* لم يحصل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر في الفراغ.. قيلت هذه العبارة أكثر من مرة في ربط الهجوم القسامي الكبير بتاريخ النضال الفلسطيني ومعاناة الحصار الطويلة. ومن نافل القول أن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر لم يحصل في الفراغ، فما من حدث يحصل في العدم أو يولَد من صفر زمني بلا سياق، لكنّ عبور القسّام المدوّي فوق جدار إسرائيل يمكن قراءته بسياقات عديدة، لا تقتصر على تاريخ القضية ويوميات الاحتلال، بل تتجاوزها لشيء من خارجها تماما.
* قبل عقدٍ من الطوفان صدر كتاب المفكر وائل حلاق "الدولة المستحيلة"، ورغم الصدى الذي أحدثه الكتاب فور صدوره، إلا أنه اكتسب زخما مضافا خلال العامين الماضيين بعد ظهورٍ مصوَّرٍ لمؤلفه وحديثه المباشر في مادة الكتاب وجوهر الأطروحة. لا يتعلق الكتاب بقضية فلسطين من قريب أو بعيد، فموضوعه هو استحالة الجمع بين النسيج الأخلاقي للإسلام وبنية الدولة الحديثة، لكن المشهد العربي الذي تبلور بعد أكثر من شهرين من بداية الحرب يجعل التفكير بالدولة المستحيلة أمراً مفيدا.
وما يلي ليس استنطاقا للكتاب ولا تطبيقا له على المشهد الحالي، وإنما تفكير في جواره وعلى مقربة منه في سياقٍ مستجدّ وفي قلب حدث هائل لا يشبه سواه.
* أربع جهات تنخرط اليوم في عمل عسكري -متفاوت المستوى- بإطار المواجهة مع إسرائيل؛ أولها طبعا هي حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ويتلوها حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن وتنظيمات إسلامية في العراق. القاسم المشترك بين هذه الأضلاع الأربعة هو أنها في جوهرها حركات مسلحة لم تكتسب صفة الدولة الحديثة؛ الدولة الحديثة التي تستلزم شروطا كثيرة منها السيادة والاعتراف الدولي. وباستثناء حركة أنصار الله في اليمن، فإن بقية الأضلاع لا تحاول أن تدعي لنفسها أصلا صفة الدولة الرسمية. ليس مهماً إن كانت الدول العربية القائمة اليوم دولا حديثة "بحقّ" أم لا، ما هو مهمٌّ أن هذه الدول هو ما يَنتُج عربيا عند محاولة بناء دولة حديثة. بوسعك أن تسمّي النتيجة ما شئت، لكن الواقع يبقى على حاله.
* لماذا يبدو العمل الفاعل في الصراع مع إسرائيل مقتصرا اليوم على كيانات خارج تعريف الدولة ومظلة "الشرعية"؟ ما أن يُفكر المرء بإجابة ممكنة حتى يطفو سؤال رديف هو النظير المتمم للسؤال الأول: لماذا يستحيل الفعل على الدولة العربية؟ لماذا يبدو الشلل جواب هذه الدولة في أي مواجهة مع إسرائيل؟ ولأي حد بات هذا الشلل شرطا وجوديا للدولة العربية بالنظر لبنيتها واقتصادها وعلاقاتها الدولية؟
لا نحتاج حذراً من تعميم متعسف نمارسه في أسئلة كهذه، فالتعميم في مكانه وله سَنَد إحصائيٌّ عزّ نظيره، فالأمر لا يخص دولة أو اثنتين أو حتى عشرا، بل كامل منظومة الدول المعنية ودون استثناءٍ واحد. أمام هذا الفشل المدوّي للكيانات العربية الرسمية، يمارس أكثر مثقفينا بكائيات تقليدية على ضفاف "الدولة المتخيلة"؛ الدولة المتخيلة التي يرونها في أذهانهم معبرةً عن الإرادة الشعبية وحُلم الديمقراطية والقادرة على الفعل المؤثر في لحظات فارقة كهذه اللحظة. لكن خارطة الخلاص عند هؤلاء هي ذاتها دوما: الإصرار السرمدي على بناء الدول الحديثة، وتحميل المسؤولية لفشلنا ببناء هذه الدولة. هذه البكائيات (ومعها خارطة الخلاص السرمدية) هي شاهد فقر وترهل -قبل أي شيء آخر- لفضاء الثقافة العربية وفكرها السياسي؛ في الترويج للوهم وفي حبس الخيال بحلٍّ مستوردٍ ثبت فشله عند منعطفات لم يعد عدّها ممكنا لفرط كثرتها.
* من المضائق المائية الأربع التي يحضر فيها العرب، وحدهم أنصار الله من عسكروا البحر وجعلوه أداةً للضغط الاقتصادي والأمني على إسرائيل، ومن كامل الحدود المحيطة بالكيان العبري، وحدها المقاومة الإسلامية في لبنان من دخلت مواجهة مفتوحة ومستمرة مع جيشه، وأمام قواعد أمريكية تملأ الخارطة العربية، وحدها الفصائل العراقية من نظّمت جهدا متواصلا لضربها. الأمر لا يُختزل في مسألة "المحور" وبرنامجه السياسي، فحتى داخل حدود "المحور" وعناصره المؤسسة، وحدها الحركات المسلحة -لا الدول- من تمكّن من اجتراح فعلٍ عسكري مباشر ومؤثر خارج حدود الدعم اللوجستي والمدّ بالسلاح.
* تقرأ ما يُكتب عن "الدولة" في العالم العربي، فتجدها محطّ توافق بين كثير من المتخاصمين: الكل يريدها، والخلاف ليس على المبدأ وإنما على الطبيعة والكيفية والمآل المنشود. قلة صغيرة من تُشهر كفرَها بهذا الصنم المعبود، فالخروج عن ملة الدولة هو خروج عن حتمية التاريخ وأبسطِ مستلزمات الحداثة. وصارت عبارات من قبيل "لا حل إلا بالدولة" قولا شائعا في الأدبيات العربية، تذوب فيه فكرة الحداثة بلغة الغيبيات. ليس بعيدا عن كل هذا ما كتبه كارل شميت عن الدولة الحديثة: كل مفاهيمها الكبرى ليست سوى علمنةٍ لمفاهيم من عالم الدين. ولا يحتاج المرء تدقيقا كثيرا حتى يلمح هذه السمة عند المتمسكين بفكرة الدولة في سياقنا العربي، فمهما تراكمت أمثلة الفشل يبقى استقراء النتيجة على حاله، فالمسألة باتت أقرب للإيمان منها للقناعة.
* ومرة أخرى، فمن يَنقدون أداء الدولة العربية أمام المجزرة الإسرائيلية يطمسون وراء نقدهم سؤالا أهمّ بكثير: هل يمكن للدولة العربية أن تكون شيئا سوى هذا الذي نراه؟ وهل يمكن بناء دولةٍ -في السياق العربي- من دون ارتهان للهيمنة الغربية وعجزٍ كاسح عن الفعل بلحظات كهذه؟ كثيرون يرون في السؤال نفسه إهانةً للقدرة العربية على الانعتاق، فالسؤال يوحي باستحالة نجاحنا في إنشاء دولة مستقلة بحق. لكن الواقع أن هؤلاء مرتهنون لصورة مستوردة لكيانهم السياسي الممكن، ويرون أن النهوض -كي يكون نهوضاً- لا بد أن يقود حتما لنتيجة واحدة: الدولة الحديثة.
* لماذا ينبغي أن تكون "الدولة" هدفنا؟ وإذا سلمنا أن الدولة، المستقلة حقاً، هي هدف بذاته، فهل يسمح ظرفنا الموضوعي بنشوئها؟ مَن ذاك الذي يمثل اليوم إحساسا جامعا للانعتاق والتحرر أكثر من جماعة مسلحة محاصرة في قطاع غزة، لا يعترف بشرعية حُكمِها أغلب العالم؟ وأي قوة على امتداد العالم العربي أعادت لمفهوم السيادة وقْعَه كما فعلت جماعة مسلحة في البحر الأحمر لا يكاد أحد يعترف لها بشرعية الدولة؟
* ليست الأسئلة السابقة أسئلة حقا؛ الواقع أنها قراءة تقدّم نفسها بهيئة السؤال لواقعٍ يتبلور أمامنا ويتآكل فيه صنم الدولة الحديثة، ويصعد مقابله نزوع للتحرر من استيطان الغرب لأفكارنا وخيالنا ولإجابتنا عن سؤال "ماذا نريد". هل نحتاح حقاً اعترافا دوليا بشرعياتنا؟ وهل يلزمنا حقا أن نحاكي شكل الدولة الحديثة ونجعل منه مسطرةً لمعنى النهوض؟ لربما لا نحتاج قادةً في قصور رئاسية على رؤوس التلال وذرى الجبال تصلهم إسرائيل وأسراب الأطلسي متى شاءت، وإنما رجال يديرون المعارك من تحت الأرض ويمثّلون الكيان السياسي المستقل، الوحيد والممكن، في ظرفنا التاريخي والسياق الذي نحن فيه اليوم. من الصعب على الساجدين في محراب الدولة الحديثة أن يقبلوا التفكير -مجرد التفكير- في أسئلة كهذه، لكن الواقع الذي من حولهم، وحولنا، ينزاح بسرعة متصاعدة، وسنرى ماذا سيحلّ بمحرابهم، ومحرابنا، بعد هذه الحرب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الدولة حماس حزب الله غزة حماس غزة حزب الله الحوثيين الدولة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الحدیثة
إقرأ أيضاً:
الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية
وقَّع الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس، إعلانا دستوريا يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.
وقالت لجنة الخبراء المكلفة بصياغة الإعلان الدستوري في مؤتمر صحفي، الخميس، عقب تسليمها الإعلان للشرع، إنها اعتمدت في صياغة الإعلان الدستوري على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في فبراير/ شباط 2025.
وعقب تسلمه وتوقيعه مسودة الإعلان الدستوري، قال الشرع: "نتمنى أن يكون هذا تاريخ جديد لسوريا نستبدل به الجهل بالعلم والعذاب بالرحمة".
وأردف قائلا: "ونأمل أن يكون ذلك فاتحة خير للشعب السوري على طريق البناء والتطور".
وفي 2 مارس/ آذار 2 الجاري كلف الشرع لجنة من سبعة قانونيين، بينهم سيدتان، بصياغة مسودة الإعلان الدستوري.
وأعلنت الإدارة السورية في 29 يناير/ كانون الثاني 2025 الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب إلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث.
وجاء نص الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية بحسب وثيقة نشرتها وكالة الأنباء السورية "سانا" على النحو التالي:
الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية
المقدمة
في فجر يوم مشهود، تنفس صبح النصر، وانطلقت سورية نحو عهد جديد، إيذانا بزوال الظلم والقهر وانبعاث الأمل في بناء دولة حديثة قائمة على العدل والكرامة والمواطنة الحقة، فقد جثم الاستبداد على صدور السوريين، إذ امتد لستة عقود نظام شمولي فرضه حزب البعث، فاحتكر السلطة، وصادر الحقوق، ومكن لحكم استبدادي قمعي أجهز على مؤسسات الدولة، وأفرغ الدستور من مضمونه وحوّل القانون إلى أداة للقمع والاستعباد كانت تلك العقود حقبة سوداء مظلمة، فثار الشعب مطالبًا بحريته واسترداد كرامته، لكنه تعرض على يد العصابة الأسدية للقتل الممنهج، والتدمير الشامل، والتعذيب الوحشي، والتهجير القسري والحصار الجائر، والاستهداف المباشر للمدنيين، فضلاً عن تدمير البيوت فوق رؤوس ساكنيها، تارةً بالبراميل المتفجرة، وأخرى بالأسلحة الكيميائية. وقد شكلت هذه الجرائم التي تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة إبادة جماعية، نموذجا صارخا لانتهاك القيم البشرية والشرائع الدولية.
لكن الشعب السوري، بإيمانه الراسخ، وإرادته الصلبة، وصموده الأسطوري، لم يستسلم، بل واصل ثورته العظيمة التي امتدت قرابة أربعة عشر عاما، قدم فيها أبناء سورية الأحرار دماءهم وتضحياتهم، يكنسون فيها إرث الاستبداد، حتى بزغ فجر جديد، وسطعت شمس التحرير على دمشق في 8 كانون الأول 2024، معلنةً نهاية عهد نظام الأسد المجرم وداعميه. ثم أُعلن هذا النصر رسميا في مؤتمر النصر، حيث صدر البيان التاريخي الذي وثق انتصار الثورة السورية، واستعادة الشعب قراره وسيادته على أرضه.
واليوم، وقد عاد الوطن إلى أبنائه، وعادوا إليه ليبنوا أركانه ويحفظوا ثغوره باتت المسؤولية التاريخية تحتم استكمال مسيرة النضال بتحصين هذا الانتصار، وترسيخ أسس العدالة، وضمان عدم تكرار المأساة، وحماية الأجيال القادمة من أي استبداد جديد.
وانطلاقا من هذا الواجب الوطني، وبعد حوارات مكثفة بين مختلف مكونات المجتمع السوري، أجريت في أجواء من الحرية والتبادل البناء لوجهات النظر بشأن مستقبل سورية، تُوجت بانعقاد مؤتمر الحوار الوطني، الذي صدرت مخرجاته بتاريخ 25 شباط 2025، معبرةً عن الوفاق الوطني حول القضايا الكبرى، وفي مقدمتها:
الحفاظ على وحدة وسلامة سورية، أرضًا وشعبا.
تحقيق العدالة الانتقالية وإنصاف الضحايا.
بناء دولة المواطنة والحرية والكرامة وسيادة القانون.
تنظيم شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية وفق مبادئ الحكم الرشيد.
واستنادًا إلى القيم العريقة والأصيلة التي يتميز بها المجتمع السوري بتنوعه وتراثه الحضاري، وإلى المبادئ الوطنية والإنسانية الراسخة، وحرصا على إرساء قواعد الحكم الدستوري السليم المستوحى من روح الدساتير السورية السابقة، ولا سيما دستور عام 1950 دستور الاستقلال)، وإعمالا لما نص عليه إعلان انتصار الثورة السورية الصادر بتاريخ 29 كانون الأول 2025 ، الذي يُعد أساسا متينا لهذا الإعلان.
فإن رئيس الجمهورية يُصدر الإعلان الدستوري الآتي، والذي تعد مقدمته جزءًا لا يتجزأ منه:
الباب الأول: أحكام عامة
المادة 1:
الجمهورية العربية السورية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وهي وحدة جغرافية وسياسية لا تتجزأ، ولا يجوز التخلي عن أي جزء منها.
المادة 2:
تؤسس الدولة لإقامة نظام سياسي يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات، ويضمن الحرية والكرامة للمواطن.
المادة 3:
دين رئيس الجمهورية الإسلام، والفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع.
حرية الاعتقاد مصونة، وتحترم الدولة جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها على ألا يُخلّ ذلك بالنظام العام.
الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية وفقاً للقانون.
المادة 4:
اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة.
المادة 5:
دمشق هي عاصمة الجمهورية العربية السورية، ويُحدّد شعار الدولة ونشيدها الوطني بقانون.
المادة 6:
يكون العلم السوري على الشكل التالي:
يمتد العلم على شكل مستطيل طوله يساوي ثلثي عرضه.
يتضمن ثلاثة مستطيلات متساوية يعلوها اللون الأخضر ويتوسطها اللون الأبيض ومن ثم الأسود في الأسفل.
تتوسط العلم في المنتصف وضمن المساحة البيضاء ثلاثة نجمات حمراء.
المادة 7:
تلتزم الدولة بالحفاظ على وحدة الأرض السورية، وتجرّم دعوات التقسيم والانفصال، وطلب التدخل الأجنبي أو الاستقواء بالخارج.
تلتزم الدولة بتحقيق التعايش والاستقرار المجتمعي وتحفظ السلم الأهلي وتمنع أشكال الفتنة والانقسام وإثارة النعرات والتحريض على العنف.
تكفل الدولة التنوع الثقافي للمجتمع السوري بجميع مكوناته، والحقوق الثقافية واللغوية لجميع السوريين.
تضمن الدولة مكافحة الفساد.
المادة 8:
تسعى الدولة للتنسيق مع الدول والجهات ذات الصلة لدعم عملية إعادة الإعمار في سورية.
تعمل الدولة بالتنسيق مع الدول والمنظمات الدولية ذات الصلة لتذليل عقبات العودة الطوعية للاجئين والنازحين وجميع المهجرين قسرياً.
تلتزم الدولة بمكافحة جميع أنواع وأشكال التطرف العنيف مع احترام الحقوق والحريات.
المادة 9:
الجيش مؤسسة وطنية محترفة مهمته حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامتها ووحدة أراضيها. بما يتوافق مع سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان.
الدولة وحدها هي التي تنشئ الجيش ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، ويُحصر السلاح بيد الدولة.
المادة 10:
المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات، من دون تمييز بينهم في العرق أو الدين أو الجنس أو النسب.
المادة 11:
يهدف الاقتصاد الوطني إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية الشاملة وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة للمواطنين.
يقوم الاقتصاد الوطني على مبدأ المنافسة الحرة العادلة ومنع الاحتكار.
تشجع الدولة الاستثمار وتحمي المستثمرين في بيئة قانونية جاذبة.
الباب الثاني: الحقوق والحريات
المادة 12:
تصون الدولة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتكفل حقوق المواطن وحرياته.
تعد جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الجمهورية العربية السورية جزءًا لا يتجزأ من هذا الإعلان الدستوري.
المادة 13:
تكفل الدولة حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة.
تصون الدولة حرمة الحياة الخاصة، وكل اعتداء عليها يعد جرماً يعاقب عليه القانون.
للمواطن حرية التنقل، ولا يجوز إبعاد المواطن عن وطنه أو منعه من العودة إليه.
المادة 14:
تصون الدولة حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب على أسس وطنية وفقاً لقانون جديد.
تضمن الدولة عمل الجمعيات والنقابات.
المادة 15:
العمل حق للمواطن وتكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
المادة 16:
حق الملكية الخاصة مصون، ولا تُنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل.
ملكية الأموال العامة مصونة وجميع الثروات الطبيعية ومواردها هي ملكية عامة وتقوم الدولة بحفظها واستغلالها واستثمارها لمصلحة المجتمع.
المادة 17:
العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
حق التقاضي والدفاع وسلوك سبل الطعن مصون بالقانون، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم قضائي مبرم.
المادة 18:
تصون الدولة كرامة الإنسان وحرمة الجسد وتمنع الاختفاء القسري والتعذيب المادي والمعنوي، ولا تسقط جرائم التعذيب بالتقادم.
باستثناء حالة الجرم المشهود، لا يجوز إيقاف أي شخص أو الاحتفاظ به أو تقييد حريته إلا بقرار قضائي.
المادة 19:
المساكن مصونة، لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
المادة 20:
الأسرة نواة المجتمع، وتلتزم الدولة بحمايتها.
المادة 21:
تحفظ الدولة المكانة الاجتماعية للمرأة، وتصون كرامتها ودورها داخل الأسرة والمجتمع، وتكفل حقها في التعليم والعمل.
تكفل الدولة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمرأة، وتحميها من جميع أشكال القهر والظلم والعنف.
المادة 22:
تعمل الدولة على حماية الأطفال من الاستغلال وسوء المعاملة، وتكفل حقهم في التعليم والرعاية الصحية.
المادة 23:
تصون الدولة الحقوق والحريات الواردة في هذا الباب، وتمارس وفقاً للقانون، ويجوز إخضاع ممارستها للضوابط التي تشكل تدابير ضرورية للأمن الوطني أو سلامة الأراضي أو السلامة العامة أو حماية النظام العام ومنع الجريمة، أو لحماية الصحة أو الآداب العامة.
الباب الثالث: نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية
أولاً - السلطة التشريعية
يمارس السلطة التشريعية مجلس الشعب.
المادة 24:
يشكل رئيس الجمهورية لجنةً عليا لاختيار أعضاء مجلس الشعب.
تقوم اللجنة العليا بالإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة، وتقوم تلك الهيئات بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب.
يعين رئيس الجمهورية ثلث أعضاء مجلس الشعب لضمان التمثيل العادل والكفاءة.
المادة 25:
لا يجوز عزل عضو مجلس الشعب إلا بموافقة ثلثي أعضائه.
يتمتع عضو مجلس الشعب بالحصانة البرلمانية.
المادة 26:
يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية حتى اعتماد دستور دائم، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة وفقاً له.
مدة ولاية مجلس الشعب ثلاثون شهراً قابلة للتجديد.
المادة 27:
يؤدي أعضاء مجلس الشعب القسم أمام رئيس الجمهورية، وتكون صيغة القسم: "أقسم بالله العظيم أن أؤدي مهمتي بأمانة وإخلاص".
المادة 28:
ينتخب مجلس الشعب في أول اجتماع له رئيساً ونائبين وأميناً للسر، ويكون الانتخاب بالاقتراع السري وبالأغلبية، ويرأس الجلسة الأولى لحين الانتخاب أكبر الأعضاء سناً.
المادة 29:
يعد مجلس الشعب نظامه الداخلي خلال شهر من أول جلسة له.
المادة 30:
يتولى مجلس الشعب المهام التالية:
أ- اقتراح القوانين وإقرارها.
ب- تعديل أو إلغاء القوانين السابقة.
ت- المصادقة على المعاهدات الدولية.
ث- إقرار الموازنة العامة للدولة.
ج- إقرار العفو العام.
ح- قبول استقالة أحد أعضائه أو رفضها أو رفع الحصانة عنه وفقاً لنظامه الداخلي.
خ- عقد جلسات استماع للوزراء.
يتخذ مجلس الشعب قراراته بالأغلبية.
ثانياً: السلطة التنفيذية:
المادة 31:
يمارس رئيس الجمهورية والوزراء السلطة التنفيذية ضمن الحدود المنصوص عليها في هذا الإعلان الدستوري.
المادة 32:
رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة، والمسؤول عن إدارة شؤون البلاد ووحدة أراضيها وسلامتها ، ورعاية مصالح الشعب.
المادة 33:
يؤدي رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب، وتكون صيغتها: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سيادة الدولة ووحدة البلاد وسلامة أراضيها واستقلال قرارها، والدفاع عنها، وأن أحترم القانون وأرعى مصالح الشعب وأسعى بكل صدق وأمانة لتأمين حياة كريمة لهم وتحقيق العدل بينهم، وترسيخ القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة".
المادة 34:
يقوم رئيس الجمهورية بتسمية نائب له أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم، وفي حال شغور منصب الرئاسة يتولى النائب الأول صلاحيات رئيس الجمهورية.
المادة 35:
يعين رئيس الجمهورية الوزراء ويعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم.
يؤدي الوزراء القسم أمام رئيس الجمهورية، وتكون صيغة القسم: "أقسم بالله العظيم أن أؤدي مهمتي بأمانة وإخلاص".
المادة 36:
يصدر رئيس الجمهورية اللوائح التنفيذية والتنظيمية ولوائح الضبط والأوامر والقرارات الرئاسية وفقاً للقوانين.
المادة 37
يمثل رئيس الجمهورية الدولة، ويتولى التوقيع النهائي على المعاهدات مع الدول والمنظمات الدولية.
المادة 38
يقوم رئيس الجمهورية بتعيين رؤساء البعثات الدبلوماسية لدى الدول الأجنبية وإقالتهم، ويقبل اعتماد رؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية لدى الجمهورية العربية السورية.
المادة 39
لرئيس الجمهورية حق اقتراح القوانين.
يُصدر رئيس الجمهورية القوانين التي يقرها مجلس الشعب، وله الاعتراض عليها بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها من المجلس الذي يعيد النظر فيها، ولا تقر القوانين بعد الاعتراض إلا بموافقة ثلثي مجلس الشعب، وفي هذه الحالة يصدرها رئيس الجمهورية حكماً.
المادة 40
الرئيس الجمهورية منح العفو الخاص ورد الاعتبار.
المادة 41:
يعلن رئيس الجمهورية التعبئة العامة والحرب بعد موافقة مجلس الأمن القومي.
إذا قام خطر جسيم وحال يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، لرئيس الجمهورية أن يعلن حالة الطوارئ جزئياً أو كلياً لمدة أقصاها ثلاثة أشهر في بيان الى الشعب بعد موافقة مجلس الأمن القومي واستشارة رئيس مجلس الشعب و رئيس المحكمة الدستورية ولا تمدد لمرة ثانية إلا بعد موافقة مجلس الشعب.
المادة 42
تتولى السلطة التنفيذية ما يلي:
تنفيذ القوانين والخطط والبرامج المعتمدة.
إدارة شؤون الدولة وتنفيذ السياسات العامة التي تحقق الاستقرار والتنمية.
إعداد مشروعات القوانين لرئيس الجمهورية لاقتراحها على مجلس الشعب.
إعداد الخطط العامة للدولة.
إدارة الموارد العامة للدولة وضمان استخدامها بشكل فعّال وشفاف.
إعادة بناء المؤسسات العامة وتعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد.
بناء المؤسسة الأمنية بما يضمن تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي وحماية حقوق المواطنين وحرياتهم.
بناء جيش وطني احترافي مهمته الدفاع عن حدود البلاد وسيادتها، وحماية الشعب بكل وطنية وإخلاص، مع الالتزام التام باحترام القوانين النافذة.
تعزيز العلاقات الدولية والتعاون مع المنظمات الدولية لتحقيق المصالح الوطنية.
ثالثاً: السلطة القضائية:
المادة 43:
السلطة القضائية مستقلة، ولا سلطان على القضاة إلا للقانون.
يضمن المجلس الأعلى للقضاء حسن سير القضاء واحترام استقلاله.
المادة 44:
تنشأ المحاكم وتحدد اختصاصاتها بقانون، ويُحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية.
المادة 45:
النظام القضائي مزدوج ويتكون من القضاء العادي والقضاء الإداري.
يشرف مجلس القضاء الأعلى على القضاء العادي والعسكري.
يتولى مجلس الدولة القضاء الإداري وهو هيئة قضائية واستشارية مستقلة ويبين القانون اختصاصاته وشروط تعيين قضاته وصلاحياته.
المادة 46
تتبع إدارة قضايا الدولة لوزارة العدل ويُنظّم اختصاصها بقانون.
المادة 47
تحل المحكمة الدستورية العليا القائمة وتنشأ محكمة دستورية عليا جديدة.
تتكون المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء يسميهم رئيس الجمهورية من ذوي النزاهة والكفاءة والخبرة.
وتنظم آلية عملها واختصاصاتها بقانون.
الباب الرابع: الأحكام الختامية
المادة 48
تمهد الدولة الأرضية المناسبة لتحقيق العدالة الانتقالية من خلال:
إلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي ألحقت ضرراً بالشعب السوري وتتعارض مع حقوق الإنسان.
إلغاء مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة الإرهاب التي استخدمت القمع الشعب السوري بما في ذلك رد الممتلكات المصادرة.
إلغاء الإجراءات الأمنية الاستثنائية المتعلقة بالوثائق المدنية والعقارية والتي استخدمها النظام البائد لقمع الشعب السوري.
المادة 49
تُحدث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء.
تستثنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية وكل الجرائم التي ارتكبها النظام البائد من مبدأ عدم رجعية القوانين.
تجرم الدولة تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه، ويعد إنكار جرائمه أو الإشادة بها أو تبريرها أو التهوين منها، جرائم يعاقب عليها القانون.
المادة 50
يتم تعديل الإعلان الدستوري بموافقة ثلثي مجلس الشعب بناءً على اقتراح رئيس الجمهورية.
المادة 51:
يستمر العمل بالقوانين النافذة ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها.
المادة 52:
تحدد مدة المرحلة الانتقالية بخمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ نفاذ هذا الإعلان الدستوري.
وتنتهي بعد إقرار دستور دائم للبلاد وتنظيم انتخابات وفقاً له.
المادة 53:
ينشر هذا الإعلان في الجريدة الرسمية، ويعمل به من تاريخ نشره.
رئيس الجمهورية العربية السورية
13 رمضان 1446 هـ - 13 آذار 2025 مـ
رئاسة الجمهورية العربية السورية