بوابة الفجر:
2025-11-01@04:49:30 GMT

تحريم الخمر في الإسلام: دراسة قرآنية

تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT

تعتبر الخمور من المسائل التي تثير اهتمامًا كبيرًا في الإسلام، حيث يُعتبر تناولها غير مشروع ومحرّم. يتناول هذا الموضوع تحريم الخمر في الإسلام، مستعرضًا آيات قرآنية تتحدث عن تحريمها بالتفصيل، وكذلك السنة النبوية التي أكدت على هذا التحريم.

تحريم الخمر في الإسلام: دراسة قرآنية

تعدّ قضية تحريم الخمر في الإسلام أحد المسائل المهمة التي نزلت آيات قرآنية تتعلق بها.

في هذا السياق، نجد أن أول آية نزلت تتعلق بالخمر جاءت بعد غزوة أحد، حيث نزلت الآية التي تجيب عن استفسار المؤمنين حول حكم شرب الخمر، يأتي في هذا السياق قول الله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" [البقرة: 219].

تفسير الآية:

في هذه الآية الكريمة، أوضح الله أن في الخمر والميسر ذنبًا كبيرًا، ولكن هناك أيضًا منافع للناس. يظهر أن الله حدد في هذه الآية أن وزر تناول الخمر أكبر من أي منفعة يمكن أن تعود عليهم. يتساءل المؤمنون عن جواز استعمالهما، والآية توضح أن الخمر تحمل فيها إثمًا كبيرًا.

 حرمة الصلاة في حالة السكر:

بعد أن بيّنت الآية ما في الخمر من إثم، نهى الله عن الصلاة حال السكر، حيث قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" [النساء: 43]. يتضح من هذه الآية أنه يجب على المسلمين تجنب الصلاة في حالة السكر حتى يعلموا ما يقولون في صلواتهم.

  تحريم الخمر قطعيًا:

في سياق آخر، أكد الله تعالى تحريم الخمر قطعيًا، حيث قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة: 90].

تبين هذه الآية أن الخمر، وكذلك الميسر وأنصاب وأزلام، تعتبر رجسًا من عمل الشيطان، وعلى المؤمنين تجنبها لتحقيق النجاح والسعادة.

 تحريم شرب الخمر في السنة النبوية

تعتبر الخمور من الموضوعات التي ألمحت لها الشريعة الإسلامية بشكل واضح، وقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن شرب الخمر وأشار إلى خطورتها وتأثيرها السلبي على الفرد والمجتمع. سنتناول في هذا الموضوع تحريم شرب الخمر من خلال السنة النبوية والأحاديث التي تبين هذا التحريم.

 الأحاديث النبوية حول تحريم الخمر:

1. حديث "ما أسكر كثيره فقليله حرام": قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" [رواه البخاري ومسلم].

في هذا الحديث، يُظهر النبي صلى الله عليه وسلم التحريم الشامل لشرب الخمر، سواء كانت كمية كبيرة أو قليلة، مشيرًا إلى خطورتها بغض النظر عن الكمية المتناولة.

2. حديث "إذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء اجتنبناه": عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" [رواه مسلم].

يعكس هذا الحديث مبدأ الطاعة والابتعاد عن المحرمات، ويوجه المسلمين لاتباع تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بينها تحريم شرب الخمر.

3. حديث "إن كان لا بد فاعتصم بالعسل واشربه": عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى حاجته قال لها: اسقيني، فيقول لها عائشة: إنما نقيت الخمر وحرمت، فيقول لها: إن كان لا بد فاعتصم بالعسل واشربه" [رواه البخاري].

يُظهر هذا الحديث الرغبة القوية من النبي صلى الله عليه وسلم في تجنب الخمر، حتى في الحالات التي قد يكون فيها الإنسان بحاجة إلى ترطيب.

تحريم الخمر في الإسلام: دراسة قرآنية حد شرب الخمر

في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت الجلدة تُفرض كعقوبة على شاربي الخمر، حيث كان يُجلد المُدمنون أربعين جلدة. ولكن عندما رأى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الناس باتوا يتمادون في هذا السلوك الضار، قرر زيادة العقوبة إلى ثمانين جلدة. وهكذا استقرَّت الصحابة على جلد الشاربين لثمانين جلدة.

تُظهر قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إشارة واضحة إلى غيرته وعزمه على الحفاظ على القيم الإسلامية. عندما اكتشف أن ولده شرب المسكر، قام بتنفيذ الحد عليه وعلى أصحابه الذين كانوا قد حاولوا التمويه. وهذا يعكس حرصه على حماية المجتمع من آثار الفساد وسد ذرائع الشر.

بالتالي، تتجلى في هذه القصة العناية والحرص على فرض الحدود والجلد على الذين ينتهكونها، بهدف الحفاظ على نظام مجتمعي سليم ومستقر، والتصدي لأي مظاهر تمادي وتجاوز للقوانين الإسلامية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الخمر الخمور الاسلام السنة النبوية النبی صلى الله علیه وسلم هذه الآیة رضی الله الله عن فی هذا

إقرأ أيضاً:

حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة شرعًا

الصلاة.. أثبتت النصوص مشروعية المصافحة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة داخلٌ في عموم هذه المشروعية؛ فهي مباحة أو مندوب إليها على قول بعض العلماء، مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة، وعلى مَن قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِن مصافحة مَن مَدَّ إليه يده مِن المصلين عقب الصلاة.

بيان حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة والرد على بعض المغالطات:

ومن المقرر شرعًا أنَّ المصافحة من الأفعال المسنونة التي تُغفر بها الذنوب، وتُحَط بها الأوزار؛ فعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا» أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ، تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، وابن شاهين في "الترغيب"، والمنذري في "الترغيب والترهيب"، وقال بعده: "رواه الطبراني في الأوسط، ورواته لا أعلم فيهم مجروحًا".

مشروعية المصافحة بعد الصلاة:

ومن ذلك ما أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ».

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَتَصَافَحَا كَانَ أَحِبَّهُمَا إِلَى اللهِ تَعَالَى أَحْسَنُهُمَا بِشْرًا لِصَاحِبِهِ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".

فهذه الأدلة بمجموعها تدل على مشروعية المصافحة بعد الصلاة والحث عليها، وعلى ذلك جمهور العلماء سلفًا وخلفًا:

قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (8/ 292، ط. دار الكتب العلمية): [على جواز المصافحة جماعة العلماء من السلف والخلف، ما أعلم بينهم في ذلك خلافًا] اهـ.

وهذه الأدلة وغيرها من النصوص جاءت مطلقة، ومن المقرر في علم الأصول أنَّ الأمر المطلق يقتضي العموم البدلي في الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة، وإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق فإنه يؤخذ على عمومه وسعته، ولا يصح تخصيصه ولا تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا كان ذلك بابًا من أبواب الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

كما أن فِعْلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أفراد العموم الشمولي أو البدلي ليس مخصصًا للعموم ولا مقيدًا للإطلاق ما دام أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يَنْهَ عما عداه، وهذا هو الذي يعبر عنه الأصوليون بقولهم: الترك ليس بحجة؛ أي أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمرٍ ما لا يستلزم منه عدم جواز فعله.

حكم المصافحة بين المصلين بعد الصلاة وأقوال الفقهاء في ذلك

أما عن حكمها في خصوص فعلها بعد الصلاة فإن وُرُودَ الأمر بعموم مشروعية المصافحة بين الناس عند كلِّ لقاء، دون تقييدها بوقتٍ دون وقتٍ، يقتضي كونها سُنَّةً مشروعةً بين المصلِّين عقب الصلوات الخمس وعند كلِّ صلاةٍ، وهذا ما فهمه المسلمون وجرى عليه عملهم جيلًا بعد جيل، وتتابعوا عليه في كثير من الأعصار والأمصار من غير إنكار، وتواردت على سُنِّيَّتِهِ أقوال الفقهاء من المذاهب الفقهية المتبوعة.

قال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 530، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا تُطلب المصافحة؛ فهي سُنَّة عقب الصلاة كلها، وعند كل لُقِيٍّ] اهـ.

 

 

مقالات مشابهة

  • نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحري الذكر
  • دار الإفتاء: الرشوة محرمة شرعًا بكل صورها.. والساعي بين الراشي والمرتشي ملعون
  • عالم بالأوقاف يثبت بالدليل القرآني أن الإسلام بريء من التشدد والغلو
  • أدب الاختلاف
  • حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة شرعًا
  • لبرق الحمى عهد علي وموثق.. فلسفة العهد في الشعر في صدر الإسلام وما بعده
  • الغاية من الجهاد وحكمة مشروعيته في الإسلام
  • غثاء كغثاء السيل
  • حكم تأخير الحج مع الاستطاعة
  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة: السلام يبدأ من سلامة النفس والمجتمع والإنسانية