روسيا والصين على هامش حرب غزة.. لكن هكذا تساعدهما أمريكا
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
بدعمها المطلق لحليفتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، فإن الولايات المتحدة تخدم مصالح روسيا والصين، منافستيها الاستراتيجيتين، في الشرق الأوسط، بالدفع نحو نظام جديد ثلاثي الأقطاب في المنطقة، على الرغم من أن موسكو وبكين "تقفان على هامش هذا الصراع الإقليمي الكبير".
تلك القراءة طرحها تشارلز دن في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن حرب مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وحتى أول أمس الأحد، خلّفت الحرب في غزة 20 ألفا و674 شهيدا، و54 ألفا و536 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
دن قال إنه "بدا (في وقت سابق) أن الهيمنة الأمريكية كانت في طريقها إلى التراجع، وأن عصرا جديدا قد بزغ. كانت مسألة وقت فقط حتى تتفوق التعددية القطبية على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتجلب نظاما جديدا".
وأوضح أنه في هذا النظام "كانت روسيا والصين ستتنافسان على قدم المساواة على السلطة والهيبة في الخليج وأماكن أخرى. وستصبح الولايات المتحدة، في أحسن الأحوال، طرفا من مثلث متساوي الأضلاع يتكون من ثلاث قوى عالمية ذات نفوذ متساوٍ".
واستدرك: "ربما لا يزال هذا صحيحا، لكن الحرب في غزة غيرت الأمور، ففجأة، يبدو أن روسيا والصين تقفان على هامش صراع إقليمي كبير، وتتساءلان عن كيفية جعل أصواتهما ووجهات نظرهما ذات أهمية على المسرح الدبلوماسي، بينما أصبحت الولايات المتحدة أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويبدو أنها تحمل مفتاح السلام الإقليمي إذا اختارت أن تستخدمه".
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب" الإسرائيلية بغزة.
اقرأ أيضاً
دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين
دعم عنيد
"لكن دعم واشنطن العنيد للحملة الإسرائيلية في غزة ورفضها النظر في وقف طويل الأمد لإطلاق النار، في مواجهة تزايد الخسائر البشرية والأدلة على اللامبالاة الإسرائيلية الصادمة تجاه مقتل الفلسطينيين، سيستمر في إبقاء روسيا والصين وثيقتي الصلة باللعبة الدبلوماسية"، كما استدرك دن.
وأضاف أن "روسيا والصين تضغطان على إسرائيل الولايات المتحدة، وخير مثال على ذلك هو محاولات اتخاذ إجراء في مجلس الأمن الدولي، والتي أحبطتها أو خففتها واشنطن (تمتلك حق النقض/ الفيتو) مرارا".
وزاد بأنه "مهما كانت دبلوماسية روسيا والصين غير فعالة تجاه غزة حتى هذه اللحظة، فقد لا تحتاجان إلى فعل الكثير للتأكيد على نقطتهما المركزية: وهي أن الولايات المتحدة، في دفاعها عن إسرائيل بإمدادات الأسلحة وفي الأمم المتحدة، أظهرت نفسها على أنها عدو للتطلعات الفلسطينية وللحساسيات العربية والإسلامية".
و"بما أن حرب إسرائيل لا تعبر عن الهدف الذي تدعيه الحكومة الإسرائيلية، وهو تفكيك (حركة) حماس وأكثر شبها بهياج غير منضبط ومدفوع بالانتقام، فإن أهمية بكين وموسكو كثقلين محتملين لواشنطن أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى"، كما أضاف دن.
وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
اقرأ أيضاً
وفد وزاري عربي-إسلامي في الصين بشأن غزة.. وبكين تدعو لـ "تحرك المجتمع الدولي"
نهاية العبة
دن قال إنه "مع تدهور الوضع في غزة، ربما تكون الولايات المتحدة قد وصلت إلى حدود صبرها"، مستشهدا بزيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وتابع أن هذه الزيارة هدفت إلى "التأكيد على رسالة الإدارة المتغيرة بأن إسرائيل يجب أن تنتقل إلى "مرحلة أكثر استهدافا" في الحرب، وأن حماية المدنيين هي "ضرورة استراتيجية".
واعتبر دن أن "هذا تغيير مهم، ولكن لا يزال أمام الولايات المتحدة طريق طويل لتقطعه قبل أن تتمكن من المساعدة في إنهاء القتال وتحديد مسار جديد لسياستها في الشرق الأوسط".
وشدد على أن "كل هذا ضروري لتحقيق السلام بعيد المنال بين إسرائيل وفلسطين، والذي سعى إليه منذ فترة طويلة العديد من المفاوضين والرؤساء الأمريكيين، ولمواجهة منافسي الولايات المتحدة الرئيسيين على النفوذ، الصين وروسيا، اللذين ينتظران على الهامش".
ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك الاحتلال باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصله من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لمبدأ حل الدولتين.
اقرأ أيضاً
بايدن يصحح المسار تدريجيا تجاه الحرب على غزة.. إليك الأسباب والدلائل
المصدر | تشارلز دن/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا الصين هامش حرب غزة أمريكا دعم إسرائيل حماس الولایات المتحدة روسیا والصین فی غزة
إقرأ أيضاً:
لتفادي تداعيات الحرب التجارية.. شركات صينية تنقل نشاطها إلى أمريكا
ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أن شركات صينية تعمل في مجالات متعددة بدأت بنقل نشاطها إلى الولايات المتحدة، وذلك تفاديًا للآثار السلبية لحرب الرسوم والتصعيد التجاري بين البلدين.
ونقلت الصحيفة عن تشو نينغ، مدير شركة استشارية تساعد الشركات الصينية على توطين الإنتاج في الولايات المتحدة، قوله إنه تلقى أكثر من 100 استفسار في الأشهر الأربعة الماضية فقط، وهو ما يعادل العدد الإجمالي للاستفسارات في العام الماضي بأكمله.
من جهته، قال ريان تشو، صاحب مصنع هدايا في شرق الصين: “الولايات المتحدة تمثل ما يقرب من 95% من طلباتنا. هذا سوق لا يمكننا تحمل خسارته”.
وكشف تشو أنه يحاول الآن افتتاح مصنع جديد في مدينة دالاس الأمريكية، مشيرًا إلى أن لوائح العمالة هناك أكثر صرامة بكثير من الصين، وأنه يخطط لتصنيع المنتجات التي تتطلب حدًا أدنى من العمالة اليدوية فقط في الولايات المتحدة.
وأضاف: “المصنع الجديد في الولايات المتحدة يقتصر على مرحلتين أو ثلاث مراحل إنتاجية، على عكس الصين حيث قد يمر المنتج من 8 إلى 10 مراحل، هذا ببساطة غير ممكن في أمريكا… لكننا واثقون أنه طالما ظل الدولار الأمريكي مهيمنا في العالم، ستظل الولايات المتحدة أكبر سوق استهلاكي.”
من جانبه، أشار إي ينمين، مؤسس شركة “Chem1” الاستشارية في بكين، إلى أن بناء مصانع في الولايات المتحدة يعد خطوة منطقية بشكل خاص للشركات الصينية العاملة في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات في ظل الظروف الحالية.
وقال: “في صناعة تكرير البتروكيماويات، حيث تمثل المواد الخام 80% إلى 90% من التكاليف الإجمالية، حتى التعريفة البالغة 10% تؤثر بشكل كبير”.
في السياق، انتقد المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة تشين شو، السياسات الأمريكية المتعلقة بالرسوم الجمركية، واصفا إياها بـ”الأنانية ولا تليق بدولة عظمى”.
وأضاف تشين في تصريحات وكالة “نوفوستي” الروسية: “إذا كانت الولايات المتحدة تريد معالجة مشكلتها المتعلقة بالعجز التجاري، فعليها أن تتبنى موقفا جادا وصادقا، بدلا من التصرف كما لو أنها مصابة بنزلة برد وتنتظر من الآخرين أن يخضعوا للعلاج نياابة عنها، هذا النهج مرفوض”.
وقال: “ما تمارسه الولايات المتحدة ضغط اقتصادي صريح: إما الخضوع والتفاوض وفقا لشروطهم وحيتها سيكون لديك فرصة، أو اختيار المواجهة وتلقي العواقب، هذه العقلية لا تخدم التعاملات التجارية العالمية، وبصراحة، هي سلوك أناني لا يعكس صورة الدولة الكبرى التي يفترض أن تكون عليها”.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في 2 أبريل فرض رسوم جمركية على منتجات 185 دولة وإقليمًا، وفي 9 أبريل، أعلن ترامب تعليق العمل بالرسوم الجمركية الإضافية المستندة إلى مبدأ المعاملة بالمثل على عدد من الدول والأقاليم لمدة 90 يومًا، وأوضح البيت الأبيض أن هذه المهلة مرتبطة بإجراء مفاوضات تجارية، وخلال هذه الفترة سيتم تطبيق تعريفة عامة بنسبة 10%.
وتبلغ إجمالي الرسوم الأمريكية على البضائع الصينية حاليًا 145%، رداً على إجراءات إدارة ترامب، رفعت الصين الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية إلى 125% اعتبارًا من 12 أبريل.