

أما خبيرة الشؤون الدولية بمعهد ستيمسون في واشنطن باربرا سلافين، فقالت للجزيرة نت إنها تعتبر ما جرى "أكثر من صورة الضغط الأقصى التي يستخدمها ترامب ضد إيران"، مشككة في أن يكون لهذه الهجمات تأثير كبير على الإيرانيين.

وأضافت سلافين أن الحوثيين يقاتلون إلى الأبد وسيستمرون في ذلك، "إذا اعتقد ترامب أن هذا يجعل الولايات المتحدة تبدو قوية، فعليه أن يحاول أن يكون أكثر صرامة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلاف ذلك فالهجمات لا تعد أكثر من محاولة لتشتيت الانتباه بعيدا عن روسيا".

حروب لا تنتهي

يذكر أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أكد أن بلاده لا تهدف للتورط في حروب لا تنتهي في الشرق الأوسط، وهو ما لم يتوقف ترامب عن تكراره من خلال مهاجمة سجل إدارات البيت الأبيض، الجمهورية والديمقراطية، لتدخلها العسكري في العراق وأفغانستان لما يقرب من الـ20 عاما.

إعلان

وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا قد قصفت في السابق المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن لكن عملية يوم السبت نفذتها الولايات المتحدة وحدها، وكانت هذه أول ضربة على الحوثيين في ظل إدارة ترامب الثانية.

وتتهم واشنطن إيران منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات عسكرية للحوثيين وصادرت البحرية الأميركية أجزاء صواريخ إيرانية الصنع وأسلحة أخرى قالت إنها كانت متجهة إلى جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وشمال البلاد، وهو ما تنفيه إيران.

وجاءت هذه الهجمات بعد أسبوعين من إرسال ترامب رسالة إلى المرشد الأعلى في إيران يعرض فيها مسارا لاستئناف المحادثات الثنائية بين البلدين حول تقدم البرنامج النووي الإيراني، وهو ما ترفضه إيران حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • غارات أمريكية جديدة على الحوثيين في الحديدة باليمن
  • 3 رسائل وجهها ترامب من خلال قصف مواقع للحوثيين باليمن
  • وزير الدفاع الأمريكي: واشنطن ستواصل استهداف الحوثيين في اليمن
  • أزمة تجارية عالمية وشيكة مع إشعال أميركا الحرب ضد الحوثيين في باب المندب
  • وزير خارجية اليمن: استئناف الحوثيين هجمات البحر الأحمر يهدد المنطقة
  • الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: رسائل متعددة وسيناريوهات مفتوحة
  • الحوثيون يتوعدون: الهجمات الأمريكية لن تردعنا وسنواصل دعم غزة
  • بيان عاجل من الحوثيين بعد القصف الأمريكي على اليمن
  • إعلام أمريكي: الضربات على الحوثيين باليمن استهدفت رادارات ودفاعات جوية
  • ترامب يعلن بدء الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن