التربية تباشر العمل بنظام الوثائق المؤمنة إلكترونيًا
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
الثلاثاء, 26 ديسمبر 2023 10:02 ص
.المصدر: المركز الخبري الوطني
إقرأ أيضاً:
شبكة المراقبة الأمنية لنظام الأسد: وثائق تكشف حجم القمع وأبعاده
في واحدة من أبرز التسريبات الاستخباراتية التي توثق جرائم نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، كشفت صحيفة "صنداي تايمز" عن آلاف الوثائق التي تفضح الأساليب المرعبة التي اعتمدتها أجهزة الأمن السورية للسيطرة على المواطنين وقمع الحراك الشعبي الذي اندلع في 2011. هذه الوثائق، المكتوبة بخط اليد أو مطبوعة باللغة العربية، تبرز الطريقة التي تسلل بها النظام إلى المجتمع، مستخدمًا شبكة واسعة من المخبرين وتقنيات مراقبة حديثة لرصد كل من شك في ولائهم.
الوثائق: تفاصيل صارخة عن التجسس والقمع
أظهرت الوثائق التي حصلت عليها الصحيفة البريطانية من قواعد استخباراتية في مدينة حمص، المعروفة بـ "عاصمة الثورة"، مدى التغلغل الأمني الذي مارسه النظام. عبر التنصت على المكالمات الهاتفية، واختراق أجهزة الكمبيوتر، وزرع مخبرين بين صفوف المتظاهرين وحتى داخل العائلات، جمعت الأجهزة الأمنية معلومات شاملة عن الأشخاص.
تضمنت التقارير المراقبة الدقيقة لحياة الأفراد اليومية، مثل الأماكن التي يرتادونها، والأقارب الذين يزورونهم، وحتى تفاصيل دقيقة عن ممتلكاتهم. على سبيل المثال، وردت تقارير عن موقع مرآب للسيارات حيث قامت والدة أحد المشتبه بهم بإصلاح سيارتها، كما أُدرجت معلومات عن عدد الأبنية السكنية التي يمتلكها مشتبه آخر.
دور المخبرين: شبكات تجسس ممتدة في المجتمعاعتمد نظام الأسد بشكل كبير على شبكة ضخمة من المخبرين الذين كانوا يقدمون تقارير عن أصدقائهم وأقاربهم وحتى جيرانهم. الوثائق تشير إلى أن بعض هؤلاء المخبرين كانوا في الأصل جزءًا من حركة الاحتجاج، قبل أن يُجبروا أو يُغَروا للعمل مع أجهزة الأمن.
أحد الأمثلة البارزة كان لمخبرة كانت تتجسس على أحد أفراد عائلتها، حيث أكدت وثيقة سرية أنها قدمت سابقًا معلومات دقيقة عن تحركاته، لكنها أعربت عن خشيتها من زيارتها لمكاتب الأمن خشية اكتشاف أمرها من قبل العائلة. هذا التجسس المتغلغل أدى إلى حالة من الريبة والخوف داخل المجتمع السوري، حيث لم يعد أحد يثق في الآخر، وحتى المخبرون أنفسهم كانوا يخضعون لمراقبة مستمرة من قبل زملائهم.
محاولات طمس الأدلة: حرق السجلات
مع انسحاب القوات التابعة للنظام من بعض المناطق في حمص، حاول ضباط الاستخبارات التخلص من الأدلة التي تدينهم عبر حرق السجلات. لكن الوقت لم يسعفهم لحرق كل الوثائق، مما مكّن المعارضة المسلحة من الوصول إلى آلاف الملفات.
الصحيفة البريطانية التي دخلت إلى أربع قواعد استخباراتية في المدينة حصلت على إذن بالبحث في الوثائق ونسخها ونشرها، بشرط تغيير أسماء الأفراد والمواقع والتواريخ لحماية الجهود القضائية المستقبلية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
ضحايا القمع: من الأطفال إلى العاملين في المجال الإنسانيالوثائق التي حللتها الصحيفة سلطت الضوء على قسوة النظام في التعامل مع الجميع، بمن فيهم الأطفال. على سبيل المثال، تضمنت السجلات حالة صبي يبلغ من العمر 12 عامًا تم اعتقاله في حمص عام 2012 بعد أن اتهم بتمزيق ورقة تحمل صورة الرئيس.
وفقًا لتقرير الاستجواب، كان الطفل في فصله الدراسي عندما عثر على الورقة الممزقة تحت مكتبه. أُبلغ المعلم بالأمر، ثم المشرف التربوي، وأخيرًا الشرطة. رغم أن التحقيق أظهر أن الطفل لم يكن ينوي الإساءة، أُرسل للمحاكمة بعد أربعة أيام فقط من الواقعة.
كما كشفت الوثائق عن حالات أخرى مثل اعتقال عامل إنساني اتُّهم بـ "التواصل مع إرهابيين" لمجرد أنه دخل مناطق محاصرة لتقديم المساعدات. تم تجميع الأدلة ضده من خلال مراقبة نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي واختراق جهاز الكمبيوتر الخاص به.
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة قمع
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في قمع المعارضة، حيث استخدمتها الأجهزة الأمنية لرصد نشاط الأفراد. تقارير استخباراتية تضمنت تفصيلًا للمنشورات التي وُصفت بأنها "تحريضية" أو "طائفية".
على سبيل المثال، أشار أحد التقارير إلى أن رجلًا كان يعمل مع منظمة إنسانية نشر تعليقات تنتقد النظام على صفحته على فيسبوك. بعد رصده، تم القبض عليه وتعرض للتعذيب قبل أن يُقتل في السجن.
الطيور: رمز المخبرين في المجتمع
في ظل النظام السوري، كان الناس يستخدمون رموزًا للحديث عن المخبرين، وأبرزها مصطلح "الطيور". تشير الوثائق إلى أن المخبرين كانوا يعملون في جميع المجالات، من الحركة الاحتجاجية إلى الجماعات المسلحة، وكانوا يُجبرون في بعض الأحيان على الإبلاغ حتى عن أفراد عائلاتهم.
مع انهيار نظام الأسد في مناطق متعددة، يبقى السؤال مفتوحًا حول إمكانية تقديم الجناة إلى العدالة. تحدث مسؤولون في هيئة تحرير الشام عن نيتهم محاكمة المتورطين في الجرائم، لكنهم أكدوا أن هذه المحاكمات لن تتم إلا بناءً على أدلة ملموسة.
تكشف هذه الوثائق عن مدى التغلغل الأمني الذي مارسه نظام الأسد لقمع أي محاولة للتغيير. إنها تذكير بأن الأنظمة القمعية تعتمد على الخوف وعدم الثقة لتثبيت سلطتها، لكن هذا التغلغل نفسه يمكن أن يكون سببًا في زوالها عندما تُفضح ممارساتها أمام العالم.
إن الإفراج عن هذه الوثائق وتسليط الضوء على تفاصيلها يمثل خطوة نحو تحقيق العدالة، لكنه في الوقت ذاته يطرح تحديات كبيرة أمام المجتمع السوري في رحلة التعافي وإعادة بناء الثقة التي مزقتها سنوات من القمع والترهيب.