تترقب الأوساط السياسية التركية اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، الذي من المقرر انعقاده غدا الثلاثاء في تمام الساعة 3 مساء بالتوقيت المحلي من أجل مناقشة ملف انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وسط توترات تشهدها البلاد على مقتل 12 جنديا تركيا في هجوم من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني شمالي العراق.



وكانت أهم الملفات التي عرقلت موافقة تركيا على انضمام السويد إلى "الناتو"، اعتراضها على دعم الجانب السويدي لنشاط الحزب الكردي الذي تدرجه أنقرة على قوائم الإرهاب، ما أثار تساؤلات لدى مراقبين حول أثر الهجوم الدموي على قرار اللجنة التركية غدا الثلاثاء، وحول مدى إمكانية أن يكون "العمال الكردستاني" قد تعمد افتعال الصدام مع الجانب التركي من أجل إعاقة التوصل إلى تسوية نهائية بين البلدين.

كما يأتي انعقاد اللجنة التركية التي تصدر قراراتها بالأغلبية، في وقت أظهرت فيه تصريحات كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحليفه دولت بهشلي، زعيم حزب "الحركة القومية"، طرحا متباينا حول شروط موافقة أنقرة على انضمام السويد.

وكان الرئيس التركي تحدث خلال حديثه للصحفيين على متن طائرته العائدة من زيارته الأخيرة للمجر، عن ربط موافقة بلاده على انضمام السويد بموافقة الولايات المتحدة على صفقة طائرات "إف-16".

وقال أردوغان: "بايدن طلب مني تمرير عضوية السويد بالناتو من برلمان تركيا، وأكد أنه سيقوم بتمرير ملف شراء أنقرة مقاتلات إف-16 من الكونغرس".

وأشار إلى أن "التطورات الإيجابية التي نتوقعها فيما يتعلق بمسألة المقاتلات الأمريكية ستؤدي إلى تسريع وجهة النظر الإيجابية لبرلماننا بشأن عضوية السويد في الناتو"، مستدركا أن "ستوكهولم قطعت لنا وعودا في ليتوانيا، وننتظر منها الوفاء بها، ونتابع التطورات عن كثب"، في إشارة إلى وعود الجانب السويدي في الحد من نشاط حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا.

فلسطين في قلب المفاوضات
أما بهشلي، فقد أخذت شروطه منحى مختلفا تماما عن شروط حليفه أردوغان، وذلك على خلفية العدوان الوحشي على قطاع غزة، حيث أشار في حديث سابق إلى أنه يضع للموافقة على انضمام الدولة الأوروبية إلى "الناتو"، 3 شروط يجب على السويد القيام بها، حتى تتم الموافقة على عضويتها في الحلف.

وأكد زعيم "الحركة القومية" على أن أول شروطه يتمثل باعترافها بدولة فلسطينية مستقلة ومتكاملة الأراضي وعاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود عام 1967.


وأضاف أن الشرط الثاني هو قبول دولة الاحتلال بدفع تعويضات للفلسطينيين بعد إيقاف الحرب الإسرائيلية على القطاع، والثالث هو موافقة أعضاء الناتو على تمهيد الطريق لمحاكمة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في محكمة العدل الدولية “لاهاي”.

وتجدر الإشارة إلى أنه في مقدور بهشلي عرقلة موافقة البرلمان على انضمام السويد في حال وجد اختلاف بالرؤى بينه وبين أردوغان، إذ أن لجنة الشؤون الخارجية التي تتكون من 27 عضوا لا تستطيع تمرير مشروع القرار إلى البرلمان دون الحصول على أغلبية 50 بالمئة + واحد على الأقل.

ولا يملك حزب العدالة والتنمية سوى 13 صوتا فاعلا ضمن اللجنة، ما يجعله غير قادر على توفير الأغلبية بمفرده، دون التعاون مع "الحركة القومية"، الذي يضم عضوين في اللجنة.

ويكفي لعضو واحد من عضوي حزب بهشلي أن يقول "نعم" للحصول على أغلبية الأصوات، لكن بحسب صحف تركية فإن حالة من عدم اليقين لا تزال تكتنف موقف الحزب القومي في هذا الصدد.

ويحتاج مشروع القانون إلى موافقة اللجنة قبل طرحه للتصويت في البرلمان بأكمله، ومن ثم توقيع الرئيس رجب طيب أردوغان ليصبح قانونا نافذا.

المحلل السياسي المختص بالشأن التركي، علي أسمر، استبعد وجود خلاف حقيقي أو تناقض بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية فيما يتعلق بملف عضوية السويد.

وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "ما نراه من تصريحات هو عبارة عن سياسة الشد والجذب، ومن جانب آخر تركيا بكل أحزابها تريد تحقيق أقصى استفادة من هذا الملف لذلك نشهد أحيانا رفع السقف كثيرا للحصول على مكاسب كثيرة".

كما رجح أن يكون اجتماع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي إيجابيا على ضوء الاستجابة الأمريكية لبعض المطالب التركية، إلا أنه نوه في الوقت ذاته إلى أنه لن يكون هناك موافقة نهائية.

وأوضح أسمر أن "الموافقة النهائية تتطلب خطوات غربية جدية على أرض الواقع بالنسبة لصفقة طائرات إف-16، بالإضافة إلى ترجمة الوعود السويدية المتمثلة بمكافحة الإرهاب إلى أفعال حقيقية ترضي أنقرة وإلا سيبقى الموضوع معلقا"، بحسب تعبيره.

وكان البرلمان التركي، قد بدأ في منتصف شباط/فبراير الماضي، دراسة بروتوكول انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، المعلّق منذ أيار /مايو 2022، وأعلنت حينها السويد، أنها تلقت تأكيدات بأن تركيا ستصادق على عضويتها "في غضون أسابيع قليلة".

لكن إحالة أردوغان ملف السويد إلى البرلمان خلال إجازة الأخير الصيفية، التي انتهت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تسببت في تأجيل البت التركي بعضوية ستوكهولم عدة أشهر بهدف اختبار نوايا السويد في تحقيق الوعود التي التزمت بها لتركيا.

وعلى الرغم من أن السويد تحاول وضع لوائح قانونية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والاستفزازات المعنية، لكن الافتقار إلى مؤشرات ملموسة من الناحية العملية يثير قلق الجانب التركي.

من جهته، اتفق الباحث في العلاقات الدولية والشأن التركي، مهند حافظ أوغلو، مع أسمر في استبعاد إمكانية حدوث خلاف بين حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية ينعكس على القرار من البرلمان التركي فيما يتعلق بعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.


وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن بهشلي لطالما أبقى سقفه مرتفعا بشكل عام، موضحا أن هناك نوعا من التهدئة ما بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، ما يستبعد احتمالية وقوع خلاف بين الحليفين الذين يشكلان عماد "تحالف الجمهور".

كما نوه إلى أن موافقة أنقرة على عضوية السويد أصبحت مرتبطة بالكثير من المكتسبات غير المعلنة، والتي تتجاوز مقاتلات "إف-16"، مشيرا إلى ارتباطات متعلقة بملفات الأمن القومي التركي، وعلى رأسها تحرك ميداني تركي في الشمال السوري لأن الوجود الأمريكي اليوم أصبح غير مؤثر بشكل حقيقي، بحسب تعبيره.

هجمات "بي كه كه" الدموية
شهدت تركيا نهاية أسبوع دامية، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية عن مقتل 12 جنديا تركيّا خلال مدة لا تتجاوز الـ24 ساعة في اشتباكات مسلحة شمال العراق مع عناصر من حزب "العمال الكردستاني".

وأثار مراقبون تساؤلات حول دلالات تزامن الهجمات الدموية التي هزت الداخل التركي على جميع الأصعدة، مع اقتراب موعد انعقاد لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان، لا سيما وأن ملف "مكافحة الإرهاب" كما تصفه أنقرة، يندرج في أعلى بنود قائمة الشروط التركية للموافقة على عضوية ستوكهولم.

الصحفي التركي مراد يتكين، أشار إلى أن هجوم العمال الكردستاني جاء عقب الإعلان عن موعد انعقاد لجنة الشؤون الخارجية على الفور، لا سيما وأن الحديث وراء الكواليس كان يجري حول عزم "العدالة والتنمية" تمرير مشروع القرار من اللجنة الخارجية، لطرحه للتصويت في الجمعية العامة في 28 كانون الأول /ديسمبر الجاري، ليتم المصادقة على الملف قبل نهاية العام الجاري، بحسب تعبيره.

وأضاف في مقال نشره في موقعه الإلكتروني الخاص، واطلعت عليه "عربي21"، أنه "يستبعد أن يكون التنظيم الإرهابي أعد لمثل هذا الهجوم خلال مدة قصيرة، لكن الأمر يثير الشبهات بشدة خصوصا أنه وقع بعد لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بنظيره العراقي فؤاد حسين في أنقرة، حيث ناقش الطرفان ملف وجود العمال الكردستاني في العراق والتهديدات الأمنية.

نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية @Fuad_Husseein يلتقي نظيره التركي @HakanFidan، ويبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل توطيد التعاون المتبادل على مختلف المستويات والصعد، ويؤكدان على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية، وتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب pic.twitter.com/Okytbl5eAE — وزارة الخارجية العراقية (@Iraqimofa) December 19, 2023
وتابع متسائلا: "هل قام حزب العمال الكردستاني بهجومه على الموقع التركي شمالي العراق بهدف منع مساعي أنقرة لإعاقة أنشطته في السويد، أم لمنع تعزيز العلاقات التركية ضمن حلف الناتو؟".

بدوره، أشار الباحث حافظ أوغلو في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن هجمات تنظيم بي كه كه التي أسفرت عن مقتل جنود أتراك لا تتعلق باجتماع لجنة الشؤون الخارجية لمناقشة عضوية السويد، لافتا إلى أن للأمر بعدا إقليميا ودوليا.

وشدد على أن الهجمات الأخيرة تختلف عن سابقاتها بأنها تريد التشويش على الموقف التركي إقليميا، ما يعني أن هناك اتفاقا أمريكيا إيرانيا على مثل هذه الهجمات لكون تركيا تمتلك ذراعا طويلة في الملف الفلسطيني ومع حركة حماس بشكل أساسي.

وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد لتركيا أن تكون ذا ثقة في هذا الملف، كما أن إيران لا ترغب بدورها في حضور تركي كبير منافس على الساحة الإقليمية.

وكان الرئيس التركي شدد في أكثر من مناسبة على رفض بلاده تصنيف حركة "حماس" على أنها "إرهابية"، موضحا أن تركيا مستعدة للمساهمة في تشكيل ملامح مرحلة ما بعد انتهاء العدوان الذي يشنه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي توعد أردوغان غير مرة في وضعه أمام القانون الدولي على جرائمه في قطاع غزة بحق المدنيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية السويد تركيا أردوغان غزة امريكا تركيا السويد أردوغان غزة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لجنة الشؤون الخارجیة العمال الکردستانی على انضمام السوید العدالة والتنمیة حلف شمال الأطلسی البرلمان الترکی عضویة السوید فی البرلمان السوید إلى فیما یتعلق السوید فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس البرلمان التركي يدعو لمناقشة تعليق عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة

دعا رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الخميس، إلى مناقشة تعليق عضوية دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة، وذلك في ظل تواصل العدوان الوحشي على كل من لبنان وقطاع غزة.

وقال كورتولموش في كلمة له خلال مشاركته بقمة رؤساء برلمانات دول مجموعة العشرين المقامة في البرازيل، إن "الفشل في تنفيذ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة تحول إلى إرهاب دولة مستمر في فلسطين ولبنان"، حسب وكالة الأناضول.

ولفت إلى التصعيد الإسرائيلي ضد الأمم المتحدة بما في ذلك إعلان الأمين العام للمؤسسة الأممية أنطونيو غوتيريش، بأنه "شخص غير مرغوب فيه".


كما لفت رئيس البرلمان التركي، إلى هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل"، التي أكدت في وقت سابق اليوم الخميس، إصابة 5 من عناصرها بغارة إسرائيلية على جنوب مدينة صيدا اللبنانية.

وسلط كورتولموش الضوء خلال حديثه على التصعيد الإسرائيلي أيضا ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، مشددا على أن "الوقت حان لمناقشة تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة".

وفي نهاية شهر تشرين الأول /أكتوبر الماضي، صادق الكنيست الإسرائيلي بشكل نهائي على قانون يحظر أنشطة وكالة "الأونروا" داخل "إسرائيل"، الأمر الذي أثار موجة واسعة من الإدانات الدولية والأممية.

وقبل أيام، بعثت تركيا برسالة إلى الأمم المتحدة تدعو فيها إلى "اتخاذ إجراءات فورية لوقف توريد أو نقل الأسلحة والذخائر والأعتدة المرتبطة بإسرائيل".


وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن الرسالة حملت توقيع 52 دولة بما في ذلك الجزائر وإيران وروسيا والسعودية، بالإضافة إلى المنظمة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

ولليوم الـ398 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ43 ألف شهيد، وأكثر من 101 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان التركي: حان الوقت لمناقشة عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة
  • رئيس البرلمان التركي يدعو لمناقشة تعليق عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة
  • لقاء نادر بين الرئيسين التركي والقبرصي
  • «الداخلية» تفرض شروطا جديدة على المرافقين في حج القرعة 2025 (تفاصيل)
  • أردوغان وترامب يبحثان تعزيز التعاون بين تركيا والولايات المتحدة
  • بعد موافقة "نقل البرلمان".. تفاصيل مشروع تعديل بعض أحكام قانون التجارة البحرية وأهدافه
  • مقررة في 2028..تحرك في البرلمان للسماح لأردوغان بالترشح للرئاسة مجدداً
  • مقترح في تركيا لتعديل دستوري يمنح لإردوغان الترشح لولاية رئاسية جديدة
  • كيف أضاع أردوغان فرصة مُصافحة الأسد وماذا خلف نوايا طلبه تأجيل مُناقشة “سحب قوّاته إلى وقتٍ لاحق” من سورية؟
  • تركيا تعفي قيرغيزستان من 62.3 مليون دولار ديون!