تخوض وكالات إعلامية غربية رسمية وعصابات عربية حاكمة حربا غير الحرب النظامية على غزة باللغو والتشتيت، والإيضاع، والإرجاف، يصدق فيها وصف "فضائيات وصفحات محبّي نتنياهو". وقد أعلن قادة إسرائيليون أنَّ ملوكا عربا يكاشفونهم في أسمارهم ومؤتمراتهم بغير ما يعلنونه للناس، وإنهم يبغضون حماس أكثر من بغض إسرائيل لها، فبغضها يجمعهم، والبغض حُبٌ أسود، "وعدو عدوك صديقك"، أو "أنا والغريب على ابن عمي"، وإنهم يحثّون إسرائيل على القضاء عليها واستئصالها.
الإيضاع الأول: تشبيه حماس بداعش التي كانت تقتل الأسرى وتحرقهم بأسلوب سينما هوليود وبأزياء السجون الأمريكية البرتقالية؛ صرح بذلك الرئيس الأمريكي بايدن، ووزير خارجيته، ومنسق الشؤون الخارجية في مجلس الأمن القومي البكّاء جون كيربي، ورئيس وزراء إسرائيل، وكذلك يفعل إعلاميون عرب يوصفون بالصهاينة العرب.
وكان أحد المحللين العسكريين الصهاينة الناطقين بالعربية قد اعتذر في فضائية عربية عن وصف حماس بداعش، بعد خمسة أيام وعلى صفحته بتوتير، الوصف كان على الهواء والاعتذار تحت الطاولة. البثُّ ذكر ووسائل التواصل أنثى، وليس الذكر كالأنثى. الاعتذار كانت قد انتهت مدة صلاحيته، ولم يكن صالحا منذ قوله.
الإيضاع الثاني، وهو الأشيع، وهو تعيير حماس بتحالفها مع إيران الشيعية التي تحتل عدة عواصم عربية، مع العلم أنَّ للسعودية والإمارات معاهدات تجارية واقتصادية سياسية مع إيران، بل إنّ السعودية كرمت قادة الحشد الشعبي بالدخول الى جوف الكعبة، وأمس استلمت السعودية أوراق اعتماء السفير..
يصير التحالف تبعية في بعض الأخبار والتعليقات والتغريدات، وأحيانا وسيلة سياسية. بل إنّ بعض المغردين العرب المحبين لإسرائيل ينزلون حماس منزلة واحدة مع الحشد الشعبي والزينبيين والفاطميين الذين ارتكبوا الفظائع في سوريا!
الثالث: التذكير بأنَّ حماس فصيل إخواني، وهو محظور في مصر، وعلى أعضائه حكم إعدام في سوريا بمرسوم جمهوري قديم، فجماعة الإخوان المسلمين هي العدو لعواصم عربية مركزية، مصر وسوريا والسعودية.. أما إسرائيل فهي دولة ديمقراطية صديقة أو "شقيقة"، تعمل على تطوير الزراعة والقنابل النووية والدين الإبراهيمي ومحاربة الإرهاب.
الرابع: بالقول إنَّ حماس قامت بعملية طوفان الأقصى من غير استشارة ولي الأمر (هل هو محمود عباس وكيل الاحتلال أم هو باني جامع الفتاح العليم؟)، وليست العواصم المذكورة أعلاه ممن تستشار في أمر المقاومة، يمكن أن تستشار في مهرجان فني فرعوني او مسابقة كلاب، أو مسرحية مثل مسرحية السندباد.. إن آية "وأمرهم شورهم" بينهم ليست في شؤون الحرب وحدها.
الخامس: إثارة شبهات أخرى باهتة وسخيفة مثل قطع حماس رؤوس أربعين طفلا وحرقهم، واختاروا أن يكون العدد أربعينا كما في قصة علي بابا، أو في أسطورة حصان طروادة، واتهام عناصر القسام باغتصاب الإسرائيليات في أول أيام طوفان الأقصى، مدللين بصورة امرأة محتجزة عليها آثار دماء، وقد دُحضت الفِرية من قبل صحف إسرائيلية وفرنسية وأمريكية.
السادس: القول إنَّ السنوار مريض نفسيا، أو مجنون، أو إنه يعيش في قصور فاخرة تحت الأرض لكن من غير جوار وإماء، وإنَّ أعضاء جناح حماس السياسي يعيشون في قطر وتركيا مع عوائلهم في قصور فارهة ويتمتعون بالأمان تاركين شعبهم تحت النار، وهي تهمة كيلت لقادة إخوان مصر أيضا، وإشاعة أن ثمة خلافا وشرخا قد اندلع بين الجناح العسكري والجناح السياسي.
السابع: الزعم أنَّ حماس تسرق معونات الإغاثة الوافرة التي تدخلها إسرائيل بعد فحصها للتأكد من خلوها من الأوبئة والأمراض حرصا على صحة أهل غزة، وتختلسها تحت الأرض، وأنّ مديرية صحة غزة تتاجر بالأدوية في السوق السوداء والوردية.
الثامن: الإشادة بحكمة البطل الهمام أبي مازن الذي جنّب شعبه في الضفة الغربية الويلات خلال مدة حكمه الطويلة والسعيدة، فعدد الضحايا في الضفة لا يجاوز 400 ضحية في هذه السنة.. بل هو مناضل صنديد، وفارس عنيد، ومن علامات نضاله أنه اشترط على دول العالم العظمى شروطا لحكم غزة؛ أولها الاعتراف بدولة فلسطينية، وثانيها أنه لن يستلمها إلا بعد تأهيلها ستة أشهر برقابة دولية وعربية. ويُظن أنه أضمر شرطا ثالثا وهو رأس المقاومة. يساند نتنياهو محمود عباس بالتصريح بأنَّ فتح وحماس وجهان لعملة واحدة، وأنّ أبا مازن مقاوم لعدم إدانته طوفان الأقصى.
التاسع: الوسوسة برفض نتنياهو قتل السنوار، فقد عُرضت عليه ستة مخططات لقتله، لكنه رفضها إما رأفة به وإما حذرا من الإساءة إلى صورة إسرائيل النقية.
العاشر: القول إنّ حماس أهملت بناء المدارس والملاهي والملاجئ وملاعب كرة السلة، تاركة شعبها تحت القصف، ولم تبن بالأموال الكثيرة التي أغدقها نتنياهو على غزة سوى الأنفاق العسكرية وشراء الأسلحة. ولم يرد في الشبهات المثارة أنّ حماس أنفقتها على ملذات قادتها الشخصية فالحمد لله والمنّة.
حادي عشر: استنفار خطباء السلفية الجامية لشتم أبي عبيدة وحضّه على التفقه في الدين، فحذّروا نساء المسلمين من الفتنة، وحثّوا على الإكثار من السنن والنوافل وقيام الليل وصيام الأيام البيض، والادعاء بأنّ السعودية وإسرائيل كانتا على وشك إعلان دولة فلسطين لولا عملية طوفان الأقصى التي أفسدت حفلة السلام!
ثاني عشر: القول إنّ حماس غير منتخبة مثل حكام إسرائيل، والقول إنها تلقي بشعبها في التهلكة، في مغامرات دموية، كأنّ الدول ديمقراطية يحقُّ لها قصف الدول غير الديمقراطية بالفوسفور والقنابل النووية!
ثالث عشر: وإنّ ثمة ما هو أهم من إنجاب الأولاد، وهو إطعامهم وتعليمهم سباق الكلاب وحبِّ المطربين ونجوم الرياضة، بل إن صحافيا سعوديا خرج ليقول إن حماس الظلامية لو انتصرت على إسرائيل النورانية فلن يسابق كلب كلبا أبدا على الأرض.
رابع عشر: تضخيم خبر اكتشاف إسرائيل لشبكة أنفاق خمس نجوم في مدينة غزة، يستخدمها "كبار مسؤولي" حركة حماس من دون رعيتهم الذين يستخدمون أنفاقا شعبية من الدرجة الثانية!
خامس عشر: القول بانقسام بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية، والتي رد عليها مصطفى البرغوثي فور إشاعتها فقال ساخرا: يعرفون بالخلافات بين قادة حماس ويجهلون مسارب الأنفاق التي تجري تحتهم.
سادس عشر: إظهار الشفقة على أطفال غزة الذين تقتلهم حماس بقرارها دخول الحرب ورفض الهدن القصيرة، حتى أنّ بايدن نفسه لم ينكر كثرة أعداد الضحايا المدنيين، بل إنه وصفها بالمأساة. والمأساة قدر وليست جريمة، فإسرائيل شأنها شأن البركان والزلازل ومثلث برمودا، أو هم حيوانات بشرية أو دروع بشرية يحق قتلها.
يمكن تشتيت أخبار مذابح غزة بخبر عن صراع فقهي بين فقيهين جاهلين، بخبر عن فنان مات فجأة، بخبر عن تكاثر الدب القطبي، بخبر عن تهويل تهديد نتنياهو بعد ثمانين يوما من التدمير بقوله منذرا السنوار: إما الاستسلام للموت وإما الموت من غير استسلام! لم لا يغريه بجائزة حتى يسلم نفسه! تمديد الهدنة سبع ساعات متواصلة لأسبوع كامل.
twitter.com/OmarImaromar
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حماس الإعلامية حماس غزة الإعلام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى القول إن بخبر عن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو أعلن الحرب.. إقالة رئيس الشاباك تثير انقساما حادا في إسرائيل
أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن عزمه إقالة رئيس جهاز (الشاباك) رونين بار، مما أثار انقسامًا حادًا داخل إسرائيل بين مؤيد ومعارض.
واستقطب هذا القرار نقاشات حادة بين السياسيين، إذ اعتبره البعض خطوة ضرورية لتغيير الواقع الأمني، في حين رأى فيه آخرون إعلان حرب على إسرائيل بالكامل ومحاولة لتكريس السلطة بيد نتنياهو.
وواجه القرار معارضة شديدة، حيث اعتبر وصف الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت إقالة بار بأنها محاولة لتهديد استقرار المؤسسات الأمنية في إسرائيل، وأشار إلى أن نتنياهو يجب أن يتحمل مسؤولية فشل عمليات السابع من أكتوبر 2023.
كما أضاف بينيت أن نتنياهو كان يجب أن يستقيل بعد تلك الكارثة الأمنية، وأن إقالة بار لن تحل مشاكل إسرائيل الأمنية.
بدوره، اعتبر يائير غولان، رئيس حزب "الديمقراطيون"، أن إقالة بار تمثل خطوة تصعيدية خطيرة، قائلاً: "نتنياهو أعلن الحرب على دولة إسرائيل".
وأضاف غولان أن هذه الخطوة تشكل تهديدًا للأمن القومي، مشيرًا إلى أن التغييرات التي تتم في المناصب الأمنية بهذه الطريقة قد تضر بمصداقية إسرائيل على المستوى الدولي.
من جانبه، انتقد وزير الجيش السابق بيني غانتس القرار، معتبرًا أنه بمثابة ضربة للأمن القومي وتقويض للوحدة الداخلية في إسرائيل.
وأكد أن هذا القرار سيفاقم الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي وسيزيد من تدهور العلاقة بين الحكومة والأجهزة الأمنية.
في السياق نفسه، اعتبر غادي آيزنكوت، عضو الكنيست عن حزب "الوحدة الوطنية"، أن إقالة بار تأتي في توقيت غير مناسب، خاصة في ظل التحقيقات الجارية ضد نتنياهو، مشيرًا إلى أن القرار يعد تهديدًا للديمقراطية ويستدعي احتجاجات شعبية.
زعيم المعارضة يائير لابيد ربط إقالة بار بالتحقيقات المتعلقة بفضيحة "قطر جيت"، وأشار إلى أن إقالة بار جاءت نتيجة لتورطه في هذه التحقيقات.
لابيد اعتبر أن قرار الإقالة غير مسؤول، وأنه يستهدف تعطيل التحقيقات الجنائية التي قد تضر بمصالح نتنياهو.
وأوضح أن حزبه يعتزم تقديم التماسات قانونية ضد القرار، معتبراً أن الهدف الحقيقي وراءه هو منع الشفافية في التحقيقات.
على النقيض، دافع بعض الشخصيات السياسية من اليمين عن القرار، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي اعتبر أن إقالة بار كانت ضرورية بعد الفشل الأمني الذي حدث في السابع من أكتوبر، عندما تعرضت إسرائيل لعدة هجمات من فصائل المقاومة الفلسطينية.
وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن جفير، أشاد بهذه الخطوة، معتبرًا أنها تعبير عن الحرب ضد "الدولة العميقة" التي تعمل ضد مصلحة الحكومة المنتخبة.
واعتبر بن جفير الذي يرأس حزب "القوة اليهودية" أن المسؤولين الذين يعرقلون سياسات الحكومة يجب ألا يكون لهم مكان في الدولة الديمقراطية، وأكد أن هذه الخطوة جاءت متأخرة.
وأضاف أن إقالة بار تمثل بداية تصحيح للأوضاع في جهاز الشاباك، في ظل ما اعتبره فشلًا في أداء الجهاز خلال الأحداث الأخيرة.
وزير الشتات عميحاي تشيكلي أكد أن هذه الإقالة تدخل ضمن صلاحيات رئيس الحكومة، في حين وصف وزير الاتصالات شلومو كرحي القرار بأنه ضروري لاستعادة ثقة الجمهور في الأجهزة الأمنية.
في الوقت نفسه، اندلعت احتجاجات في إسرائيل، حيث دعت بعض المنظمات السياسية إلى تنظيم مسيرات ضد قرار الإقالة.
واعتبرت هذه المنظمات أن إقالة بار، خصوصًا من شخص متورط في تحقيقات أمنية، تشكل تهديدًا مباشرًا للديمقراطية الإسرائيلية. وقد أعلنوا عن تنظيم احتجاجات جماهيرية أمام مكتب نتنياهو في القدس المحتلة، مطالبين بإعادة النظر في القرار.