بدعمها المطلق لحليفتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، فإن الولايات المتحدة تخدم مصالح روسيا والصين، منافستيها الاستراتيجيتين، في الشرق الأوسط، بالدفع نحو نظام جديد ثلاثي الأقطاب في المنطقة، على الرغم من أن موسكو وبكين "تقفان على هامش هذا الصراع الإقليمي الكبير".

تلك القراءة طرحها تشارلز دن في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، فيما يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي شن حرب مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وحتى أول أمس الأحد، خلّفت الحرب في غزة 20 ألفا و674 شهيدا، و54 ألفا و536 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

دن قال إنه "بدا (في وقت سابق) أن الهيمنة الأمريكية كانت في طريقها إلى التراجع، وأن عصرا جديدا قد بزغ.  كانت مسألة وقت فقط حتى تتفوق التعددية القطبية على الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتجلب نظاما جديدا".

وأوضح أنه في هذا النظام "كانت روسيا والصين ستتنافسان على قدم المساواة على السلطة والهيبة في الخليج وأماكن أخرى. وستصبح الولايات المتحدة، في أحسن الأحوال، طرفا من مثلث متساوي الأضلاع يتكون من ثلاث قوى عالمية ذات نفوذ متساوٍ".

واستدرك: "ربما لا يزال هذا صحيحا، لكن الحرب في غزة غيرت الأمور، ففجأة، يبدو أن روسيا والصين تقفان على هامش صراع إقليمي كبير، وتتساءلان عن كيفية جعل أصواتهما ووجهات نظرهما ذات أهمية على المسرح الدبلوماسي، بينما أصبحت الولايات المتحدة أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويبدو أنها تحمل مفتاح السلام الإقليمي إذا اختارت أن تستخدمه".

ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للاحتلال أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب" الإسرائيلية بغزة.

اقرأ أيضاً

دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين

دعم عنيد

"لكن دعم واشنطن العنيد للحملة الإسرائيلية في غزة ورفضها النظر في وقف طويل الأمد لإطلاق النار، في مواجهة تزايد الخسائر البشرية والأدلة على اللامبالاة الإسرائيلية الصادمة تجاه مقتل الفلسطينيين، سيستمر في إبقاء روسيا والصين وثيقتي الصلة باللعبة الدبلوماسية"، كما استدرك دن.

وأضاف أن "روسيا والصين تضغطان على إسرائيل الولايات المتحدة، وخير مثال على ذلك هو محاولات اتخاذ إجراء في مجلس الأمن الدولي، والتي أحبطتها أو خففتها واشنطن (تمتلك حق النقض/ الفيتو) مرارا".

وزاد بأنه "مهما كانت دبلوماسية روسيا والصين غير فعالة تجاه غزة حتى هذه اللحظة، فقد لا تحتاجان إلى فعل الكثير للتأكيد على نقطتهما المركزية: وهي أن الولايات المتحدة، في دفاعها عن إسرائيل بإمدادات الأسلحة وفي الأمم المتحدة، أظهرت نفسها على أنها عدو للتطلعات الفلسطينية وللحساسيات العربية والإسلامية".

و"بما أن حرب إسرائيل لا تعبر عن الهدف الذي تدعيه الحكومة الإسرائيلية، وهو تفكيك (حركة) حماس وأكثر شبها بهياج غير منضبط ومدفوع بالانتقام، فإن أهمية بكين وموسكو كثقلين محتملين لواشنطن أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى"، كما أضاف دن.

وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1140 إسرائيليا وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.

اقرأ أيضاً

وفد وزاري عربي-إسلامي في الصين بشأن غزة.. وبكين تدعو لـ "تحرك المجتمع الدولي"

نهاية العبة

دن قال إنه "مع تدهور الوضع في غزة، ربما تكون الولايات المتحدة قد وصلت إلى حدود صبرها"، مستشهدا بزيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل في 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وتابع أن هذه الزيارة هدفت إلى "التأكيد على رسالة الإدارة المتغيرة بأن إسرائيل يجب أن تنتقل إلى "مرحلة أكثر استهدافا" في الحرب، وأن حماية المدنيين هي "ضرورة استراتيجية".

واعتبر دن أن "هذا تغيير مهم، ولكن لا يزال أمام الولايات المتحدة طريق طويل لتقطعه قبل أن تتمكن من المساعدة في إنهاء القتال وتحديد مسار جديد لسياستها في الشرق الأوسط".

وشدد على أن "كل هذا ضروري لتحقيق السلام بعيد المنال بين إسرائيل وفلسطين، والذي سعى إليه منذ فترة طويلة العديد من المفاوضين والرؤساء الأمريكيين، ولمواجهة منافسي الولايات المتحدة الرئيسيين على النفوذ، الصين وروسيا، اللذين ينتظران على الهامش".

ومنذ أبريل/ نيسان 2014، توقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لأسباب بينها تمسك الاحتلال باستمرار البناء الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتنصله من إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقا لمبدأ حل الدولتين.

اقرأ أيضاً

بايدن يصحح المسار تدريجيا تجاه الحرب على غزة.. إليك الأسباب والدلائل

المصدر | تشارلز دن/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: روسيا الصين هامش حرب غزة أمريكا دعم إسرائيل حماس الولایات المتحدة روسیا والصین فی غزة

إقرأ أيضاً:

قبل حظرها في إسرائيل..أمريكا تتهم أونروا بالمبالغة

قال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، في مجلس الأمن، الثلاثاء، إن حظر عمل الوكالة في إسرائيل، الذي سيدخل يدخل حيز التنفيذ يوم الخميس سيكون كارثياً، بينما وصفت الولايات المتحدة الوكالة بـ "غير مسؤولة وخطيرة".

ويحظر قانون أُقر في أكتوبر (تشرين الأول) عمل أونروا على الأراضي الإسرائيلية، بما فيها القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل في خطوة لم تحظ باعتراف دولي، والاتصال بالسلطات الإسرائيلية اعتباراً من 30 يناير (كانون الثاني).

The State of Israel ordered UNRWA to vacate all premises in occupied East Jerusalem and cease its operations in them by 30 January 2025.

This order is in contradiction to international law obligations of UN member states including the State of Israel, which is bound by the… pic.twitter.com/iQKDQQP366

— UNRWA (@UNRWA) January 26, 2025

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون للمجلس: "على أونروا وقف عملياتها وإخلاء جميع المباني التي تعمل بها في القدس، بما في ذلك العقارات في معالوت دفنة وكفر عقب". وأضاف "ستنهي إسرائيل كل التعاون والاتصالات والتواصل مع أونروا أو كل من يتصرف نيابة عنها".

وقالت أونروا إن العمليات في قطاع غزة والضفة الغربية ستعاني أيضاً. فهي تقدم المساعدات والخدمات الصحية والتعليمية للملايين في الأراضي الفلسطينية، وسوريا، ولبنان، والأردن.

وقال لازاريني لمجلس الأمن: "في غضون يومين، ستتعطل عملياتنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. التنفيذ الكامل لتشريع الكنيست سيكون كارثياً".

ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومجلس الأمن، أونروا بالجهة الرئيسية لتقديم المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، الذي دمرته حرب استمرت 15 شهراً بين إسرائيل وحركة حماس.

وأبلغت السفيرة الأمريكية بالوكالة لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا، مجلس الأمن، بأن الولايات المتحدة، تحت قيادة الرئيس الجديد دونالد ترامب، تدعم "الحق السيادي" لإسرائيل في إغلاق مكاتب أونروا في القدس.

وفي عهد جو بايدن، حثت الولايات المتحدة إسرائيل على وقف تنفيذ القانون.

وقالت شيا: "المبالغة في تأثير القوانين والإشارة إلى أنها ستوقف الاستجابة الإنسانية بأكملها أمر غير مسؤول وخطير".

وأضافت "ما نحتاج إليه هو مناقشة دقيقة لكيفية ضمان منع انقطاع في تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية". وأردفت "أونروا ليست الخيار الوحيد لتقديم المساعدة الإنسانية في غزة ولم تكن أبداً كذلك".

 

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن مقتل 3 من مواطنيها في حادث طائرة أمريكا
  • الكويت تعزي الولايات المتحدة في ضحايا حادث تصادم الطائرتين
  • حرب تكنولوجية بين أمريكا والصين.. من تيك توك إلى ديب سيك وأزمة رقائق تايوان
  • حرب الرقائق بين الولايات المتحدة والصين تشتعل مجددا بسبب «ديبسيك»
  • هل يتحول تطبيق «ديب سيك» إلى سلاح استراتيجي في الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين؟
  • واشنطن ترحب بتمديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا
  • بعد وعد ترامب.. هل سنشهد عودة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا؟
  • الولايات المتحدة تنقل 90 صاروخ باتريوت من إسرائيل إلى أوكرانيا
  • قبل حظرها في إسرائيل..أمريكا تتهم أونروا بالمبالغة
  • روسيا تطالب إسرائيل بإلغاء قوانين حظر الأونروا